منظور عالمي قصص إنسانية

روزماري ديكارلو تدعو المجتمع الدولي إلى استمرار دعم إجراء الانتخابات مسترشدا بتطلعات الشعب الليبي

وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية والسلام، روزماري ديكارلو، تطلع مجلس الأمن على آخر المستجدات في ليبيا.
UN Photo/Eskinder Debebe
وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية والسلام، روزماري ديكارلو، تطلع مجلس الأمن على آخر المستجدات في ليبيا.

روزماري ديكارلو تدعو المجتمع الدولي إلى استمرار دعم إجراء الانتخابات مسترشدا بتطلعات الشعب الليبي

السلم والأمن

"ليبيا تمر بمنعطف دقيق وهش في طريقها نحو الوحدة والاستقرار" هذا ما قالته وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وحفظ السلام أمام مجلس الأمن، داعية المجتمع الدولي إلى أن يتحد في دعمه للانتخابات مسترشدا بتطلعات الشعب.

وفي إحاطتها داخل قاعة مجلس الأمن صباح يوم الاثنين بتوقيت نيويورك، قالت السيدة روزماري ديكارلو إن الكثير من الليبيين "أخبرونا أن الطريق إلى الأمام نحو ليبيا مستقرة وموحدة هو من خلال صندوق الاقتراع وليس السلاح. يجب أن نقف معهم."

وقد اجتمع مجلس الأمن لبحث آخر المستجدات في ليبيا، التي كان من المفترض أن تشهد انتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر، لكنّها أرجئت لأسباب قالت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إنها تتعلق بأوجه القصور في الإطار القانوني للانتخابات والمخاوف السياسية والأمنية، وأيضا بسبب الأحكام القضائية بشأن الترشيحات، وأحالت الأمر إلى مجلس النوّاب.

وأشارت ديكارلو إلى أن الاستقطاب المتزايد بين الفاعلين السياسيين والخلافات حول الجوانب الرئيسية للعملية الانتخابية أدى في نهاية المطاف إلى تأجيل الانتخابات، على الرغم من المرحلة المتقدمة من الاستعدادات الفنية من قبل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وقالت: "من الواضح أن أصحاب المصلحة الليبيين لديهم وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بالمسار الذي يمكن أن يسير بالبلاد نحو انتخابات وطنية حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية وانتقال سلمي."

ستيفاني وليامز تواصل بنشاط التشاور مع الأطراف

منذ وصولها إلى ليبيا في 12 كانون الأول/ديسمبر، أجرت مستشارة الأمين العام الخاصة، ستيفاني وليامز، مشاورات واسعة النطاق في طرابلس وبنغازي ومصراتة وسرت.

والتقت بأعضاء مجلس الرئاسة وحكومة الوحدة الوطنية والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومجلس القضاء الأعلى والمرشحين للانتخابات الرئاسية والنيابية. كما تشاورت مع الجهات الفاعلة ذات الصلة السياسية والأمنية والمجتمع المدني من جميع أنحاء البلاد.

وقالت ديكارلو إن المستشارة الخاصة سلطت، في جميع اجتماعاتها، الضوء على الـليبيين البالغ عددهم 2.8 مليون شخص الذين سجّلوا أسماءهم للاقتراع. ودعت جميع أصحاب المصلحة إلى احترام إرادة الشعب الليبي، كما شجعتهم على مواصلة التركيز على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت ممكن والالتزام بالجدول الزمني المتفق عليه في خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، التي أقرّها مجلس الأمن.

المساران الأمني والاقتصادي

وتابعت ديكارلو أمام مجلس الأمين الدولي: "شاهدنا تقارير عن مشاورات بين رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة وكذلك بين المرشحين الرئاسيين من غرب وشرق ليبيا."

على المسار الأمني، كانت هناك اجتماعات بين مختلف الجماعات المسلحة. وقد التقى في سرت رئيس الأركان العامة للقوات العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية والقائد العام بالنيابة للجيش الوطني الليبي، حيث انضم إليهما قادة الجيش ورؤساء الإدارات العسكرية من الجانبين.

وعلى المسار الاقتصادي، تم اتخاذ المزيد من الخطوات نحو إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، بناء على توصيات المراجعة المالية المستقلة للبنك التي اكتملت في تموز/يوليو من العام الماضي.

وقف إطلاق النار صامد

أكدت السيدة ديكارلو أن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا. مع ذلك، أثّر عدم اليقين السياسي في الفترة التي سبقت الانتخابات بشكل سلبي على الوضع الأمني العام، بما في ذلك في طرابلس، "مما أدى إلى تحول التحالفات بين الجماعات المسلحة التابعة لبعض المرشحين الرئاسيين."

وأضافت أنه كجزء من الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سافرت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 إلى أنقرة وموسكو في كانون الأول/ديسمبر، لمناقشة تنفيذ خطة العمل لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة مع السلطات التركية والروسية، بما في ذلك إنشاء آليات الاتصال وتبادل المعلومات.

وقالت ديكارلو: "تستند هذه الخطوات المرحب بها إلى آليات مماثلة تم إنشاؤها بالفعل مع تشاد والنيجر والسودان، والتي تمت مناقشتها مع الاتحاد الأفريقي."

وفي الوقت نفسه، تم نشر المجموعة الثانية من المراقبين الدوليين من مكوّن مراقبة وقف إطلاق النار التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) في طرابلس في كانون الأول/ديسمبر، لتحل محل المجموعة الأولى التي تم نشرها في تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت ديكارلو: "على الرغم من التحديات اللوجستية والأمنية الخطيرة، تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا العمل على إنشاء مركز مراقبة وقف إطلاق النار في سرت. وفي هذا الصدد، نتطلع إلى موافقة حكومة الوحدة الوطنية على المضيّ قدما في العمل المطلوب في مرافق الإقامة والمكاتب في سرت."

طفل يعدو بين الركام في مجمع باب الزاوية في طرابلس، ليبيا.
[scald=444592:sdl_editor_representation]
طفل يعدو بين الركام في مجمع باب الزاوية في طرابلس، ليبيا.

وضع حقوق الإنسان مثير للقلق

Tweet URL

بحسب ديكارلو، لا تزال حالة حقوق الإنسان في ليبيا تبعث على القلق.

فقد وثقت بعثة أونسميل حوادث عنف وهجمات مرتبطة بالانتخابات على أساس الانتماء السياسي، فضلا عن التهديدات والعنف ضد أعضاء السلطة القضائية المشاركين في الإجراءات المتعلقة بأهلية المرشحين للانتخابات والاعتداءات على الصحفيين، والنشطاء والأفراد الذين يعبّرون عن وجهات نظر سياسية.

وقالت ديكارلو: "مثل هذه الحوادث تشكل عقبة أمام خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية وذات مصداقية."

وأعربت عن القلق بشكل خاص من استمرار استهداف النساء والرجال، الذين يعملون على حماية وتعزيز حقوق المرأة، بخطاب الكراهية والتشهير والتحريض على العنف.

مثل هذه الحوادث تشكل عقبة أمام خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية وذات مصداقية

وقالت: "تمت إزالة بعض المنشورات المزعجة على وسائل التواصل الاجتماعي التي شكلت تهديدا لسلامة وأمن هؤلاء الأشخاص بعد أن لفتت بعثة أونسميل انتباه منصات وسائل التواصل الاجتماعي إليها."

ويستمر الاحتجاز التعسفي في مرافق تديرها جهات حكومية وغير حكومية في جميع أنحاء البلاد، مع تعرّض العديد من المعتقلين لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. حسب الإحصائيات التي قدمتها السلطات الليبية، فإن أكثر من 12,000 محتجز موقوفون في 27 سجنا ومركز احتجاز في جميع أنحاء ليبيا.

ولا يظهر آلاف المعتقلين الإضافيين، بمن فيهم الأطفال، في الإحصائيات الرسمية وهم محتجزون بشكل غير قانوني، وغالبا في ظروف غير إنسانية.

ولا يزال وضع المهاجرين واللاجئين في ليبيا مثيرا للقلق. ولا تزال أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط وتمت إعادتهم إلى ليبيا محتجزين في ظروف غير إنسانية ومهينة في ظل تقييد المساعدة الإنسانية. والآلاف في عداد المفقودين.

ويوثق تقرير مشترك لبعثة أونسميل ومفوضية حقوق الإنسان نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر، أن مئات الرعايا الأجانب طُردوا في الأشهر الأخيرة إلى السودان وتشاد من الحدود الشرقية والجنوبية لليبيا دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

من الأرشيف: تعرضت مدينة بنغازي القديمة في ليبيا للدمار جراء سنوات من الصراع.
UNOCHA/Giles Clarke
من الأرشيف: تعرضت مدينة بنغازي القديمة في ليبيا للدمار جراء سنوات من الصراع.

إحراز بعض التقدم

قالت ديكارلو: "لكن، يسرّني أن أبلغ عن تحسينات في تقرير الحالة الإنسانية العامة في 2021. فقد سجلت الأمم المتحدة انخفاضا بنسبة 36 في المائة في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، من 1.3 مليون في بداية عام 2021 إلى 803,000 بحلول نهاية العام. ومن بين 278,000 ليبي نازح داخليا قبل عام واحد، عاد حوالي 100,000 شخص إلى ديارهم في عام 2021."

وعلى الرغم من ذلك، أشارت إلى أن التحديات لا تزال قائمة في إيجاد حلول دائمة لأولئك الذين لا يزالون نازحين وللمجتمعات التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية.

وقالت ديكارلو في ختام كلمتها: "تمر ليبيا بمنعطف دقيق وهش في طريقها نحو الوحدة والاستقرار. نرحب بالتطورات الإيجابية التي تحدث عبر مسارات الحوار الليبي-الليبي الثلاثة وندعمها ونعترف بالتحديات التي يجب التغلب عليها."

ودعت إلى رعاية هذه الخطوات الإيجابية بشكل جماعي: "من الأهمية بمكان أن يظل المجتمع الدولي متحدا في دعمه للانتخابات، مسترشدا بتطلعات الشعب الليبي لأن تحكمه مؤسسات منتخبة."

إلهام سعودي: تعرّض المدافعين عن حقوق الإنسان للمخاطر

قدّمت السيدة إلهام سعودي إحاطة أمام مجلس الأمن، وهي مدافعة عن حقوق الإنسان وتعمل من أجل السلام والعدالة في ليبيا منذ 10 سنوات. وقد عرفت عن نفسها كأمّ وكمديرة منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" وهي منظمة غير حكومية مستقلة مكرسة لتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان في ليبيا.

وقالت: "بالنظر إلى عجز المساءلة في ليبيا، والتحديات الأوسع التي نجمت عن عقد من الصراع، كان على المجتمع المدني الليبي ملء العديد من الفراغات، وهذا يأتي بتكلفة عالية."

إلهام سعودي، مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أثناء جلسة مجلس الأمن.
UN Photo/Eskinder Debebe
إلهام سعودي، مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أثناء جلسة مجلس الأمن., by UN Photo/Eskinder Debebe

وأشارت إلى أن قمع المجتمع المدني الممنهج من قبل جميع الأطراف في ليبيا، بما في ذلك من قبل حكومة الوحدة الوطنية الحالية، أدى إلى تعرض منظمات المجتمع المدني وخاصة تلك التي تعمل في مجال حقوق الإنسان وبناء السلام، للمضايقة والمنع من القيام بعملها.

وتابعت تقول: "تعرض أعضاء المجتمع المدني للتهديد والاختفاء والتعذيب والقتل انتقاما لعملهم أو تواجدهم العام. يجب على المجلس، وكذلك الدول الأعضاء التي تدعم الأطراف الليبية، المطالبة بحماية المجتمع المدني الليبي."

وقالت إن النساء المدافعات عن حقوق الإنسان هنّ الأكثر استهدافا.

ودعت مجلس الأمن والدول الأعضاء إلى دعم عملية انتخابية متجذرة في إطار تشريعي ودستوري شرعي تحدد وتتبع الخطوات الرئيسية اللازمة لخلق بيئة آمنة ومواتية للانتخابات الليبية.

كما دعتهم إلى حماية النساء والمجتمع المدني وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان.

ليبيا: تأجيل الانتخابات كان متوقعا

وفي كلمته أمام مجلس الأمن، قال طاهر السنّي، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، إن اليوم يصادف مرور شهر على التاريخ الذي كان معدّا لعقد انتخابات عامة، "كان من المفترض أن يكون لقاؤنا اليوم للحديث عن نتائج هذه الانتخابات والمضي قدما نحو مرحلة جديدة، لكن للأسف خاب ظن قرابة 2.5 مليون ليبي وليبية ممن استعدوا للمشاركة في هذا الاستحقاق الوطني."

وأشار إلى أن عدد المرشحين كان غير مسبوق: قرابة 100 مرشح رئاسي و5,000 مرشح للبرلمان.

نؤكد على أن ليبيا ورغم كل الظروف ماضية في طريق استعادة دورها الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي

لكنه أكد أن التأجيل كان متوقعا، وقال: "حذرنا منه سابقا ونبهنا من المخاطر والتحديات عندما تحدثنا عن اختلاف واضح في الآراء بين الأطراف وتباينها وغياب الحد الأدنى من التوافق وبالأخص في مسألة الإطار القانوني والدستوري الذي ينظم الانتخابات."

وأكد التزام حكومة الوحدة الوطنية بتسليم السلطة بشكل ديمقراطي للأجسام المنتخبة عند تحديد المواعيد الانتخابية الجديدة في أقرب وقت لإنهاء كافة المراحل الانتقالية.

وقال: "نؤكد على أن ليبيا ورغم كل الظروف ماضية في طريق استعادة دورها الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي، من أجل تعزيز التعاون والتضامن المشترك، على أساس الندية واحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها واحترام حق شعبها في تقرير مصيره، وفقا لإرادته الحرة ودون أي إملاءات خارجية."

وكرر طلب الأمم المتحدة المساهمة والمساعدة بجدية وبفاعلية أكثر لدعم العملية الانتخابية وإرسال فرقها الخاصة بتقييم الاحتياجات والتنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات، على حد تعبيره.