منظور عالمي قصص إنسانية

مفوضية اللاجئين تحذر من حرمان أجيال من أطفال اللاجئين من التعليم

أطفال من جمهورية أفريقيا الوسطى 2014 في  مدرسة ابتدائية  في مخيم في جمهورية الكونغو الديمقراطية. المصدر: مفوضية اللاجئين / سيباستيان ريتش
أطفال من جمهورية أفريقيا الوسطى 2014 في مدرسة ابتدائية في مخيم في جمهورية الكونغو الديمقراطية. المصدر: مفوضية اللاجئين / سيباستيان ريتش

مفوضية اللاجئين تحذر من حرمان أجيال من أطفال اللاجئين من التعليم

يظهر تقرير نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين اليوم أن أكثر من 3.7 مليون من أصل ستة ملايين طفل لاجئ، ضمن ولايتها، في سن الدراسة غير ملتحقين بالمدرسة.

ووجد التقرير أن نحو 1.75 مليون طفل لاجئ غير ملتحقين بالمدارس الابتدائية، فيما لم يلتحق 1.95 مليون من المراهقين اللاجئين بالمدارس الثانوية.

وفي هذا الصدد قال فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين "يمثل هذا أزمة بالنسبة لملايين الأطفال اللاجئين. لقد أهمل تعليم اللاجئين بشكل كبير، بالرغم من كونه واحدا من عدد قليل من الفرص السانحة لنا لتحويل وبناء الجيل القادم حتى يتمكن من تغيير حظوظ عشرات الملايين من المشردين قسرا على الصعيد العالمي".

ويظهر التقرير المعنون "تعليم اللاجئين في أزمة" من خلال مقارنة بيانات المفوضية حول تعليم اللاجئين مع بيانات اليونسكو حول الالتحاق بالمدارس على الصعيد العالمي، أن 50 في المائة فقط من الأطفال اللاجئين يتسنى لهم الحصول على التعليم الابتدائي، مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ أكثر من 90 في المائة. وتتسع الهوة فيما بعد، حيث يلتحق 22 في المائة فقط من المراهقين اللاجئين بالمدارس الثانوية مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 84 في المائة. وعلى مستوى التعليم العالي، يلتحق واحد بالمئة فقط من اللاجئين بالجامعات، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 34 في المائة.

وصدر التقرير قبيل اجتماع قادة العالم في التاسع عشر من الشهر الحالي في قمة حول أزمة اللاجئين العالمية. وتدعو المفوضية الحكومات والجهات المانحة والوكالات الإنسانية وشركاء التنمية، فضلا عن الشركاء من القطاع الخاص إلى تعزيز التزامهم بضمان حصول كل طفل على التعليم الجيد.

وأضاف غراندي، "فيما يبحث المجتمع الدولي أفضل السبل للتعامل مع أزمة اللاجئين، من الضروري أن نتجاوز في تفكيرنا القضايا الأساسية للبقاء على قيد الحياة. التعليم يمكن اللاجئين من تشكيل مستقبل إيجابي في بلدان اللجوء وبلدانهم في حال عودتهم لها."

طفل يقف أمام مدرسته التي دمرت في ريف حلب، سوريا. المصدر: اليونيسيف / خليل الشاوي

وغالبا ما يعيش اللاجئون في المناطق التي تكافح فيها الحكومات بالفعل لتعليم أطفالها. وتواجه هذه الحكومات عبئا إضافيا من توفير أماكن في المدارس لإيجاد المعلمين المدربين، والمواد التعليمية لعشرات أو حتى مئات الآلاف من القادمين الجدد، الذين غالبا لا يتكلمون لغة التدريس وتغيبوا في كثير من الأحيان لمدة ثلاث إلى أربع سنوات عن الدراسة.

ووفقا للتقرير يقطن أكثر من نصف الأطفال اللاجئين والمراهقين غير المنتظمين في الدراسة في سبعة بلدان فقط هي: تشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وكينيا، ولبنان، وباكستان وتركيا.

وخير مثال على ذلك، سوريا، حيث يبين التقرير كيف من الممكن أن يقوم الصراع بعكس اتجاهات التعليم الإيجابية. ففي عام 2009، انتظم 94 في المائة من الأطفال السوريين في التعليم الابتدائي والاعدادي، وبحلول تموز يونيو من هذا العام انتظم 60 في المائة فقط من الأطفال في المدرسة في سوريا، مما يعني بقاء 2.1 مليون طفل ومراهق دون الحصول على التعليم هناك.

وفي البلدان المجاورة، سجلت المفوضية أكثر من 4.8 مليون لاجئ سوري، من بينهم نحو 35 في المائة في سن الدراسة. وفي تركيا، التحق 39 في المائة فقط من الأطفال والمراهقين اللاجئين في التعليم الابتدائي والثانوي، و40 في المائة في لبنان، و70 في المائة في الأردن. وهذا يعني أن ما يقرب من 900 ألف طفل ومراهق سوري لاجئ غير منتظم في المدرسة، وفق ما ذكره التقرير.

وكانت الجهات المانحة قد التزمت في شباط فبراير الماضي في مؤتمر لدعم سوريا في لندن بخطة للوصول إلى 1.7 مليون لاجئ سوري من الأطفال والشباب، وأطفال متضررين في البلد المضيف، في لبنان والأردن ومصر والعراق وتركيا، و 2.1 مليون طفل داخل سوريا.

ويوضح التقرير أنه قبل بداية العام الدراسي الجديد في أيلول سبتمبر، قامت الحكومات المضيفة بجهود مثيرة للإعجاب، حيث عزز الأردن ولبنان نظام الفترتين في المدارس، وتم تسجيل 90 في المائة من الأطفال اللاجئين السوريين في المدارس في مصر، في حين ضاعفت تركيا الجهود لتشجيع التسجيل. ومع ذلك، يهدد عدم الالتزام الكامل بتعهدات مؤتمر لندن بتقويض بعض من هذا التقدم.

وقال غراندي، "التقدم في مصر والأردن ولبنان وتركيا يشير إلى القدرة على تحول الآفاق التعليمية للاجئين، شريطة توفر استثمار المجتمع الدولي".

وينظر التقرير أيضا في بعض حالات اللجوء التي طال أمدها والتي لا تحظى إلا بالقليل من الاهتمام، على سبيل المثال، مخيم كاكوما للاجئين في شمال كينيا، وجنوب السودان.

ويدعو التقرير الحكومات إلى وضع الإدماج الفعلي للأطفال اللاجئين في النظم الوطنية وخطط قطاع التعليم لعدة سنوات على قائمة الأولويات. ففي تشاد، تحولت مؤخرا جميع المدارس إلى نظام وطني يدعم كلا من أطفال اللاجئين والمجتمع المضيف. ومع ذلك، أسفر نقص التمويل عن فصول دراسية مكتظة قليلة الموارد.

وبالنظر إلى أن متوسط مدة النزوح للاجئ في الأوضاع التي تطول أمدها يبلغ حاليا 20 عاما، يدعو التقرير الجهات المانحة للانتقال من نظام تمويل الطوارئ إلى نظام تمويل يشمل عدة سنوات ويمكن التنبؤ به ويتيح التخطيط المستدام، والبرمجة الجيدة ورصد التعليم للأطفال والمراهقين اللاجئين والوطنيين.

ويختتم التقرير بقصة ملهمة عن ناوا، وهي لاجئة صومالية بدأت تعليمها في السادسة عشرة من عمرها في مركز التعلم المجتمعي في ماليزيا. ولاحقا بعد أقل من أربع سنوات، من المقرر أن تبدأ حضور فصول تأسيسية في الجامعة فيما تعمل في مدرستها معلمة متطوعة.

وقال غراندي "تثبت قصة ناوا أن وقت الاستثمار في تعليم اللاجئين لا يفوت أبدا، والاستثمار في تعليم لاجئ واحد يعني استفادة المجتمع بأكمله".