منظور عالمي قصص إنسانية

تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات يركز على دور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي

رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الدكتور جلال توفيق، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة

هناك "زيادة مقلقة" في تقنين استعمال القنب لأغراض غير طبية أو علمية على مستوى العالم.

الدكتور جلال توفيق , رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات

UN News/Khaled Haridy
رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الدكتور جلال توفيق، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة

تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات يركز على دور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي

القانون ومنع الجريمة

قال رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الدكتور جلال توفيق إن التصاعد في استخدام المواد الأفيونية قوية المفعول يشكل ما وصفه بالكارثة.

 

وأفاد دكتور توفيق في حوار مع أخبار الأمم المتحدة بأن تقرير الهيئة لعام 2023 سيركز على موضوع دور الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في القضايا المتصلة باستعمال المخدرات.

كما تحدث توفيق أيضا عن "الزيادة المقلقة" في تقنين استعمال القنب لأغراض غير طبية أو علمية على مستوى العالم. وهي القضية التي بدأنا بالسؤال عنها في حوارنا مع رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الدكتور جلال توفيق.

 

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: كان موضوع تقنين استعمال القنب حاضرا بقوة في كلمتكم أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي في السابع من يونيو/حزيران، كما تحدث التقرير الأخير للهيئة لعام 2022 عن الاستعمال غير الطبي والذي يؤدي إلى زيادة الاستهلاك وخصوصا بين فئة الشباب، فما هي ملاحظاتكم وتوصياتكم في هذا الشأن؟

الدكتور جلال توفيق: مشكلة تقنين القنب الهندي ليست مشكلة الهيئة فقط، ولكنها مشكلة دولية وعلى أجندة كل المؤسسات الدولية. تقنين القنب الهندي لأغراض غير طبية مخالف لمعاهدات 1961. ولكن ما الذي يعنيه تقنين استعمال القنب الهندي لأغراض غير طبية؟ هذا يعني أن هناك موجة قائمة على منظور حقوقي ومنظور اقتصادي أيضا. وهناك أيضا أهداف يمكن تفهمها ومنها التقليل من المتابعات القضائية وما يترتب على ذلك من سجن وأموال باهظة تصرف على هذه المتابعات.

ولكن الخطاب في هذا الشأن موجه لعموم الناس ومنهم الشباب. فعندما يتم التوجه للناس ويقال لهم إن القنب الهندي يمكن استخدامه لأي شخص فوق 18 عاما لأغراض غير طبية وترفيهية، فإن هذا يُفهم من جانب الشباب على أن القنب الهندي ليس له تبعات أو ضرر. ولكن أين تكمن المشكلة هنا؟ المشكلة تكمن في أن سياسات الصحة العامة التي تقنن هذا القنب، تقنن بيع مادة القنب بتركيز قليل جدا في حدود ما بين 6-7% في أغلب تلك الدول. لكن ما يباع في الشارع وما يلجأ إليه الشباب لا علاقة له بالقنب الذي تسمح تلك الدول بالولوج أو الوصول إليه. ولهذا فعندما يشتري هؤلاء الشباب القنب من الشارع، فإنهم يشترون القنب بتركيز أعلى وبنسبة أعلى بكثير من المسموح به.

أخبار الأمم المتحدة: إذا كنا نتحدث عن القانون والتشريعات، يحضرنا أيضا موضوع التمييز (فيما يتعلق بتوفير خدمات الصحة والدعم) ضد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، فما هو السبيل الأمثل لتوفير البيئة المناسبة كي لا يتعرض الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات للتمييز في مختلف المجتمعات؟

الدكتور جلال توفيق: هناك عدة طرق. الطريقة الأولى هي وجوب تغيير التسميات والتعبيرات عندما نتكلم عن الأناس الذين يتعاطون أو لهم مشكلة مع المخدرات. هذه أمور يجب التعامل معها بجدية حتى نغير المفاهيم. ثانيا، التوعية والتحسيس. يجب التعامل بجدية مع تلقين الناس وتحسين مفاهيم الرأي العام بشأن هذه المشكلة على أنها مشكلة صحة، وليست مشكلة سلوكيات منحرفة.

أخبار الأمم المتحدة: نرى أيضا تصاعدا في استخدام مؤثرات أفيونية اصطناعية قوية المفعول ترتبط بعدد متزايد من الوفيات الناجمة عن تعاطي جرعات مفرطة، كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟

الدكتور جلال توفيق: تعد هذه كارثة. كنا لعقود مضت نتكلم عن نجاعة المسكنات والأفيونيات وهذا صحيح. فخطورة هذه المواد في نجاعتها. عندما قمنا بتلميع صورة هذه المواد عبر الإشهار وخصوصا في أمريكا الشمالية في فترة التسعينات. كانت تباع على أنها ناجحة جدا في مقاومة الألم. وكان هذا الأمر صحيحا ولا يزال صحيحا. ولكن الإفراط في وصف هذه المواد أصبح يؤدي لإدمان كبير وأصبح الناس الذين لا يتمكنون من شرائها، يبحثون عنها في الشارع ويشترون من السوق السوداء منتجات مماثلة، ويصاحب هذا تسممات ووفيات ناجمة عن استخدام تلك المواد. للأسف الشديد، هذه المواد قوية الإدمان وتؤدي إلى إدمان شديد يصعب الإقلاع عنه، وفي حالات كثيرة تؤدي إلى الموت. المشكلة الأخرى هي أن هناك عملية خلط لبعض أنواع المخدرات بتلك المخدرات الاصطناعية الإفيونية بما يجعلها أكثر خطورة لأن الشخص الذي يتعاطاها لا يعرف تركيبتها ومدى خطورتها.

أخبار الأمم المتحدة: هذا التطور في المؤثرات الأفيونية الاصطناعية يرافقه تطور آخر في استغلال الإنترنت والمنصات التجارية من قبل تجار المخدرات، ما هي توصياتكم لكيفية التعامل مع هذه الطفرة في الترويج للمخدرات غير المشروعة؟

الدكتور جلال توفيق: لهذا السبب اختارت الهيئة لتقريرها القادم لعام 2023 موضوع استعمال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في الترويج للمخدرات واستعمالها. وهنا نتحدث عن استعمال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي وسلبي. فيمكن استخدام الإنترنت في عمليات التوعية والإرشاد والوقاية أيضا. هذه المشكلة تستدعي منا كمجتمع دولي أن يكون هناك تعاون. فمن الصعب أن تتعامل دولة واحدة أو منطقة واحدة مع هذه المشكلة وتجد لها حلولا بدون التواصل ووجود نوع من التنسيق والتعاون الدولي.

أخبار الأمم المتحدة: إذا انتقلنا إلى نقطة أخرى وهي ضمان الحصول على كميات كافية من المواد الخاضعة للمراقبة الدولية للأغراض الطبية والعلمية، ما هي أبرز الإشكاليات والتحديات على هذا الصعيد؟

الدكتور جلال توفيق: هذا موضوع مهم جدا وهو من أهم الأشياء التي نلح عليها في كل اجتماعاتنا، وهو أن نوازن ما بين الإفراط الموجود في بعض الدول في وصف وسهولة الحصول على هذه المواد والذي يؤدي إلى مشكلة الأفيونيات في أمريكا الشمالية، وقلتها وندرتها في بلدان وأخرى واختلاف نظرة العاملين في القطاع الصحي لهذه المواد على أنها مواد خطيرة. يجب أن يكون هناك توازن ما بين التوعية بخطورة هذه المواد في البلدان التي فيها إفراط في وجود هذه المواد، وتوعية عامل القطاع الصحي في البلدان التي فيها ندرة في وجود هذه المواد، وتوعية وتحسيس صناع القرار السياسي في تلك البلدان لتوفير هذه المواد لما لهذا الأمر من بعد حقوقي.

أخبار الأمم المتحدة: ما هي الإجراءات التي اتخذتها الهيئة من أجل ضمان تنفيذ المعاهدات الدولية لمراقبة المخدرات، وما هي أهم المبادرات الرامية لدعم الحكومات في تطبيق اتفاقيات مراقبة المخدرات واستخدام المواد المخدرة؟

الدكتور جلال توفيق: هناك حوار متواصل ومستمر بين الهيئة وجميع الدول. فمن مهام الهيئة، وجود التواصل المستمر مع الدول للجواب على بعض المشاكل والتفاهم حول بعض المفاهيم وأيضا لتصحيح بعض المفاهيم ولنقل الخبرة ومساعدة تلك البلدان.