منظور عالمي قصص إنسانية

مهندسة مصرية تفوز بجائزة عالمية مرموقة لدورها في معالجة مياه الصرف الزراعي

المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة
Sarah Abdelkader
المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة

مهندسة مصرية تفوز بجائزة عالمية مرموقة لدورها في معالجة مياه الصرف الزراعي

المرأة

كثيرة هي القضايا والمشكلات التي تواجه مجتمعاتنا، ولكن هل لدينا ما يكفي من المبادرات والعقول التي تبتكر حلولا إبداعية للمشكلات الملحة التي تواجهنا بشكل يومي؟ للإجابة عن هذا السؤال تعالوا معنا نأخذكم في رحلة نتعرف خلالها على واحدة من هذه العقول الخلاقة التي انتهجت ابتكار الحلول كطريقة حياة.

إنها المهندسة المصرية سارة عبد القادر، التي فازت مؤخرا بجائزة برنامج "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم 2021 للمواهب الشابة".

أخبار الأمم المتحدة أجرت حوارا مع المهندسة سارة التي تؤمن بأن الهندسة هي المفتاح السحري لإيجاد الحلول التي تفيد البشرية.

لنتعرف أولا من هي سارة عبد القادر؟

أنا سارة عبد القادر، أخصائية بيئية. تخرجت في الجامعة الأمريكية في الشارقة وحصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية. بعد ذلك عدت إلى مصر والتحقت ببرنامج الهندسة البيئية في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وحصلت على درجة الماجستير في عام 2020.

شاركتُ في عدد من الأبحاث المتعلقة بالمياه ومعالجتها وإدارتها. والآن أنا طالبة دكتوراة في معهد الصحة العالمية وعلم البيئة البشرية في الجامعة الأمريكية في القاهرة.

Soundcloud

 

لننتقل الآن إلى التكريم! أنت حصلت على جائزة لوريال-يونسكو نظير البحث الذي قمت بإعداده وهو بعنوان: "طرق المعالجة المستدامة في الموقع لمعالجة مياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها في الري."  حدثينا قليلا عن هذا البحث وما الذي دفعك لإجرائه؟

لكي نعرف أهمية البحث لابد من الإشارة إلى أنه في مصر يتم إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي في الري بشكل روتيني، ولكن على نطاق ضيق يبلغ حوالي 4 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي.

لدى الحكومة خطة طموحة تهدف إلى الوصول إلى 8 مليارات متر مكعب.

مشكلة الصرف الزراعي أنه في بعض الأماكن- وخاصة المناطق النائية في الريف المصري والتي لا يتوفر بها نظام صرف صحي جيد ولا توجد بها محطات لمعالجة مياه الصرف الصناعي- تكون مياه الصرف الزراعي ملوثة بمياه الصرف الصحي. وفي هذه الحالة تكون مياه الصرف الزراعي بحاجة إلى معالجة أكثر تقدما لكي نتمكن من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي.

تقوم فكرة البحث على تصنيع أو تصميم وحدة معالجة مكونة من مواد قليلة التكلفة ومن المخلفات الزراعية الصلبة. يمكن وضع هذه الوحدة في المصرف بحيث يتمكن العامل أو المزارع من أخذ المياه منها مباشرة بعد معالجتها.

ويفترض أن تكون هذه الوحدة قابلة للحركة، بحيث تتمكن الوحدة الواحدة من خدمة عدد من الأراضي الزراعية من خلال جدول زمني مناسب.

نقوم حاليا بإعداد خريطة للمصارف في مصر لمعرفة نسبة التلوث في كل مصرف حتى نتمكن من تجميع المصارف الموجودة لمعرفة أكثرها تلوثا.

 كيف تم اختيارك للمشاركة في برنامج "لوريال-يونسكو للمرأة في العلوم 2021 للمواهب الشابة"؟

تفتح لوريال اليونسكو باب التقديم لمنحتها في نيسان/أبريل من كل عام. في ذلك الوقت كنت قد بدأت لتوي برنامج الدكتوراة. كنت مهتمة جدا بهذا البحث وكنت أرغب في تطبيقه لكنني كنت بحاجة إلى الدعم.

بعد فترة تلقيت خبرا من لوريال يفيد باختياري من ضمن ثلاث باحثات مصريات.

المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة
Sarah Abdelkader
المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة

 

هذا التكريم ليس الأول بالنسبة لك فقد فزت من قبل بجوائز أخرى ومن بينها جائزة متعلقة بالابتكار في البحرين. حدثينا عن ذلك؟

كانت مسابقة نظمها برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع منظمة اليونيدو بالنسبة للأفكار الابتكارية التي يمكن أن تصبح نواة لمشاريع صغيرة أو شركات ناشئة.

تقدمت مع مجموعة من الزملاء. وكانت الفكرة عبارة عن تطوير ألواح مصنوعة من البلاستيك والخشب مع بعض، بحيث تكون هذه الألواح شفافة تسمح بدخول الضوء حتى نتمكن من الحفاظ على خصائص الخشب في حفظ الحرارة وفي نفس الوقت السماح بدخول الضوء. كنا قد صنعناها بغرض الاستخدام في الصُوب الزراعية كبديل للزجاج والبلاستيك.

تسمح لنا هذه الألواح بالحفاظ على الحرارة داخل الصوبة الزراعية وبالتالي نتمكن من تخفيض الطاقة المهدرة بسبب التبريد او التدفئة، وكذلك يمكننا من توفير المياه المستخدمة في التبريد لأن في الصُوب الزراعية المتقدمة يتم استخدام المياه كمبرد.

وجد البحث استحسانا من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولذلك حصلنا على المركز الثاني في المسابقة، وهذه من ضمن الأشياء التي أفتخر بالمشاركة فيها لأنها كانت فكرة ثورية بالنسبة لنا.

مجال الهندسة يوصف من قبل البعض بأنه مجال يهيمن عليه الرجال. عندما قررت دراسة الهندسة هل كان لديك أي دافع لدحض هذا الاعتقاد؟

لم يكن دخولي إلى مجال الهندسة بدافع دحض أي فكرة بأن الرجال يهيمنون عليه. دخلت المجال لأنني كنت أعلم أنني سأبدع فيه.

اخترت الهندسة لعلمي أنه المجال الذي يمكنني من خلاله مساعدة المجتمع وتقديم الحلول.

كان يمثل بالنسبة لي مفتاحا سحريا لإيجاد حلول تفيد البشرية. وهذه هي الفكرة التي يجب أن تكون في بال أي بنت عند دخول أي مجال. البنت ليست بحاجة لإثبات أي شيء لأي شخص.

لأن فكرة الاهتمام بإثبات عدم صحة نظرية- هي في الأصل لا أساس لها من الصحة- هي بالنسبة لي إهدار لموارد ومجهود الشخص.

المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة
Sarah Abdelkader
المهندسة سارة عبد القادر، أخصائية بيئية من مصر. فازت مؤخرا بجائزة

 

ماذا تقولين للفتيات اللواتي يرغبن في دراسة الهندسة؟

أقول لهن إن هذا المجال يحتاج إلى الشغف، والحب، والإتقان، والالتزام. والبنات لديهن هذه الصفات. تبلغ نسبة الفتيات اللواتي يتخرجن من كليات العلوم والهندسة في مصر حوالي 48 في المائة.

معروف دائما أن النبات هن أكثر التزاما بالجامعات والدراسة. ولا ينقصهن شيء سوى أن يرغبن في أي مجال يودين الالتحاق به. ليس عليهن أن يدخلن أي مجال لمجرد أنهن يردن أن يثبت أي شيء لأي شخص.

لدى البنات الكثير من الطاقة، ولكن هذه الطاقة إما أنها مهدرة بسبب بعض القيود المجتمعية، أو القيود التي تفرضها الفتيات على أنفسهن، ويتعقدن أنهن غير قادرات، طبعا يعود هذا إلى موروث ثقافي أو تربوي.

العمل البحثي هو عبارة عن مجموعة من الخبرات التي نحصل عليها من النجاح ومن الفشل على حد سواء

أنا مقتنعة بأن القيود الخارجية ليست أقوى من القيود الداخلية، لأن القيود الخارجية يستطيع أي شخص التغلب عليها، وبالتالي فالمشكلة هي في القيود الداخلية.

نصيحتي لأي بنت هي عدم الاستسلام للقيود الداخلية، كأن تعتقد إحداهن بأن مجال الهندسة صعب، وأن الرياضيات معقدة وتسبب "وجع دماغ."

هذه الأفكار هي أفكار مقيدة أكثر من كونها حقيقية.

هل من كلمة أخيرة؟

لو كان لي من كلمة أخيرة فإنني أوجهها لكل باحث سواء كان ذكر أو أنثى، وهي أن العمل البحثي هو عبارة عن مجموعة من الخبرات التي نحصل عليها من النجاح ومن الفشل على حد سواء. على الباحثة أو الباحث عدم الاستسلام للفشل أو الاغترار بالنجاح.

سارة عبد القادر، مهندسة مصرية فائزة بجائزة برنامج
Sarah Abdelkader
سارة عبد القادر، مهندسة مصرية فائزة بجائزة برنامج