منظور عالمي قصص إنسانية

مدونة منسق مقيم: لا يمكننا أن ندير ظهورنا لمستقبل أفغانستان

رامز الأكبروف، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في أفغانستان،  يزور منطقة باكتيكا المتأثرة بالزلزال، حيث قدم فريق الأمم المتحدة الخيم والمواد الغذائية واللوازم المنزلية والنقود لآلاف الأشخاص، في حزيران،يونيه 2022.
UN Afghanistan
رامز الأكبروف، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في أفغانستان، يزور منطقة باكتيكا المتأثرة بالزلزال، حيث قدم فريق الأمم المتحدة الخيم والمواد الغذائية واللوازم المنزلية والنقود لآلاف الأشخاص، في حزيران،يونيه 2022.

مدونة منسق مقيم: لا يمكننا أن ندير ظهورنا لمستقبل أفغانستان

المساعدات الإنسانية

بعد عام من سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، يصف مسؤول الأمم المتحدة البارز في البلاد، المنسق المقيم، رامز الأكبروف، مخاوفه على حياة الفتيات، ويدعو النساء للعب دور كامل في إنعاش الاقتصاد الأفغاني.

"قبل فترة وجيزة من استيلاء حركة طالبان على السلطة منذ عام، زرت دارا للأيتام في مدينة قندوز، شمال أفغانستان. شعرت بالحزن عندما تحدثت إلى فتاة صغيرة فقدت عائلتها بأكملها في اليوم الذي سبق الزيارة، خلال قتال عنيف بين قوات الأمن الوطني الأفغانية وحركة طالبان. كانت الفتاة بأمان في دار الأيتام، وبفضل الدعم المقدم من فريق الأمم المتحدة على الأرض حصلت على الطعام وسقف يأويها وكل ما تحتاجه. ولكنني كنت أعلم جيدا أن احتياجاتها واحتياجات الأطفال المستضعفين الآخرين في جميع أنحاء أفغانستان كانت أكبر بكثير، والمشاكل التي تواجهها مجتمعاتهم أكثر تعقيدا.

بعد مرور عام، نمت هذه التحديات بشكل كبير وأصبحت مهمة بناء مستقبل مستقر للأطفال مثل أولئك الذين التقيتهم العام الماضي في قندوز أكثر صعوبة. من الجوع والفقر المزمن، إلى تزايد آليات التكيف السلبية، مثل زواج الأطفال أو بيع الأعضاء والأطفال، يزداد حجم المعاناة في أفغانستان في العديد من المناطق منذ وصول حركة طالبان إلى كابول الصيف الماضي.

يعيش أكثر من نصف سكان البلد تحت خط الفقر. يعاني ما يقرب من 23 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، في حين يعاني أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية. في حزيران/يونيو 2022، ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة المنطقة الوسطى من أفغانستان، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص ودفع المجتمعات الضعيفة بالفعل إلى حافة الهاوية.

تهميش النساء

إنني قلق بشكل خاص إزاء وضع النساء والفتيات الأفغانيات، اللواتي انقلبت حياتهن رأسا على عقب منذ عودة طالبان إلى السلطة في الصيف الماضي. منذ 15 آب/أغسطس، شهدنا انتهاكات كبيرة لحقوقهن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتصعيدا مقلقا في مجال السياسات والسلوكيات الجنسانية التقييدية. في ظل غياب حقها في التعليم والعمل وحرية التنقل، تجد المرأة نفسها متروكة على الهامش أكثر فأكثر.

 
انقلبت حياة النساء والفتيات رأسًا على عقب منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في الصيف الماضي.
Sayed Habib Bidel/UNWomen
انقلبت حياة النساء والفتيات رأسًا على عقب منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في الصيف الماضي., by Sayed Habib Bidel/UNWomen

عندما بدأت التطورات العام الماضي، تعهد فريق الأمم المتحدة بعدم مغادرة البلاد وتقديم المساعدة للشعب الأفغاني. من خلال الالتزام بإطار الأمم المتحدة الموحد للمشاركة خلال المرحلة الانتقالية في أفغانستان، وثيقة التخطيط الاستراتيجي الشاملة التي توجه عمل فريق الأمم المتحدة على الأرض، تمكنا من إنقاذ العديد من الأرواح بالتوازي مع استمرار الخدمات الأساسية والحفاظ على أنظمة المجتمع الرئيسية. في الأشهر الستة الأولى من هذا العام وحده، قدمنا المساعدة الإنسانية إلى 22.9 مليون شخص، أي 94 في المائة من إجمالي 24.4 مليون شخص محتاج. كما دعمنا الأسر الضعيفة بالمساعدات الغذائية الحيوية والمستدامة - من حصص إعاشة الطوارئ إلى الدعم الموسمي والإمدادات الزراعية والمكملات الغذائية - ووفرنا الرعاية الصحية والمأوى في حالات الطوارئ والمواد غير الغذائية والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والمساعدة بالحماية.

عقود من الإهمال

وعلى الرغم من استجابتنا غير المسبوقة، فإن الاحتياجات في جميع أنحاء أفغانستان لا تزال هائلة. ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي والفقر والديون منذ عودة طالبان إلى السلطة الصيف الماضي، مع الإشارة إلى أن جذور هذه المشاكل موجودة منذ ما قبل 15 آب/أغسطس 2021 بفترة طويلة نتيجة عقود من الإهمال والتخلف في الخدمات العامة والبنية التحتية الرئيسية.

إلى أن يتمكن المواطنون الأفغان من الحصول على هذه الخدمات، بما في ذلك رعاية صحية قوية ونظام مصرفي فعال وقطاع زراعي قادر على الصمود، ستبقى أرواحهم معلقة في كفة الميزان. يستحق الشعب الأفغاني التزاما جادا واستثمارا مستداما في مستقبله، ولهذا السبب، بعد مرور عام على استيلاء حركة طالبان على السلطة، نضاعف جهودنا لتقوية الركائز الأساسية للمجتمع الأفغاني، وفي مقدمتها الاقتصاد.

استرشادا بالأهداف المنصوص عليها في إطار المشاركة خلال المرحلة الانتقالية في أفغانستان، سنركز على إنعاش الاقتصاد من القاعدة إلى القمة، وتوسيع المشاركة الاقتصادية للمرأة وخلق أكثر من مليوني وظيفة جديدة. مع وجود مصادر دخل أكثر استدامة، ستتمكن العائلات من كسر حلقة الجوع المستمرة وتقليل اعتمادها على المساعدات الإنسانية. إن العودة الكاملة للمرأة إلى العمل ضرورية لتحويل الاقتصاد الأفغاني، ولهذا نعمل بجد لدعم المشاريع التي تقودها النساء وزيادة فرص العمل للنساء في جميع أنحاء البلاد.

 
مركز تمكين المرأة التابع للأمم المتحدة، كابول، أفغانستان
UN Afghanistan
مركز تمكين المرأة التابع للأمم المتحدة، كابول، أفغانستان
 

تركيز على الاقتصاد الزراعي

نظرًا لأن غالبية سكان أفغانستان يعيشون في مناطق ريفية، يجب أن نولى اهتماما خاصا لدعم استدامة الاقتصاد الزراعي من خلال تعزيز النظم الزراعية والغذائية وتطوير الروابط بين المزارعين ومنتجي الأغذية والأسواق المحلية.

يقوم فريق الأمم المتحدة بالفعل بتنفيذ هذه الأنشطة في المناطق الريفية في أفغانستان، بما في ذلك العديد من المناطق المتضررة من الزلازل الأخيرة. خلال زيارتي إحدى هذه المناطق في جنوب شرق البلاد في وقت سابق من هذا الشهر، سلمني أحد الشباب الذين قابلتهم رسالة مكتوبة بخط اليد تضمنت قائمة بالاحتياجات الملحة لقريته: المياه النظيفة، المساكن، التعليم، الخدمات الصحية، الطرق، والوظائف. كانت الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة واضحة: ساعدونا في تلبية هذه الاحتياجات الأساسية اليوم وسنتمكن من دعم أنفسنا بشكل أفضل خلال أوجه عدم اليقين التي تكتنف المستقبل.

وإذ نمضي قدما، سنواصل العمل لتحسين حياة الناس في أفغانستان - بما في ذلك النساء والفتيات. عندما عادت طالبان إلى السلطة في الصيف الماضي، تمكنا بسرعة من توسيع نطاق توفير خدمات الصحة والتعليم والحماية الأساسية للنساء والفتيات. وفي الأشهر الأخيرة، أنشأنا أماكن جديدة تقدم خدمات صحية مواتية للمرأة في كابول بهدف تحسين الوصول إلى الدعم النفسي، وزدنا عدد الفرق الصحية المتنقلة حتى نتمكن من الوصول إلى النساء والأطفال الأكثر ضعفا والمتضررين من الزلازل، وأطلقنا برامج تدريبية إضافية للنساء النازحات والعائدات في مراكز التمكين.

مهما كانت التحديات التي تنتظرنا، سنضع احتياجات النساء والفتيات في صميم جهودنا للتعافي، وسنعمل كل يوم لضمان عودتهن إلى سوق العمل والمدارس واستعادة حقوقهن في العيش بحرية ومساواة.

 
أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان في أفغانستان أماكن جديدة تقدم خدمات صحية مواتية للمرأة في كابول من أجل توفير مكان للنساء والفتيات لتلقي الدعم النفسي والاجتماعي الفردي أو الجماعي من قبل مستشارين من ذوي الخبرة لمساعدتهن على التعامل بشكل أفضل مع ضغوط الحياة.
UNFPA Afghanistan
أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان في أفغانستان أماكن جديدة تقدم خدمات صحية مواتية للمرأة في كابول من أجل توفير مكان للنساء والفتيات لتلقي الدعم النفسي والاجتماعي الفردي أو الجماعي من قبل مستشارين من ذوي الخبرة لمساعدتهن على التعامل بشكل أفضل مع ضغوط الحياة.

 

عندما أنظر إلى الوراء وتحديدا 15 آب/أغسطس من العام الماضي، أشعر بالفخر للدعم الذي قدمه فريق الأمم المتحدة لشعب أفغانستان، والجهود التي بذلناها لدرء أسوأ السيناريوهات التي كنا نخشاها.

لقد تأثرت بشدة بما رأيته ودفعتني الحقائق القائمة على أرض الواقع للنظر إلى التحديات المقبلة وإعادة تأكيد التزامنا بالمهمة التي تهدف إلى ضمان أن يتمكن كل شخص في أفغانستان، بما في ذلك الأطفال، مثل الفتاة التي قابلتها من قندوز، من التخطيط لمستقبلهم الكريم، بما يتجاوز الكفاح اليومي من أجل الصمود والنجاة."


بقلم رامز الأكبروف، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في أفغانستان.