خبراء التكنولوجيا يوصون ببناء اقتصادات ومجتمعات رقمية جامعة، وحماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي

أوصت مجموعة من كبار خبراء التكنولوجيا من مختلف أنحاء العالم، الأمم المتحدة بالعمل على بناء اقتصادات ومجتمعات رقمية شاملة للجميع، وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية، وحماية حقوق الإنسان والوكالة* الإنسانية، وتعزيز الثقة والأمن والاستقرار في الفضاء الرقمي، فضلا عن تعزيز التعاون الرقمي بين الدول.
توصيات الخبراء، أو من يعرفون بالفريق رفيع المستوى المعني بالتعاون الرقمي الذي أنشأه الأمين العام للأمم المتحدة عام 2018، جاءت في تقريرهم الأول الذي قدموه إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش تحت عنوان "عصر الترابط الرقمي".
وينطوي التقرير على ثلاثة أقسام رئيسية، يقدم أولها نظرة عامة لكيفية دعم التكنولوجيا الرقمية لتسريع تحقيق أهـداف التنمية المستدامة، وضمان تحقيق اقتصادات رقمية أكثر شمولية؛ ويركز القسم الثاني منها على مراجعة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والوكالة الإنسانية والأمن الرقمي؛ فيما يتطرق الجزء الثالث إلى التعاون الرقمي.
*والوكالة هي قدرة الفاعل على التصرف ذاتيا، وهي خاصية يتمتع بها البشر دون غيرهم من الأشياء، كما أنها لا تعني بالضرورة الإرادة الحرة. فعلى سبيل المثال، السيارات ذاتية القيادة تسحب وكالة أو قدرة البشر على القيادة منهم. ومن هنا تتنامى المخاوف من التكنولوجيات الحديثة وتأثيرها على حياة البشر.
ويتكون الفريق من 20 فردا من مختلف الأعمار ومناحي عالم التكنولوجيا من شتى بقاع الأرض، منهم فينت سيرف أحد مخترعي الإنترنت، مما يعكس رغبة الأمين العام في ضم مدخلات من الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني والمنظمات الحكومية الدولية. ويتشارك في رئاسة الفريق الأميركية ميليندا غيتس الرئيسة المشاركة لمؤسسة بيل وميليندا غيتس والصيني جاك ما مؤسس شركة علي بابا.
ومن بين أعضاء الفريق أيضا، محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفادي شحادة المبرمج والمدير التنفيذي السابق لأيكان بالولايات المتحدة الأميركية.
وتزامنا مع إطلاق التقرير، عقد الأمين العام أنطونيو غوتيريش ندوة نقاش بُثت مباشرة على مختلف وسائل الإعلام مع ميليندا غيتس وجاك ما، شدد فيها على أهمية تسخير التكنولوجيا لرأب الفجوات في المساواة، وقال مشيرا إلى عمله في حكومة بلاده البرتغال:
"قبل عشرين عاما كنت أعمل في الحكومة، وكان لدينا تفاؤل ساذج بشأن العولمة. اعتقدنا أن العولمة لن تولد فقط ثروة هائلة، وهو ما فعلته، ولكن سيستفيد منها الجميع، وهذا غير صحيح. إذ تنامى عدم المساواة. وعندما أنظر إلى أجندة 2030 (للتنمية المستدامة)، نجد أن هدفنا المتمثل في عدم ترك أحد يتخلف عن ركب التقدم وتحقيق عولمة عادلة. هناك طريقة واحدة فقط للقيام بذلك، وهي استخدام التقنيات الرقمية قدر الإمكان لتحقيق قفزة نوعية فيما يتعلق بالتنمية الرقمية والعادلة. ولكن مع ذلك، هناك تهديد كبير نحتاج إلى التغلب عليه، حيث إن نصف سكان العالم لا يزالون غير متصلين بالإنترنت".
وكان الأمين العام قد طلب من الفريق المعني بالتعاون الرقمي تطوير أفكار جديدة ومبتكرة لتسخير فوائد العصر الرقمي وإدارة مخاطره، في إشارة إلى ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة.
ويستخدم مصطلح الثورة الصناعية الرابعة للتعبير عن اندماج التكنولوجيات المتطورة في المجتمعات وحياة الإنسان، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والسيارات ذاتية القيادة والذكاء الصناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء (تكنولوجيا تتيح اتصال الأجهزة المنزلية بشبكة الإنترنت - على سبيل المثال المبرد ومفاتيح الكهرباء). ولكن بالنظر إلى تداخل هذه التكنولوجيات المتطورة في الحياة اليومية، فمن الممكن تخيل كم الدمار التي يمكن أن تحدثه إذا ما تم اختراقها والسيطرة عليها من قبل أطراف مارقة.
ونظرا للدور الفريد الذي تلعبه الأمم المتحدة، بفضل وضعها وسلطتها في عقد الاجتماعات وقدرتها على الجمع بين أصحاب المصلحة لمناقشة القواعد والمعايير والحوكمة، يطلب التقرير من الأمين العام أن يسهل التشاور بين أصحاب المصلحة لوضع آليات محدّثة للتعاون الرقمي العالمي، انطلاقا من الخيارات التي اقترحها الفريق.