منظور عالمي قصص إنسانية

نائبة المبعوث الخاص: سوريا في أزمة خطيرة، ويجب الإصغاء إلى أصوات السوريين

شخصان يسيران وسط أنقاض قرية البارة التي تعرضت لقصف في غرب سوريا.
© UNOCHA/Ali Haj Suleiman
شخصان يسيران وسط أنقاض قرية البارة التي تعرضت لقصف في غرب سوريا.

نائبة المبعوث الخاص: سوريا في أزمة خطيرة، ويجب الإصغاء إلى أصوات السوريين

السلم والأمن

قالت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي إن سوريا في أزمة خطيرة ولا يمكن معالجة أي من مشاكلها العديدة، بشكل مستدام، دون حل سياسي. وفي إحاطتها أمام اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا، اليوم الثلاثاء، أكدت رشدي أنه "لا ينبغي سماع أصوات السوريين في الداخل والخارج فحسب، بل يجب الإصغاء إليها أيضا".

ونبهت  المسؤولة الأممية إلى أن العديد من السوريين يعيشون في مناخ من الخوف بسبب الوضع الأمني الذي لا يزال متوترا وعنيفا. وقالت إن السوريين ربما يختلفون في كثير من الأمور، "لكنهم متحدون بحبهم لبلادهم، وبشعور مشترك بأن السوريين أنفسهم يجب أن يقرروا مستقبلهم، وبإدراك عملي بأن التسوية ضرورة أخلاقية وسياسية".

وأكدت أن السوريين يتفقون كذلك على الحاجة الملحة للحفاظ على سيادة بلادهم ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها واستعادتها، خاصة وأن الانقسامات راسخة وتواجه سوريا خطر الانجراف إلى الانقسام.

وأكدت رشدي أن السوريين يتقاسمون أولويات ملموسة وفورية أيضا، بما في ذلك الحاجة إلى حماية المدنيين والمساحة المدنية والمجتمع المدني، ومعالجة ملف المعتقلين، وتعزيز الظروف للعودة الآمنة والكريمة والطوعية، وتوفير فرص التعليم للأطفال والشباب، والحد من اقتصاديات الحرب وتعزيز الاقتصاد الشامل.

قضية اللاجئين

وتطرقت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى عدد من القضايا بما فيها النازحون واللاجئون السوريون، قائلة "يتعين علينا أن ندرك حجم وخطورة محنة البلدان المضيفة في المنطقة وأن ندعمها، مع التأكيد أيضا على الحاجة إلى حماية السوريين ووقف الخطابات والإجراءات المناهضة للاجئين".

ودعت كذلك إلى مضاعفة الجهود لمساعدة الراغبين في العودة، مضيفة "نحن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لإيجاد حل مستدام. وهذا يعني معالجة القضايا التي تمنع العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين". وأشارت أيضا إلى الظروف الخطيرة التي تواجه النساء السوريات، حيث تبلغ الناشطات عن المزيد من التهديدات لأمنهن الشخصي، فضلا عن تزايد معدلات العنف ضد النساء والفتيات بشكل هائل.

وعن ملف المفقودين والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري في سوريا، قالت رشدي إن حجم هذا الملف "يذكرنا بأن أي حل سياسي مستدام لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام دون إشراك جميع الأطراف الفاعلة في الصراع للبدء في معالجة هذه المأساة بشكل جوهري. ولا يمكن تحقيق مصالحة دائمة دون معالجة الحزن المجمد لأسر المفقودين".

وأعربت كذلك عن القلق إزاء الظروف اللاإنسانية وانعدام الأمن الخطير والعنف المستمر في مخيم الهول وأماكن الاحتجاز الأخرى في شمال شرق سوريا، مما يؤثر في المقام الأول على آلاف النساء والأطفال.

إشراك الشعب السوري

وقالت المسؤولة الأممية إنه لا يمكن معالجة أي من تلك التحديات بشكل مستدام دون عملية سياسية هادفة تيسرها الأمم المتحدة لتنفيذ القرار رقم 2254 الذي يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري ويستعيد سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.

وشددت على ضرورة خفض التصعيد بشكل مستدام والحفاظ على الهدوء، نحو وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، فضلا عن نهج تعاوني لمكافحة الإرهاب بما يتماشى مع القانون الدولي. وأكدت على مواصلة الضغط من أجل استئناف انعقاد اللجنة الدستورية.

وأشارت كذلك إلى أن هناك مقترحات بشأن تدابير بناء الثقة مطروحة على الطاولة، بما في ذلك تلك التي يمكن أن تحدث فرقا ملحوظا نحو خلق البيئة الآمنة والهادئة والمحايدة اللازمة لبدء العملية السياسية وعودة اللاجئين والنازحين داخليا بشكل مدروس وآمن وكريم وطوعي.

وأضافت أن المبعوث الخاص مستمر في إعداد الأرضية لنهج شامل جديد، مضيفة: "نواصل استكشاف الأفكار في هذا الصدد ونسعى إلى المشاركة البناءة للأطراف السورية وأصحاب المصلحة الرئيسيين". وقالت رشدي: "سنواصل إشراك الشعب السوري. فبدونهم، لن تكون العملية السياسية ممكنة".

وضع متدهور

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، قال راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن سوريا تواجه أعلى مستويات الاحتياجات الإنسانية منذ بداية هذه الأزمة التي دامت 13 عاما، "ولا يزال الوضع يتدهور مع مرور كل شهر".

وأضاف أن الحاجة إلى ظروف أكثر ملاءمة للاستجابة الإنسانية الفعالة أصبحت الآن أكبر من أي وقت مضى، وهو ما يتطلب الاحترام المطلق للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والوصول الإنساني دون عوائق.

وأوضح أنه من أجل عكس مسار الاحتياجات المتزايدة في سوريا، فلابد أن تشمل الظروف من أجل ذلك توسيع الاستثمار في جهود التعافي المبكر في جميع أنحاء البلاد، للمساعدة في بناء القدرة على الصمود وإرساء الأساس للناس لإعادة بناء حياتهم وسبل عيشهم، واستعادة بعض القدرة على الصمود.

مساعدات تنقذ الأرواح

وعن الوضع الاقتصادي في سوريا، قال راجاسينغهام إنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة إضافية هذا العام، بعد أن تقلص بنسبة 1.2 في المائة خلال العام الماضي. وذكر بأن ما يقرب من 13 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما يظهر أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة علامات التقزم بسبب سوء التغذية الحاد، ويعيش ثلث أطفال البلاد في فقر غذائي.

وقال المسؤول في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إنه "في حين أن المساعدات الإنسانية لا يمكنها عكس هذه الأزمة، إلا أنها يمكن أن تنقذ الأرواح وتخفف بعض أسوأ المعاناة". وأضاف أنه بعد مرور نصف العام، لا يزال تمويل النداء الإنساني للأمم المتحدة أقل من 13%، وهو هو أدنى مستوى تمويل بين جميع النداءات الإنسانية العشرة الأكبر على مستوى العالم.

وقال راجاسينغهام إن عملية إيصال المساعدات عبر الحدود من تركيا وفرت شريان حياة لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا، حيث تمكنت الوكالات الإنسانية من إدخال 98 شاحنة من المواد الغذائية الأساسية والصحية والمأوى وغيرها من الإمدادات. وأشار كذلك إلى أن الحاجة إلى توصيل المساعدات عبر خطوط النزاع لا تقل أهمية.