منظور عالمي قصص إنسانية

"ضمان الشراكة في التصميم" و"دور كبير للشباب"، مسؤول إماراتي يتحدث عن مستقبل أهداف التنمية المستدامة

مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه أثناء إلقائه كلمة في اجتماعات المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة.
UN News
مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه أثناء إلقائه كلمة في اجتماعات المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة.

"ضمان الشراكة في التصميم" و"دور كبير للشباب"، مسؤول إماراتي يتحدث عن مستقبل أهداف التنمية المستدامة

أجرى الحوار: خالد هريدي
أهداف التنمية المستدامة

أكد مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه أن هناك عدة عوامل يجب توافرها من أجل تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة بما فيها الموارد المالية، وتوافر تقنيات المعلومات، ووجود رغبة من الدول كافة، والتعاون الدولي بين الجهات المختلفة لتحقيق أهداف التنمية في المجتمعات التي تواجه صعوبات.

لوتاه الذي كان يرأس وفد بلاده في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك والذي استمر على مدار أسبوعين، قال في حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة إن من الأمور التي لاحظوها في منتدى هذا العام هو "أن اللغة اليوم تحث على تسريع تحقيق الأهداف بكل الطرق الممكنة".

وحدثنا لوتاه عن تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2045 الذي أطلقته الإمارات العربية المتحدة قائلا "ارتأينا أن يكون هناك إعادة تصميم ونظرة مختلفة تعتمد على ضمان الشراكة في التصميم".

وأضاف أن الجميع ينبغي أن يشارك في تصميم أهداف التنمية، وأنه "يجب أن نراعي المتغيرات والتحديات التي سيواجهها العالم شئنا أم أبينا". وشدد المسؤول الإماراتي على أهمية دور الشباب الكبير، مضيفا أن "إيجاد أمر ملح ومهم مثل أهـداف التنمية المستدامة والعمل معهم، هو أفضل شيء ممكن أن نخدمهم به".

إليكم نص الحوار مع مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه.

مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه.
UN News
مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه.

أخبار الأمم المتحدة: حدثنا أولا عن مشاركتكم في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة لعام 2024؟

عبد الله لوتاه: دائما نشارك في المنتدى السياسي رفيع المستوى بطرق مختلفة. نحاول ألا نكرر أنفسنا في كل مؤتمر. فعام 2024 فُرِض علينا النظر إلى توليفة الوفد بطريقة مختلفة. طبعا التركيز على الأهداف في 2024 كان الهدف الأول والثاني، محاربة الفقر، ومحاربة الجوع، والهدف 13 التغير المناخي، والهدف 16 السلام والعدل وبناء المؤسسات، والهدف 17 وهو التعاون الدولي لما فيه خير البشرية والشعوب.

لذلك ارتأينا عند تكوين فريق من دولة الإمارات، أن يكون متكاملا ومتجانسا يغطي الأهداف الخمسة. بالنسبة للهدفين الأول والثاني، المسؤولون عنه في دولة الإمارات بشكل كبير هم الهلال الأحمر الإماراتي. المؤسسة هذه منحت مساعدات تنموية بما يزيد عن 4.5 مليار دولار منذ التأسيس. مشاريعها تغطي تقريبا 160 دولة حول العالم.

طبعا الهلال الأحمر الإماراتي عندما يمنح مساعدات تنموية لا يميز بين عرق ودين ولون وعادات وتقاليد ولغة أبدا، بالعكس. بالنسبة للهدف 13، هناك جهتان من أكبر الجهات في دولة الإمارات وأكثرها اهتماما بالهدف المرتبط بالعمل المناخي وهي وزارة البيئة والتغير المناخي وشركة "مصدر" العالمية.

بالنسبة للقوانين والسياسات التي تضعها الوزارة، اليوم هذا نموذج عالمي يحتذى به، لذلك دولة الإمارات اليوم من الدول الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة. شركة "مصدر" شركة عالمية اليوم وينظر لها كأنها بيت الخبرة في مجال الطاقة المتجددة.

إذا انتقلنا إلى الهدف 16 وهو بناء المؤسسات القوية وضمان العدل والأمان والسلم للشعوب، وزارة الداخلية كانت موجودة معنا. الإنسان يستغرب كيف أن وزارة الداخلية في الإمارات تساهم في استتباب الأمن والأمان وتوافر العدل في العالم.

اليوم وزارة الداخلية في دولة الإمارات لها ما شاء الله باع طويل في الحفاظ على الأمن. واليوم العالم صار قرية صغيرة. التحديات التي نواجهها مثلا في موضوع الأمن الإلكتروني، استغلال الأطفال جنسيا، الأرقام مخيفة. لذلك اليوم وزارة العدل ترأس مجموعة كبيرة من الدول، أكثر من 80 دولة للحفاظ على الأطفال. أيضا وزارة الداخلية ممكن الواحد يستغرب لها دور كبير في الحفاظ على البيئة ومحاربة الجرائم البيئية.

بالنسبة لآخر هدف، هناك جهتان مهمتان عندنا؛ صندوق أبو ظبي للتنمية والذي يعتبر مفخرة للعرب، وأسسه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في سنة 1971 سنة تأسيس دولة الإمارات. تخيل كيف حكمة هذا الرجل؟ في الوقت الذي ممكن أن تنظر الدول لداخلها، الشيخ زايد بالعكس ساهم في بناء الدول والمجتمعات وركز على التنمية في المجتمعات وأيضا ركز على التنمية في دولة الإمارات.

صندوق أبو ظبي للتنمية وفر أكثر من 60 مليار دولار من مساهمات مالية بمبالغ بسيطة جدا لا تذكر تساعد الدول في تحقيق التنمية المستدامة. أكثر من مئة دولة استفادت من صندوق أبو ظبي للتنمية في مختلف دول العالم.

البرنامج الثاني - وهو أمر كثير مهم - برنامج التبادل المعرفي الحكومي لدولة الإمارات. دولة الإمارات خلال الفترة الأخيرة أصبحت نموذجا في الإدارة الحكومية. وكان عندنا كثير من الاستفسارات تأتينا من دول مختلفة لمعرفة تجربة الإمارات والاستفادة من التجربة وتصدير الفكر والنهج الإماراتي لهذه الدول.

فرأينا إنشاء برنامج اسمه برنامج التبادل المعرفي. هناك 37 دولة منضوية تحت مظلة برنامج التبادل المعرفي الإماراتي، كلها تستفيد من تجربة دولة الإمارات في الإدارة الحكومية، والتميز الحكومي، والجودة الحكومية، والمسرعات الحكومية، والخدمات الحكومية.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: هاتان التجربتان أجابا عن السؤال الآخر الذي كنت سأسأله وهو التجارب المميزة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي يمكن الاقتداء بها على مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة. في هذا العام تحديدا، ما هي الملاحظات التي رصدتموها التي تميز هذا المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2024 عن المنتديات السابقة وخصوصا أن أمامنا ستة أعوام فقط قبل عام 2030؟

عبد الله لوتاه: من أهم الأمور التي لاحظناها أن اللغة اليوم تحث على تسريع تحقيق الأهداف بكل الطرق الممكنة. طبعا عندنا عوامل ومصادر ممكن تساعدنا في تسريع تحقيق الأهداف، وهذا الشيء يختلف من دولة إلى أخرى لأنه حسب الإمكانيات.

أحد أهم الأمور الواجب توافرها اليوم لتسريع تحقيق الأهداف هو وجود عامل الموارد المالية. أيضا هناك عامل مهم جدا توافر تقنيات المعلومات، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، والعلم والتكنولوجيا. كل هذه الأمور نحتاج أن تكون موجودة لتسريع تحقيق الأهداف.

أهم عامل من العوامل هو وجود الرغبة؛ الرغبة السياسية، والرغبة الشعبية، والرغبة المجتمعة في كافة الدول لتسريع تحقيق الأهداف. عامل مهم جدا ونراهن عليه هو التعاون الدولي ما بين الجهات المختلفة لتحقيق الأهداف في المجتمعات التي تواجه صعوبات.

فهذه الدول لا نستطيع أن نظلمها لأنها لم تحقق أهداف التنمية المستدامة. واجب علينا أن نشد يدها وأن نوصلها إلى منطقة أفضل من ناحية تحقيق الأهداف العالمية.

أخبار الأمم المتحدة: أطلقتم أيضا تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2045. هل تطلعنا أكثر على تفاصيل هذا التقرير وأهميته؟ وما هو مستقبل التنمية المستدامة لما بعد العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين؟

عبد الله لوتاه: يمكن من أحد الأمور التي تحزنا في دولة الإمارات لغة التشاؤم. في معظم الكلمات التي نسمعها حتى في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2024 أن الأهداف العالمية لن يتم تحقيقها، وإن تم تحقيقها سيتم تحقيق نسبة بسيطة جدا لا تتعدى 20 في المئة، هذا إذا كنا متفائلين.

طيب الحل؟ نحن لا نريد أن نقول ما المشكلة، هل كانت الأهداف طموحة بشكل زائد بحيث شكلت صعوبة على المجتمعات والشعوب أن تتحقق؟ هل وضعنا في بالنا أنه سيكون هناك حروب في الشمال والجنوب؟

عندنا في القمة العالمية للحكومات كل سنة مؤتمر مرتبط بأهداف التنمية المستدامة اسمه أهداف التنمية المستدامة في التنفيذ. جزء من الحوار في سنتي 2023، و2024، قلنا دعونا نخطط سويا ونصمم سويا مستقبل الأهداف لعام 2045.

المجموعة التي اشتغلت على التقرير الذي ذكرته وتم إطلاقه مؤخرا رؤساء وزراء سابقون، ورؤساء دول، وأكاديميون، ومن القطاع الخاص. الكل اتفق على مفهوم مهم جدا. لا نستطيع كعالم اليوم أيا كنا أن نفرض أهدافا ومؤشرات أداء ونسقطها على الدول جزافا. يجب أن يشارك الجميع في تصميم هذه الأهداف، ويجب أن نراعي المتغيرات والتحديات التي سيواجهها العالم شئنا أم أبينا.

لذلك ارتأينا أن يكون هناك إعادة تصميم ونظرة مختلفة تعتمد على ضمان الشراكة في التصميم. هناك مثلا مسألة مشاركة الشباب والمرأة والأطفال. سلمنا الملفات للأمم المتحدة. والنسخة الأولى من التقرير كانت في 2023 و2024.

نتمنى – وهذه دعوة لكل شعوب العالم - أن تشارك في جلسات الطاولة المستديرة الوزارية بخصوص أهداف 2045 لأن في لحظة وفي غمضة عين سنصل إلى 2023، وسنتحسر على عدم تحقيقنا للأهداف لأسباب كثيرة. لكن سنواجه صعوبة في رسم مستقبل 2045.

مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه أثناء الحوار مع أخبار الأمم المتحدة.
UN News
مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في الإمارات العربية المتحدة، عبد الله ناصر لوتاه أثناء الحوار مع أخبار الأمم المتحدة.

أخبار الأمم المتحدة: ما هي أبرز التحديات التي ربما تقف حائلا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء في خطة 2030 أو 2045؟

عبد الله لوتاه: بالنسبة لبعض الأهداف هناك صعوبة في الوصول إليها لأن حتى القائمين عليها يصنفونها أنها أهداف من المستوى الثاني. الأهداف من المستوى الثاني لم تصمم لها منهجية قياس. فالواحد يسأل نفسه لماذا وُضِعت بالأصل؟

لا أستطيع أن أقارن ما بين دولة استقلت مؤخرا ودولة كانت دائما مستقلة. هناك فجوة ما بين بعض المجتمعات ومجتمعات أخرى. طبعا عانت هذه المجتمعات من أمور كثيرة لا أريد التطرق إليها سواء كان استعمارا، أو عدم توافر العلم، أو عدم توافر أدوات الصحة، أو أمور كثيرة.

لكن دور الدول المتقدمة اليوم أن تمسك المجتمعات التي ممكن أن تكون اليوم متأخرة وترفع من هذه المجتمعات. هذا دورنا اليوم. العالم سيكون أفضل لو كان هناك فعلا إخلاص في العمل ورغبة في تحسين جودة حياة البشر.

أخبار الأمم المتحدة: نتطلع إلى المستقبل، وذكرت موضوع الشباب. فما هي الأهمية الآن لتمكين هؤلاء الشباب وتحقيق المشاركة الفاعلة والكاملة في إبداع وتصميم مستقبل مستدام وأيضا في المشاركة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

عبد الله لوتاه: الشباب اليوم هم جيل المستقبل. وليس فقط جيل المستقبل، هم جيل اليوم. اليوم أنا أقدر أوصل لأكبر شريحة من المجتمع من خلال شاب وشابة. وهؤلاء الشباب ممكن أن يستخدموا بعض وسائل التواصل الاجتماعي.

اليوم وصلنا رسائل لمئات الآلاف من الشباب في دولة الإمارات ومجتمع دولة الإمارات من خلال إشراك الشباب. عملنا في دولة الإمارات مجالس للشباب، ومنها مجلس أهداف التنمية المستدامة للشباب. عملنا حملة وطلبنا من الشباب ترشيح أنفسهم للانضمام إلى مجلس خاص بأهداف التنمية المستدامة؛ من لديه شغف فلينضم إلينا.

تفاجأنا بالعدد المهول من الشباب الذي له رغبة في المساهمة في محاربة الفقر والجوع وتمكين المرأة والرجل في الجندر (النوع الاجتماعي)، نحن نسميه دائما توازنا بين الجنسين وليس تمكين المرأة. فعندهم الشغف، والشغف ليس فقط لتحقيق التنمية المستدامة في دولة الإمارات، بل المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة خارج دولة الإمارات.

لذلك دائما نشركهم في رحلاتنا الخارجية أو نمكنهم أنفسهم من الارتحال إلى دول ومجتمعات مختلفة. دور الشباب كبير لأنهم شريحة كبيرة من مجتمعنا في العالم العربي. وإيجاد أمر ملح ومهم مثل أهداف التنمية المستدامة والعمل معهم، هذا أفضل شيء ممكن نخدمهم به.

فبدلا من أن يذهب الشاب إلى منطقة ليست جميلة ويفكر تفكيرا ليس جميلا، يفكر في شيء يخدم به وطنه العربي ككل وليس فقط وطنه وبلده الذي يحمل جنسيته. الشباب أيضا على مستوى العالم متواصلون مع بعضهم البعض عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، فتجد شابا من الإمارات عنده صديق من مصر ومن بريطانيا ومن أمريكا الجنوبية ويتواصلون، وربما لم يلتقوا من قبل وجها لوجه.

هناك بين هؤلاء الشباب شبكة لخدمة مجتمعاتهم، لأنهم عبروا عن شغفهم في أمر معين وشاركوا في الإتيان بمبادرات عالمية من خلال عملية التواصل هذا.