منظور عالمي قصص إنسانية

الاتفاق العالمي للاجئين: كيف يختلف عن اتفاق المهاجرين وكيف سيساعد الناس المضطرة للفرار من بلادها؟

اللاجئة الإيرانية مريم كوشلوي، واحدة من الطهاة في مطعم في جزيرة صقلية، يديره لاجئون ورواد أعمال محليون.
© UNHCR/Alessio Mamo
اللاجئة الإيرانية مريم كوشلوي، واحدة من الطهاة في مطعم في جزيرة صقلية، يديره لاجئون ورواد أعمال محليون.

الاتفاق العالمي للاجئين: كيف يختلف عن اتفاق المهاجرين وكيف سيساعد الناس المضطرة للفرار من بلادها؟

المهاجرون واللاجئون

من المتوقع أن يعتمد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين اتفاقا دوليا جديدا، يعرف باسم الاتـفاق العالمي بشأن اللاجئين، وذلك لصياغة استجابة أكثر قوة وإنصافا لموجات ضخمة من حركة اللاجئين، ولتقديم دعم أكبر للفارين من أوطانهم، وللدول المضيفة لهم، والتي غالبا ما تكون من بين الأفقر في العالم. 

 

تم تصميم هذا الاتفاق لتوفير نموذج قوي ومنهجي لتحسين حياة اللاجئين والمجتمعات المضيفة، وذلك بعد عامين من المشاورات المكثفة بشأنه– وهو ما سيبدو مألوفا لكل من تابع مشاورات الاتفاق العالمي للهجرة والذي تم تبنيه رسميا في مراكش، المغرب، يوم الاثنين الماضي.

وقد صممت أخبار الأمم المتحدة هذا الدليل لشرح الفرق الرئيسي بين وضع المهاجرين واللاجئين، والفوارق بين الاتفاقين المدعومين من الأمم المتحدة لتحسين حياة كل الناس المتحركين عبر الحدود حول العالم. 

لقد اعتمدنا للتو اتفاقا عالميا بشأن الهجرة؛ فلماذا نحتاج إلى اتفاق آخر؟

لقد تولد عن إعـلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين الذي تم تبنيه في سبتمبر 2016 اتفاقان مختلفان: الأول بشأن اللاجئين والآخر يخص المهاجرين. وعلى الرغم من أن كلا المجموعتين تضمان أناسا يعيشون خارج بلدانهم الأصلية، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بين المصطلحين "لاجئ" و "مهاجر".

لاجئ أم مهاجر، أيهما أصح؟

ما الفرق بين المهاجر واللاجئ؟

اللاجئون هم أشخاص يعيشون خارج بلدانهم الأصلية بسبب الخوف من الاضطهاد أو بسبب النزاعات أو العنف الواسع، أو غير ذلك من الظروف التي أربكت النظام العام في أوطانهم بشكل خطير، ونتيجة لذلك يحتاج هؤلاء لحماية دولية. يمكنكم الاطلاع على تعريف اللاجئين في اتفاقية 1951 والصكوك الإقليمية الخاصة باللاجئين، وكذلك على النظام الأساسي للمفوضية السامية لشئون اللاجئين.

بالرغم من عدم وجود تعريف قانوني رسمي لما يعرف بـ المهاجر الدولي، يتفق معظم الخبراء على أن المهاجر الدولي هو شخص يغير بلد إقامته المعتاد، بغض النظر عن سبب الهجرة أو الوضع القانوني. وبشكل عام، يتم التمييز بين الهجرة قصيرة الأجل أو الهجرة المؤقتة، والتي تغطي فترة الهجرة التي تتراوح بين ثلاثة أشهر و12  شهرا، وبين الهجرة طويلة الأجل أو الدائمة، في إشارة إلى تغيير بلد الإقامة لمدة سنة واحدة أو أكثر.

يشير الأمين العام دوما إلى أنه هو نفسه مهاجر، وقال مؤخرا على حسابه في موقع تويتر:

"بصفتي مواطنا برتغاليا، فأنا مهاجر في نيويورك، لكنني لم أضطر إلى المجازفة بحياتي في رحلة خطرة. يجب أن تكون الهجرة عملا مدفوعا بالأمل، لا اليأس."

Tweet URL

 

هل هذا يعني أن اتفاقية اللاجئين غير كافية لتحقيق الغرض منها؟

إن الاتفاق العالمي يبني على أسس النظام القانوني الدولي القائم للاجئين، ولا يستبدله -  بما في ذلك اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وغيرها من الصكوك القانونية الدولية المتعلقة باللاجئين وحقوق الإنسان والقانون الإنساني.

"اتفاقية اللاجئين تركز على حقوق اللاجئين والتزامات الدول بخصوصها، لكنها لا توجه اهتمامها لمسألة التعاون الدولي بطريقة واضحة تماما. هذا هو ما يسعى الاتفاق العالمي إلى معالجته." هكذا يشرح مساعد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فولكر ترك. "اتفاقية 1951 لا تحدد الكيفية التي يتم بها تقاسم الأعباء والمسؤوليات، وهذا هو تحديدا ما يوفره الاتفاق العالمي"، كما يقول ترك: "إنه يعالج واحدة من الفجوات الرئيسية التي واجهتنا لعقود طويلة."

لكن لماذا نحتاج إلى اتفاق دولي جديد؟

في نهاية عام 2017 كان هناك ما يقرب من 25.4 مليون لاجئ حول العالم،  أكثر من نصفهم دون سن الثامنة عشرة. واليوم، تستضيف عشرة بلدان فقط 60% من مجمل أعداد اللاجئين في العالم. تركيا وحدها تستضيف 3.5 مليون لاجئ، مما يجعلها الدولة الأكثر استضافة للاجئين. وعلاوة على ذلك، فإن الغالبية العظمى من اللاجئين في العالم (58% منهم) يعيشون في البلدان النامية التي تواجه تحديات اقتصادية وإنمائية خاصة.

وعلى سبيل المثال، يتولى عشرة مانحين حكوميين فقط (بما في ذلك الاتحاد الأوروبي) توفير ما يقارب الـ 80% من تمويل المفوضية، وأكثر من ثلثي طلبات إعادة التوطين المقدمة للمفوضية تذهب إلى خمسة بلدان فقط. إن الفجوة بين احتياجات اللاجئين، والعمل المطلوب للوفاء بها، هي فجوة كبيرة ما زالت تتسع.

من قرر إنشاء هذا الاتفاق؟ الأمم المتحدة، المفوضية السامية للاجئين؟

لا. إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هي من قرر ذلك. لقد تضمن إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين، المعتمد من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في سبتمبر 2016، خطوتين رئيسيتين فيما يتعلق باللاجئين:

• أولا، اعتمدت الدول الأعضاء إطار الاستجابة الشاملة للاجئين، والذي يحدد مجموعة واسعة من التدابير يتعين على المجتمع الدولي اتخاذها للاستجابة لحالات اللجوء الضخمة واسعة النطاق.

 • ثانيا، وافقت الدول الأعضاء على مواصلة تطوير الاستجابات الدولية، بالعمل نحو اعتماد "اتفاق عالمي بشأن اللاجئين" عام 2018. ولهذا الغرض، طلبت من مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين التشاور مع الدول الأعضاء ومع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة الآخرين، وأن يقوم بتقديم مقترح هذا الاتفاق. تم إصدار مقترح الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين في 20 يوليو 2018.

كيف تم التفاوض حول الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين؟

لقد تمت صياغته عبر عملية مشاورات متعددة الأطراف وواسعة النطاق مع الدول الأعضاء ومع أصحاب المصلحة الرئيسيين.

في 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2018، وافقت اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (الثالثة) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار الذي يعتمد اتفاق اللاجئين بأغلبية ساحقة، وأرسلت نصه إلى جلسة الجمعية العامة لاعتماده، كما هو متوقع في صباح يوم الاثنين 17 ديسمبر/كانون الأول 2018.

كيف سيعمل الاتفاق العالمي حول اللاجئين؟

يشيِّد الاتفاق العالمي البنيان الأساسي لاستجابة دولية النطاق أكثر قوة، وبقابلية أفضل للتنبؤ بمساراتها، وتكون أكثر مساواة في حالات حركة اللاجئين الكبيرة.

وعلى الرغم من أنه ليس ملزما قانونيا، إلا أن الاتفاق يوجه المجتمع الدولي ويقوده في آليات دعم اللاجئين ودعم الدول والمجتمعات التي تستضيف أعدادا كبيرة منهم، وذلك عبر تعبئة الإرادة السياسية، وتوسيع قاعدة الدعم، وتفعيل الترتيبات من أجل مشاركة أكثر عدالة للأعباء والمسؤوليات، وبشكل يمكن التنبؤ به.

ويقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي "إن اللاجئين يمثلون مصدر قلق دولي، ومسؤولية مشتركة". "سيكون لدينا في هذا الاتفاق، ولأول مرة، أنموذج عملي وقابل للتنفيذ، ستكون لدينا مجموعة من الأدوات التي تترجم هذا المبدأ إلى فعل."

"إن عقودا من إبعاد اللاجئين وعزلهم، أو إرسالهم إلى المخيمات أو إلى هامش المجتمع، ستفسح الآن المجال لطريقة مختلفة بشكل جذري: تضمين اللاجئين في النظم الوطنية وفي مجتمعات واقتصادات البلدان المضيفة لهم، للفترة الضرورية الكافية لظرفهم، وتمكينهم من الإسهام في مجتمعاتهم الجديدة وتأمين مستقبلهم الخاص، إلى حين حل محنتهم." هكذا يوضح غراندي، مشيرا إلى أن الاتفاق العالمي نشأ من الكرم الذي أبدته هذه المجتمعات المضيفة. 

يحتوي الاتفاق العالمي على أربعة أهداف:

1. تخفيف الضغوط على البلدان التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين؛

2. بناء قدرات الاعتماد على الذات لدى اللاجئين؛

3. توسيع فرص الوصول إلى الدولة الثالثة للاجئين من خلال إعادة التوطين ومسارات الدخول الأخرى؛

4. آليات الدعم التي تمكن اللاجئين من العودة إلى بلادهم الأصلية.

 
Tweet URL

 

هل سيكون لزاما على بلدي الترحيب باللاجئين؟

ليس أكثر مما هي ملزمة بذلك الآن. تركز اتفاقية اللاجئين لعام 1951 على حقوق اللاجئين والتزامات الدول. ويؤكد الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين على تلك المعايير والمبادئ.

ولا يُقصد بهذا الاتفاق خلق أعباء أو فروض إضافية على البلدان التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، ولا تعديل ولاية مفوضية شئون اللاجئين في الحماية والحلول. بل يسعى الاتفاق إلى البناء على ما هو مشيد بالفعل من نظام دولي للاجئين تم تأسيسه على مدى عقود.

يستضيف بلدي العديد من اللاجئين؟ هل سنحصل على المساعدة؟

في حالات محددة في سياقات حركات اللجوء واسعة النطاق، ينص الاتفاق العالمي على أن الدولة المضيفة أو بلد المنشأ، يمكن أن تطلب من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تفعيل منبر دعم للمساعدة في ترتيبات استجابتها الوطنية لهذه الحالات. 

"ما نريد أن نحققه هو دعم سريع للغاية: الدعم السياسي والمالي ودعم إعادة التوطين، بحيث تشعر البلدان – حين تواجه مثل هذا الوضع - أنها ليست وحدها، وليست معزولة، لا أن تشعر أن "لا أحد يهتم". ويضيف فولكر ترك " المجتمع الدولي يهتم بالناس، ولكنه يهتم أيضا بالبلد المتأثر؛ وهو يقف متضامنا معه، وكذلك يعمل متضامنا معه. هذا حقا هو الهدف."

ما الفرق الملموس الذي سيحدثه الاتفاق في حياة اللاجئين أو المجتمعات التي تستضيفهم؟

يوضح مساعد المفوض السامي لشؤون الحماية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه إذا تم تنفيذ هذا الاتفاق، فسوف نرى "تعليما أفضل للبنين والبنات من اللاجئين، بالإضافة إلى تحسين فرص اللاجئين في الحصول على الخدمات الصحية، وإتاحة المزيد من فرص كسب الرزق لهم". سوف تتعامل المجتمعات المضيفة بشكل مختلف مع اللاجئين، وتبتعد عن سياسات المعسكرات.

إن دولا مضيفة مثل أوغندا ورواندا وإيران ولبنان، وأخرى في أمريكا الوسطى – وهي التي تواجه بنيتها التحتية وخدماتها الصحية تحديات هائلة باستضافة ملايين اللاجئين –  ستحصل على الدعم الذي تحتاج إليه، ليس فقط من منظور المساعدة الإنسانية ولكن من منظور التعاون الإنمائي، "وهذا هو الجديد" في الاتفاق العالمي، كما يقول فولكر ترك.

كذلك، تهدف المفوضية إلى توفير مزيد من بلدان إعادة التوطين وإيجاد سبل إضافية تمِّكن اللاجئين من الانتقال إلى بلدان ثالثة، عبر برامج لم شمل الأسر مثلا، أو المنح الدراسية للطلاب أو التأشيرات الإنسانية.

ولكن إذا كان الاتفاق غير ملزم قانونا، فهل يمكن حقا أن يكون له تأثير؟

الاتفاق العالمي غير ملزم، قانونيا، لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستعتمده. ويقول فولكر ترك "حين يحدث ذلك، فإنه سيدلل عمليا على وجود التزام سياسي قوي للغاية من جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة لتنفيذ الاتفاق، حتى لو لم يكن ملزماً قانونيا،" مشيراً إلى أنه "في عالم اليوم، هذه هي الطريقة التي تتم بها إدارة العمل متعدد الأطراف.".

ومن سيمول كل ذلك؟

يصمم الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين الاستجابة الدولية داخل نهج شراكات واسعة النطاق بشكل كبير. فينظر إلى ما يمكن أن يجلبه القطاع الخاص وما تجلبه المجتمعات الدينية، والمؤسسات المالية الدولية، إلى الطاولة.

وقد أنشأ البنك الدولي أداة مالية محددة موجهة للبلدان منخفضة الدخل التي تأثرت بالنزوح القسري – 2 مليار دولار أمريكي لبضع سنوات – للمساعدة في معالجة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتدفقات اللاجئين في جزء من البلد.

 

أخبار الأمم المتحدة في متناول أيديكم، حملوا التطبيق باللغة العربية من متجر آبل لأجهزة الأيفون والآيباد IOS أو من متجر غوغل لأجهزة أندرويد Android. واشتركوا في النشرة الإخبارية.