منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان تدعو إلى "تجميع المساعدات والقلوب" وتسخير هذه اللحظة من أجل فتح حوار يفضي إلى حل النزاع

ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الدول العربية تزور المتضررين من الزلزال في حلب، سوريا
UNFPA
ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الدول العربية تزور المتضررين من الزلزال في حلب، سوريا

سوريا: المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان تدعو إلى "تجميع المساعدات والقلوب" وتسخير هذه اللحظة من أجل فتح حوار يفضي إلى حل النزاع

المساعدات الإنسانية

زارت السيدة ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، اليوم الثلاثاء، مدينة حلب في سوريا، لدعم ومؤازرة أهل المدينة، خاصة في المناطق الأكثر تضررا من الزلازل الأخيرة.

ومن بين الأماكن التي زارتها اليوم، عيادة منطقة الزبدية التابعة لجمعية تنظيم الأسرة السورية – شريكة الصندوق، بالإضافة إلى ملجأين، أحدهما عبارة عن مدرسة حولها المدرسون والمحافظ والمجتمع المدني إلى أماكن سكنية للنازحين.

وفي حوار خصتنا به السيدة ليلى بعد يومها الطويل، حذرت من الاكتظاظ الشديد الذي تعاني منه هذه الأماكن، الأمر الذي يمكن يزيد من مخاطر الجراثيم والأمراض الرئوية. كما شددت أيضا على ضرورة توفير الحماية الجسدية والنفسية للنساء والفتيات المتضررات من الزلزال.  

وأكدت لنا دعم الصندوق الكامل وتعاطفه مع المتضررين، مشيرة إلى أنه في حال لا تتمكن النساء من الوصول إلى الرعاية الطبية المنقذة للحياة، فإن الصندوق يسارع لتقديم العون.

وأشادت بقرار سوريا بفتح معبري باب السلام والراعي مثنية على كل من ساهم في تحقيق هذه الخطوة الهامة التي أملت في أن تكون بداية "لتجميع المساعدات والقلوب" من أجل "فتح الحوار ما بين كل الأطراف المعنية لحل القضية السورية والنزاع بشكل نهائي لاستقرار البلد والمنطقة".

التفاصيل فيما يلي:

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: السيدة ليلى بكر، المديرة الإقليمية للدول العربية لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان، أهلا بك في هذا الحوار. أنا أعلم أن الوقت متأخر الآن في سوريا. شكرا جزيلا لك. أولا ما الأماكن التي زرتيها اليوم؟ وماذا يمكن أن تقولي لنا عما شاهدتيه بعد أكثر من أسبوع على الزلزال؟

السيدة ليلى بكر: الحقيقة كان الواقع الذي شاهدته أسوأ وأمرّ مما يمكن أن أصفه لك في جملة أو جملتين. فحجم الكارثة تراكم خاصة بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب، من النزوح، من الإرهاق على الناس والموظفين. فالزلزال شعّب وفاقم الآثار على جميع سكان حلب (المنطقة التي زرتها اليوم). والتأثير السلبي ظاهر على أغلبية النساء والأطفال. نحن زرنا أربعة أماكن من ضمنها ملجآن. أحدهما عبارة عن مدرسة محولة - ويعطيهم العافية المدرسين والمحافظ وكل المجتمع المدني الذي يعمل على هذا الموضوع، لقد حولوا الفصول الدراسية إلى أماكن سكنية. في الواقع رغم الجهود العظيمة التي بذِلت خلال الأيام الثمانية الماضية، وجدنا اكتظاظا شديدا: عشرات العائلات موجودة في غرفة واحدة، مما يؤدي إلى تزايد الجراثيم والأوبئة بما في ذلك الربو، والخطورة على الفتيات. للأسف الوضع مزري وهناك حاجة ماسة إلى مساعدة سريعة.

 

أخبار الأمم المتحدة: ذكرت الآن الفتيات، كما نعلم، صندوق الأمم المتحدة للسكان يهتم بشكل خاص بالنساء والفتيات. ما الذي يفعله الصندوق حاليا في الميدان للتخفيف من وطأة هذه الكارثة الإنسانية عليهن؟

 

السيدة ليلى بكر: صندوق الأمم المتحدة للسكان يعمل بالفعل مع كافة شركائه على إيصال المساعدات أولا للناس المتضررين. وهذا يشمل الملاجئ، المساكن، والمستشفيات وكل التجمعات التي يتواجد بها نزوح. طبعا سهولة الوصول إلى هذه الأماكن تترتب على التنسيق مع الحكومة السورية وشركائنا في الأمم المتحدة. ونحن نتواصل يوميا مع هؤلاء الشركاء أولا لإيصال الموارد والمعدات الطبية للجراحة في المستشفيات وخاصة المتعلقة بالولادة الآمنة ومعالجة النساء؛ وثانيا التنسيق والحماية من العنف. لما يكون المكان مكتظا، بما في ذلك المساجد، ويكون كل النازحين موجودين في مكان واحد: ينامون، يأكلون، يشربون كل النهار في غرفة واحدة. فهذا يسبب ضغطا نفسيا، وأحيانا هذا الضغط النفسي بالإضافة للشعور بالغضب والشعور بالحزن يمكن أن يؤدي إلى عنف.

فنحن نحاول أن نخفف الضغط من خلال مداخلاتنا مع الشركاء والرعاية النفسية، والأطباء الموجودين على عين المكان ومعالجة الأمور أولا بأول.  

أخبار الأمم المتحدة: نعم، سيدة ليلى رحب الأمين العام والمنظومة الأممية ككل بقرار الرئيس السوري بشار الأسد بفتح معبري باب السلام والراعي لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. كيف سيؤثر ذلك على سير عمليات الصندوق؟

Tweet URL

السيدة ليلى بكر: أنا أحيي هذا القرار، واليوم وصلت أول مجموعة من الشاحنات وقطعت الحدود ما بين تركيا وشمال غرب سوريا. وصلت وكانت قادرة على الوصول إلى بعض الأماكن في منطقة إدلب بمعدات المعونة، والمعدات الطبية، والأدوية، وإلخ.. وستصل غدا شاحنات من هذا النوع. للأسف أن الصندوق لم يكن جزءا من هذه العملية هذه المرة، ولكن من خلال عملنا، تمكنّا أيضا من الوصول إلى الناس في الشمال الغربي بالمعدات التي كانت موجودة من قبل. فنحن نأمل أن يكتمل هذا المشوار بفتح معابر أخرى لأن معبري باب السلام والراعي، بالإضافة إلى باب الهوى لا تكفي لسهولة الوصول إلى كافة الأماكن المتضررة.

أخبار الأمم المتحدة: لقد سمعنا ورأينا كما رأى الجميع الطفل الرضيع الذي تم إنقاذه مؤخرا في تركيا بعد عدة أيام على الزلزال، وكان بالفعل خبرا سارا. هل من أخبار سارة مماثلة من سوريا؟

السيدة ليلى بكر: لا بد أن يكون هناك أبواب أمل وأخبار سارة في خضم كل هذه المأساة. فاليوم تعرفت على امرأة موجودة في إحدى العيادات التابعة لأحد شركائنا. هي جدّة، جدة صغيرة. ابنتها تضررت من الكارثة. تعاني من كسر في الحوض وفي قدميها، وهي الآن في المستشفى. وابنتها (المصابة) أم لطفل يبلغ من العمر ثمانية أشهر. فرغم المأساة، أي خسارة الأم لبيتها وخسارة الجدة لبيتها وفقدان الزوج، الابنة اليوم في المستشفى وتتعالج بشكل مستمر وهي بحالة مستقرة، والطفل بحالة جيدة ويوجد الآن مع الجدة بالعيادة، وإن شاء الله سيتم لم شملهم بعد ما تخرج الأم من المستشفى.

أخبار الأمم المتحدة: بعد أكثر من أسبوع على الزلزال، هل لديكم الآن صورة أفضل عن حجم الضرر الذي حلّ بسوريا؟

السيدة ليلى بكر: لا أخفي عليك أن حجم الضرر ملموس، ولكن ليس مقيما بشكل مدروس وعلمي. واحتياجات الناس ترتفع باستمرار ونتائج أعمال إنقاذ الناس الذين كانوا تحت المباني المهدمة مازالت في طور العمل. ولكن لدينا أيضا احتياجات ترتفع نتيجة الصدمة التي لم يكونوا يشعرون بها في الأول. أناس كثر أخّروا هذا الشعور لأنهم كانوا مندمجين في عمليات الإنقاذ. كان الأدرنالين وعمليات المساعدة والشعور بالتضامن مع الآخرين – كان هذا الشعور عاليا جدا. بعد ثمانية أيام، الإرهاق والشعور بالمأساة بدأ يظهر على الناس. فلدينا أناس غاضبون، أناس مكتئبون، أناس غير قادرين على الرجوع إلى بيوتهم والتعامل مع أطفالهم. نحن في الصندوق نساعد في هذا الموضوع في كيفية التعامل مع الأطفال وكيفية التعامل مع هذه القضايا وحماية النفس من الأمراض الاجتماعية النفسية، لأننا نشعر أنه من الممكن أن تتفاقم الأضرار إذ لم تكن هناك معالجة سريعة في هذا الجانب.  

أخبار الأمم المتحدة: لقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صباح اليوم بتوقيت نيويورك، نداءً إنسانيا بقيمة 397 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الزلزال في سوريا. ولكن ما الذي يطلبه الصندوق الآن لمساعدة الفئات السكانية التي يعتني بها؟

السيدة ليلى بكر: من الصعب أن نضع رقما مقابل حياة الناس. وكما قلت، ما زالت هناك أضرار في طور الظهور. لكن بالنسبة للمناشدة، فلدينا جزءان: الجزء الذي يغطي المساعدة في تركيا وهذا يشمل حوالي 19 مليونا. أما في كافة أنحاء سوريا فنحن طالبنا بما يقارب الخمسة وعشرين مليون دولار أمريكي.    

أخبار الأمم المتحدة: سيدة ليلى، أترك كلمة أخيرة، ما الرسالة التي توجهينها للشعب السوري وأيضا للمجتمع الدولي في سياق هذه الأزمة الإنسانية؟

 السيدة ليلى بكر: أريد أولا أن أؤكد للشعب السوري أن الأمم المتحدة- وبالتحديد صندوق الأمم المتحدة للسكان يقف بجانبه للمساعدة في هذه اللحظة الصعبة. ونأمل أن تكون لحظة وتمر سريعا وأن تكون بداية الخير على البلد وعلى العالم أجمع.

أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فنحن نطالب بأن نستغل هذه اللحظة لتجميع المساعدات والقلوب ونفتح الحوار ما بين كل الأطراف المعنية لحل القضية السورية والنزاع بشكل نهائي لاستقرار البلد والمنطقة.

شكرا جزيلا.