منظور عالمي قصص إنسانية

"أسباب معقولة" لاستنتاج مسؤولية القوات الجوية السورية عن هجوم كيماوي على دوما عام 2018

من الأرشيف: دمار ناجم عن القتال في دوما بالغوطة الشرقية
OCHA/Ghalia Seifo
من الأرشيف: دمار ناجم عن القتال في دوما بالغوطة الشرقية

"أسباب معقولة" لاستنتاج مسؤولية القوات الجوية السورية عن هجوم كيماوي على دوما عام 2018

السلم والأمن

قال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن هناك "أسباباً معقولة" للاعتقاد بأن القوات الجوية السورية كانت مسؤولة عن هجوم بالأسلحة الكيماوية وقع في دوما في 7 نيسان / أبريل 2018.

وفي إحاطته لمجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو من لاهاي، قال السيد فرناندو أرياس إن فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع للمنظمة خلص في تقريره الصادر في 27 كانون الثاني / يناير إلى أن مروحية واحدة على الأقل من "قوات النمر" الخاصة التابعة للجيش السوري أسقطت أسطوانتين صفراويتين، تحتويان على غاز الكلور السام المركز، على مبنيين سكنيين في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين في دوما، مما أسفر عن مقتل 43 شخصاً وإصابة عشرات آخرين.

وأضاف السيد أرياس: "تمت دراسة عدة سيناريوهات متناقضة من قبل فريق التحقيق وتحديد الهوية ووُضعت مقابل الأدلة التي تم جمعها وتحليلها. هذه الأدلة لم تثبت وتدعم صحة الاستنتاجات التي تم التوصل إليها فحسب، بل إنها أبطلت أيضاَ جميع السيناريوهات الأخرى".

وقال المدير العام إن عمل فريق التحقيق وتحديد الهوية أكد أن غاز الكلور عالي التركيز القادم من إحدى الأسطوانتين تسبب في مقتل 43 شخصاً في أحد المباني.

وقال: "بعض الأشخاص الذين كانوا في المبنى لجأوا إلى الطابق السفلي معتقدين أنهم سيكونون محميين بشكل أفضل أثناء الضربات الجوية التقليدية التي كانت تحدث في ذلك الوقت. وأدرك البعض الآخر أن المادة الكيميائية المستخدمة ستكون أثقل من الهواء وستهبط باتجاه الجزء السفلي من المبنى، لذا حاولوا الوصول إلى الطوابق العليا. كل من الطابق السفلي حيث تمدد غاز الكلور - لأنه أثقل 2.5 مرة من الهواء - والطوابق العليا من المبنى حيث كانت الأسطوانة تطلق غاز الكلور بتركيز عالٍ، كانت أماكن مميتة".

أما الأسطوانة الثانية فلم تسفر عن أي وفيات وفقاً للتقرير لأن المبنى كان مهجوراً، إلا أنها أسفرت عن بعض الإصابات عند وصول الناس إلى مكان وقوعها.

قال السيد أرياس إن عمل الفريق أثبت أنه لا يمكن أن يكون الهجوم مرتبا من خلال وضع الأسطوانتين يدوياً، خاصة في خضم الضربات الجوية التي كانت تشهدها المنطقة. وأضاف أن الفريق أثبت أيضاً أنه من غير المعقول أن يكون قد تم إسقاط الأسطوانتين من المباني المجاورة لأن ارتفاع هذه المباني لا يكفي لإحداث الحفر التي خلفتها الضربة.

طفلان يجلسان على جدار في دوما في سوريا.
© UNICEF/Omar Sanadiki
طفلان يجلسان على جدار في دوما في سوريا.

سجل قاتم

شدد المدير العام على أن "السجل القاتم للحرب" في سوريا يشمل استخدام الأسلحة الكيماوية قبل وبعد انضمام البلاد إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية في أيلول / سبتمبر 2013.

وقال السيد أرياس إنه تمت المطالبة بالمساءلة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مناسبات عديدة وعلى أعلى المستويات، بما في ذلك في مجلس الأمن والجمعية العامة. وأضاف: "هناك مبدأ مشترك واحد يتم التأكيد عليه في ردود الفعل هذه، وهو المبدأ الذي لم تعترض عليه أي دولة طرف: الحظر الفعلي لاستخدام الأسلحة الكيماوية، والإدانة بالإجماع والمتكررة لأي استخدام من قبل أي شخص تحت أي ظرف من الظروف، وما يسمى بالقناعة بوجوب تحديد الجناة ومحاسبتهم".

أعلى المعايير

وأكد السيد أرياس أن كل التقارير الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تقرير فريق التحقيق وتحديد الهوية، "تتبع أعلى المعايير وأفضل الممارسات التي تستخدمها هيئات التحقيق الدولية للتوصل إلى استنتاجات راسخة". وشدد على أن جميع الاستنتاجات التي تم التوصل إليها في التقرير تستند إلى تقييم وتحليل شاملين لجميع الأدلة المتنوعة والعديدة التي تم تلقيها وجمعها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر شهادات الضحايا والشهود، والسجلات الطبية، وجمع العينات، والدراسات الكيميائية، وصور الأقمار الصناعية، وغيرها الكثير من الأدلة.

وقال المدير العام إن عنصر الاستقلالية في التحقيق حظي بالاحترام الكامل، مضيفاً أن الفريق أولى أهمية قصوى لجودة عمله "على الرغم من الظروف الصعبة، والتي تضمنت العديد من الهجمات الإلكترونية المتطورة، والانتشار الهائل للمعلومات المضللة حول عملنا، وفي بعض الأحيان حتى عدم احترام بعض الموظفين، والقيود التي فرضها جائحة كوفيد-19".

آليات المساءلة

وأشار السيد أرياس إلى أن فريق التحقيق وتحديد الهوية ليس هيئة قضائية وليست لديه السلطة لتحديد المسؤولية الجنائية الفردية، مؤكداً أن مهمته تتمثل في "إثبات الحقائق وتحديد الجناة". وقال إن عمل الفريق يزود المجتمع الدولي بالمواد والأدلة التي ستساعد آليات المساءلة في مهمتها، وأضاف: "على الدول الأطراف في الأمم المتحدة وفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تقرر الخطوات التالية".

إيزومي ناكاميتسو، الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، تطلع اجتماع مجلس الأمن على الوضع في سوريا.
UN Photo/Manuel Elías
إيزومي ناكاميتسو، الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، تطلع اجتماع مجلس الأمن على الوضع في سوريا.

لا تقدم في الملف الكيماوي

من جهتها، قالت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو لأعضاء المجلس إن الجهود التي يبذلها فريق تقييم الإعلان لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لحسم 20 قضية عالقة بشأن القضاء على البرنامج السوري للأسلحة الكيميائية، لم تتقدم منذ اجتماع مجلس الأمن الأخير حول هذه المسألة.

وأضافت: "للأسف، كل الجهود التي تبذلها الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتنظيم الجولة المقبلة من المشاورات بين فريق تقييم الإعلان والسلطات الوطنية السورية لا تزال غير ناجحة".

وقالت السيدة ناكاميتسو إن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تزال في طور دراسة جميع المعلومات المتاحة المتعلقة بمزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهي تستعد حالياً لعمليات نشر في هذا السياق، بعد الانتشار الأخير الذي قامت به في تشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي.

وكررت الممثلة السامية الرسالة التي بعثها الأمين العام أنطونيو غوتيريش مراراً: "هناك حاجة ملحة ليس فقط لتحديد، بل لمحاسبة كل من يجرؤ على استخدام الأسلحة الكيميائية في انتهاك للقانون الدولي. أي استخدام للأسلحة الكيميائية غير مقبول، وغياب المساءلة عن هذا الاستخدام هو تهديد للسلم والأمن الدوليين وخطر علينا جميعا".

وأعربت السيدة ناكاميتسو عن أملها في أن يتحد أعضاء مجلس الأمن بشأن هذه المسألة وأن يظهروا الريادة في إثبات عدم السماح بالإفلات من العقاب بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية.