منظور عالمي قصص إنسانية

مؤسسة إيكوبيس في فلسطين وإسرائيل والأردن تدعو إلى التعاون الإقليمي لمحاربة تغير المناخ

البحر الميت الواقع بين إسرائيل والأردن والضفة الغربية المحتلة.
Dave Herring/Unsplash
البحر الميت الواقع بين إسرائيل والأردن والضفة الغربية المحتلة.

مؤسسة إيكوبيس في فلسطين وإسرائيل والأردن تدعو إلى التعاون الإقليمي لمحاربة تغير المناخ

المناخ والبيئة

في إحاطة مشتركة لهما أمام مجلس الأمن، دعا مديرا مؤسسة إيكوبيس الشرق الأوسط، ندى مجدلاني وجيدون برومبرغ، المجلس إلى تبنّي "الصفقة الخضراء الزرقاء" في إشارة إلى أنها قد تحوّل المنطقة من "مصدر أخبار مزعجة إلى نموذج إيجابي للدبلوماسية المناخية والتعاون."

وإيكوبيس الشرق الأوسط هي مؤسسة إقليمية بيئية تضم ناشطين في مجال البيئة في كل من الأردن وفلسطين وإسرائيل. والهدف الأساسي منها هو تعزيز الجهود التعاونية لحماية التراث البيئي المشترك، سعيا إلى النهوض بالتنمية المستدامة إقليميا، وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

وقدمت المديرة العامة لمؤسسة إيكوفلسطين/إيكوبيس الشرق الأوسط، ندى مجدلاني، كلمة في نيويورك خلال اجتماع مجلس الأمن يوم الأربعاء في نفس الجلسة التي ناقشت قضية الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية.

وقالت فيها إن آثار تغيّر المناخ الكارثية بدأت تظهر في غزة وتؤثر على مليوني شخص، وتضيف إلى محنتهم مع نقص المياه وقضاء ليالٍ باردة طويلة بدون كهرباء، ومع الحروب، و15 عاما من الحصار الذي تسبب بانعدام الأمن الطبي والغذائي.

وقالت: "كأمّ لطفلين، أستطيع أن أتحدث عن المشاعر اليائسة لأهالي قطاع غزة، إذ أرى الصور المفجعة لأطفال يتم إنقاذهم خلال الفيضانات المفاجئة في غزة هذا الأسبوع، وآخرين يحتمون في منازل أسقفها من الأغطية البلاستيكية."

مبانٍ مهدمة عقب الهجمات الجوية على قطاع غزة.
© UNRWA/Mohammed Hinnawi
مبانٍ مهدمة عقب الهجمات الجوية على قطاع غزة.

الصفقة الخضراء الزرقاء

تدعو مؤسسة إيكوبيس إلى إبرام "الصفقة الخضراء الزرقاء" للشرق الأوسط، التي تقترح إنشاء روابط إقليمية وترابطات صحية من خلال تبادل الطاقة المتجددة والمياه. كما تتناول اتخاذ خطوات استباقية نحو إعادة تأهيل نهر الأردن، والتنمية المستدامة حول مستجمعات المياه بأكملها من خلال المبادرة بالأعمال والوظائف الخضراء.

وتتناول الصفقة حقوق الفلسطينيين في المياه، ضمن إطار عمل منقح يختلف عن نموذج "كل شيء أو لا شيء" بهدف توفير المياه لكل بيت فلسطيني دون أي تكلفة على الأمن المائي لإسرائيل.

أسباب أزمة المياه في فلسطين

مديرة مؤسسة إيكوفلسطين/إيكوبيس الشرق الأوسط، السيدة ندى مجدلاني تلقي كلمة أمام مجلس الأمن.
UN Photo/Manuel Elias
مديرة مؤسسة إيكوفلسطين/إيكوبيس الشرق الأوسط، السيدة ندى مجدلاني تلقي كلمة أمام مجلس الأمن., by UN Photo/Manuel Elias

بحسب ندى مجدلاني، فإن أزمة المياه في فلسطين متعددة الأسباب، أولها الصراع السياسي وضعف البنية التحتية، ومشاكل إدارية داخلية، والآن تغيّر المناخ.

وقالت: "انعدام الأمن المائي شديد خاصة في المنطقة (ج) حيث يعيق الاحتلال الإسرائيلي الوصول إلى المياه والكهرباء. وفي غزة الوضع أكثر خطورة، حيث إن 97 في المائة من المياه الجوفية المستخدمة لإمداد المياه المنزلية هي بجودة غير صالحة للاستهلاك البشري."

ولا يزال اتفاق أوسلو يحكم وضع تخصيص المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن تأخذ إسرائيل نصيب الأسد من مصادر المياه الطبيعية.

وشددت مجدلاني على أن الفشل في إحراز تقدم في عملية السلام يعني أنه لن يتم استيفاء الحقوق المائية للفلسطينيين من مصادر المياه الجوفية المشتركة ونهر الأردن.

وقالت: "أدى النمو السكاني الطبيعي والتنمية الاقتصادية إلى زيادة احتياجات المياه الفلسطينية، مما دفع بالسلطة الفلسطينية إلى شراء كميات كبيرة من المياه المحلاة من إسرائيل، بتكلفة 250 مليون شيكل سنويا، مما يشكل ضغطا إضافيا على الاقتصاد الفلسطيني الهش."

الأزمة المائية تتعمق

وحذرت ندى مجدلاني من أن الفشل في التحرك الآن لن يؤدي إلا إلى تعميق أزمة المياه الفلسطينية القائمة، وانعدام الأمن الغذائي والفقر والإحباط.

وقالت: "تساهم الحقائق الصعبة على الأرض في الضفة الغربية المحتلة وغزة بشكل مباشر وغير مباشر في الاضطرابات التي تحمل تداعيات أمنية على الجميع في منطقتنا."

ودعت مجلس الأمن إلى اعتبار النموذج الخاص بالصفقة الخضراء الزرقاء للشرق الأوسط مسارا عمليا يمكن تحقيقه لتحقيق الأمن المناخي ودبلوماسية المياه.

وقالت: "نعتقد أن قضايا المناخ يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من عملية السلام في الشرق الأوسط، لدفع حل الدولتين قدما على حدود عام 1967.

مصلحة ذاتية ومكاسب مشتركة

من جانبه، قال جيدون برومبرغ، المدير الإسرائيلي للمؤسسة، إن ثمة فرصة سانحة للنهوض بترتيبات المياه الإسرائيلية الفلسطينية الجديدة التي يمكنها أن تحسن سبل العيش وتعزز بناء الثقة وتدفع بالسلام قدما.

وأكد أن العمل يجري في الميدان مع المدارس والبلديات ومع المهنيين الشباب وصناع القرار. وقال: "نؤكد للجميع أنه من وجهة نظر بيئية، نحن نعتمد اعتمادا كاملا على بعضنا البعض، بالتالي، فإن العمل معا ليس خدمة للآخر، ولكنه قضية مصلحة ذاتية ومكسب متبادل."

المدير الإسرائيلي لمؤسسة إيكوبيس الشرق الأوسط، غيدون برومبرغ، يلقي كلمة أمام مجلس الأمن.
UN Photo/Loey Felipe

في إسرائيل، يتم الآن الحصول على أكثر من 70 في المائة من مياه الشرب من محطات تحلية المياه. فضلا عن ذلك، تقوم إسرائيل بمعالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها في الزراعة.

لكن، قال برومبرغ، في الضفة الغربية يتم إطلاق أكثر من 60 مليون لتر مكعب من مياه الصرف الصحي الخام والمُعالج بشكل سيء من مصادر فلسطينية سنويا في البيئة، مما يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية الشحيحة. وتعاني المجتمعات الإسرائيلية والفلسطينية التي تعيش بالقرب من المجاري الاثني عشر للمياه العابرة للحدود، من مخاوف صحية عامة شديدة.

كما أن تصريف المياه العادمة من غزة إلى البحر المتوسط يؤدي إلى الإغلاق المتقطع لمحطات تحلية المياه في أقصى جنوب إسرائيل، مما يؤثر بشكل مباشر على إمدادات المياه الإسرائيلية.

تكاليف إضافية على الفلسطينيين

وتبني إسرائيل بشكل أحادي الجانب محطات لمعالجة المياه العادمة على جانبها، لكنها تخصم تكاليف معالجة المياه العادلة - بما في ذلك التكاليف الرأسمالية للبناء - من الضرائب الفلسطينية. وفي عام 2019، بلغت هذه الاقتطاعات أكثر من 110 ملايين شيكل إسرائيلي.

وقال برومبرغ: "ندعو مجلس الأمن ووكالات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى تبني منظور المرونة المناخية، وإعطاء الأولوية للأمن المناخي الإسرائيلي الفلسطيني، من خلال دعوة جميع الأطراف إلى الموافقة على ترتيبات جديدة بشأن توزيع المياه الطبيعية والسيطرة على التلوث."

كما تدعو المؤسسة مجلس الأمن إلى الاعتراف عالميا بأن تغير المناخ هو "تهديد للسلام" بالمعنى المقصود في المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة.

إيكوبيس الشرق الأوسط

تتواجد مكاتب إيكوبيس في كل من عمّان ورام الله وتل أبيب، وقد تأسست في 7 كانون الأول/ديسمبر 1994.

وتتمتع المنطقة بنظام إيكولوجي فريد، إذ يُعتبر حوض نهر الأردن مصدرا أساسيا للمياه العذبة في منطقة تعاني من شح في مصادر المياه، ويُعتبر خليج العقبة من أكثر الأنظمة البيئية حساسية إذ إنه يوفر بيئة مناسبة لنمو أحد أجمل الشعب المرجانية في العالم. والبحر الميت هو أخفض مسطح مائي مالح على سطح الأرض. ويتطلب الأمر تعاونا إقليميا من أجل حماية النظام الإيكولوجي.

ويشمل عمل المؤسسة، إقامة مشاريع تعليمية واستثمارية. وخلال السنوات الأربع الماضية، وصلت المنظمة إلى 40,000 من الطلاب والمعلمين والمهنيين الشباب. كما دعمت المشاريع الاستثمارية العديد من الشركات الخضراء.

ودعت المؤسسة، وساعدت في جمع استثمارات تزيد قيمتها عن 500 مليون دولار أميركي لمشاريع البنية التحتية الفلسطينية والأردنية للمياه والصرف الصحي التي تعالج الاهتمامات البيئية المحلية وعبر الحدود.