الباحثة في مجال علم النفس، والحائزة على جائزة أممية، أريج يحيى، تشرح لنا في هذا الحوار السّمات الشخصية التي توسّع الفجوات بين الجنسين

أريج يحيى، شابة لبنانية تعيش في دولة قطر منذ 9 سنوات. هي طالبة دراسات عليا في قسم علم النفس بجامعة وارويك، وتركز أبحاثها على فهم السمات الشخصية التي توسع الفجوة بين الجنسين.
أريج حصلت مؤخرا على "جائزة لوريال-اليونسكو للمرأة في العلوم 2021" للمواهب الشابة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن بحثها الذي يتناول تحديد العوامل التي تدفع إلى اتساع الفجوة بين الجنسين في سمات الشخصية من أجل تقييم أكبر للسياسات الجنسانية الحالية والمستقبلية.
وقد استلمت الجائزة هذا العام في إكسبو 2020 دبي، خلال حفل كبير استضافته مؤسسة لوريال واليونسكو إحياء للاكتشافات والإنجازات الرائعة التي حققتها النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في جميع أنحاء المنطقة.
إلى جانب دراستها للحصول على درجة الدكتوراه، أريج عضوة في هيئة التدريس بجامعة قطر. تدرس السنة الأولى في علم النفس حيث تساعد الطلاب على تطوير التفكير النقدي وإدارة الوقت وتقنيات البحث الأساسية ومجموعة واسعة من المهارات الأخرى الحيوية للنجاح في الجامعة.
وبالإضافة إلى هذا كله، فهي أم لطفلتين، نايا مكارم 6 سنوات، وهيا مكارم 3 سنوات.
أخبار الأمم المتحدة اتصلت بأريج للحديث عن الجائزة الأممية التي حصدتها؛ ولكن أيضا عن تفاصيل بحثها؛ والنهج الذي تتبعه لسبر أغوار سمات الشخصية؛ والنصائح التي تسديها للشابات من جيلها لكي يثابرن على العمل ويحققن طموحاتهن.
أريج يحيى: أعتبر هذه الجائزة محطة أساسية في مسيرتي العلمية. كنت سعيدة جداً عند حصولي على الجائزة. فعلى الصعيد الشخصي أعتبرها تأكيدا على أهمية الأعمال والأبحاث التي أنجزتها حتى هذا اليوم، وبالنسبة لي هي بمثابة اعتراف بصفتي امرأة باحثة في مجال علم النفس وبمنطقة الشرق الأوسط.
طبعا على الصعيد المهني، تساعدني الجائزة على بناء علاقات مهنية وإقليمية وحتى دولية، منذ تاريخ فوزي وحتى اليوم تواصل معي أشخاص عديدون من الجهات غير الأكاديمية ليتعرفوا على البحث الذي أقوم به. وهنا يأتي دور الجائزة بالنسبة لي، فأنا أعتبرها بوابة تواصل بيني وبين المجتمع، فهي تعرف المجتمع على البحوث العلمية وعلى دور العلوم في توضيح شخصية الإنسان ضمن المجتمعات ودور التطور في التأثير على الإنسان.
أريج يحيى: من المعروف أن هناك فروقاً بين الإناث والذكور في السمات الشخصية وتأكد هذا عبر الأبحاث والثقافات المختلفة. وبديهياً أن نتوقع أن الفروق بين الجنسين في السمات الشخصية ستكون أقل في الثقافات الأكثر نموا وتطورا. ولكن نتائج الدراسات التي توصلنا إليها في الماضي تؤكد عكس ذلك تماما، فالفروق في السمات الشخصية بين الرجال والنساء في المناطق الأكثر نموا نلاحظ أنها أكبر، وهذه الظاهرة غير بديهية. فمن المهم بالنسبة لنا دراسة هذه الظاهرة لأنها تساعد على تحديد دور البيئة في تكوين الشخصية.
أريج يحيى: بالتعاون مع زملاء من دول عديدة منها مثلا ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا بتجميع البيانات من دولة قطر، نحاول فهم العوامل التي تسببت بهذه الفروق في السمات الشخصية من خلال المقارنة بين الجنسين في السمات الشخصية بين الدول النامية والدول الأقل نموا، أيضا نشاهد فروقات حيث نقوم بمقارنة هذه الفروقات في الدول التي فيها اختلافات في المساواة بين الإناث والذكور.
على صعيد آخر، نلاحظ أنه في بعض الدول هناك اختلافات في النمو الاقتصادي ضمن الدولة المعينة، أي أن هناك مناطق فيها نمو أكثر من مناطق أخرى. فحاليا نقوم بمقارنة السمات الشخصية بين الإناث والذكور ضمن هذه الدولة، ونرى إنْ كان هناك نفس الفجوة التي نلاحظها في الدول المتطورة ضمن الدولة، ومن خلال هذه المقارنات نحاول أن نرى إنْ كان عامل النمو الاقتصادي فقط أو عامل المساواة بين الجنسين هو السبب الذي يدفع الاختلافات في السمات الشخصية بين الإناث والذكور.
أريج يحيى: حول العالم نلاحظ أن النساء يشعرن بقلق وتوتر أكبر من الرجال، وهذا ما نلاحظه بالنقاط الأعلى التي تحصل عليها المرأة في السمات العصبية ونلاحظ أيضا أن النساء أكثر مراعاة للآخرين ويفضلن عدم التحدث عن انجازاتهن مقارنة بالرجال، فالمرأة تحصل على درجات أعلى في "المرغوبية الاجتماعية".
أريج يحيى: في المناطق الأكثر تطورا فمثلا في سويسرا وفرنسا والنمسا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا-هذه بعض الأمثلة- والسبب هو عامل نمو الإنسان (HDI Human Development Index). فنرى أن الإناث والذكور أكثر اختلافا في السمات الشخصية مقارنة مع الدول الأقل نموا مثل الهند وجنوب أفريقيا ولبنان، الأردن. السبب غير واضح، فهناك نظريات حول الأسباب، ولكن الدليل العلمي الذي يشرح هذا السبب لزيادة هذه الفجوة غير مذكور حتى الآن. وبطبيعة الحال فإن الأبحاث التي نقوم بها تساعد في معرفة أو تأكيد أو نفي النظريات الحالية الموجودة في علم النفس.
أريج يحيى: طموحي طبعا إتمام كافة الأبحاث العلمية في مجال علم النفس. هذا المجال مهم جدا كونه يدرس سلوك الأفراد في المجتمع وطبعاً هناك الكثير من الظواهر غير المفهومة حتى الآن، أتمنى طبعا أن يزيد الدعم في هذا المجال وبشكل خاص في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط. أطمح لأن يكون لي دور في المساهمة بزيادة المعرفة التي تساهم في دعم تطور المجتمعات بطريقة متوازنة، وحماية الأشخاص من خلال دعم الصحة النفسية للأفراد في مجتمعنا.
أريج يحيى: الذي جعلني أجازف وأتابع وأستمر في تعلمي وأن أقوم بالأبحاث هي قناعتي بأهمية الأبحاث وتأثيرها على حياتنا اليومية. إذا كانت المرأة اليوم تطمح إلى مستقبل أفضل لأطفالها ولنفسها ولمجتمعها ولديها شغف في العلوم، فالدور الذي ستقدمه في البحث العلمي سيحدث فرقا في المجتمع على المدى الطويل.
من هذا المنطلق يجب على كل امرأة أن تتحدى الصعوبات لأن نجاحها يعني تطور المجتمع وتقدمه. نتحدى الصعوبات من خلال الاعتماد على عقلية متطورة حيث نعتبر أن كل تحدي هو درس بالنسبة لنا لتنمية مهاراتنا ويفتح طرق أفضل لنصل إلى نجاحاتنا في المجالات العلمية المختلفة.
أريج يحيى: شكرا على الاستضافة.