منظور عالمي قصص إنسانية

المنظري: منظمة الصحة العالمية تمكنت منذ اليوم الأول من الوصول بالمساعدات إلى المتضررين من الزلزال

دكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، يستمع إلى شابة مصابة بسبب الزلزال في اللاذقية، سوريا
WHO
دكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، يستمع إلى شابة مصابة بسبب الزلزال في اللاذقية، سوريا

المنظري: منظمة الصحة العالمية تمكنت منذ اليوم الأول من الوصول بالمساعدات إلى المتضررين من الزلزال

الصحة

توسع منظمة الصحة العالمية نطاق استجابتها في سوريا لتتمكن من دعم الرعاية الطبية للأعداد المتزايدة من المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أسبوع وأدى إلى وفاة وتشريد وإصابة عشرات الآلاف.

الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، الذي زار سوريا مؤخرا، قال إن الزلزال أتى على ما تبقى من النظام الصحي في سوريا. وأضاف أن الاحتياجات هائلة فيما لا تتمكن المستشفيات من توفير الرعاية الضرورية لأن النظام الصحي كان متهالكا حتى قبل الزلزال بسبب الحرب الممتدة لأكثر من 10 سنوات.

في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، تحدث الدكتور المنظري عن محنة السوريين الذي قابلهم سواء من أصيبوا إثر تهدم المباني في ظل عدم توفر الرعاية الضرورية، أو من يعانون من أمراض مزمنة وأصبحوا لا يجدون الحد الأدنى من العلاج. ودعا المسؤول الأممي جميع الأطراف إلى تيسير وصول المساعدات إلى جميع من يحتاجونها في أنحاء سوريا.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: دكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، لقد زرت مؤخرا المناطق المتضررة بالزلزال في سوريا. العالم كله رأي صور الدمار هناك، ولكن ما الذي تود أن تسلط الضوء عليه الضوء بعد ما رأيته هناك بشكل مباشر؟

د. أحمد المنظري: كما هو معروف ومعلوم للجميع، سوريا والشعب السوري بغض النظر عن موقعه الجغرافي عانى كثيرا من جراء الحرب على مدى 12 عاما. هناك ضعف في البنية التحتية. نحن في منظمة الصحة العالمية نتحدث عن القطاع الصحي الذي عانى بشكل كبير جدا من حيث الهشاشة ونقص مختلف الإمكانيات. أتى هذا الزلزال وأكمل على الباقي. خلال الزيارة، التي قمنا بها لسوريا، شهدنا حجم الكارثة الذي يتعدى الوصف أو ما يتصوره الإنسان. هناك بنايات وقعت على رؤوس ساكنيها، هناك أطفال فقدوا أهلهم، رجال ونساء فقدوا زوجاتهم وأزواجهم وأبناءهم، هناك مرضى وجرحى في المستشفيات، ونظام صحي ضعيف لا يتمكن من توفير الخدمات الطبية اللازمة. على سبيل المثال 50% من المؤسسات الصحية في سوريا لا تعمل بسبب الحرب، وأتى هذا الزلزال وقضى على الباقي، فيمكن القول إن الزلزال هو القشة التي قصمت ظهر البعير. نحو 5 ملايين شخص تأثروا جراء الزلزال. وتشير آخر الإحصائيات في حلب على سبيل المثال إلى وجود 200 ألف شخص بلا مأوى. الكثير من الناس لم يتمكنوا من الحصول على الخدمات الصحية، خصوصا المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة. قابلت أشخاصا كبارا في السن كانوا يأخذون أدوية لعلاج السكري والضغط، الآن لا يتمكنون من الحصول عليها.

أخبار الأمم المتحدة: هناك انتقادات بأن المساعدة الدولية قد تأخرت عن سوريا وأنها ليست كافية، ما تعليقك بالنسبة لاستجابة منظمة الصحة العالمية؟

د. أحمد المنظري: أنا أتكلم من منظور منظمة الصحة العالمية، ولكن الحق يقال الكلام ينطبق على الوكالات الأممية الأخرى. تمكنا في منظمة الصحة العالمية منذ اليوم الأول من الوصول إلى المناطق التي تضررت لأن لدينا فريقا في حلب وفريقا في اللاذقية وفي المناطق الأخرى والمناطق الواقعة شمال سوريا غير الخاضعة لسيطرة الحكومة كذلك لدينا منظمات غير حكومية دولية ووطنية، كنا قد تعاقدنا معها للوصول إلى تلك المناطق. لذلك تمكنا من إيصال المستلزمات الطبية بجميع أنواعها وتقديم التدريب الكافي واللازم للمؤسسات الصحية والعاملين بها ودعمهم بالإمدادات اللازمة. على سبيل المثال مع وصول المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إلى سوريا، تم تسليم ما يقارب 37 طنا متريا من المساعدات الطبية. خلال الأيام الحالية سيصل 37 طنا آخر لمدينة حلب. هناك شحنات وصلت إلى غازي عنتاب في تركيا لإيصالها إلى الجانب الآخر من المناطق الشمالية في سوريا. ولكن الاحتياج كبير جدا، وأحيانا يكون الوصول إلى هذه المناطق صعبا بسبب تقطع الطرق. ولكنني أناشد الجميع تسهيل وصولنا إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها لأسباب مختلفة.

أخبار الأمم المتحدة: ما أكثر الاحتياجات إلحاحا في الوقت الحالي في سوريا وأكبر التحديات التي تواجهها المنظمة في استجابتها؟

د. أحمد المنظري: الاحتياجات تتمثل في ضرورة وجود كادر صحي في أرض الميدان والمستشفيات. زرت خلال الأيام الماضية مستشفيات في حلب واللاذقية تنقصها على سبيل المثال الأشعة المقطعية وأشعة الرنين المغناطيسي، وإن وجدت فهي معدات قديمة قد تعود لتسعينيات القرن الماضي أو إلى عام 2006. فإذا كانت هذه المعدات ما زالت تعمل، فهي تعمل بجودة وكفاءة ضعيفة جدا. أتى الزلزال وأكمل على الباقي وتهشمت هذه الأجهزة. هناك مستشفيات لديها مرضى يعانون من كسور ويحتاجون لعمليات جراحية وبالطبع هم بحاجة إلى إجراء أشعة مقطعية قبل إجراء العمليات، ولكن للأسف الأجهزة المتحركة للأشعة غير متوفرة فيتعين نقل المرضى إلى مستشفى آخر وبالتالي يتعرضون للإصابات أثناء النقل.

أخبار الأمم المتحدة: وما خطة منظمة الصحة العالمية لتوفير هذه الاحتياجات الفورية لرعاية المصابين بسبب الزلزال؟

د. أحمد المنظري: تمكنا من توصيل شحنات الإمدادات وسيصل المزيد، وفي نفس الوقت تواصلنا مع عدد من الداعمين والممولين لشراء أجهزة ومعدات يحتاج إليها النظام الصحي حاليا ومستقبلا ليتمكن من توفير الرعاية للمصابين الآن وعلى المدى الأبعد لأن الإصابات قد تتطلب متابعة طبية تصل إلى عام أو أكثر. بدأنا في التشاور مع الداعمين والمانحين، ولله الحمد بدأت بوادر الخير تظهر.

أخبار الأمم المتحدة: قبل الزلزال كانت الاحتياجات هائلة في المناطق المتضررة في سوريا، ما تأثير كارثة الزلزال على الرعاية الصحية الضرورية والدعم المنقذ للحياة الذي يحتاجه السكان مثل التحصينات على سبيل المثال؟

د. أحمد المنظري: الزلزال أتى على ما تبقى من النظام الصحي في سوريا، إن صح التعبير الزلزال كان القشة التي قصمت ظهر البعير. هناك نقص في الكادر البشري والأجهزة والمعدات. هناك مرضى لا يستطيعون الحصول على أدوية علاج الأمراض المزمنة حتى قبل الزلزال. قابلت شخصيا مرضى لجأوا لي لتوفير أدوية الضغط، وتواصلت بهذا الشأن مع المستشفيات ومحافظ حلب وكانت استجابتهم سريعة من أجل توفير هذا الدواء. هناك رجل كبير في السن ذكر لي أن نصف راتبه الشهري يُنفق على شراء أدوية الضغط والسكري له ولزوجته. في إحدى الكنائس التي تؤوي المتضررين من الزلزال في حلب، التقينا امرأة قالت لي إنها مريضة بالسرطان وتعاني من نقص الأدوية بالإضافة إلى معانتها من كارثة الزلزال. هذه أمثلة على احتياجات أهلنا في سوريا، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة كما يقال أو في الشمال السوري الخارج عن سيطرة الحكومة.

أخبار الأمم المتحدة: ما الرسالة التي تود توجيهها إلى الشعب السوري الذي يشعر الكثيرون منه أن المساعدة الدولية ليست كافية حتى الآن؟

د. أحمد المنظري: رسالتي للشعب السوري تتمثل في القول إننا جميعا في المنظمات الأممية والعاملين في هذه المنظمات معكم جنبا إلى جنب. نشعر بما تعانون به سابقا والآن، ونؤكد لكم أننا ملتزمون بتقديم كل أنواع الدعم بكامل طاقتنا حتى نتمكن من تخفيف المعاناة التي مررتم بها سابقا ومع هذا الزلزال. لقد شاهدنا تحلي الشعب السوري بالصبر والإيمان، ونطلب منهم أن يستمروا بهذه الروح والمعنويات العالية. رسالتي كذلك لأخوتي العاملين في القطاع الصحي أن يستمروا في الحفاظ على مستواهم الراقي والقوي في التعامل مع الكارثة وتقديم الخدمة الصحية للمصابين وتقديم الدعم المعنوي للذين فقدوا أحباءهم في هذه الكارثة. هذا جزء من الرسائل التي أود إيصالها للأهل في سوريا. خلال زيارتي التي استمرت خمسة أيام، منهم يومان مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تمكنا من الحديث والتواصل مع الجميع وتمكنا من بث الكثير من الرسائل سواء لأهلنا في سوريا أو الداعمين والممولين أو المجتمع الدولي لدعم جميع المحتاجين إلى المساعدات.