منظور عالمي قصص إنسانية

وزير السياحة السعودي: القطاع السياحي في المملكة ينمو بنسبة 55% واهتمامنا ينصب على استدامته بيئيا

قرية مدينة العلا القديمة وتضم أكثر من 900 مبنى تقليدي مصنوع من الطوب اللبن، وقد تم بالفعل ترميم 100 منها بطرق البناء التقليدية.
UN News/Jing Zhang
قرية مدينة العلا القديمة وتضم أكثر من 900 مبنى تقليدي مصنوع من الطوب اللبن، وقد تم بالفعل ترميم 100 منها بطرق البناء التقليدية.

وزير السياحة السعودي: القطاع السياحي في المملكة ينمو بنسبة 55% واهتمامنا ينصب على استدامته بيئيا

أهداف التنمية المستدامة

في إطار الأسبوع الأول من نوعه حول الاستدامة، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فعالية رفيعة المستوى سلطت خلالها الضوء على أهمية قطاع السياحة لاقتصاديات الدول وضرورة تعزيز السياحة المستدامة لحماية البيئة والمجتمعات والاقتصادات المحلية مع الحفاظ على الموارد للأجيال المقبلة.

في افتتاح الفعالية أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة دينيس فرانسيس أن السياحة محرك مهم للنمو الاقتصادي وتمكين المجتمعات. وقال إن السياحة وعلى الرغم من الفوائد المذهلة التي تم جنيها من أنشطتها، عرضة بشكل جوهري لمجموعة من القوى المعطلة - مثل تغير المناخ، والأوبئة، وأعمال الإرهاب، وعدم الاستقرار السياسي الداخلي.

وأكد الحاجة إلى تعزيز قطاع سياحة عالمي يتسم بالمرونة والقدرة على مواجهة نقاط الضعف وتحمل الصدمات الخارجية.

من المشاركين الرئيسيين في الفعالية، رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب الذي تحدث في كلمته عن التعاون بين المنظمة وبلاده في إطلاق عدد من المبادرات لتعزيز تمثيل السفر والسياحة في المحافل الدولية وأجندتها.

من بين هذه المبادرات: جائزة أفضل القرى السياحية ومبادرة السياحة تنير العقول وتشكيل فريق عمل لإعادة تشكيل مستقبل السياحة. وأشار الوزير السعودي إلى أن السياحة توظف عُشر سكان الأرض وتدعم 130 مليون شخص حول العالم.

وقال أمام الجمعية العامة إن "السعودية أصبحت واحدة من أهم الوجهات السياحية الواعدة والأكثر جذبا للسياح على مستوى العالم. وقد تصدرت قائمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية في نمو عدد السياح الدوليين عام 2023".

وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب يتحدث في فعالية رفيعة المستوى بالجمعية العامة حول السياحة المستدامة.
UN Photo/Rick Bajornas

بعد مشاركته في الفعالية، استضفنا السيد أحمد الخطيب في استديو أخبار الأمم المتحدة. وفي مستهل حوارنا معه سألناه عن مدى أهمية الحديث عن السياحة المستدامة رغم تصعيد التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط:

الوزير أحمد الخطيب: السياحة صناعة تمثل تقريبا 10% من الناتج الإجمالي المحلي للعالم. وقبل جائحة كورونا، وصلت مساهمة السياحة في الوظائف في العالم إلى عشرة في المئة. السياحة تخلق وظيفة من بين كل عشر وظائف قبل الجائحة، والآن السياحة تتعافى بشكل سريع جدا ومن المتوقع أن يصل العالم إلى مستويات ما قبل الجائحة بنهاية هذا العام.

هناك تحديات جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، ولكن عندما ننظر إلى السياحة من المنظور الشامل والواسع، فإننا نتحدث عن المدى الطويل، سوف نستمر في العالم وفي المملكة العربية السعودية بوجه خاص في البناء للمساهمة في نشر الثقافة وتعريف العالم بثقافة المملكة العربية السعودية وبالمقدرات الموجودة فيها وبحفاوة شعبها الرائع. وسوف نستمر في هذا العمل شأننا شأن غالبية دول العالم. الطائرات لن تتوقف وستستمر في السفر.

العام الماضي رغم وجود تحديات جيوسياسية في مناطق أخرى في العالم، إلا أن السياحة في المملكة العربية السعودية نمت تقريبا بنسبة 55% وحققت أعلى نمو من بين دول العشرين، بالنسبة للسياح الذين يأتون من خارج المملكة لزيارتها.

أخبار الأمم المتحدة: هذه الزيادة بالتأكيد ترجع إلى التغييرات الجذرية التي أحدثتموها في مجال السياحة في المملكة العربية السعودية. حدثنا عن بعض هذه التغييرات وكيف أسهمت في إنعاش السياحة السعودية؟ 

الوزير أحمد الخطيب: طبعا السياحة هي جزء وعمود لرؤية المملكة 2030 بقيادة سمو ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، وهذه الرؤية تلمس كل القطاعات، والمملكة تمر بمرحلة تحويلية كبيرة جدا سواء في القطاع الطبي أو التعليمي أو الصناعي أو الزراعي أو السياحي. ولذلك قبل انطلاقة استراتيجية السياحة عام 2019، كانت السياحة تمثل تقريبا ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وتمثل تقريبا ثلاثة في المئة من الوظائف في المملكة العربية السعودية. 

وضعنا هدفا بالوصول إلى مئة مليون سائح بحلول عام 2030، وقد حققنا المئة مليون بنهاية السنة الماضية، 27 مليونا من الخارج، وتقريبا 77 مليونا من داخل المملكة. كما وصلنا إلى عدد وظائف يفوق 950 ألف وظيفة تعمل في قطاع السفر والسياحة، وهدفنا أن نصل إلى مليون وستمائة ألف وظيفة.

منظر لحي الطريف من متحف الدرعية بالمملكة العربية السعودية.
UN Photo/Nabil Midani
منظر لحي الطريف من متحف الدرعية بالمملكة العربية السعودية.

أطلقنا نظام السياحة الجديد، والمملكة العربية السعودية أعلنت استثمار أو إنفاق أكثر من 800 مليار دولار في العشر سنوات القادمة لبناء وجهات سياحية عالمية جديدة مثل نيوم، البحر الأحمر، القدية، الدرعية، وهذه الوجهات السياحية سوف تقدم للسائح العالمي تجارب جديدة ورائعة وتعرف العالم بما تملكه المملكة العربية السعودية من ثروات رائعة.

أخبار الأمم المتحدة: السياحة في المملكة العربية السعودية منوعة كما ذكرت، لمن يستمع إلينا الآن ويريد أن يعرف أكثر ما هي أشكال السياحة في السعودية؟ 

الوزير أحمد الخطيب: المملكة العربية السعودية تتوفر فيها كل المقومات للتعامل مع كل أنواع السياحة. ثلاثين في المئة تقريبا من السياحة العالمية عبارة عن سائحين يبحثون عن الثقافة والتاريخ، عن ثقافة وتاريخ الشعوب. والمملكة العربية السعودية غنية بالمواقع الأثرية، والمواقع المسجلة في اليونسكو وبالآثار وبالثقافة الرائعة سواء في الأكل أو في المباني أو في طبيعة البشر.

فالسعوديون شعب مرحب ومضياف كانوا ولا يزالون يستقبلون الزوار والحجاج من ألف وأربعمائة سنة وإلى اليوم يرحبون بالزائر من جميع أنحاء العالم.

تستقبل المملكة العربية السعودية الملايين من الحجاج والمعتمرين كل عام.
UN Photo/Nabil Midani
تستقبل المملكة العربية السعودية الملايين من الحجاج والمعتمرين كل عام.

السياحة الثانية سياحة الأعمال، والرياض أصبحت عاصمة مواضيع الاجتماعات والمؤتمرات والمحافل المهمة جدا في العالم. إلى جانب السياحة الطبية، المملكة العربية السعودية لديها مستشفيات كثيرة ومتنوعة ولديها القدرة لخدمة الباحثين عن هذا النوع من السياحة سواء الطبية للعلاج أو المراكز الصحية الجديدة، وكذلك التعليم، فكثير من المرتادين يأتون للمملكة لينضموا إلى الجامعات العديدة الموجودة في المملكة للتعلم.

ولكن أهم هدفين للسياحة هما: السياحة للثقافة والتاريخ. فهذان الهدفان تتمتع بهما المملكة العربية السعودية الحمد لله، ولديها نقاط قوة كبيرة جدا، ولديها خبرات يمكن أن تضيفها لأي سائح في العالم يبحث عن التعرف على الثقافة العربية التي عاشت في المنطقة وكذلك السياحة الساحلية أو البحرية. فالبحر الأحمر من أجمل البحار في العالم ويعتبر من أفضل خمس مناطق غوص في العالم. والآن المملكة العربية السعودية تقوم بمشاريع كبيرة على البحر الأحمر وهذه تجعل تجربة السائح ثرية ورائعة.

أخبار الأمم المتحدة: هذا تغير جذري كبير جدا في وقت قصير، وهنا نأتي إلى مشاركتك اليوم في أسبوع الاستدامة في الأمم المتحدة. كيف تضمنون إدخال كل هذه التغييرات مع الحفاظ على الاستدامة البيئية والاستخدام المسؤول لكل المقومات؟ 

الوزير أحمد الخطيب: سؤال رائع وأتفق معك، للأسف الذي نراه خلال السنوات الماضية أن بعض الدول بدأت تتأثر بما يُعرف بالسياحة المفرطة حيث بدأت السياحة تصير كبيرة جدا لدرجة أنها بدأت تؤثر على مواضيع البيئة، فالكثير من الدول بدأت تفقد الشعاب المرجانية الموجودة في البحر الأحمر نتيجة الاستخدام الخاطئ للبلاستيك إلى آخره أو الوقود الناتج عن السفن واليخوت وما إلى ذلك.

ولذلك المملكة العربية السعودية تقوم بتطوير وجهات سياحية جديدة سواء من قبل الحكومة أو من قبل القطاع الخاص لأن قطاع السفر والسياحة مهم ويساهم في اقتصاد المملكة، وفي نفس الوقت العين الأخرى على كيفية الحفاظ على هذه المقدرات سواء في المملكة العربية السعودية أو في العالم، وبناء عليه قامت المملكة العربية السعودية بتحديد إجراءات وأنظمة وتشريعات للحفاظ على البيئة.

جميع ما نبنيه في البحر الأحمر، نضع البيئة في المقدمة ونستخدم مواد البناء صديقة للبيئة. والمواد التي سوف تستخدم مع تشغيل الفنادق قدر الإمكان ستكون صديقة للبيئة، وأكبر مؤثر للاستدامة في قطاع السياحة هو الاستخدام المفرط في الغذاء والاستخدام المفرط في الماء. فبدأنا نتعامل مع ذلك بشكل حذر جدا لمحاولة التخفيض من تأثير هذه العناصر على الاستدامة. 

كذلك ننظر للاستدامة من ثلاث عناصر الاستدامة البيئية، وهذه مهمة جدا والاستدامة الاجتماعية، فقد رأينا كيف تأثرت الاستدامة الاجتماعية في قطاع السياحة بعد جائحة كوفيد، 80% من الأعمال التي تعمل في قطاع السفر والسياحة متوسطة وصغيرة، فلا بد أن نضمن استدامة الأعمال المتوسطة والصغيرة في حالة حدوث أي ظروف طارئة في المستقبل، وكذلك الاستدامة الاقتصادية. فهذا القطاع يساهم في الاقتصاد بشكل مستدام.

تضم قرية مدينة العلا القديمة أكثر من 900 مبنى تقليدي مصنوع من الطوب اللبن، وقد تم ترميم 100 منها بطرق البناء التقليدية.
UN News/Jing Zhang

ومن ضمن المبادرات التي قامت بها المملكة "السعودية الخضراء" والمحميات الوطنية التي تقع حتى الآن تقريبا على 30% من مساحة المملكة العربية السعودية. وكذلك أعلنا عن إنشاء مركز الاستدامة العالمي لقطاع السياحة. المركز لا يخدم المملكة العربية السعودية فقط، بل يخدم المملكة وجميع دول العالم، وأول مبادراته كانت معرفة مساهمة السياحة في الانبعاثات الكربونية، فطلبنا من مجلس السفر والسياحة العالمي ومقره لندن ومن أكسفورد إيكونوميكس ومن مجموعة من المتخصصين والباحثين أن يحددوا الرقم الحالي لنسبة الانبعاثات الكربونية التي تنتج من قطاع السفر والسياحة من الإجمالي، ووصلنا الى رقم ثمانية في المئة تقريبا.

المتوقع أن قطاع السياحة والسفر يتضاعف خلال عشر سنوات، فإذا عمل العالم بقيادة المملكة العربية السعودية على وضع التشريعات والأنظمة والإعلام والتعريف والتدريب لمحاولة تخفيض هذا الرقم أو ثباته، فإنني أعتقد أن العشر سنوات القادمة ستكون سلبية من ناحية مساهمة قطاع السفر والسياحة في الانبعاثات الكربونية. وهذا أمر إيجابي بالنسبة للبيئة بشكل عام.

الأمم المتحدة: ما أهمية مشاركتك هنا في أسبوع الاستدامة في فعالية السياحة المستدامة؟ ما نوع المناقشات والمشاركة مع الوفود الأخرى وما الهدف الذي تتمنى أن تخرج به من هذه الاجتماعات؟ 

الوزير أحمد الخطيب: المملكة العربية السعودية أعلنت عن إنفاق أكثر من 800 مليار دولار في قطاع السفر والسياحة خلال السنوات القادمة. فبالنسبة للمملكة هذا القطاع مهم واستراتيجي وبناء عليه أطلقنا مركز الاستدامة العالمي. وأنا بصفتي اليوم رئيس للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة نتكلم مع الدول أو الكتل المختلفة سواء دول الكاريبي أو دول الباسيفيك أو دول أفريقيا أو الدول الأخرى لتعريفهم بأهمية الاستدامة والاتفاق معهم على إجراءات للعمل معا. لأننا لو أخذنا الكاريبي على سبيل المثال ككتلة واحدة فهم يواجهون نفس التحديات البيئية من ناحية الفيضانات والأعاصير أو من ناحية الأعشاب البحرية التي في المحيط أو إلى آخره، ولذلك من المهم أن نعمل جميعا لتحديد التحديات هذه والعمل على إيجاد حلول لتلافيها والحفاظ على البيئة والحفاظ على كوكب الأرض.

أخبار الأمم المتحدة: ولماذا من المهم للسعودية أن تنخرط في هذه الجهود الدولية ليس فقط في منطقتها، ولكنها تتعدى ذلك إلى بقية أنحاء العالم؟

الوزير أحمد الخطيب: لأننا نعمل في كوكب واحد ونعيش على كوكب واحد، فلو تأثر جزء من هذا الكوكب سيؤثر على الأجزاء الأخرى، وبناء عليه مهم جدا تحت مظلة الأمم المتحدة أن نعمل سويا على معرفة التحديات التي تواجهنا كلنا ووضع الحلول لحل التحديات هذه التي تواجه دول العالم بشكل أجمع. على سبيل المثال، مع جائحة كوفيد كان قطاع السياحة السفر أكبر القطاعات تأثرا في العالم، وبناء عليه واجهت التحديات المنهجية الجميع فلا بد أن يتعامل معها الجميع. والمملكة العربية السعودية تعي أن القطاع هذا يواجه تحديات وسيواجه تحديات في المستقبل، وبناء عليه لا بد من العمل مع الكتل الدولية لتحديد هذه التحديات والعمل على ايجاد الحلول لها.

أخبار الأمم المتحدة: لدينا وقت لسؤال واحد آخر ماذا عن دول الجوار والتعاون معها لكي تعود عوائد الاستثمار في السياحة على الجميع بالتعاون وليس المنافسة؟

الوزير أحمد الخطيب: نحن نكمل بعضنا البعض، العالم يحتوي على كتل واضحة. نحن كثقافة عربية سواء دول الخليج أو دول أفريقيا تتشارك لنشر ثقافتها للعالم وتعريفه بالثقافة العربية، سواء لغتنا أو أكلنا أو لبسنا أو عاداتنا وتقاليدنا، أو الثقافات التي مرت وعاشت واستوطنت في منطقتنا العربية، وبناء عليه العالم كبير، واليوم حصتنا في مكتب منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة- ومقره الرياض ويبلغ عدد أعضائه 13 دولة من دول الخليج وشمال أفريقيا، حصتنا من سوق السفر العالمي في حدود الستة في المئة فقط.

وبناء عليه هناك فرصة كبيرة أننا نتعاون ونتعامل مع بعضنا البعض، بتنمية هذه الحصة إلى أن نصل الى حصتنا السوقية العادلة التي هي في حدود 10 إلى 12 % من سوق السفر سواء عدد المسافرين في العالم أو إنفاق المسافرين في العالم، فنحن نكمل بعضنا بعضا ولا نتنافس منافسة مباشرة مع بعض.

السوق كبير ويخدم الجميع وأعتقد أن تحرك المملكة العربية السعودية كدولة كبيرة ومحورية في المنطقة سواء في الشرق الأوسط أو في منطقة الخليج سيكون تأثيره على المناطق المجاورة كبيرا جدا.

أخبار الأمم المتحدة: سيادة الوزير هل نختتم هذا الحوار بدعوة للمستمعين والمشاهدين لزيارة المملكة العربية السعودية بجملة منك، ماذا تقول لهم؟ 

الوزير أحمد الخطيب: إننا نرحب بكم ونحن نقول دائما في المملكة العربية السعودية نفتح أيادينا وقلوبنا لأي ضيف يزورنا وأنتم في بيتكم وفي محلكم في المملكة.