منظور عالمي قصص إنسانية

نائبة المفوض العام للأونروا: السكان محاصرون حرفيا في غزة

طفلة نازحة تقف أمام إحدى خيام الملاجئ في مدينة رفح.
© UNICEF/Eyad El Baba
طفلة نازحة تقف أمام إحدى خيام الملاجئ في مدينة رفح.

نائبة المفوض العام للأونروا: السكان محاصرون حرفيا في غزة

السلم والأمن

قالت ناتالي بوكلي، نائبة المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) إن الوضع في غزة التي زارتها مؤخرا كان "صادما جدا"، وإن "السكان محاصرون حرفيا".

وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، أضافت بوكلي "أكثر ما صدمني، هو أنه في عام 2024، لدينا وضع حيث الناس تحت الحصار فعليا، وغير قادرين على الحصول على أبسط الغذاء أو الدواء. وهم معرضون للخطر، نظرا لظروف الصرف الصحي والأوضاع الصحية".

وأكدت بوكلي أن ما يدخل قطاع غزة من مساعدات "هزيل للغاية"، وأن الاحتياجات هائلة للغاية لدرجة أن أي وسيلة لتوصيل المساعدات هي موضع ترحيب. لكن المسؤولة الأممية شددت على أن "الطريقة الأكثر أمانا والأرخص هي البر"، في إشارة إلى الجهود الأخيرة من قِبل بعض الدول لتوصيل المساعدات عبر البحر والإسقاط الجوي.

وتطرقت بوكلي إلى وضع النساء في غزة قائلة إن الأونروا لديها فريق خاص "يضمن إلى أقصى حد ممكن الحماية للنساء، لأن مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي تكون ماثلة عندما يعيش الناس مكتظين فوق بعضهم البعض".

ونبهت كذلك إلى تأثير تعليق بعض الدول المانحة مساهماتها المالية للأونروا قائلة إن الأمر لا يتعلق بغزة فحسب، بل إن تجميد التمويل كان له تأثير على جميع مناطق عمليات الأونروا الخمس وهي: غزة، الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، الأردن، لبنان وسوريا.

فيما يلي نص الحوار الكامل مع ناتالي بوكلي، نائبة المفوض العام للأونروا.

مع ناتالي بوكلي، نائبة المفوض العام للأونروا أثناء الحوار مع أخبار الأمم المتحدة.
UN News
مع ناتالي بوكلي، نائبة المفوض العام للأونروا أثناء الحوار مع أخبار الأمم المتحدة.
أخبار الأمم المتحدة: كيف يمكنك وصف الوضع في غزة بعد زيارتك الأخيرة للقطاع؟

ناتالي بوكلي: كانت تلك زيارتي الأولى لغزة منذ بداية الحرب. ويجب أن أقول، لقد كان الأمر صادما جدا بالنسبة لي. 

السكان محاصرون حرفيا، الناس فوق بعضهم البعض. هناك الآن، كما تعلمون، 1.7 مليون شخص نازح، ربما 1.4 مليون في رفح، إن لم يكن أكثر. والآن، يوجد مليون من هؤلاء النازحين في ملاجئ الأونروا؛ هذه مدارس أو مرافق تحولت إلى ملاجئ، لم يكن المقصود منها أن تكون ملاجئ في البداية. كل ملجأ يضم في المتوسط 30 ألف شخص. 

وسواء خارج الملاجئ أو داخلها فإن الناس فوق بعضهم البعض، في الخيام أو في الملاجئ. وهذا بالطبع يخلق الكثير من المشكلات فيما يتعلق بالصرف الصحي.

هذا أكثر ما صدمني، هو أنه في عام 2024، لدينا وضع حيث الناس تحت الحصار فعليا، وغير قادرين على الحصول على أبسط الغذاء أو الدواء. وهم معرضون للخطر، نظرا لظروف الصرف الصحي والأوضاع الصحية. هناك رائحة في غزة لأنها بمثابة صرف صحي مكشوف، وكل شيء يصب في البحر. 

وكما تعلمون، هناك أمراض معدية، وأمراض غير معدية في تزايد، والناس يائسون للغاية، اليأس واضح تماما هناك. 

وفي الوقت نفسه، كان يحدوني الإعجاب بموظفينا وزملائنا، حيث يوجد لدى الأونروا 3000 موظف ما زالوا يعملون يوما بعد يوم، ويقدمون الخدمات للسكان والخدمات الصحية. لدينا ستة مراكز صحية ما زالت تعمل، ثلاثة منها في رفح، وواحد في الشمال، على الرغم من أننا لا نستطيع التحقق من حالة ذلك المركز في الشمال.

ولدينا فرق متنقلة تذهب إلى الملاجئ. وما بين الفرق المتنقلة والمراكز الصحية، يتم تقديم 23,000 استشارة طبية يوميا. التقيت ببعض الزملاء الرائعين الذين على الرغم من أنهم نزحوا ويعيشون في الخيام وبيوتهم مدمرة، وربما لم يتبق أحد من أفراد أسرهم، إلا أنهم ما زالوا يستيقظون كل يوم ويذهبون لمساعدة السكان.

أخبار الأمم المتحدة: بالحديث عن هذا الوضع، هناك تقارير تفيد بأن المزيد من الناس يموتون من عواقب تلك الحرب، بما في ذلك عدد متزايد من الأطفال الذين يموتون بسبب الجفاف والجوع الحاد، ما تعليقكم على هذا؟

ناتالي بوكلي: سيكون هناك تقرير سيصدر قريبا جدا من قبل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والذي سيزودنا بمزيد من المعلومات حول الجوع الحاد أو المجاعة التي تلوح في الأفق في بعض مناطق غزة. ولكن ما رأيته بنفسي هو أنه ببساطة ليس هناك ما يكفي من المساعدات التي تدخل غزة.

قبل الحرب، كان هناك في المتوسط 500 شاحنة تدخل غزة، الكثير منها من القطاع الخاص أو التجاري.

اليوم، ما يأتي هزيل للغاية، وهذا ليس لأن الأمم المتحدة غير منظمة فيما يتعلق بإدخال المساعدات ثم توزيعها، فالظروف والأوضاع صعبة للغاية بسبب نقاط التفتيش والسيطرة على المساعدات التي تصل. وبعد ذلك، بالطبع، داخل غزة، الوضع الأمني بسبب الحرب، ولكن أيضا بسبب اليأس المطلق للناس. 

والآن هناك بعض أعمال النهب والعصابات الإجرامية التي تجعل من الصعب للغاية وصول المساعدات إلى السكان، خاصة في الشمال. ويجب أن يتم تقديم المزيد من المساعدات على نطاق واسع، مع هدنة إنسانية أخرى أو وقف إطلاق النار حتى يتم تسليم تلك المساعدات.

أخبار الأمم المتحدة: لا تزال النساء في غزة يعانين من عواقب هذه الحرب الوحشية. ما الذي تقدمه الأونروا لدعم النساء هناك؟

ناتالي بوكلي: كامرأة، كنتُ حساسة جدا لهذا الأمر. أولا، لا يوجد كهرباء في غزة. لذلك، في مراكزنا الصحية، ليس هناك أي اختبارات ممكنة. هناك القليل من المعدات. هناك أطباء ليس معهم سوى سماعة الطبيب وربما خافض اللسان، ولكن لا توجد كهرباء. 

في قائمة العناصر ذات الاستخدام المزدوج، هناك الكثير من العناصر المحظورة من قبل إسرائيل، بما في ذلك المولدات ومعدات توليد الطاقة الشمسية. وهذا يجعل من الصعب جدا على المراكز الصحية تشغيل الآلات بدون هذه المعدات. 

لماذا أتحدث عن المراكز الصحية؟ لأنه في الغالب في هذه المراكز الصحية تجد النساء. والنساء هن من يعتنين بالعائلات، في كثير من الأحيان قد يكن حوامل، فهناك 60,000 امرأة حامل في غزة يلدن في ظل ظروف مروعة في الوقت الحالي. 

لكنهن يعتنين بأطفالهن وكبار السن والآباء، وهن اللاتي يزرن الأطباء، ويحاولن إحضار أفراد الأسرة أو طلب المشورة. ووضعهن صعب للغاية. نعمل على توفير مستلزمات الكرامة، والمستلزمات الصحية للنساء، مع شركاء آخرين أيضا. ونساعد أيضا في الملاجئ. 

لدينا فريقنا الخاص الذي يضمن إلى أقصى حد ممكن الحماية للنساء، لأن مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي تكون ماثلة عندما يعيش الناس فوق بعضهم البعض ووجود أكثر 30,000 شخص في ملجأ واحد، يكون هذا أمرا يصعب تجنبه. لكننا نحاول التخفيف من ذلك.

أخبار الأمم المتحدة: بالحديث عن الدعم والتحديات والعمل الذي تقوم به الأونروا في غزة، ما هو تأثير تعليق التمويل للأونروا من قبل بعض أكبر المانحين حتى الآن؟

ناتالي بوكلي: في الواقع، بعد هذه الادعاءات، والتي يجب أن أقول إنها تظل ادعاءات في هذه المرحلة ضد 12 موظفا في الأونروا فيما يتعلق بتورطهم المحتمل في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، قررت 16 دولة إيقاف أو تجميد أو تعليق مساهماتها المقدمة للأونروا. 

ما نراه اليوم هو أن البعض تستأنف تمويلها للوكالة، ولذا فإننا نرحب بذلك، ونرحب أيضا بأولئك الذين لم يتوقفوا أبدا عن التمويل، والذين يدعمون والذين زادوا مساهماتهم.

وحتى الآن، كان لهذا التعليق تأثير. كما تعلمون، تم تعليق حوالي نصف مليار دولار. لذا، فقد نكون قادرين في الوقت الحالي، وبفضل أولئك الذين عادوا، لا سيما الاتحاد الأوروبي وكندا والسويد، على استمرار عملياتنا في جميع مناطق عملياتنا الخمس.

لا يتعلق الأمر بغزة فحسب، بل إن تجميد التمويل كان له تأثير على جميع مناطق عملنا.

على سبيل المثال إذا لم نحصل على المساهمات الكاملة، فقد لا نتمكن من الحصول على أدوية لمرضى السرطان في لبنان. وقد لا نتمكن من إلحاق الأطفال بالمدارس في سوريا. ولهذا فإن هناك تأثيرا واسع النطاق.

ولكن في الوقت الحالي، وبسبب وضع أولئك الذين عادوا للتمويل، سنكون بخير حتى نهاية نيسان/أبريل.

نأمل بعد ذلك أن تكون الرؤية أوضح في الأشهر القادمة حيث نعمل بجد شديد مع المانحين لنرى كيف يمكنهم العودة إلى الطاولة ومواصلة دعمنا، لأن كلهم يقولون الآن أن دور الأونروا حاسم ولا يمكن الاستغناء عنه خلال هذه الأزمة الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: بالحديث عن المساهمات، ما رأيكِ في الجهود الأخيرة لتوصيل المساعدات الإنسانية عن طريق البحر وعبر الإسقاط الجوي؟

ناتالي بوكلي: الاحتياجات هائلة للغاية لدرجة أن أي وسيلة لتوصيل المساعدات هي موضع ترحيب مطلق. لكننا نصر على أن الطريقة الأكثر أمانا والأرخص هي البر. ولذا، ندعو إلى فتح معابر برية أخرى، وزيادة التدفق عبر معبر كرم أبو سالم، لأن عمليات الإسقاط الجوي مكلفة للغاية. كما لا نعرف من الذي يتلقى المساعدات بالضبط. 

وبالنسبة للمساعدات عبر البحر، سنقدم كل الجهود لضمان التوصيل الناجح، وهي مستمرة الآن، لكنها لا تخلو من مخاطر أمنية أو لوجستية أيضا.

أخبار الأمم المتحدة: أطلقت الأونروا أيضا حملة رمضان السنوية لتقديم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة من خلال المساعدات الغذائية الطارئة. هل لكِ أن تخبرينا أكثر عن الحملة؟

ناتالي بوكلي: هذه هي الحملة التي نقوم بها كل عام. ومن المحزن أنه لم يكن هناك وقف لإطلاق النار قبل شهر رمضان. 

نعلم أنه لا يزال هناك حوالي 300 ألف شخص في الشمال. والتقيت عائلات في الجنوب كانت ترغب في أن تتمكن من الذهاب لرؤية عائلاتها في الشمال وإحضاء الطعام لأقاربهم، وقضاء رمضان سويا.

وبالنسبة لحملتنا فهي حملة زكاة، وجميع المساهمات التي يتم تلقيها من خلال الزكاة، ستذهب إلى النازحين في غزة.

أخبار الأمم المتحدة: ما هي الرسالة التي تودين توجيهها مع دخول الحرب في غزة شهرها السادس؟

ناتالي بوكلي: إنها معاناة هائلة لسكان غزة. نعلم أن هناك 30,000 قتيل، والنساء والأطفال يتحملون وطأة الصراع. 

هناك حاجة إلى وقف إطلاق النار. ونأمل أن تصل بعض المفاوضات في نهاية المطاف إلى هذه النقطة. 

وندعو باستمرار إلى احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

وتتحمل إسرائيل مسؤولية باعتبارها القوة المحتلة في غزة، وكدولة عضو في الأمم المتحدة لضمان الامتثال للقانون الدولي.