منظور عالمي قصص إنسانية

حوار: افتتاح مركز أممي في الدوحة لمكافحة الإرهاب والتطرف بدراسة السلوك والحلول المتطورة

الحوار الاستراتيجي الثالث بين دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
أرشيف: البعثة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة
الحوار الاستراتيجي الثالث بين دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

حوار: افتتاح مركز أممي في الدوحة لمكافحة الإرهاب والتطرف بدراسة السلوك والحلول المتطورة

القانون ومنع الجريمة

افتتح مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب "المركزَ الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب" في العاصمة القطرية الدوحة، الذي يركز على الحلول المتطورة والمبتكرة والقائمة على الأدلة، كما سيساعد على فهم لماذا وكيف يجنح البعض إلى العنف وكيفية التدخل بشكل أكثر فاعلية لوقف عملية التطرف.

وفي فعالية في السابع من كانون الأول/ديسمبر قال فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، إن هذا اليوم يمثل علامة بارزة في الشراكة الاستراتيجية بين المكتب ودولة قطر.

المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، قالت في حوار مع أخبار الأمم المتحدة إن المركز الدولي يسعى لإدماج مفهوم الرؤى السلوكية في مكافحة الإرهاب عبر طرق عديدة من بينها البحث في كيفية التدخل بشكل أكثر فاعلية لوقف عملية التطرف.

إذ تبيّن الأبحاث وجود بعض الدوافع المتكررة التي تؤدي، بمعزل عن عوامل أخرى أو باقتران معها، إلى التشدد والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب. 

وبمناسبة تدشين المركز أجرينا هذا الحوار مع الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة.

أخبار الأمم المتحدة: ما أبرز المهمات التي سيركز عليها المركز الدولي للرؤى السلوكية؟

الشيخة علياء آل ثاني: إن الرؤى السلوكية مجال معرفي آخذ بالتطور، يبحث سلوك الناس وكيف يفكرون ويتصرفون ويتخذون القرارات، ويسعى لفهم ما يؤثر على ذلك. وهو يستند إلى عدة تخصصات كعلم النفس والاقتصاد السلوكي والعلوم الاجتماعية. بالتالي يمكن الاستفادة منه في تحسين فعالية السياسات والبرامج، ويسعى مركز الدوحة لإدماج مفهوم الرؤى السلوكية في مكافحة الإرهاب من خلال مهام تشمل: القيام بالأبحاث في مجال الرؤى السلوكية؛ بناء قدرات الدول والمنظمات والمجتمع المدني لإدماج الرؤى السلوكية في مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والشراكات بهذا الصدد.

أخبار الأمم المتحدة: ما المطلوب حتى ينجح المركز الدولي في أداء مهامه بنجاعة وفعالية؟

الشيخة علياء آل ثاني: منذ أن كان المركز مجرد فكرة، سعت دولة قطر للتحضير الجيد لإنشائه وتفعيله ليحقق الغايات التي أنشئ من أجلها. ومن ثم جرى التنسيق الوثيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لذلك الغرض، حيث إن المركز الدولي للرؤى السلوكية لمكافحة الإرهاب يُعتبر مكتب برامج يتبع لمكتب مكافحة الإرهاب.

وقد قررت دولة قطر تقديم مساهمة إضافية تبلغ 5 ملايين دولار لإنشاء المركز الدولي وتنفيذ برامجه لمدة ثلاثة أعوام. كما ستستضيف مقر المركز في بيت الأمم المتحدة الذي يجري العمل على افتتاحه في الدوحة. والهدف من ذلك توفير الموارد اللازمة للمركز لكي يتمكن من أداء مهامه على أكمل وجه.

بما أن مهام المركز الدولي تنطوي على الأبحاث، فإن التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات مع المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بمجال الرؤى السلوكية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف سيساهم في تحقيق المركز لغاياته. وأود التنويه بأنه يوجد في دولة قطر مؤسسات بحثية رائدة في مختلف المجالات بما في ذلك مجال الرؤى السلوكية.

متطرفون ومجرمون استغلوا الجائحة للحصول على دعم وتقويض الثقة في الحكومات.
Unsplash/Markus Spiske
متطرفون ومجرمون استغلوا الجائحة للحصول على دعم وتقويض الثقة في الحكومات., by Unsplash/Markus Spiske

أخبار الأمم المتحدة: ما أهمية إنشاء هذه البرامج بالنسبة لقطر وللمنطقة؟

الشيخة علياء آل ثاني: حاليا تستضيف الدوحة مراكز ومكاتب عديدة تابعة لهيئات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، ويجري العمل على افتتاح غيرها. من صميم عمل هذه المراكز هو التعاون والتنسيق الإقليميان والدوليان، وخدمة الدول، بما فيها دول المنطقة، عبر تيسير تبادل الخبرات وأفضل الممارسات وبناء القدرات. وتأتي مبادرة قطر باستضافة هذا المركز إدراكا منها بضرورة العمل الجماعي المشترك في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتطرف، وأهمية دور الأمم المتحدة لتنسيق العمل متعدد الأطراف، وكذلك بالنظر إلى ما توفره الدوحة من بيئة علمية وعملية تعد حاضنة ملائمة لمثل هذه المراكز الدولية.

أخبار الأمم المتحدة: كيف ترين دور التعددية في هذا المجال بقيادة مكتب مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف؟

الشيخة علياء آل ثاني: إن مكافحة الإرهاب من أكثر المسائل التي تتطلب التعددية والتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات على المستوى الدولي، وبالتالي فإن الأمم المتحدة تقوم بدور محوري في هذا المجال. وعندما أنشئ مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، كان الدور التنسيقي أساسيا في الولاية المنوطة به، حيث يقوم بتنسيق وقيادة جهود الأمم المتحدة في تنفيذ الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب.

ومباشرة بعد إنشاء المكتب، سعت دولة قطر إلى دعمه لأداء ولايته، وحاليا هي تتصدر الدول المساهمة لصالح مبادراته الاستراتيجية، حيث وقعت في كانون الأول/ديسمبر 2018 اتفاق مساهمة بمبلغ 75 مليون دولار، على مدى خمسة أعوام لصالح المكتب، بالإضافة إلى الشراكة بين الجانبين في عدد من المبادرات والبرامج التي تستفيد من الخبرات والقدرات المتوفرة في دولة قطر. وتأتي هذه الممارسات ترجمة لتوجهات وسياسة دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو أمير دولة قطر نحو تعزيز العلاقات مع الأمم المتحدة والشراكة الفاعلة في جهود مكافحة الإرهاب.

أخبار الأمم المتحدة: الإرهاب والتطرف قد يكونان من الصور النمطية المرتبطة بالبعض دون ذنب، كيف يمكن لمثل هذه البرامج أيضا أن تحارب تلك الصور النمطية؟

الشيخة علياء آل ثاني: بالنسبة للتشدد والتطرف العنيف، هناك عوامل لها جذور سلوكية وتتطلب أدوات سلوكية مثل التعليم وإعادة التأهيل وتمكين الشباب وتنمية المهارات والمشاركة المجتمعية والمساواة بين الجنسين. ولا شك أن الفهم الأعمق للعوامل المؤدية إلى الإرهاب والتطرف العنيف يساهم في تبديد الصور النمطية وبالتالي يساهم في توجيه الطاقات في الاتجاه الصحيح للتصدي الفعّال لتلك الآفة.

أخبار الأمم المتحدة: عقدت دولة قطر في وقت سابق من هذا الشهر حوارها الاستراتيجي الثالث مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. ما أهم مخرجات الحوار؟

الشيخة علياء آل ثاني: كانت دولة قطر أول دولة يقوم المكتب بعقد حوار استراتيجي رفيع المستوى معها، وذلك في آذار/مارس 2009، وقد شهد اجتماع الحوار الثالث الذي عُقد في 9 كانون الأول/ديسمبر الجاري مشاركة شخصيات رفيعة من دولة قطر والأمم المتحدة، بمن فيهم ممثلو الجهات الأممية الأعضاء بالاتفاق العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة وتحالف الأمم المتحدة للحضارات والمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب.

واستعرض الحوار التقدم المحرز في التعاون بين الجانبين، وتنفيذ اتفاق المساهمة وتنفيذ البرامج التي تمولها دولة قطر. وجدير بالذكر أنه على الرغم من الصعوبات بسبب جائحة كـوفيد-19، حققت تلك البرامج هذا العام إنجازات ملموسة، منها على سبيل المثال في مجال بناء القدرات كبرنامج منع سفر الإرهابيين الذي شهد إقبالا كبيرا من مختلف الدول وهو آخذ بالتوسع.

وكذلك استعرض الحوار التخطيط للأولويات الاستراتيجية للعام المقبل، وفرص تعميق التعاون وتوسيع البرامج القائمة، والقيام بمبادرات جديدة مثل البرنامج العالمي المعني بمكافحة التهديدات الإرهابية ضد الأهداف المعرّضة للخطر.