منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: المبعوث الأممي يؤكد على ضرورة "وقف التصعيد الآن" من قبل تركيا والمعارضة المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية

مارتين غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، يطلع مجلس الأمن على الوضع في الشرق الأوسط (سوريا).
UN Photo
مارتين غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، يطلع مجلس الأمن على الوضع في الشرق الأوسط (سوريا).

سوريا: المبعوث الأممي يؤكد على ضرورة "وقف التصعيد الآن" من قبل تركيا والمعارضة المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية

السلم والأمن

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، غير بيدرسون، أن الديناميكيات المؤدية إلى تصاعد العنف في سوريا "مازالت موجودة بالفعل ومستمرة، وهو أمر خطير يدعو للقلق."

جاء ذلك خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء، قال فيها إن الضربات الجوية التركية في سياق علمية "المخلب السيف" أصابت مناطق عدة في سوريا والعراق، فيما أفادت تقارير بوقوع هجمات لقوات سوريا الديمقراطية على القوات التركية ومناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة وكذلك داخل الأراضي التركية.

وقال المبعوث الخاص: "لقد دعا الأمين العام جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التصعيد، سواء في الجو أو على الأرض. دعوني أؤكد أنه على تركيا والمعارضة المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية وقف التصعيد الآن."

وشدد السيد بيدرسون على أن الدعوة لضبط النفس وخفض التصعيد تنطبق على جميع المناطق في سوريا، حيث شهدت إدلب ضربات جوية وبرية لقوات موالية للحكومة، استهدف بعضها مخيمات النازحين، ووردت أنباء عن وقوع هجمات شنتها هيئة تحرير الشام الإرهابية على القوات الحكومية والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مما أدى إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين. كما أصابت الضربات الجوية المنسوبة لإسرائيل دمشق وحمص وحماة واللاذقية، فضلا عن تصعيدات عسكرية عدة في مناطق سورية أخرى.

غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام لسوريا ، يطلع مجلس الأمن على الوضع في الشرق الأوسط (سوريا).
UN Photo/Eskinder Debebe
غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام لسوريا ، يطلع مجلس الأمن على الوضع في الشرق الأوسط (سوريا).

سيناريو مقلق

وأضاف المبعوث الخاص: "يعد النمط الحالي لتطور الأحداث مقلقاً للغاية، وينطوي على مخاطر حقيقية للمزيد من التصعيد. دعوني أحذر مجلس الأمن من سيناريو قد تؤدي فيه عمليات عسكرية واسعة النطاق من قبل أحد الأطراف الفاعلة إلى آثار غير مباشرة على الجبهات الأخرى، مما قد يؤدي إلى زوال حالة الجمود الاستراتيجي التي جلبت قدراً من الهدوء النسبي لما يقرب من ثلاث سنوات. فمثل هذا التصعيد لن يؤدي إلى تفاقم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالفعل بالمدنيين السوريين وحسب، لكنه سيعرض الاستقرار الإقليمي للخطر أيضا. وستقوم الجماعات المصنفة إرهابية، التي تم تحجميها ولكن لم يتم القضاء عليها بشكلٍ كامل، على الفور باستغلال حالة عدم الاستقرار التي ستنتج عن ذلك."

دعا السيد بيدرسون جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس والانخراط في جهود جادة لإعادة الهدوء، والعمل على وقف إطلاق نار شامل على المستوى الوطني، وشدد على ضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، وقال: "سوريا بحاجة إلى تراجع العمليات العسكرية وإلى المزيد من التركيز على العملية السياسية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254."

العودة إلى اللجنة الدستورية

عبر المبعوث الخاص عن قلقه إزاء عدم انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية منذ ستة أشهر، وأكد أن إطالة فترة الجمود في هذا الشأن سيصعب استئناف أعمالها. وقال إنه إذا ما توافرت الإرادة لإعطاء الأولوية لأهمية استئناف السوريين لعملهم، فإن هناك طريقا واضحا للمضي قدماً وتمكين استئناف المسار في جنيف.

وأضاف أنه يجب إحراز تقدم على المضمون عندما تجتمع اللجنة مجدداً، وأكد على ضرورة أن ينظر الشعب السوري "إلى اللجنة الدستورية على أنها عملية ذات مصداقية."

الطريق قدماً

عبر السيد بيدرسون عن قلقه من استئناف العمليات العسكرية واسعة النطاق في سوريا بعد ثلاث سنوات من الهدوء النسبي، وأبدى خشيته من تبعات ذلك على المدنيين السوريين والأمن الإقليمي.

وقال إن هناك سبيلا واضحا للمضي قدماً، من خلال تراجع التصعيد واستعادة الهدوء النسبي على الأرض، واتفاق المجلس على تجديد الآلية وصول المساعدات الإنسانية، واستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وإعطاء الأولوية للعمل على قضية المعتقلين والمختفين والمفقودين، وتعميق العمل نحو تحديد وتنفيذ تدابير بناء الثقة الأولية.

وأضاف المبعوث الخاص: "من الممكن تحقيق تقدم تدريجي من خلال هذه المقاربة. وهو ما من شأنه أن يساعد في خلق ديناميكية جديدة ويضعنا على الطريق نحو هدف أكثر طموحاً - حل سياسي شامل وفقاً للقرار 2254، يلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين ويساهم في استعادة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها. أما البديل فهو معاناة أكبر والمزيد من العنف وعدم الاستقرار. أناشد جميع الأطراف رفض هذا البديل وإيجاد سبل للتعاون والاتحاد خلف مقاربة بناءة للمضي قدما."

محو بصيص الأمل

قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس، إن بصيص الأمل الطفيف الذي شهده عام 2017، عندما بدأ عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدات في الانخفاض، سرعان ما تم محوه منذ عام 2020. وتوقع أن يشهد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية طفرة من 14.6 مليون شخص هذا العام إلى أكثر من 15 مليوناً في عام 2023، مما يمثل حوالي 80 في المائة من سكان البلاد.

وأضاف: "كما قلت في هذه القاعة مرات عديدة، ما زلنا نخذلهم في هذا الصدد. كل شهر، كل عام، أكثر قليلاً، حيث تستمر الفجوة بين الاحتياجات والتمويل في الازدياد."

وسلط السيد غريفيثس الضوء على التصعيد الأخير في أعمال العنف، ودعا جميع الأطراف إلى توخي الحرص المستمر لتجنيب المدنيين والأعيان المدنية خلال عملياتها العسكرية.

قال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إن هطول الأمطار غير الكافي والظروف الشديدة الشبيهة بالجفاف، إلى جانب انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات وتضرر البنية التحتية المائية، لا تزال تحرم ملايين الناس من مياه الشرب الآمنة.

وقال: "إن الانتشار السريع الحالي للكوليرا، وهو مرض تنقله المياه، لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، ولا حقيقة أن الكوليرا قد تسربت أيضاً إلى لبنان منذ ذلك الحين. فكما نعلم جيداً، الأمراض لا تعرف حدودا."

طفلان يجمعان مياه الشرب في مخيم للنازحين في إدلب بسوريا.
OCHA/Bilal al Hamoud
طفلان يجمعان مياه الشرب في مخيم للنازحين في إدلب بسوريا.

زوال المساعدات وقدوم السلام

شدد السيد غريفيثس على أن الناس في سوريا "يكافحون أكثر قليلاً كل يوم" لتوفير الطعام لعائلاتهم، حيث ترتفع الأسعار بشكل صاروخي.

وقال إن شتاء قارساً آخر سيأتي قريباً بالعواصف الثلجية والطقس البارد والرياح القوية والأمطار والفيضانات لملايين العائلات "التي تعيش في الخيام، والتي عاشت هناك لأعوام، والتي تعرف ما هو قادم، ولا سبيل لها لتجنبه."

قبل ستة أسابيع من انتهاء التفويض الصادر عن المجلس لإيصال المساعدات عبر الحدود، أكد وكيل الأمين العام على أهمية هذه العملية الإنسانية لحياة أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا.

وفي إشارة إلى ما قاله المبعوث الخاص، قال السيد غريفيثس: "ما يريده الناس في سوريا هو رحيلي، ووصول [السيد بيدرسون]. أن يروا الحاجة للمساعدات تختفي، وقدوم السلام للاحتفال به فيما بينهم وبمشاركتهم. وهذه بالطبع هي المهمة الأساسية وسبب وجود هذا المجلس."

الحكم دندي، نائب المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة، يلقي كلمة أمام مجلس الأمن.
UN Photo
الحكم دندي، نائب المندوب الدائم لسوريا لدى الأمم المتحدة، يلقي كلمة أمام مجلس الأمن.

الاعتداءات على سوريا

من جهته، قال نائب المندوب الدائم لسوريا، الحكم دندي، إن بلاده "تدين بأشد العبارات الاعتداءات التركية" على أراضيها، وتؤكد على أن "الذرائع التي يسوقها النظام التركي لتبرير هذه الاعتداءات باتت مكشوفة ولم تعد تخدع أحدا، خاصة في ظل استمراره في دعم التنظيمات الإرهابية، ورعايته إلى اليوم لداعش وجبهة النصرة."

وقال السيد دندي، إن "صمت" مجلس الأمن عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري قد شجّع إسرائيل على تصعيد اعتداءاتها بشكل أكبر على الأراضي السورية "تحت ذرائع واهية، بما في ذلك على المرافق المدنية، مما يتسبب بسقوط الضحايا من المدنيين والعسكريين، ويهدد بتصعيد خطير للأوضاع في المنطقة."

كما شدد نائب المندوب السوري على ضرورة دعم جهود الدولة السورية في المجال الإنساني، ودعا الدول الغربية إلى "التوقف عن تسييس العمل الإنساني في سوريا، والالتزام بالمبادئ التوجيهية التي تحكمه، والوفاء بتعهداتها بشأن توفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة الإنسانية في سوريا، وبشكل خاص لدعم وتوسيع مشاريع التعافي المبكر المنصوص عليها في القرار 2642."

وأضاف السيد دندي: "لا يمكن الإحاطة بجميع أوجه المعاناة الإنسانية للشعب السوري بدون الإشارة إلى النهب الممنهج والمتواصل الذي تقوم به قوات الاحتلال الأمريكي للثروات السورية من نفط وقمح ومحاصيل زراعية أخرى؛ وما يقوم به أيضا النظام التركي ومرتزقته من استخدام للمياه كسلاح حرب ضد المدنيين عبر قطع مياه محطة علوك عن مليون سوري في محافظة الحسكة ومحيطها، والتلاعب بمستويات مياه نهر الفرات مما يفاقم من حالات العطش والجوائح الصحية والمرضية الخطيرة، ولا سيما انتشار وباء الكوليرا."

اجتماعات بلا "جدوى"

وقال نائب المندوب السوري إن الاجتماعات التي يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سوريا "ستبقى بدون أي جدوى"، ما لم يتم معالجة التحديات الأساسية التي تواجهها بلاده، "سواء تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب ووقف دعمه وتمويله، أو بإنهاء التواجد العسكري الأمريكي والتركي غير الشرعي على الأراضي السورية، أو وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، أو الرفع الفوري للإجراءات القسرية الأحادية والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها لا إنسانية ولا أخلاقية."