منظور عالمي قصص إنسانية

رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات يحذر من تزايد الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت وشبكات التواصل

وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسهم في الترويج للاتجار بالمخدرات ونشر المعلومات الخاطئة، ويمكن أيضا أن تساهم في الحل.
Unsplash/Lilly Rum
وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسهم في الترويج للاتجار بالمخدرات ونشر المعلومات الخاطئة، ويمكن أيضا أن تساهم في الحل.

رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات يحذر من تزايد الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت وشبكات التواصل

القانون ومنع الجريمة

قالت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في تقريرها السنوي، الذي أصدرته اليوم الثلاثاء، إن تصاعد الاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت يخلق تحديات جديدة. وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قال رئيس الهيئة الدكتور جلال توفيق إن شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت "مصدر قلق لأنها تستعمل للترويج للمخدرات".

وأضاف الدكتور جلال توفيق أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل صارت الإنترنت كذلك أداة لترويج الأفكار والمعلومات الزائفة بالنسبة للمخدرات، دون اعتبار "للمضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تمثلها هذه المخدرات على الإنسان".

لكنه أوضح أيضا أن التقرير السنوي للهيئة لعام 2023، يظهر كذلك أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تشكل "فرصة كبيرة جدا"، للوصول إلى الناس ونشر المعلومات الصحيحة حول المخدرات، وخصوصا للشباب.

وتحدث الدكتور توفيق كذلك عن تداعيات الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المتعلقة بتغير المناخ والنزاعات التي أدت إلى زيادة حادة في الاحتياجات الإنسانية للأدوية التي تحتوي على مواد خاضعة للرقابة دوليا. وشدد على أنه من حق أي شخص على وجه الأرض أن يتمكن من الوصول لأي دواء يحتاج إليه، لاسيما الأشخاص الموجودين في مناطق الحروب والنزاعات.

فيما يلي نص الحوار الذي أجريناه مع الدكتور جلال توفيق رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات.

أخبار الأمم المتحدة: تقول الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في تقريرها الأخير إن تصاعد الاتجار في المخدرات عبر الإنترنت يخلق تحديات جديدة لمكافحة المخدرات. ما طبيعة تلك التحديات؟ 

الدكتور جلال توفيق: نلاحظ الآن في السنوات الأخيرة أن الإنترنت وأيضا منصات التواصل الاجتماعي قد أصبحت مصدر قلق لأنها تُستعمل للترويج للمخدرات، وليس فقط لترويج المخدرات، ولكن أيضا للترويج لأفكار وأخبار زائفة بالنسبة للمخدرات بدون اعتبار للمضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تمثلها هذه المخدرات على الإنسان. 

يسهم في ذلك سهولة الولوج للإنسان، وسهولة التواصل، وسهولة الإشهار، وصعوبة الولوج للمتاجرين بالمخدرات أو المستعملين لهذه المنصات. والأمر أصلا ليس كما كان قديما أي منظمات الظل، فالمنصات القانونية المشروعة تستعمل في هذا الاتجار وفي هذا الإشهار للمخدرات. الآن المشكلة كبيرة لأن رصد وإيقاف المستعملين غير المشروعين للاتجار بالمخدرات عبر الإنترنت صعب جدا لأن الوسائل المستعملة تكنولوجيا وأيضا حتى بالنسبة للأمور القانونية تجعل من هذا الرصد ومن هذا الإيقاف مشكلة كبيرة جدا بالنسبة للمجتمع الدولي.

أخبار الأمم المتحدة: رصد التقرير أيضا وجود فرص لاستخدام المنصات الإلكترونية لمنع الاستخدام غير الطبي للأدوية. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ 

الدكتور جلال توفيق: رغم مشاكل منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت في الترويج للمخدرات بهذه السهولة، وبيعها والإشهار لها، فإن نفس المنصات لها مزايا لأنها تستعمل نفس الشيء في سهولة الولوج وسهولة الاتصال وسهولة الوصول للناس. ننظر إليها كفرصة كبيرة جدا لاستعمال هذه المنصات والإنترنت لتوصيل المعلومة الصحيحة والمؤسسة على براهين علمية. أيضا، إيصال الأخبار الصحيحة حول المخدرات ومضاعفات المخدرات بالنسبة للشباب وهم أكثر المستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي.

ويمكن أيضا أن تستعمل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في الوقاية والعلاج عبر الإيهام. ويمكن أيضا الولوج للناس الموجودين في أماكن بعيدة جدا وتصعب عليهم مهمة الولوج إلى برامج العلاج، فيمكن استعمال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

مثال سهل يتمثل في برمجة المواعيد عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، والتوعية بالبرامج، وتفسير العلاج أو ما يسمى بالإرشاد الجماعي للمستعملين أو لعائلاتهم. فهذه كلها برامج يمكن أن تستعمل الإنترنت ومنصات تواصل اجتماعي. ونستعمل الإنترنت أيضا في الهيئة كحلقة بين المهنيين لرصد كل عمليات ترويج المخدرات، وعمليات التصدير والاستيراد المشتبه بها، وإلى آخره عبر منصات وبرامج الهيئة.

أخبار الأمم المتحدة: قلتم في رسالتكم في بداية التقرير إن الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المتعلقة بتغير المناخ والنزاعات أدت إلى زيادة حادة في الاحتياجات الإنسانية للأدوية التي تحتوي على مواد خاضعة للرقابة دوليا. ما هي توصياتكم في هذا الشأن؟

الدكتور جلال توفيق: هذا سؤال وجيه جدا وصائب لما نراه اليوم في العالم من كوارث ومن مناطق فيها حروب وأزمات وتستدعي تدخلا لأن هذا من حقوق الإنسان. فمن حق أي شخص في العالم على وجه الأرض أن يتمكن من الولوج لأي دواء يحتاجه كيفما كان هذا الدواء وكيفما كانت صفته، وكيفما كان تأثيره، وكيفما كان هدفه. 

ونذكر الأدوية والعقاقير التي هي تحت الحظر الدولي. فمثلا بالنسبة لشخص في حالة حرب ويعاني من الألم ويحتاج إلى أفيونيات مثلا للتخفيف من هذا الألم، كيف يعقل أن هذا الشخص يبقى بدون الولوج لهذه الأفيونيات المحظورة والتي تخضع للمراقبة الدولية؟ 

كيف يعقل أن نوقف مثلا هذه الإصدارات وهذه الكميات من الأدوية أن تصل مثلا إلى مناطق حرب ومناطق أزمات؟ في نظري، هذا حق من حقوق الإنسان، أن أي شخص على وجه الأرض يمكن أن يلجأ إلى أي دواء وخصوصا إلى الأدوية التي معروف أنها ناجعة جدا في التخفيف من الألم.

أخبار الأمم المتحدة: وعلى ذكر هذه النقطة تحديدا، يسلط التقرير كذلك الضوء على الفوارق المستمرة في الحصول على الأدوية الخاضعة للمراقبة الدولية لعلاج الألم. ما هي الملاحظات والتوصيات الرئيسية لتضييق تلك الفجوة؟ 

الدكتور جلال توفيق: هي ليست فقط فجوة، بل فوارق شاسعة. المشكلة الكبيرة إنه في الوقت الذي نرى في بعض البلدان المتقدمة جدا، إفراطا في الاستعمال وخصوصا بالنسبة للأفيونيات مثلا، وتليها تبعات وخيمة من التسممات والموت من هذه التسممات، نرى في الدول النامية نقصا كبيرا جدا للولوج لهذه الأفيونيات. ويعود هذا لعدة أسباب. 

السبب الأول مرتبط بما نسميه المنظور الثقافي للألم ولعلاج الألم، وأيضا المقاربة التي يتم فيها الاعتماد على الأدوية للشخص الذي يحتاج للمساعدة. وأيضا بالنسبة للتكوين المهني. وهناك خوف وتشنج في بعض الأحيان من قبل بعض المهنيين في البلدان النامية لاستعمال هذه المواد، وهي في الحقيقة معروف جدا أنها مقننة في الاستعمال. فهذه مشكلة كبيرة. 

وبالإضافة إلى الأفيونيات، هناك أيضا مشكلة في الحصول على الأدوية المسكنة الأخرى للأمراض العقلية مثلا أو أمراض الإدمان. هناك نقص كبير وحاد في هذه الأدوية في تلك البلدان.

أخبار الأمم المتحدة: بالنسبة للوجه الآخر للمواد الأفيونية، ما هي التدابير والتوصيات لمواجهة التهديد الذي تشكله المؤثرات الأفيونية الاصطناعية قوية المفعول التي تنتشر في العديد من البلدان؟ 

الدكتور جلال توفيق: ليس هناك حل وحيد. الحل هو التعاون الدولي، لأنه هناك بلدان فيها مختبرات غير قانونية وشرعية للإنتاج. هناك تجار مخدرات وشبكات للاتجار في المخدرات عابرة للقارات. هناك طرق كثيرة جدا لإيصال هذه المخدرات، والإنترنت واحد منها لإيصال هذه المخدرات إلى أي شخص في العالم أينما كان.

هناك أيضا إشهار خاطئ لهذه المواد. فيجب أن يكون هناك تعاون بالنسبة لتصحيح المعلومات، والولوج للخبر الصحيح المؤسس على المعطيات العلمية، وجمع المعطيات من الصنع إلى التسويق وإلى التصدير والاستيراد. 

وأيضا استعمال منصات الهيئة للاتصال بين الدول وبين المهنيين للرصد المبكر والتدخل المبكر وكسر هذا الاتجار. فهذا هو الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن نتصدى لهذه الفاجعة الكبرى.