منظور عالمي قصص إنسانية

"عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا"، مسؤول أممي يحذر من تبعات نقص التمويل الإنساني لسوريا

ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا (إلى يسار) يتحدث مع المزارع علي حسن العلوي (إلى اليمين)، وهو مزارع في شمال غرب سوريا يدعمه صندوق المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية لتعزيز الإنتاج الزراعي.
OCHA/Syria
ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا (إلى يسار) يتحدث مع المزارع علي حسن العلوي (إلى اليمين)، وهو مزارع في شمال غرب سوريا يدعمه صندوق المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية لتعزيز الإنتاج الزراعي.

"عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا"، مسؤول أممي يحذر من تبعات نقص التمويل الإنساني لسوريا

المساعدات الإنسانية

قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن إن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها لمن هم في أمس الحاجة إليها في شمال غرب سوريا لا تتعلق بالاحتياجات المادية والأساسية للناس فحسب، بل تتصل أيضا بالحماية وضمان شعورهم بالسلامة والأمن، حتى يتمكنوا من إعادة بدء حياتهم وأن يعيشوا في سلام.

وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، أكد كاردن أن الزيارات التي قام بها إلى شمال غرب سوريا، وبلغ عددها أكثر من 25 زيارة منذ توليه منصبه وكان آخرها منذ أسابيع، كانت "فرصة جيدة جدا لتمكيننا من الانخراط بشكل مباشر مع المجتمعات هناك، وخاصة المنظمات التي تقودها النساء والأسر التي ترأسها نساء، ولتحسين التنسيق وضمان وجود مراقبة أفضل لبرنامج المساعدات".

وكان كاردن حاضرا لمؤتمر بروكسل السنوي الثامن حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة والذي وصفه بأنه كان "مهما جدا" لتسليط الضوء على احتياجات الشعب السوري بعد 13 عاما من الأزمة.

ونبه إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2024، والتي تهدف إلى جمع أكثر من أربعة مليارات دولار، تلقت حتى الآن أقل من 10 في المائة مما هو مطلوب.

وأضاف أن نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية "له عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا في سوريا، بما في ذلك شمال غرب البلاد"، مضيفا أنه إذا لم يتم تلقي التمويل، فسوف تغلق 160 منشأة صحية بحلول نهاية حزيران/يونيو.

وتحدث عن "أهمية مشاريع التعافي المبكر" بما فيها مشاريع المياه والصرف الصحي، وإزالة الألغام، وإعادة تدوير الركام الناجم عن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا في 2023، إضافة إلى دعم المزارعين وأصحاب الأعمال الصغيرة. 

فيما يلي نص الحوار الكامل الذي أجريناه مع نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن.

أخبار الأمم المتحدة: شاركتم في مؤتمر سوريا الذي عقد في بروكسل مؤخرا، حيث رددتم النداء لزيادة المساعدات الإنسانية والوظائف ودعم سبل العيش في شمال غرب سوريا. هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن هذا؟

ديفيد كاردن: عُقِد في وقت سابق من هذا الأسبوع، يوم الاثنين، مؤتمر على المستوى الوزاري بشأن سوريا، في محاولة لجذب التمويل. 

Tweet URL

لقد تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا، التي تهدف إلى جمع أكثر من 4 مليارات دولار، بأقل من 10 في المائة. ولاحظنا على مدى السنوات القليلة الماضية انخفاضا في التمويل المخصص للأزمة السورية. قبل عامين، تلقينا أكثر من نصف ما تم طلبه فقط و39 في المائة في العام الماضي. 

ومن ثم، كان هذا المؤتمر مهما جدا، لتسليط الضوء على احتياجات الشعب السوري بعد 13 عاما من الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك سجل من الكوارث الطبيعية، فكان هناك زلزال هائل في العام الماضي، فضلا عن الفيضانات التي تحصل في كل عام.

لدينا أكثر من 7 ملايين شخص نزحوا في جميع أنحاء سوريا، حوالي 3.5 مليون منهم في شمال غرب سوريا. وهناك 16.7 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، وهو أعلى رقم على الإطلاق. 

وبالنسبة للنازحين في شمال غرب سوريا، هناك 800 ألف شخص يعيشون في خيام وحوالي مليوني شخص في ملاجئ غير رسمية، وهؤلاء الناس ما زالوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية. إنهم بحاجة إلى مساعدات غذائية، وإلى الأساسيات لضمان قدرتهم على البقاء. وبعد 13 عاما من الأزمة، يحتاجون أيضا إلى الدعم لتمكينهم من الوقوف على أقدامهم مرة أخرى.

هناك أشياء يمكننا القيام بها لمساعدتهم تتجاوز احتياجات البقاء اليومية. فإذا كنت تعيش في خيمة لفترة طويلة، فإن ما تريده حقا هو الانتقال إلى بناء أكثر قوة نسميه "المأوى الكريم". لذا، فإن الهيكل ذا الجدران الأربعة يوفر حماية أفضل ضد الرياح، وفي البرد، وفي الشتاء. إنه يوفر حماية أفضل ضد الحرارة في الصيف، كما يوفر المزيد من الخصوصية، وهو أمر مهم بشكل خاص للنساء والفتيات المعرضات للخطر في هذا السياق.

منشآت تعرف باسم "مأوى كريم" توفرها الأمم المتحدة وشركاؤها في شمال غرب سوريا.
OCHA/Syria
منشآت تعرف باسم "مأوى كريم" توفرها الأمم المتحدة وشركاؤها في شمال غرب سوريا.

 

أخبار الأمم المتحدة: زرتَ مؤخرا شمال غرب سوريا. هل يمكنك أن تعطينا المزيد من التفاصيل حول تلك الزيارة واجتماعاتك هناك؟

ديفيد كاردن: منذ توليت منصبي قبل أكثر من عام بقليل، زرتُ شمال غرب سوريا، أكثر من 25 مرة. وهذه الزيارات هي فرصة جيدة جدا لتمكيننا من المشاركة بشكل مباشر مع المجتمعات نفسها، وخاصة المنظمات التي تقودها النساء والأسر التي تعيلها نساء، ولكن أيضا لتحسين التنسيق وضمان وجود مراقبة أفضل لبرنامج المساعدات.

وأظهرت تلك الزيارات أن ما يريده الناس قبل كل شيء، بالإضافة إلى المساعدة المادية، هو الحماية والشعور بالأمن والأمان لتمكينهم من استعادة حياتهم. 

أتذكر حينما كنت في إدلب بعد التصعيد في تشرين الأول/أكتوبر 2023 والذي شهد التصعيد الأكبر للصراع في السنوات الأربع السابقة، عندما تتحدث إلى نساء وأطفال في الملاجئ، فإنهم يخبرونك أنهم يريدون العودة إلى ديارهم. ولكن من الناحية المثالية، يريدون العودة إلى ديارهم حيث أتوا في الأصل. ومع عدم قدرتهم على القيام بذلك، فإنهم يريدون العودة إلى ديارهم حيث نزحوا من داخل إدلب. ولكن في ذلك الوقت، قالوا إنهم لا يشعرون بالأمان للقيام بذلك. وفي كل مرة تتحدث فيها إلى أفراد المجتمع في شمال غرب سوريا، فإنهم يعبرون عن قلقهم بشأن تخفيض المساعدات الغذائية. 

هناك 3.6 مليون شخص في شمال غرب سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي. لكننا لم نتمكن إلا من استهداف الفئات التي تعاني أكثر من انعدام الأمن الغذائي، أي نحو600,000 شخص. وهؤلاء هم الأشخاص الذين سينزلقون إلى المجاعة إذا لم يتم دعمهم. لقد سمعنا أن هناك 160 منشأة صحية ستغلق أبوابها، إذا لم تحصل على التمويل بحلول نهاية حزيران/يونيو. 

في العام الماضي، تمكنا من الوصول إلى 2.5 مليون شخص بشكل منتظم من خلال المساعدات الإنسانية. وفي هذا العام، وبسبب نقص التمويل، انخفض هذا العدد إلى مليون شخص.

نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن يزور عيادة في شمال غرب سوريا.
OCHA/Syria
نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن يزور عيادة في شمال غرب سوريا.

 

أخبار الأمم المتحدة: قلتَ أيضا إن مشاريع التعافي المبكر تحدث فرقا في شمال غرب سوريا، حيث تتيح للناس الوصول إلى مصادر المياه المستدامة ودعم سبل العيش. هل يمكنك أن تعطينا المزيد من التفاصيل حول طبيعة هذه المشاريع؟

ديفيد كاردن: أعتقد أن مشاريع التعافي المبكر مهمة للغاية. وكما قلت، يريد الناس الحصول على الدعم، وتمكينهم من إعادة بدء حياتهم وإعادة بنائها. الأمر لا يتعلق فقط بمتطلبات البقاء اليومية الفورية. وهناك العديد من الأمثلة على مشاريع دعم سبل العيش التي أتذكرها بعد وقت قصير من الزلزال (في عام 2023). 

ذهبت إلى مكان يسمى جنديرس حيث فقد أكثر من ألف شخص حياتهم أثناء الزلزال. وفي تلك المرحلة، كما تعلمون، نزح الناس من بيوتهم. كان الحطام في كل مكان، وكانوا يتلقون مساعدات إنسانية. حصل هؤلاء الناس أيضا على دعم لسبل العيش. 

وأتذكر أنني تحدثت إلى عائلة بعد عام واحد، تلقت 500 دولار نقدا، حيث استخدموا هذه الأموال لإعادة تشغيل متجرهم، حيث دُمِر المبنى الذي يضم متجرهم أثناء الزلزال. مكنهم ذلك من إجراء إصلاحات طفيفة، وإعادة تشغيل المتجر. وأصبح المشروع ناجحا للغاية الآن. هذا ما يريده الناس لأنه يمكّنهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية وإعادة بدئها. 

تفقدت أيضا مشروعا مثيرا للاهتمام لإزالة الحطام مدعوما من صندوق المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية، وهو صندوق مشترك يديره مكتب تنسيق الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالنيابة عني كنائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشركاء المحليين. 

ويعمل هذا المشروع على جمع الحطام وتنظيفه، حيث يزيل أشياء مثل الأكياس البلاستيكية وغيرها، والذخائر غير المنفجرة التي كانت تلوث الحطام ثم يتم سحقها واستخدامها لإعادة تأهيل الطرق، الأمر الذي أعطى المزارعين في نهاية المطاف قدرة أفضل على الوصول إلى الأسواق. كان لهذا المشروع جانب بيئي، لأنه إذا لم يتم إعادة تدوير هذا الحطام، لكان قد ألقي في مكب نفايات في مكان ما. 

وتضمن المشروع أيضا عنصر النقد للعمل، حيث شمل توظيف 600 شخص، ثلثهم تقريبا من النساء. وهؤلاء النساء تأثرن بالصراع وفقدن أفرادا من أسرهن، ولم يعد بوسعهن إعالة أنفسهن بشكل مستقل. وعندما تحدثت إليهن، وجدت أنهن كن سعيدات للغاية لأنهن حصلن على هذه الفرصة. 

ذكرتَ موضوع المياه أيضا. عاينت مؤخرا مشروعا دعمنا فيه إعادة تأهيل محطة معالجة لمياه الصرف الصحي، الأمر الذي مكن المجتمعات في تلك المنطقة من الحصول على مياه شرب ومياه أكثر نظافة للري. لذا، يمكنهم زراعة المحاصيل التي يريدون زراعتها، وهذا أكثر فعالية من حيث التكلفة من نقل المياه بالشاحنات لتلبية احتياجاتهم، كما أنه أكثر استدامة.

ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية (في الوسط) يزور مشروع معالجة مياه الصرف الصحي التابع لليونيسف في إدلب.
OCHA/Syria
ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية (في الوسط) يزور مشروع معالجة مياه الصرف الصحي التابع لليونيسف في إدلب.

 

أخبار الأمم المتحدة: ما هي التحديات التي قد تواجه الجهود الإنسانية في ظل انعدام الأمن المستمر والتصعيد في شمال غرب سوريا؟

ديفيد كاردن: تُوزَع المساعدات الإنسانية على أساس الحاجة، ونحن نعمل وفقًا للمبادئ الإنسانية، وخاصة في هذا السياق، مبادئ الاستقلال والنزاهة والحياد. 

ونبذل قصارى جهدنا لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص الأكثر ضعفا. ومن ثم، عندما نواجه قيودا أمنية كما كان الحال بعد التصعيد في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي - ومؤخرا كانت هناك احتجاجات خاصة في إدلب - فإننا نفعل كل ما في وسعنا لضمان قدرتنا على الاستمرار في الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفا. 

ما يعنيه هذا في سياق سوريا هو أننا نستخدم جميع القنوات لتقديم المساعدة من خلال العملية الإنسانية عبر الحدود من جنوب تركيا إلى شمال سوريا. تلك العملية هي في الواقع شريان حياة بدونه لن نتمكن من دعم الأشخاص في شمال غرب سوريا بشكل كاف مما سيؤدي إلى زيادة معاناتهم.

أعتقد أن البيئة الأمنية تؤثر بشكل أكبر على الناس أنفسهم لأنهم هم الذين يتأثرون بالقصف، وليس نحن. أعني أننا قادرون على القيام بالمهام اليومية لموظفي الأمم المتحدة، ولم تتأثر عمليات النقل والإمدادات الإغاثية كثيرا خلال العام الماضي لأننا نتخذ التدابير التخفيفية المناسبة للتغلب على هذه القيود الأمنية.

وهناك رسالة واحدة نرسلها إلى جميع الأطراف وهي أهمية الامتثال للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدوليين لحماية المدنيين والأهداف المدنية. وهذا مهم للغاية لعملنا. 

والرسالة التي نواصل إرسالها هي أننا تبنينا ما نسميه استراتيجية مركزية للحماية، والتي تؤكد مرة أخرى ما كنت أقوله في وقت سابق، وهو أن المساعدات الإنسانية لا تتعلق فقط بتلبية الاحتياجات المادية للناس، بل تتعلق أيضا بضمان شعورهم بالسلامة والأمن، حتى يتمكنوا من إعادة بدء حياتهم وأن يعيشوا في سلام.

أخبار الأمم المتحدة: ذكرت تدفق المساعدات عبر الحدود، وهناك أيضا عمليات إيصال المساعدات عبر خطوط التماس، فما هو التحدي الذي قد تواجهه طرق المساعدة هذه الآن؟

ديفيد كاردن: كما ذكرت، نستخدم جميع القنوات الممكنة لتقديم المساعدة للأشخاص الأكثر ضعفا، وفقًا للمبادئ الإنسانية. ويشمل هذا عبر الحدود من جنوب تركيا إلى شمال غرب سوريا، ولكن أيضا عبر خطوط التماس، ليس فقط إلى شمال غرب سوريا، بل إلى أجزاء أخرى من البلاد أيضا.

أخبار الأمم المتحدة: تحدثتَ عن التعافي من الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا العام الماضي. هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن جهود التعافي لمساعدة السوريين في شمال غرب البلاد؟

ديفيد كاردن: تم تقديم الدعم إلى المزارعين في شكل بذور وأدوات لتمكينهم من البدء في زراعة محاصيلهم مرة أخرى. والتقيت بشخص - كان أصيب أثناء الصراع – عبر عن سعادته الغامرة لتلقي الدعم. وهنا هو لا يتلقى مساعدات غذائية فحسب، بل في الواقع يزرع الطعام للآخرين. أعتقد أن هذا يساعد أيضا في الحفاظ على انخفاض الأسعار في الأسواق، ويزيد من شعوره بالرفاه.

وتشعر أنه على الرغم من كل الصدمات التي مر بها، لم يستطع التوقف عن الابتسام. كان الأمر مؤثرا بشكل لا يصدق. أعتقد أن أمثلة أخرى لمشاريع التعافي المبكر تتعلق بإزالة الألغام. إنها مشكلة كبيرة بشكل خاص في شمال غرب سوريا. 

زرت مشروعا مؤخرا، والذي تضمن عناصر مختلفة، لكن أحد العناصر كان إزالة الألغام. كان ذلك في منطقة كانت على خط المواجهة وكانت منطقة صراع قبل عدة سنوات. ما حدث هو أن راعيا كان يرعى أغنامه في هذه المنطقة، فوطأ أحد أفراد عائلته لغما أرضيا، كانت ابنة أخته التي فقدت ساقها للأسف الشديد. 

فاستعانوا بالجهات الفاعلة التي تعمل في هذه المنطقة، وطلبوا منهم تطهير حقل الألغام وهو ما فعلوه. لكنهم يلعبون أيضا دورا في تطهير الذخائر غير المنفجرة عندما يجدونها. 

هذا مهم جدا لأنه، مرة أخرى، إذا كان الناس سيعودون إلى ديارهم ويبدأون حياتهم من جديد، فيجب أن يتمكنوا من القيام بذلك وهم يشعرون بالأمان. وإذا كانوا قلقين من احتمال تعرضهم للغم أرضي أو انفجار ذخيرة عنقودية، مما قد يؤدي إلى مقتل أطفالهم، فلن يرغبوا في العودة.

مشروع إعادة تدوير الركام الناجم عن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا في 2023.
OCHA/Syria
مشروع إعادة تدوير الركام الناجم عن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا في 2023.

 

أخبار الأمم المتحدة: إذا عدنا للحديث عن خطة الاستجابة الإنسانية والتي تعاني من نقص التمويل، فما هي الرسالة التي يمكن أن ترسلها بشأن التكلفة البشرية لنقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية؟

ديفيد كاردن: الرسالة الأولى هي أن نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية له عواقب حقيقية على حياة الأشخاص الأكثر ضعفا في سوريا، بما في ذلك شمال غرب البلاد. إذا لم يتم الحصول على التمويل، فسوف تغلق 160 منشأة صحية بحلول نهاية حزيران/يونيو. 

لدينا مليون طفل خارج المدرسة، وهذا له عواقب وخيمة. إذا كنتِ مراهقة وخارج المدرسة، فأنتِ معرضة بشكل أكبر لزواج الأطفال. كما أن ذلك يخلق الخطر المتمثل في الإجبار على دخول سوق العمل. تُعَد المساعدات الغذائية مشكلة كبيرة، حيث نريد الوصول إلى 3.6 مليون شخص في شمال غرب سوريا، لكن لم نتمكن إلا من الوصول إلى 600 ألف شخص من الأكثر ضعفا. هذه هي العواقب الحقيقية لعدم التمويل. 

يجب أن أضيف أيضا أننا نريد حقا نقل الناس من الخيام إلى ما نسميه المأوى الكريم، هو مكلف لكنه فعال من حيث التكلفة لأن الخيمة لا تدوم سوى ستة أشهر. أما إذا نقلت شخصا إلى مأوى كريم، فذلك المأوي سيعيش لسنوات.

أود أن أشكر الاتحاد الأوروبي على استضافة المؤتمر الوزاري في بروكسل، ونحن ممتنون للدول الأعضاء التي قدمت تعهدات للدعم الإنساني ومشاريع التعافي المبكر. نحثهم على ضمان ترجمة التعهدات إلى التزامات ملموسة في أقرب وقت ممكن لضمان تمويل أكثر قابلية للتنبؤ، وتمكيننا من تنفيذ البرامج الإنسانية. 

أعتقد أن الجانب الرئيسي الآخر لعملنا هو الوصول. نحتاج إلى ضمان قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفا في جميع أنحاء سوريا. وبالتأكيد، في الشمال الغربي، هذا يعني عبر خطوط التماس، ولكن بشكل خاص عبر الحدود لأنه فقط من خلال العملية الإنسانية المستمرة والعمليات عبر الحدود، سنتمكن من تلبية احتياجات الأشخاص الأكثر ضعفا في شمال غرب سوريا على النطاق المطلوب.