منظور عالمي قصص إنسانية
بحيرة توفيل هي واحدة من بحيرات جبال الألب الأكثر سحراً في الدولوميت وتقع داخل منتزه أداميلو برينتا الطبيعي في ترينتينو بإيطاليا.

لماذا يجب على الجمعية العامة أن تدعم الحق في بيئة صحية؟

Unsplash/Manuel Venturini
بحيرة توفيل هي واحدة من بحيرات جبال الألب الأكثر سحراً في الدولوميت وتقع داخل منتزه أداميلو برينتا الطبيعي في ترينتينو بإيطاليا.

لماذا يجب على الجمعية العامة أن تدعم الحق في بيئة صحية؟

المناخ والبيئة

من المتوقع أن تصوّت الجمعية العامة يوم غد الخميس على مشروع قرار يعترف بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.
 

قدّمت كوستاريكا وجزر الملديف والمغرب وسلوفينيا وسويسرا مسودة النص إلى الجمعية العامة المكوّنة من 193 عضوا، وهي الهيئة الأكثر تمثيلا في الأمم المتحدة، في حزيران/يونيو الماضي، في أعقاب القرار التاريخي بتبني نصّ مماثل في تشرين الأول/أكتوبر 2021، من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

يقرّ القرار بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة كحق إنساني أساسي للتمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان، ويدعو - من بين أمور أخرى - الدول والمنظمات الدولية إلى اعتماد سياسات ومضاعفة الجهود لضمان بيئة نظيفة وصحية ومستدامة للجميع.

لكن، لماذا من المهم أن يعترف أعضاء الأمم المتحدة الأوسع بهذا الحق؟ وماذا سيعني تبني هذا القرار للناس حول العالم؟ أخبار الأمم المتحدة تحدثت مع المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة، السيد ديفيد بويد، عن هذه الأسئلة وغيرها.

أحد أبرز التهديدات التي تواجه المحيطات هو التلوث الذي يتسبب به البشر.
Ocean Image Bank/Thomas Horig
أحد أبرز التهديدات التي تواجه المحيطات هو التلوث الذي يتسبب به البشر.

إذا، ما هو الإجراء الذي ستتخذه الجمعية العامة؟

من المرجّح أن يكون هناك تصويت على الاعتراف بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. لم يتم تضمين هذا الحق في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948. لذلك، فهو قرار تاريخي حقا سيغيّر طبيعة القانون الدولي لحقوق الإنسان.

لماذا من المهم أن تصوّت الدول بـ "نعم" على هذا القرار؟

إنه أمر مهم. لأنه في مواجهة الأزمة البيئية الثلاثية التي نواجهها – التغير المناخي السريع، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث السام المتفشي الذي يقتل ثمانية ملايين شخص كل عام – نحتاج إلى تغييرات تحويلية في المجتمع، نحتاج إلى التحوّل بسرعة إلى الطاقة المتجددة.

نحتاج أيضا إلى التحوّل إلى الاقتصاد الدائري، ونحتاج إلى إزالة السموم من المجتمع، والحق في بيئة صحية هو أحد أقوى الأدوات التي لدينا لمساءلة الحكومات.

ديفيد بويد، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة.
UN Photo/Jean Marc Ferré
ديفيد بويد، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة.

قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة، مما يعني أن الدول ليس عليها التزام قانوني بالامتثال لها، فكيف يمكن محاسبتها؟

الالتزام غير قانوني، لكن على الدول التزام أخلاقي.

لدينا سجّل حافل، يمكننا أن ننظر فيه: في عام 2010، أصدرت الجمعية العامة القرار الذي يعترف لأول مرة بأن لكل فرد الحق في المياه والصرف الصحي.

وبالمثل، لم يكن هذا القرار ملزما قانونا، أو قابلا للإنفاذ، لكنه كان حافزا لسلسلة من التغييرات الإيجابية التي حسّنت حياة الملايين من البشر.

وذلك لأن الدول استجابت لذلك القرار بتغيير دساتيرها، أعلى وأقوى قوانينها. فعلت كل من كوستاريكا وفيجي والمكسيك وسلوفينيا وتونس وغيرها ذلك. والأهم من هذا هو أن الدول جعلت حقا من أولوياتها الوفاء بالتزاماتها لتزويد الناس بمياه الشرب المأمونة. لذلك [على سبيل المثال] في المكسيك، لم تعترف الحكومة بهذا الحق في دستورها فحسب، بل عملت مع المجتمعات الريفية على توفير مياه الشرب المأمونة لأكثر من ألف مجتمع ريفي في العقد الماضي.

كما عملت كندا أيضا مع مجتمعات السكان الأصليين لتحديث البنية التحتية والصرف الصحي في أكثر من 130 مجتمعا في العقد الماضي.

لذلك، قد تبدو هذه القرارات مجرّدة، لكنه تمثل حافزا للعمل، وتمكّن الناس العاديين من مساءلة حكوماتهم بطريقة قوية للغاية.

غابات الأمازون، البرازيل.
© CIAT/Neil Palmer
غابات الأمازون، البرازيل.

اعتمد مجلس حقوق الإنسان الحق في بيئة صحية العام الماضي، هل رأيت أي تغييرات على المستويات الوطنية منذ ذلك الحين؟

أعتقد أنه كانت هناك بعض التطورات الإيجابية. بالتأكيد يتم الحديث عن الحق في بيئة صحية أكثر من أي وقت مضى.

هناك دول بدأت بدمجها في أنظمتها القانونية وثمّة الكثير من الأشخاص على مستوى القاعدة الشعبية يستخدمون هذا الحق للقول بأن على حكوماتهم أن تتخذ إجراءات مناخية أقوى، وتحسّن نوعية الهواء وتلتفت بشكل أفضل إلى التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية.

التأثير لن يحدث بين عشية وضحاها، لكننا بدأنا بالفعل في رؤية بعض الأرباح المبكرة.

ما هي دعوتكم للدول قبل التصويت؟

سيكون من المثالي إذا شاركت كل دولة في العالم في تقديم هذا القرار ثم صوتت لصالحه. من شأن ذلك أن يُظهر أن كل دولة في العالم تدرك مدى أهمية البيئة الصحية لمستقبل البشرية.

التحول إلى الطاقة المتجددة يمكن أن يمنع 4 إلى 7 ملايين حالة وفاة من تلوث الهواء سنويا في جميع أنحاء العالم.
© Unsplash
التحول إلى الطاقة المتجددة يمكن أن يمنع 4 إلى 7 ملايين حالة وفاة من تلوث الهواء سنويا في جميع أنحاء العالم.

هل ستصوت دولة ما بـ "لا"؟ هل من تحديات تواجه القرار؟

أمام البلدان تحديات مختلفة. لذلك، هناك بعض الدول التي لديها وجهة نظر محافظة جدا بشأن حقوق الإنسان. هناك دول أخرى من منتجي النفط والغاز الرئيسيين ربما لديها بعض المخاوف بشأن الآثار المترتبة على الاعتراف بهذا الحق – لذلك، قد تنظر بعض الدول بصعوبة فيما إذا كانت ستصوت لصالح القرار أم لا.

لماذا يجب الاعتراف بالحق في بيئة صحية كحق عالمي من حقوق الإنسان؟

تتأثر حياة الكثير من الناس على هذا الكوكب بأزمة المناخ والتدهور البيئي. حرفيا، يتنفس المليارات من الأشخاص اليوم هواء ملوثا للغاية، مما يؤدي إلى تقليل متوسط العمر المتوقع بمرور السنين.

لا يزال المليارات من الأشخاص حول العالم لا يحصلون على المياه النظيفة أو المياه الكافية. لا يأكل المليارات من الناس حول العالم طعاما صحيا ومنتَجا بشكل مستدام، كلنا نعاني بسبب تدهور التنوع البيولوجي.

يحتاج الناس إلى فهم أن التنوع البيولوجي هو حقا أساس الحياة على هذا الكوكب. لولا النباتات والأشجار التي تنتج الأكسجين، لما كنا قادرين على التنفس. لولا الأنظمة البيئية التي تعمل على تنقية المياه لكنا في ورطة كبيرة.

والحقيقة أننا بحاجة إلى مناخ آمن وصالح للعيش من أجل الازدهار كبشر. 

لهذا السبب، يُعتبر هذا الحق في غاية الأهمية. قدمت الحكومات وعودا لتنظيف البيئة، والتصدي لحالة الطوارئ المناخية لعقود لكن أن يكون هناك حق في بيئة صحية يغيّر وجهة نظر الناس من استجداء الحكومات للعمل إلى مطالبتها بالعمل.

ماذا ستفعل إذا تم تمرير القرار؟

سوف أقفز فرحا. سأكون سعيدا للغاية ومسرورا بشأن الطريقة التي سيؤدي بها هذا إلى زيادة وتحسين نوعية حياة الناس في جميع أنحاء الكوكب.

امرأة تحمل مظلة وتسير تحت المطر.الصورة: المنظمة الدولية للأرصاد الجوية.
World Meteorological Organization
امرأة تحمل مظلة وتسير تحت المطر.الصورة: المنظمة الدولية للأرصاد الجوية.

دعوة من داخل الأمم المتحدة

أعرب خبراء حقوقيون ومقررون خاصون آخرون، ورئيسة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسون، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن دعمهم للاعتراف بالحق في بيئة صحية في الأشهر الماضية.

في حزيران/يونيو الماضي، أوصت نتائج مؤتمر ستوكهولم +50 أيضا بأن "تعترف الدول وتنفذ الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة."

تم تضمين هذا الإجراء أيضا كأولوية للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على النحو المبيّن في "خطتنا المشتركة" ونداء العمل بشأن حقوق الإنسان.

المقررون الخاصون للأمم المتحدة، مثل السيد بويد، مكلّفون بولايات مواضيعية أو قطرية محددة من قبل مجلس حقوق الإنسان ومقرّه جنيف، حيث يقدّمون تقارير عن بعثات تقصّي الحقائق أو المراقبة، عادة في إحدى الجلسات العادية الثلاث سنويا.

مناصب الخبراء داخل قسم الإجراءات الخاصة بالمجلس شرفية ولا يتقاضى شاغلوها أجرا لقاء عملهم.