وسط عالم مضطرب، الأمين العام يدعو إلى التمسك بقيمة ميثاق الأمم المتحدة صونا للسلام والأمن الدوليين
"السلام هو أثمن قيمنا وجوهر عملنا. فكل ما نسعى إليه كأسرة بشرية يعتمد على السلام. لكن السلام يعتمد علينا!" هذا ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي دعا إلى الرجوع إلى ميثاق الأمم المتحدة وسط حقبة تتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية وتتراجع فيها الثقة بين الأمم.
جاء ذلك في إحاطته اليوم الخميس أمام مجلس الأمن الدولي الذي عقد مناقشة مفتوحة على المستوى الوزاري بشأن موضوع "التمسك بميثاق الأمم المتحدة من أجل صون السلام والأمن الدوليين".
وتأتي هذه الجلسة، التي تناقش وثيقة تأسيس الأمم المتحدة، بالتزامن مع بدء فعاليات الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للأمم المتحدة.
الأمين العام @antonioguterres يدعو إلى التمسك بقيمة #ميثاق_الأمم_المتحدة صونا للسلام والأمن الدوليين!ورئيسة @TheElders ماري روبنسون تحث على الحد من الشعبوية وتشير إلى التوترات التي أدت إلى منع #جواد_ظریف من حضور جلسة مجلس الأمن.التفاصيل على الرابط👇https://t.co/F66gFXpTAA pic.twitter.com/WOjjO2lZ0Z
UNNewsArabic
وتهدف الجلسة إلى إعادة التأكيد على الأهمية القصوى للميثاق وتكرار تأكيد التزامات المجتمع الدولي بالتمسك به من أجل صون السلام والأمن الدوليين. كما تهدف إلى مناقشة سبل ووسائل مواصلة مجلس الأمن ومنظومة الأمم المتحدة ككل المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية والدول الأعضاء تعزيز التمسك بالميثاق من أجل صون السلام والأمن الدوليين.
الميثاق: أساس العلاقات الدولية
وقد وعد الميثاق الذي تم التوقيع عليه في حزيران/يونيو 1945، بإنقاذ الأجيال القادمة من الدمار الذي خلفته الحرب.
وأكد الميثاق من جديد الحقوق المتساوية لجميع الناس، واحترام تقرير المصير، والحاجة إلى تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، وقواعد واضحة تحكم استخدام القوة.
هذه القيم والأهداف مازالت سارية إلى يومنا هذا، قال السيد غوتيريش موضحا أن هذه المبادئ ليست خدمات أو تنازلات. بل "إنها أساس العلاقات الدولية. إنها جوهر السلام والقانون الدولي. فقد ساعدت على إنقاذ الأرواح والنهوض بالاقتصاد والتقدم الاجتماعي، وساهمت في تجنب الوقوع في شرك حرب عالمية أخرى".
غير أن الأمين العام حذر من مغبة غض الطرف عن هذه المبادئ مشيرا إلى أن إهمالها أو تطبيقها بشكل انتقائي أدى إلى "نتيجة كارثية، بما فيها الصراع والفوضى والموت وخيبة الأمل وانعدام الثقة"، داعيا إلى القيام بعمل أفضل بكثير "للحفاظ على قيم الميثاق والوفاء بوعده للأجيال المقبلة".
خطر يتهدد التعددية
الرئيسة الإيرلندية السابقة ورئيسة مجلس الحكماء السيدة ماري روبنسون، خاطبت مجلس الأمن اليوم أيضا مشيرة إلى "التهديدات الوجودية" التي يواجهها العالم بما فيها الانتشار النووي وأزمة المناخ. وبالرغم من هذه التهديدات، قالت روبنسون إن "القومية والشعبوية تقوضان الاستجابة العالمية الجماعية".
كان من المقرر أن يخاطب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف هذا المجلس اليوم. كان سيتحدث عن دور ميثاق الأمم المتحدة في دعم السلام والأمن الدوليين اليوم، لكن تم منعه من ذلك لأن توترات قد نشأت بين إيران والولايات المتحدة-- ماري روبنسون
ويعد مجلس الحكماء الذي ترأسه روبنسون مجموعة مستقلة تضم مواطنين عالميين بارزين يعملون من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم منذ عام 2007.
وقد أصدر الحكماء الشهر الماضي بيانا أكدوا فيه على أن تعددية الأطراف الفعالة، وبشكل خاص دفع الدول إلى التعاون، تخدم المصلحة الوطنية لجميع قادة العالم.
وقالت مشيرة إلى التوتر بين إيران والولايات المتحدة: "كان من المقرر أن يخاطب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف هذا المجلس اليوم. كان سيتحدث عن دور ميثاق الأمم المتحدة في دعم السلام والأمن الدوليين اليوم، لكن تم منعه من ذلك لأن توترات قد نشأت بين إيران والولايات المتحدة".
وصرحت السيدة روبنسون بأن هذا النهج التعاوني يقع في صميم ميثاق الأمم المتحدة وهو أمر بالغ الأهمية الآن بسبب تفاقم الوضع في الشرق الأوسط.
وأضافت: "هذا أمر مؤسف للغاية. في مثل هذه الأوقات بالتحديد، نحتاج إلى سماع أصوات جميع المعنيين."
دعوة إلى عدم اعتبار السلام من المسلمات
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، اجتمعت شعوب العالم في مسعى جماعي لصون السلام والأمن الدوليين وتجنيب الأجيال القادمة ويلات الحرب. وعند توقيع ميثاق الأمم المتحدة، كانت الدول الأعضاء تطمح إلى إرساء أساس قانوني لنظام عالمي جديد، يقوم على ركيزة التعاون الدولي، وتكون فيه الأمم المتحدة في قلب ذلك النظام متعدد الأطراف.
وخلال اجتماع مجلس الأمن اليوم الذي ترأسه السيد فام بنه مينه، نائب رئيس وزراء فييت نام ووزير خارجيتها، أرسل الأمين العام رسالة خاصة إلى المندوبين الخمسة عشر في مجلس الأمن، أوضح فيها أن امتياز عضوية الأمم المتحدة يحمّل أعضاء هذا المجلس مسؤولية حيوية لدعم ميثاق الأمم المتحدة، خاصة في منع نشوب الصراعات والتصدي لها. وقال إن تفادي الخلافات الحالية والماضية يجب ألا يشكل عقبة أمام العمل لمواجهة التهديدات الحالية، داعيا إلى تفادي الكيل بمكيالين.
وقال:
"الحرب ليست حتمية؛ إنها مسألة اختيار - وغالبا ما تكون نتاج سوء حسابات. السلام أيضا ليس أمرا حتميا؛ إنه نتاج عمل شاق ويجب ألا نعتبره من المسلمات".