منظور عالمي قصص إنسانية

تقرير أممي يكشف عن إجبار العديد من المهاجرين في ليبيا على "عودة طوعية" إلى بلدانهم عبر وسائل تنتهك حقوقهم

مهاجرون يخضعون لاختبارات فحص كورونا قبل المغادرة إلى غامبيا.
Moayad Zaghdani
مهاجرون يخضعون لاختبارات فحص كورونا قبل المغادرة إلى غامبيا.

تقرير أممي يكشف عن إجبار العديد من المهاجرين في ليبيا على "عودة طوعية" إلى بلدانهم عبر وسائل تنتهك حقوقهم

المهاجرون واللاجئون

عرض تقرير جديدة لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفاصيل بشأن انتهاكات حقوق المهاجرين في ليبيا عبر تطبيق برامج "المساعدة على العودة" الطوعية- والتي لا تكون في الواقع طوعية، بل تجبر المهاجرين على العودة إلى بلدانهم الأصلية التي فرّوا أصلا منها.

وكشف التقرير عن تفاقم انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان "المنتشرة والممنهجة" ضد المهاجرين في ليبيا بسبب الافتقار إلى سبل الحماية داخل البلاد وخارجها.

وقال التقرير: "هذا يعني أن المهاجرين غالبا ما يُجبرون على قبول ’المساعدة على العودة‘ إلى بلدانهم الأصلية في ظروف قد لا تفي بالقوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان."

وقال التقرير الذي صدر اليوم الثلاثاء إن المهاجرين كثيرا ما يُجبرون على قبول العودة هربا من ظروف الاحتجاز التعسفية، والتهديد بالتعذيب، وسوء المعاملة، والعنف الجنسي والاختفاء القسري، والابتزاز وغير ذلك من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان.

وأضاف التقرير أن ذلك خلق ظروفا بيئة قسرية غالبا ما تتعارض مع حرية الاختيار.

ودعت ندى الناشف، القائمة بأعمال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ليبيا والدول المعنية إلى اتخاذ الخطوات الفورية للتصدي على وجه السرعة لهذا الوضع "الذي يتعذر الدفاع عنه وغير المعقول."

وقالت: "على السلطات الليبية إنهاء جميع الانتهاكات والتجاوزات لحقوق المهاجرين على الفور. تتحمل الدول الأخرى أيضا المسؤولية هنا – فهي بحاجة إلى تكثيف وتوفير المزيد من الحماية للمهاجرين العالقين في ليبيا من خلال زيادة مسارات الدخول الآمنة والمنتظمة إلى أراضيها."

من الأرشيف: مهاجرون يجلسون في باحة مركز احتجاز في ليبيا.
© UNICEF/Alessio Romenzi

إجبار على "العودة الطوعية"

من حيث المبدأ، "المساعدة على العودة" طوعية. ومع ذلك، خلص التقرير إلى أنه في الواقع، لا يستطيع العديد من المهاجرين في ليبيا اتخاذ قرار طوعي حقا بالعودة وفقا للقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مبدأ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة.

ويشير التقرير إلى أن الكثيرين منهم لا يجدون خيارا سوى العودة إلى نفس الظروف التي دفعتهم أصلا إلى مغادرة بلده في المقام الأول.

وحذر التقرير من أن "أي مهاجر يُعاد إلى بلد يعاني من عوامل هيكلية معاكسة تجبر الناس على مغادرة بلدانهم الأصلية، بما في ذلك انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، والآثار السلبية لتغيّر المناخ والتدهور البيئي، والصراع المسلح، والاضطهاد، أو هذه الأسباب مجتمعة، قد ينتهي به الأمر إلى وضع أكثر ضعفا من ذي قبل."

"حطّموا أسناني لذا قبلت بالعودة"

يتضمن التقرير شهادات من حوالي 65 مهاجرا قابلهم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذين تمت إعادتهم مؤخرا إلى غامبيا.

دخلوا إلى السجن وبدأوا بضرب الناس كالحيوانات بالعصا

يقول أحد المهاجرين: "وضعوني في سجن. ولكن حتى في تلك اللحظة لم أفكر في العودة إلى غامبيا. ثمّ دخلوا إلى السجن وبدأوا بضرب الناس كالحيوانات بالعصا. وأحيانا يأخذون نقودك وملابسك الجيدة. لقد حطّموا أسناني. لذا قبلت بالعودة."

يقول مهاجر آخر: "لم تُتح لي الفرصة لطلب الحماية في ليبيا أو في أي مكان آخر. عُرضت عليّ العودة إلى بلدي فقط."

منذ عام 2015، تمت إعادة أكثر من 60,000 مهاجر في ليبيا إلى بلدانهم الأصلية المختلفة عبر أفريقيا وآسيا من خلال برامج "المساعدة على العودة"، بما في ذلك ما لا يقل عن 3,300 غامبيّاً عادوا من ليبيا منذ عام 2017.

وأشار التقرير إلى أن العائدين يواجهون أعباء شخصية ومالية ونفسية-اجتماعية إضافية، بما في ذلك نتيجة الصدمة الشديدة التي عانوا منها في ليبيا. وفي ظل غياب حلول مستدامة لتلك المشكلات، قد يُضطر المهاجرون إلى الهجرة مجددا في ظروف أكثر خطورة.

وأضافت ندى الناشف أن هذا الوضع اليائس يتطلب من جميع الأطراف المعنية ضمان عدم إجبار أي مهاجر على قبول العودة إلى وضع غير آمن أو غير مستدام في بلدهم الأصلي.