منظور عالمي قصص إنسانية

منظمة الصحة العالمية: الوضع الصحي في تيغراي يتدهور والدواء ينفد.. ولا حياة لمن تنادي

أدت الاشتباكات في تيغراي وأفار وأمهرة إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية.
IFRC
أدت الاشتباكات في تيغراي وأفار وأمهرة إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية.

منظمة الصحة العالمية: الوضع الصحي في تيغراي يتدهور والدواء ينفد.. ولا حياة لمن تنادي

الصحة

أفادت منظمة الصحة العالمية بأنه لم يطرأ أي تحسن على الوضع في تيغراي من حيث الوصول الطبي والإنساني، بل إن الوضع يزداد تعقيدا وتدهورا، ويشكل "إهانة للإنسانية". ودعا المسؤولون في المنظمة إلى تدخل من المجتمع الدولي للسماح بإدخال الأدوية.

وفي ردّ على سؤال من أحد الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الاعتيادي في جنيف بشأن أحدث المستجدات في تيغراي والمناطق الأخرى في شمال إثيوبيا، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إن الوكالة الأممية سعت إلى التوصل إلى طريقة لنقل الأدوية إلى تيغراي، وغيرها من المناطق المتأثرة بالصراع، مثل أفار وأمهرة. وأضاف يقول: "سُمح لنا بإرسال الدواء إلى إقليمي أفار وأمهرة، ولكن لم يُسمح بإرسال شيء إلى إقليم تيغراي."

وأفاد بأن منظمة الصحة العالمية تواصلت مع مكتب رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية، وجميع القطاعات ذات الصلة، ولكن لم تُمنح الإذن.

د. تيدروس نفسه ينحدر من إقليم تيغراي، ووصف الوضع بالجحيم: "بالطبع أنا من تلك المنطقة، من تيغراي، شمالي إثيوبيا، ولكنني أقول ذلك بدون أي تحيّز. ما أقوله هو الحقيقة: الوضع خطير. لا مكان آخر في العالم تجدون فيه أزمة مثل التي تشهدونها في شمال إثيوبيا وخاصة في تيغراي. لا مكان آخر نشهد فيه جحيما مثل تيغراي."

تداعيات وخيمة على الصحة بسبب الحصار

وأشار المسؤول الأممي إلى أن إقليم تيغراي يخضع لحصار منذ أكثر من عام، وعدد سكانه سبعة ملايين، أي ما يعادل عدد سكان النرويج وإستونيا مجتمعتين على حد قوله.

وتابع يقول: "تخيّلوا حصارا كاملا لسبعة ملايين شخص لأكثر من عام، ولا يوجد طعام ولا دواء ولا عقاقير، ولا كهرباء ولا اتصالات ولا إعلام؛ لا أحد يستطيع الإبلاغ (عما يحدث) ولا يوجد هواتف، أعتقد أن الوصول إلى العائلات صعب، ولا يوجد نقد ولا خدمات مصرفية، تخيّلوا أثر كل ذلك على الصحة."

وقال إن نقص الدواء يؤثر بشكل مباشر على الناس، والأشخاص يموتون، ولكن نقص الطعام أيضا يقتل على حد تعبيره. وأضاف أن الهجمات من الطائرات بدون طيار تقتل الناس، مستشهدا بما حدث قبل عدة أيام حيث قُتل أكثر من 50 مدنيا بينهم أطفال، وأمس قُتل أكثر من 17 شخصا.

وأضاف أنه تم اتخاذ إجراء صارخ "وهو الحصار لأكثر من عام ومنذ تموز/يوليو لم يُسمح بدخول أي دواء من منظمة الصحة العالمية" لكن دخلت لقاحات ضد الحصبة من قبل منظمة اليونيسف.

طفل صغير يخضع لفحص سوء التغذية في أحد مراكز توزيع الأغذية في تيغراي شمال إثيوبيا.
© WFP/Claire Nevill
طفل صغير يخضع لفحص سوء التغذية في أحد مراكز توزيع الأغذية في تيغراي شمال إثيوبيا.

دعوة إلى تدخل المجتمع الدولي

ودعا د. تيدروس المجتمع الدولي إلى التحرك، مشيرا إلى أن الحصول على وصول غير مقيّد هو الأساس، سواء كان طعاما أو دواء، فالوصول الإنساني يجب أن يكون مسموحا به في جميع الأوقات حتى خلال الصراعات، ولا يجب أن يكون النزاع ذريعة.

وقال: "حتى في سوريا لدينا وصول، حتى خلال أسوأ أوقات الصراع في سوريا، وفي اليمن أيضا الشيء ذاته، لدينا إمكانية الوصول وننقل الدواء. هنا (في تيغراي) الحصار كامل وخاصة منذ منتصف تموز/يوليو، لا شيء يدخل منذ ستة أشهر."

ودعا إلى حل الأزمة سياسيا وسلميا.

نفاد مخزون الأدوية

من جانبه، أشار د. مايك راين، رئيس برنامج الطوارئ الصحية، إلى تلّقي منظمة الصحة العالمية رسائل من أطباء في تيغراي، وقال إن مخزون الإنسولين تقريبا نفد، والأدوية التي تؤخذ عبر الفم لمعالجة السكري تقريبا لم تعد متاحة.

وأضاف يقول: "لا يستطيع الأطباء والممرضون في تيغراي حتى على إدارة أكثر المضاعفات شدة أو مرض مثل السكري، وهذا يحمل تأثيرا صحيا كارثيا ومباشرا على الأشخاص."

كطبيب وكشخص يكرّس حياته لرعاية الآخرين، فإن السياسة خارجة عن إرادتي -- د. مايكل راين

ودعا جميع أطراف الصراع إلى أن تجد حلّا للسماح للعاملين الإنسانيين، وللأطباء والممرضين، للقيام بواجبهم وهو معالجة المرضى وإنقاذ الأرواح.

وقال: "كطبيب وكشخص يكرّس حياته لرعاية الآخرين، فإن السياسة خارجة عن إرادتي، والقضية هي أن هناك من يعيش فعليا في هذا الوضع، مهما كان السبب، هؤلاء ليس لديهم وصول للتدخلات الأساسية المنقذة للحياة، والتي نحن في الغرب وهنا في جنيف نتوقع الحصول عليها فورا إذا توعكنا."

وأضاف أن ما يحدث هو "إهانة لإنسانيتنا: السماح باستمرار الوضع. فالوصول هو نقطة الانطلاق للتدخل الإنساني. لا نتمتع ببساطة بأي إمكانية للوصول (إلى الإقليم)."