منظور عالمي قصص إنسانية

أردوغان يدعو لإجراء تقييم صادق لما يحدث في العالم وإنهاء النزاعات في المنطقة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخاطب الجمعية العامة في دورتها الخامسة والسبعين
UN Photo/Eskinder Debebe
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخاطب الجمعية العامة في دورتها الخامسة والسبعين

أردوغان يدعو لإجراء تقييم صادق لما يحدث في العالم وإنهاء النزاعات في المنطقة

شؤون الأمم المتحدة

في كلمته التي ألقاها في اليوم الأول من مداولات الدورة 75 للجمعية العامة، شدد الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، على الالتزام بالعمل متعدد الأطراف وتمسك بلاده بكافة المبادرات في سبيل القضاء على المخاطر المحدقة بالبشرية، كما تحدث عن موقف بلاده من أبرز أحداث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصة ما يتعلق بسوريا واليمن وفلسطين والعراق وليبيا.

وأفاد أردوغان، في كلمته المسجلة مسبقا والتي تجاوزت 25 دقيقة بأن حل الأزمات العالمية يكون عبر التمسك بتعددية الأطراف ومواصلة مكافحة جائحة كـوفيد-19.

وقال: "إن انعقاد الجمعية العامة (تحت شعار) مكافحة الجائحة وتعددية الأطراف هو قرار صائب، ونحن في تركيا نتمسك بالتزاماتنا ونحن عازمون على مواصلة دعمنا لمكافحة الجائحة".

ودعا أردوغان إلى إجراء تقييم "صادق ودقيق" للأوضاع في العالم في سياق جائحة كوفيد-19. وقال: "فيما يتعلق بالجزء الفارغ من الكوب ثمّة حاجة إلى إجراء إصلاح في المنظمات متعددة الأطراف ولا سيّما الأمم المتحدة. لمسنا مدى عدم فعالية الآليات العالمية خلال هذه الأزمة وخير دليل على ذلك أن إدراج الجائحة على جدول أعمال مجلس الأمن استغرق أسابيع بل وشهورا".

وقال إن مصير البشرية لا يمكن أن يُترك تحت رحمة عدد قليل من البلدان في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.

ضرورة إجراء إصلاحات

وأوضح الرئيس التركي أن تعددية الأطراف الفعّالة تتطلب مؤسسات فعّالة: "لا بد أن نبادر سريعا لتنفيذ إصلاحات كبرى بدءا بإعادة هيكلة مجلس الأمن ولا بد أن نزوّد المجلس ببنية أكثر ديمقراطية وشفافية ومساءلة، ولا بد من تعزيز الجمعية العامة التي تعكس وجدان البشرية جمعاء".

من جانب آخر، أكد السيّد رجب طيب أردوغان أن الأمم المتحدة تحتفظ بقدرتها على تشكيل نقطة تحوّل في سعي البشرية للسلام والعدالة والازدهار. "عندما تكون المشاكل عالمية فالحلول المحلية لا تجلب سوى ثمار محدودة، والتضامن الدولي ضروري لإيجاد الحلول على المدى الطويل".

يونيسف تواصل العمل على توصيل المياه إلى المناطق المتأثرة بسبب الصراع في سوريا خلال الجائحة.
© UNICEF/Delil Souleiman
يونيسف تواصل العمل على توصيل المياه إلى المناطق المتأثرة بسبب الصراع في سوريا خلال الجائحة., by © UNICEF/Delil Souleiman

حل النزاع في سوريا أولوية

أعرب الرئيس التركي عن أسفه لأن نداء الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لوقف إطلاق نار إنساني عالمي لم يؤت النتائج الملموسة على حدّ تعبيره.

ودعا إلى ضمان العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى سوريا. يُذكر أن تركيا تستضيف نحو أربعة ملايين سوري منذ سنوات عديدة. وقال المسؤول التركي: "يجب أن يكون حل النزاع في سوريا أولويتنا جميعا، استنادا إلى خارطة الطريق التي تبناها قرار مجلس الأمن 2254، ولهذه الغاية فالعملية السياسية التي شُرع بها برعاية الأمم المتحدة وهي بقيادة وإدارة سورية يجب أن تصل إلى الخاتمة المرجوّة". 

وتطرق أردوغان إلى النزاع في سوريا الذي دخل عامه العاشر، وقال إنه لا يزال يشكل خطرا على أمن المنطقة واستقرارها، وأضاف: "لقد سدّدنا الضربة الأولى والأقسى لداعش في المنطقة، ونواصل القتال ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الإرهابيين، وكأسرة دولية لا بد أن نجد تسوية دائمة للمسألة السورية عبر اعتماد الموقف المبدئي والحاسم نفسه ضد كل التنظيمات الإرهابية".

ليبيا واليمن: أزمات متلاحقة

وتطرق رجب طيّب أردوغان إلى الاعتداءات التي شنها من وصفهم بالمتآمرين "لإحداث انقلاب" في ليبيا السنة الماضية للإطاحة بالحكومة الشرعية على حدّ قوله، مشيرا إلى أنها لم تجلب إلى البلاد سوى الآلام والمعاناة والدمار.

أما في اليمن، فشدد الرئيس التركي على مسؤولية الأسرة الدولية لوضع حد "لسفك الدماء المتواصل منذ أكثر من خمس سنوات". وقال: "التاريخ لن يغفر لمن تعدّوا على سيادة اليمن ووحدته السياسية وسلامة أراضيه بغية توسيع رقعة نفوذهم في المنطقة. وأولئك الذين تغاضوا عن معاناة الشعب اليمني".

طفل يعدو بين الأنقاض والحطام في بنغازي بليبيا. (من الأرشيف).
© UNICEF/Giovanni Diffidenti
طفل يعدو بين الأنقاض والحطام في بنغازي بليبيا. (من الأرشيف)., by © UNICEF/Giovanni Diffidenti

الإرهاب في العراق وبرنامج إيران

وأكد الرئيس التركي على ضرورة ألا يمسي العراق حقل نزاع للقوى الخارجية، وأن يتوصل لتحقيق الاستقرار والرفاه لما فيه خير للمنطقة. وقال: "مع دعمنا لجارتنا دولة العراق في كل المجالات نود أن نتعاون بشكل وثيق في مجال مكافحة الإرهاب"، مشيرا إلى أن ذلك سيسهم في تحقيق مستقبل أفضل للعراق الذي يحتضن إحدى أقدم الحضارات في العالم.

"أكرر نداءنا لكل الأطراف إلى احترام واجباتها بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة والتي تسهم مساهمة كبرى في تحقيق الأمن الإقليمي والعالمي". وأعرب الرئيس التركي عن تأييد بلاده لحل المسائل المتعلقة ببرنامج إيران النووي من خلال مراعاة القانون الدولي والدبلوماسية والحوار.

رفض لكل ما لا يقبله الشعب الفلسطيني

Tweet URL

وتحدث الرئيس التركي عن القضية الفلسطينية، واصفا إيّاها بالجرح النازف أبدا للإنسانية، وقال: "لا تزال القضية الفلسطينية تقض مضاجعنا، والأيدي القذرة التي تتعدى على القدس حيث توجد الأماكن المقدسة للديانات السماوية الثلاث تزداد جرأة ووقاحة والشعب الفلسطيني الذين انبرى للتصدي لسياسات إسرائيل العدوانية والعنف وسياسة الترهيب على مدى أكثر من نصف قرن يواصل كفاحه".

لن تدعم تركيا أي خطة لا يوافق عليها الشعب الفلسطيني -- رجب طيب أردوغان

وقال أردوغان إن ما وصفها بمشاركة "بعض دول المنطقة في تلك اللعبة" لا يعني إلا خدمة لجهود إسرائيل الرامية إلى تقويض كل المعايير الدولية الأساسية على حدّ تعبيره. وقال: "لن تدعم تركيا أي خطة لا يوافق عليها الشعب الفلسطيني". وأضاف أنه لا يمكن حل النزاع إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 تكون عاصمتها القدس الشرقية.

القضية القبرصية

وتطرق الرئيس التركي للقضية القبرصية، مشيرا إلى أنه لا يمكن غض الطرف عن انتهاك حقوق بلاده وحقوق القبارصة الأتراك، وقال: "سبب مشكلاتنا في المنطقة اليوم يتمثل في الخطوات الأحادية التي اتخذتها اليونان والقبارصة اليونانيون منذ عام 2003 من خلال مطالبهم التعجيزية".

وشدد على أن أولوية تركيا تتمثل في تسوية النزاعات من خلال الحوار الصريح والصادق القائم على القانون الدولي وعلى أساس المساواة.

وأضاف: "لن نقبل أن يُفرض أي أمر علينا أو أي اعتداء يأتي من الاتجاه المعاكس، وأكرر نداءنا لإقامة حوار وتعاون بين البلدان الساحلية في شرق المتوسط"، واقترح عقد مؤتمر إقليمي يضم القبارصة الأتراك بحيث يُنظر في حقوق كل الأطراف ومصالحها.

الكراهية والتعصب

وفي ختام كلمته، لفت الرئيس التركي الانتباه لمشكلة وصفها بأنها تهدد البشرية لكنها غير مرئية وقال إن "العنصرية وكراهية الأجانب وكراهية الإسلام وخطاب الكراهية قد بلغت جميعها مستويات مقلقة".

وأوضح أن أعمال عنف كثيرة سُجلت ضد أشخاص يمثلون الحلقة الأضعف خاصة اللاجئين وطالبي اللجوء ما زاد من حدّة كراهية الأجانب والعنصرية. وتابع يقول: "المسلمون هم الأكثر عرضة لتلك الاتجاهات الخطرة والتي تغذيها الأفكار المسبقة والجهل.. أهيب بكل المنظمات الدولية اتخاذ تدابير ملموسة لمكافحة تلك الذهنية".