مجلس الأمن يفشل في تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا
فشل مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء في تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، بعد اعتراض روسيا على مشروع القرار الذي قدمته كل من البرازيل وسويسرا، وهما الدولتان المعنيتان بصياغة القرارات حول الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن.
يأتي هذا في وقت وصلت فيه الاحتياجات الإنسانية في سوريا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد أكثر من 12 عاما من الحرب، وفي أعقاب الزلازل المدمرة التي ضربت المنطقة في شباط/فبراير. وكانت الأمم المتحدة وشركاؤها يأملون في تمديد التفويض لمدة 12 شهرا لنقل المساعدات عبر معبر باب الهوى لأربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا.
وصوت المجلس على مشروعي قرارين متنافسين. مشروع القرار الأول قدمته كل من البرازيل وسويسرا فيما قدمت روسيا مشروع القرار الثاني.
حصل مشروع القرار البرازيلي- السويسري على تأييد 13 دولة وامتناع دولة واحدة (الصين) واعتراض دولة واحدة هي روسيا. وبالتالي لم يتم اعتماد القرار نسبة لاستخدام روسيا حق النقض/الفيتو.
مشروع القرار البرازيلي- السويسري كان سيسمح لوكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني بمواصلة استخدام معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية لمدة تسعة أشهر- أي حتى 10 نيسان/ أبريل 2024.
مشروع القرار الروسي حصل على تأييد دولتين وتصويت ثلاث دول ضده مع امتناع 10 دول عن التصويت. وبالتالي لم يتم اعتماده أيضا.
اقترح مشروع القرار الروسي استخدام معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر- أي حتى 10 كانون الثاني/يناير 2024.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أذن باستخدام آلية إيصال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا لأول مرة في عام 2014.
الأمين العام يعرب عن خيبة أمل
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن خيبة أمله لعدم تمكن مجلس الأمن اليوم من التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد تفويض آلية المساعدات عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة في سوريا.
وقال في بيان منسوب إلى المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك إن المساعدة التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود تعد بمثابة شريان حياة حقيقي لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا، حيث وصلت الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ بداية الصراع، فيما لا تزال آثار الزلازل المدمرة في تلقي بظلالها على الناس.
ودعا الأمين العام جميع أعضاء المجلس إلى مضاعفة جهودهم لدعم استمرار تقديم المساعدة عبر الحدود لملايين الأشخاص المحتاجين بشدة في شمال غرب سوريا لأطول فترة ممكنة.
استمرار إيصال المساعدات عبر معبري باب السلام والراعي
ومع عدم تمديد التفويض لإيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى، ستستمر عمليات إيصال المساعدات عبر الحدود عبر معبري باب السلام والراعي.
تم فتح هذين المعبرين بموافقة الحكومة السورية في أعقاب زلزال شباط / فبراير وتم تمديد استخدامهما حتى 13 آب / أغسطس.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك إن المنظمة الدولية ستواصل الدعوة لتوسيع جميع السبل لتقديم المساعدة الإنسانية لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا. وأضاف:
"يعد تجديد التفويض ضروريا، حيث يظل باب الهوى مركز الثقل لاستجابتنا عبر الحدود، بما في ذلك قربنا من إدلب، حيث يعيش معظم المحتاجين في شمال غرب سوريا".
وقال إن وكالات الأمم المتحدة قامت بتخزين الإمدادات على الأرض في الشمال الغربي لضمان استمرار تلبية الاحتياجات الإنسانية في المستقبل القريب.
مفاوضات مكثفة مع كافة الأطراف
قبيل التصويت على مشروع القرار، قال المندوب الدائم للبرازيل لدى الأمم المتحدة، سيرجيو فرانكا دانيس إن بلاده وسويسرا تواصلتا مع كافة أعضاء مجلس الأمن وكذلك الشركاء في المنطقة وغيرهم من الأطراف المعنية، الحكومية وغير الحكومية، من خلال مفاوضات مكثفة على مدار الأسابيع القليلة الماضية. وأضاف:
"لم ندخر وسعا ولم نألوا جهدا في محاولتنا للتوصل إلى نص توافقي قدر الإمكان. وفي أثناء هذه المفاوضات لم نسترشد سوى بالاحتياجات الملحة للشعب السوري. القرار الذي طرحناه أمامكم هو ثمرة جهودنا، حيث استمعنا إلى كل العاملين في المجال الإنساني في الميدان".
روسيا تبرر استخدام الفيتو
فاسيلي نيبينزيا الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة قال إن بلاده "دُفعت دفعا" لاستخدام حق النقض/الفيتو. ونفى الاتهامات الموجهة لبلاده "بقتل آليه إيصال المساعدات عبر الحدود"، واصفا هذه الاتهامات بأنها "باطلة"، على حد تعبيره.
وقال إن مشروع القرار السويسري- البرازيلي "لا يقدم شيئا"، مشيرا إلى أن بلاده سعت "بنية صادقة" للتوصل إلى حلول توافقية.
واتهم الدول الغربية بمحاولة "توظيف هذه الآلية لعبور الإرهابيين"، على حد تعبيره.
وقال السفير الروسي إن سبل المساعدة متاحة حتى في غياب آلية المساعدة عبر الحدود، مشيرا إلى أن الحكومة السورية فتحت معبرين في أعقاب الزلازل.
مندوب سوريا: مشروع القرار لم يعكس تطلعات السوريين
مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير بسام صباغ وبرغم الإعراب عن تقديره لجهود البرازيل وسويسرا، إلا أنه أبدى أسفا "لأن مشروع قرارهما لم يعكس تطلعات السوريين ولم يطمئننا بإمكانية تنفيذه بحسن نية".
وأبدى استغرابه إزاء "تمديد القرار لمدة تزيد عن ستة أشهر بذريعة الحاجة إلى التخطيط وقابلية التنبؤ".
وتساءل قائلا: "كيف نضمن قابلية التنبؤ في ظل النقص الهائل في التمويل والذي لم تصل نسبته هذا العام 12 في المائة".