منظور عالمي قصص إنسانية

لبنان: تفريغ أول شحنة من الدقيق في ميناء بيروت في ظل استمرار الجهود الأممية لمساعدة المتضررين من الانفجار

شحنة من دقيق القمح تبلغ 12 ألف طن ونصف مقدمة بواسطة برنامج الأغذية العالم. تم تفريغها في مرفأ بيروت اللبناني.
WFP/Malak Jaafar
شحنة من دقيق القمح تبلغ 12 ألف طن ونصف مقدمة بواسطة برنامج الأغذية العالم. تم تفريغها في مرفأ بيروت اللبناني.

لبنان: تفريغ أول شحنة من الدقيق في ميناء بيروت في ظل استمرار الجهود الأممية لمساعدة المتضررين من الانفجار

المساعدات الإنسانية

أكدت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، استمرار جهود تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للمتضررين من انفجار بيروت المدمر. وفي مؤتمر صحفي، من جنيف، أكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لاركيه، أن أوتشا في لبنان بدأت بصرف 8.5 مليون دولار من صندوق لبنان الإنساني لتقديم دعم سريع للعائلات المتضررة من التفجير.

 وقال السيد لاركيه إن التمويل سيدعم خمس منظمات دولية وثلاث منظمات غير حكومية محلية في بيروت كانت تعمل بالفعل عن كثب مع المجتمعات الضعيفة، مما يضمن وصول المساعدة إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها"، على أن يتم الوصول إلى أكثر من 180 ألف شخص بالمساعدات الصحية والغذائية والحماية الضرورية.

ميناء بيروت يشهد تفريغ أول شحنة من الدقيق

وقد أكدت الأمم المتحدة تفريغ الشحنة الأولى من دقيق القمح، والبالغة 12500 طن متري، مقدمة من برنامج الأغذية العالمي، في ميناء بيروت اليوم الجمعة.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، في المؤتمر الصحفي اليومي، إن الشحنة ستساعد على استقرار أسعار الخبز، مشيرا إلى قيام البرنامج أيضا بتوزيع المواد الغذائية على حوالي 3600 شخص.

من ناحية أخرى، وزعت منظمة الصحة العالمية 25 طنا من معدات الحماية الشخصية على 25 مستشفى تستقبل حالات الإصابة بالصدمة وحالات كوفيد-19 في بيروت والمناطق المحيطة بها.

اليونيسف تواصل الاستجابة الفورية للأطفال

من جانبها، أشارت ماركسي ميركادو، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى تقييم سريع للاحتياجات أجرته منظمة يونيسف والشركاء بين 10 و17 آب/أغسطس، حيث أفاد نصف المستجيبين بأن الأطفال يظهرون تغيّرات في السلوك أو علامات الصدمة أو الإجهاد الشديد بعد الانفجارات. وقالت:

"يمكن أن تشمل هذه السلوكيات والأعراض القلق الشديد والهدوء أو الانسحاب من الأسرة والأبوين والكوابيس وصعوبة النوم والسلوك العدواني".

وتؤكد يونيسف الحاجة إلى 46.7 مليون دولار للاستجابة للاحتياجات الفورية للأطفال والأسر على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة. وقد حصلت المنظمة حتى الآن على 1.3 مليون دولار.

فيليبو غراندي يختتم زيارته للبنان

المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، يطلع على أحوال أسرة سورية لاجئة في أعقاب الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في لبنان.
© UNHCR/Sam Tarling
المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، يطلع على أحوال أسرة سورية لاجئة في أعقاب الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في لبنان.

 

في هذه الأثناء، اختتم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، زيارة إلى لبنان، أكد خلالها على ضرورة تقديم الدعم الفوري لـ 100 ألف متضرر من انفجار بيروت، وتقديم تمويل إضافي لمكافحة فيروس كورونا.

وبحسب بيان صدر عن مكتب المفوض السامي، فإن الدعم يهدف إلى توفير أعمال الترميم الطارئة للسكان، وتقديم المشورة النفسية لمن تعرّضوا للصدمات من اللبنانيين واللاجئين وغيرهم من السكان المتضررين.

Tweet URL

وطالب غراندي المجتمع الدولي بمواصلة الدعم السخي والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في هذا الوقت العصيب. وقال:

"إن الوضع صعب للغاية حيث يعاني لبنان من تحديات متعددة - كالأزمة الاقتصادية المتصاعدة وجائحة كـوفيد-19، وتأثير الصراع السوري - والآن هذا الانفجار المريع".

ونتيجة للأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة التي تفاقمت بسبب فيروس كورونا، قفزت نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع من 55 في المائة إلى أكثر من 75 في المائة. ويستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة للفرد الواحد في العالم.

تكلفة بشرية "تفجع القلب"

وخلال زيارته، اطلع غراندي على الآثار المدمرة للانفجار، واستمع لروايات عن محنة العائلات اللبنانية واللاجئة. وقال: "كان من المثير للصدمة أن نرى حجم الدمار عن كثب، لكن التكلفة البشرية لهذه الكارثة هي التي تفجع القلب حقاً".

وتحشد المفوضية ما مجموعه 35 مليون دولار لاستجابتها الطارئة للأسر الأشد تضررا والأكثر ضعفا في بيروت. وتشمل هذه الحزمة 32.6 مليون دولار لأنشطة المأوى و2.4 مليون دولار لأنشطة الحماية للأشهر الثلاثة القادمة.

وخلال زيارته، قرر غراندي تخصيص 3 ملايين دولار أمريكي إضافية لتعزيز الاستجابة الخاصة بفيروس كورونا، بالإضافة إلى 40 مليون دولار أمريكي كان تم تخصيصها مسبقاً.

تفجير لبنان يسلط الضوء على الفساد المستشري الذي يكلف البلاد خسائر فادحة سنويا

إلى جانب المعاناة الإنسانية والدمار الهائل الذي خلفه تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، سلط التفجير الضوء على مشكلة قد تكون أعمق وأكثر تدميرا للبنان، وهي الفشل في المساءلة، والفساد المستشري، وذلك بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

ويسجل لبنان باستمرار نتائج سيئة في جميع المؤشرات الدولية ذات الصلة، وفي معظم الأوقات يكون أقل بكثير من المعدلات الإقليمية والعالمية. فبحسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 حل لبنان في المرتبة 137 عالميا.

وفي مؤتمر صحفي من جنيف، قال أركان السبلاني، كبير المستشارين الفنيين، ومدير المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية "إن تسريب واختلاس الأموال والبضائع، والرشاوى والعمولات في مشاريع إعادة الإعمار، فضلا عن الاستقطاب السياسي للجهود ذات الصلة، هي مخاطر حقيقية وموجودة في سياق لبنان".

وبحسب بعض التقديرات، يفقد لبنان خمسة مليارات دولار سنويا بسبب الفساد، وهذا يساوي 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في عام 2019. وتابع السبلاني يقول: "هذه تكلفة مباشرة، ولا تشمل التكاليف غير المباشرة وتكلفة الفرص البديلة، وبلا شك لا تحسب التكلفة الاجتماعية من ناحية الصحة ورفاهية المواطنين".

وقدرت الخسائر المتكبدة بسبب العجز عن المحاسبة في مرفأ بيروت وحده، وفقا لإحدى الدراسات، بنحو 800 مليون دولار في السنة، ومن المتوقع أن يتجاوز التقدير الإجمالي للتكلفة السنوية للفساد في الجمارك أكثر من مليار دولار أميركي.

سيّدة في بيروت تبحث في ركام ما كان يوما ما منزلها بعد الانفجار في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء 4 آب/أغسطس.
© UNOCHA
سيّدة في بيروت تبحث في ركام ما كان يوما ما منزلها بعد الانفجار في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء 4 آب/أغسطس.

 

"فجوات إدارية" وراء التفجير

وبحسب المسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن وجود المواد المتفجرة في المخزن يأتي بسبب فجوات تتعلق بإدارة المرفأ:

  • سوء تنفيذ إجراءات تخزين وإدارة هذه المواد.
  • تشتت آليات الرقابة، والرقابة بين السلطات العديدة التي لها ولاية قضائية على المرفأ، مع تداخل الوظائف، والولاءات السياسية للجماعات السياسية المتنافسة.
  • عدم كفاءة الإجراءات القضائية ومتابعة تنفيذ الأحكام القضائية ذات الصلة.

أزمة حكم تتطلب مكافحة الفساد

في أيّار/مايو 2020، تم إطلاق "استراتيجية مكافحة الفساد...نحو مستقبل أفضل" في لبنان، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويأتي إطلاق الاستراتيجية تطبيقا لما التزم به لبنان عند توقيعه الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وتحديدا المادة الخامسة منه.

وقال السبلاوي:

"لن يتم حل أزمة الحكم هذه دون الاهتمام الكافي بتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد. ويجب أن تكون هذه الجهود مستهدفة ومتسقة مع الأولويات التي تم تحديدها في الاستراتيجية لمكافحة الفساد والمعايير الدولية ذات الصلة".