منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تدعو إلى التصدي للخزي والعزلة اللتين تواجهان المصابات بناسور الولادة

نساء شُفين من ناسور الولادة في منشأة صحية في تنزانيا يتلقين فيها العلاج والرعاية.
UNFPA Tanzania/Bright Warren
نساء شُفين من ناسور الولادة في منشأة صحية في تنزانيا يتلقين فيها العلاج والرعاية.

الأمم المتحدة تدعو إلى التصدي للخزي والعزلة اللتين تواجهان المصابات بناسور الولادة

الصحة

يعد ناسور الولادة أحد أخطر مضاعفات الولادة وأكثرها مأساوية، حيث تعاني المصابات به من الاكتئاب والعزلة الاجتماعية واشتداد الفقر. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه مقابل كل امرأة تموت لأسباب نفاسية، تعاني 20 امرأة على الأقل من الاعتلال النفاسي (المرتبط بالحمل والولادة)، ومن أشد أشكاله ناسور الولادة. 
 

بمناسبة إحياء اليوم الدولي لإنهاء ناسور الولادة في 23 أيار/مايو، الذي يمكن الوقاية منه بالكامل تقريبا، قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، إن المصابات ما زلن "يواجهن وصمة عار اجتماعية مدمرة".  

وأضافت المديرة التنفيذية الدكتورة ناتاليا كانيم، في بيان صدر اليوم الخميس، أن "الخزي والعزلة من بين الإهانات التي تواجهها مئات الآلاف من النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم اللائي يعانين من ناسور الولادة".  

ناسور الولادة هو خرق بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم بسبب الولادة الطويلة والمتعسرة. ويتسبب في سلس مزمن (الإخراج اللاإرادي للبول والبراز) للمصابات به، مما يؤدي إلى نبذ المجتمع لهن. وربما عانت بعض النساء من هذه الحالة لسنوات طويلة، وربما لعقود، بسبب عجزهن عن السعي للعلاج. 

وقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى الاحتفاء بهذا اليوم الدولي سنويا، لزيادة الوعي وتكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء ناسور الولادة. 

وعلى الرغم من النقص في المعطيات الخاصة بمعدلات وقوع وانتشار ناسور الولادة، تشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أنه ما بين 2 و4 ملايين امرأة يعانين من ناسور الولادة في البلدان منخفضة الدخل في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، إلى جانب ما بين 50 و100 ألف امرأة وفتاة يصبن بهذا الداء كل عام.  

وتقول ماريانا فيدمر، بإدارة بحوث الصحة الإنجابية بمنظمة الصحة العالمية، إن الوصم الاجتماعي وسوء الفهم الذي يحيط بالناسور قد أدى إلى قصور شديد في التبليغ عن هذه الحالات، ومن ثم أصبح هذا الداء من الحالات المرضية غير المعلنة.  

قصة زينب

وقد أوردت مجلة منظمة الصحة العالمية القصة التالية لإحدى المصابات بناسور الولادة. 

أنجبت زينب غاباتي (وهو اسمها المستعار) ولدها الأول وهي في سن السادسة عشرة. وذلك أمر غير مستغرب بالنسبة لفتاة مراهقة في ريف سيراليون. وقد نشأت زينب في قرية صغيرة جدا على الأطراف النائية لجزيرة تطوقها أشجار المانغروف على الساحل الجنوبي لسيراليون، وكانت بذلك على مسافة سفر لمدة يومين بحرا بالقارب عن أقرب عيادة طبية.  

ولما جاءها المخاض، كانت أمها في زيارة لأحد أقربائها أصابته وعكة صحية، فحملتها إحدى جاراتها إلى "الشجرة المقدسة" لكي تلد هناك. وظلت هناك ثلاثة أيام بينما تحاول المرأة أن تحرض المخاض بالجلوس على بطنها وبسحب الوليد بقوة. ولم يكن غريبا أن تبوء تلك المحاولة بالفشل. وتتذكر زينب قائلة: "لقد كان الوليد ميتا عندما خرج من بطني". 

أهمية القضاء على ناسور الولادة

وتحدث معظم نواسير الولادة بين النساء الفقيرات اللائي يعشن في ثقافات قد يرتهن فيها مركز المرأة واحترامها لنفسها، بشكل تام تقريبا، بزواجها وبقدرتها على الإنجاب. ومع ذلك فالناسور هو حالة طبية بمكن الوقاية منها، واستمراره هو دليل على فشل نظم الرعاية الصحية في تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية للنساء. 

وتظهر أعراض ناسور الولادة بشكل عام في فترة ما بعد الولادة المبكرة. ولكنها يمكن أن تتسبب في أعراض أخرى شديدة القساوة مثل التعرض لصدمة نفسية وتدهور الصحة وزيادة الفقر والوصم الاجتماعي من قبل العائلة والأصدقاء. 

ويمكن الوقاية من ناسور الولادة، بل وعلاجه في معظم الحالات. فالجراحات الترميمية على يد جراح مدرب وخبير في الناسور يمكنها أن تعالج الإصابة، حيث تبلغ معدلات نجاح العملية الجراحية 90% من الحالات الأقل تعقيدا. ويبلغ متوسطة تكلفة معالجة ناسور الولادة، بما فيها الرعاية اللاحقة للعملية الجراحية وإعادة التأهيل، 300 دولار للمريضة الواحدة. 

جدير بالذكر أن ناسور الولادة من الأمراض التي يمكن توقيها؛ ومن الممكن تجنبه إلى حد كبير باتخاذ إجراءات، منها تأخير الحمل الأول، ووقف الممارسات التقليدية الضارة، والحصول على خدمات الرعاية التوليدية في الوقت المناسب.