منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: تقرير جديد يكشف الافتقار إلى "الأيادي النظيفة" في البلاد في ظل استمرار الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان

طفلة تطل من خيمتها في أحد مخيمات شمال سوريا، ترتدي القناع للوقاية من كوفيد-19.
© UNICEF/Omar Albam
طفلة تطل من خيمتها في أحد مخيمات شمال سوريا، ترتدي القناع للوقاية من كوفيد-19.

سوريا: تقرير جديد يكشف الافتقار إلى "الأيادي النظيفة" في البلاد في ظل استمرار الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان

السلم والأمن

على الرغم من انخفاض الأعمال العدائية على نطاق واسع منذ وقف إطلاق النار في آذار/مارس الماضي، أفادت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا يوم الاثنين بأن الجهات المسلحة تواصل تعريض المدنيين لانتهاكات مروعة ومستهدفة بشكل متزايد.

وقد وثق تقرير اللجنة المكون من 25 صفحة انتهاكات مستمرة من قبل كافة القوى المقاتلة تقريبا التي تسيطر على الأراضي في جميع أنحاء البلاد.

كما سلط الضوء على زيادة أنماط الانتهاكات المستهدفة، مثل الاغتيالات والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والنهب أو الاستيلاء على الممتلكات الخاصة.

وظلت معاناة المدنيين سمة دائمة للأزمة.

قال رئيس لجنة التحقيق باولو بينيرو، "طيلة ما يقرب من عقد من الزمن، تم تجاهل جميع الدعوات لحماية النساء والرجال والفتيان والفتيات. ليس هناك أيادي نظيفة في هذا الصراع ولكن الوضع الراهن لا يمكن أن يدوم".

احتجاز دون أدلة

Tweet URL

مع التركيز على الانتهاكات التي تحدث بعيدا عن الأعمال العدائية واسعة النطاق، وجد التقرير أن حالات الاختفاء القسري والحرمان من الحريات المدنية استمرت طوال النصف الأول من العام، لغرس الخوف وقمع المعارضة بين المدنيين أو للابتزاز المالي.

ووثقت العديد من الانتهاكات المتعلقة بالاحتجاز من قبل القوات الحكومية والجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية وجماعة تحرير الشام وأطراف أخرى في النزاع.

أعلن المفوض هاني مجلي أن "جميع الأطراف في سوريا تحتجز المدنيين دون أي دليل أو دون القيام بالإجراءات القانونية الواجبة".

وخلص التقرير إلى أن حالات الاختفاء القسري الأخيرة والتعذيب والعنف الجنسي والوفيات في حجز القوات الحكومية لا ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية فحسب، بل إنها تفاقم أيضا التوترات مع المحافظات الجنوبية - مما يؤدي إلى مزيد من الاشتباكات.

وتابع هاني مجلي "يجب إطلاق سراح جميع الذين حرموا تعسفا من حريتهم"، مضيفًا أن "المجتمع الدولي يمكنه ويجب عليه فعل المزيد، لا سيما فيما يتعلق بالمخيمات في الشمال الشرقي حيث يمكن أن يكون له تأثير فوري إذا كانت لديه الإرادة السياسية للعمل".

تجاوزات الجيش

مخيم الهول في شمال شرق سوريا يضم أكثر من 70،000 شخص وأكثر من 90% منهم نساء وأطفال. ويشكل العراقيون والسوريون أكثر من 80% من عدد سكان المخيم (حزيران/يونيو 2019).
© OCHA/Halldorsson
مخيم الهول في شمال شرق سوريا يضم أكثر من 70،000 شخص وأكثر من 90% منهم نساء وأطفال. ويشكل العراقيون والسوريون أكثر من 80% من عدد سكان المخيم (حزيران/يونيو 2019).

قد يكون الجيش الوطني قد ارتكب جرائم حرب في عفرين والمناطق المحيطة بها في الشمال - بما في ذلك أخذ الرهائن والتعذيب والاغتصاب - إلى جانب قتل وتشويه عشرات المدنيين من خلال استخدام العبوات الناسفة، وكذلك أثناء القصف والهجمات الصاروخية، وفقا للتقرير.

بالإضافة إلى ذلك، انتشر نهب الجيش ومصادرة الأراضي الخاصة، لا سيما في المناطق الكردية، وكشفت صور الأقمار الصناعية عن نهب وتدمير مواقع تراثية لليونسكو لا تقدر بثمن.

معاناة لا هوادة فيها

Tweet URL

ويشير التقرير إلى أن ما يقرب من عقد من النزاع، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وتأثير العقوبات وجائحة كوفيد -19، كل هذا أدى إلى تراجع احتمالات وصول السوريين إلى مستوى معيشي لائق.

علاوة على ذلك، لا تزال الظروف المعيشية في جميع أنحاء البلاد يرثى لها والحواجز منتشرة في كل مكان في مساحات شاسعة من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وقالت المفوضة كارين كونينغ أبو زيد: "الزيادة الكبيرة في عدد أولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا في النصف الأول من عام 2020 مقلقة للغاية. يجب إزالة جميع العوائق التي تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية".

إعادة سكان المخيمات إلى وطنهم الأصلي

مع الاعتراف بتعقيدات الوضع، وجدت اللجنة أن الاعتقال طويل الأمد من قبل قوات سوريا الديمقراطية لمن يُزعم أنهم مرتبطون بداعش في الشمال الشرقي، يرقى إلى الحرمان غير القانوني من الحرية في ظروف غير إنسانية، لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.

ودعت اللجنة الدول الأعضاء إلى استعادة مواطنيها الذين يُزعم أنهم مرتبطون بداعش، وخاصة الأطفال وأمهاتهم من سوريا.

أطفال يقفون أمام خيمة في مخيم للنازحين في إدلب شمالي سوريا
UNOCHA
أطفال يقفون أمام خيمة في مخيم للنازحين في إدلب شمالي سوريا

توصيات التقرير

واختتم التقرير بعدة توصيات، أهمها دعوة جميع الأطراف إلى السعي إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد على الصعيد الوطني - تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2254 (2015).

ومن أجل إنقاذ الأرواح، دعت اللجنة إلى الإفراج الفوري والواسع عن السجناء، إذ إن السجون المكتظة في جميع أنحاء العالم، أثبتت أنها أرض خصبة لانتشار كوفيد-19.

كما حثت اللجنة الحكومة على اتخاذ خطوات عاجلة وشاملة للكشف عن مصير المعتقلين أو المختفين.

"إنني أحث جميع أطراف النزاع على الاستجابة لهذه التوصيات، لا سيما فيما يتعلق بتحقيق سلام مستدام"، أكد رئيس اللجنة باولو بينيرو.