منظور عالمي قصص إنسانية

السودان: مفوضية اللاجئين تصف مشهداً ضبابياً ومعقداً على الأرض، فيما يستمر النزوح إلى الدول المجاورة

لاجئون سودانيون يحتمون تحت الأشجار في قرى على بعد 5 كيلومترات داخل حدود تشاد المجاورة.
© UNHCR/Aristophane Ngargoune
لاجئون سودانيون يحتمون تحت الأشجار في قرى على بعد 5 كيلومترات داخل حدود تشاد المجاورة.

السودان: مفوضية اللاجئين تصف مشهداً ضبابياً ومعقداً على الأرض، فيما يستمر النزوح إلى الدول المجاورة

المهاجرون واللاجئون

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إنها توسع نطاق عملها لمساعدة الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان في البلدان المجاورة للسودان، حيث من المتوقع أن تتسبب الاشتباكات الدائرة في زيادة موجات النزوح داخل البلاد وخارجها.

 

إلا أن المفوضية أشارت إلى أنها اضطرت إلى وقف بعض عملياتها داخل السودان في المناطق الأكثر تضررا، مما يزيد من ضبابية المشهد، وأكدت أنها تعمل على تحديد كيفية استمرار عملها والموارد اللازمة لذلك.

للتعرف على المزيد، أجرينا حوراً مع السيدة فايث كاسينا، المتحدثة الإقليمية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في شرقي القرن الأفريقي ومنطقة البحيرات العظمى، والتي حدثتنا من العاصمة الكينية نيروبي.

أخبار الأمم المتحدة: أردت أن أبدأ حديثنا حول النازحين داخلياً في السودان. كما تعلمين، شهدت المناطق التي وقعت فيها الاشتباكات نزوحاً جماعياً للمدنيين. ما الذي تفعله المفوضية لدعمهم، وهل لديك أي مستجدات عن أعداد السودانيين الذين أجبروا على الفرار من ديارهم؟

فايث كاسينا: شكراً جزيلاً على الاستضافة. فيما يتعلق بالنزوح الداخلي، كما يمكنك أن تتخيل، فإن الوضع شديد التقلب في الوقت الحالي. شهدت المناطق حركة نزوح كبيرة بسبب الوضع الأمني. وفرقنا على الأرض غير قادرة على العمل بكامل طاقتها كما هو معتاد، ولذا، فإن بعض الأنشطة التي كانت من الممكن أن تساعدنا على تحديد النطاق الكامل للنزوح الداخلي ليست فاعلة في الوقت الحالي.

ولكن وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة ما زلنا نرى آلاف الأشخاص يفرون من الخرطوم. هناك تقارير عن عائلات وصلت إلى أجزاء مختلفة من البلاد تأثرت بشكل أقل جراء القتال، مثل القضارف شرق السودان على سبيل المثال.

فيما يتعلق بالأشخاص الذين يطلبون اللجوء خارج السودان، فإن أهم التحركات التي شهدناها حتى الآن هي نحو تشاد وجنوب السودان. في تشاد، شهدنا وصول ما يصل إلى 20 ألف شخص مؤخراً إلى الحدود مع السودان. أما في جنوب السودان، فهناك ما يقرب من 4000 لاجئ من جنوب السودان عادوا إلى بلادهم بسبب الاشتباكات.

نحن نراقب الوضع عن كثب. نتوقع أن تستمر هذه الأرقام في الازدياد مع تقدم المزيد من الناس لطلبات اللجوء في بلدان أخرى. إن الوضع في الواقع مروع للغاية ونحن نفعل كل ما في وسعنا للمساعدة.

أخبار الأمم المتحدة: هل تمكنتم من تحديد أي ممرات إنسانية؟ هل أنتم على اتصال بأطراف النزاع؟

فايث كاسينا: الوافدون الذين رأيناهم في تشاد وجنوب السودان هم في الأساس أشخاص شقوا طريقهم بأنفسهم إلى هذه المناطق الحدودية. لقد أخبرتنا فرقنا على الأرض في جنوب السودان، وبشكل رئيسي في ولاية أعالي النيل حيث يتوافد الناس، بأن الوافدين اضطروا إلى ركوب الحافلات لمدة أيام للوصول إلى تلك المواقع. كما يروون قصصاً لآخرين أُجبروا على السير على الأقدام لأنهم لا يملكون الموارد اللازمة الكافية للنقل. هؤلاء أشخاص شقوا طريقهم إلى هذه المناطق بمواردهم الخاصة لطلب اللجوء.

أخبار الأمم المتحدة: من الواضح أن الوضع الذي وصفتيه للتو معقد للغاية، ومع استمرار القتال سيزداد الأمر تعقيداً. ما الذي يمكن فعله للتخفيف من التحديات التي تواجهها المفوضية لمساعدة النازحين؟

فايث كاسينا: في نهاية المطاف، نكرر الدعوات التي كانت الأمم المتحدة تطلقها منذ أن بدأت هذه الأزمة لإنهاء القتال. هذه هي الطريقة الوحيدة لوضع حد لهذا الوضع.

ولكن في المواقع التي يصل إليها الأشخاص بتشاد وجنوب السودان، تحتاج المفوضية بالتأكيد إلى الموارد للاستجابة لاحتياجات الوافدين للتأكد من حصولهم على المساعدة اللازمة. يجب الأخذ في الاعتبار أن الوافدين الجدد يأتون إلى بلدان هي نفسها تتعامل بالفعل مع أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين داخلياً، وسط نقص شديد في التمويل في كثير من الأحيان. وبالتالي، رغم أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تبذل كل ما في وسعها للمساعدة، فإن وصول الوافدين الجدد يضع ضغطاً على الموارد المحدودة للغاية المتوفرة لدينا على الأرض.

ندعو لتوفير تمويل إضافي لضمان قدرتنا على الاستجابة بسرعة، والاستجابة بفعالية لاحتياجات الناس. نحن ممتنون للشراكة مع الحكومات والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى، حيث أبقت هذه الدول حدودها مفتوحة أمام حركة الناس. ونأمل أن يستمر ذلك في المستقبل.

استمرار الاشتباكات في السودان أدت إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية والوقود.
OCHA
استمرار الاشتباكات في السودان أدت إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية والوقود.

أخبار الأمم المتحدة: فيما يتعلق بمسألة التمويل والموارد، كيف يبدو وضع المفوضية. هل لديكم أي تقييمات جديدة للموارد التي تحتاجونها وهل قدمت إليكم أي تعهدات جديدة للاستجابة لحالة الطوارئ هذه؟

فايث كاسينا: ما زلنا نراقب الوضع في الوقت الحالي. نعمل داخلياً لمعرفة ما هو ممكن بالنظر إلى الوضع الأمني في البلد، ولمعرفة ما إذا كنا سنتمكن من إجراء بعض هذه التقييمات التي يمكن أن توضح الصورة لما هو مطلوب حقاً. يجب أن أذكر أنه بسبب الوضع السائد في السودان، اضطررنا إلى إغلاق أو إيقاف عملياتنا مؤقتاً في بعض المناطق المتضررة. وبالتالي، فقد حد هذا من قدرتنا على مواصلة دعم من هم في أمس الحاجة إليها. فيما يتعلق بحجم التمويل الذي نحتاجه، لا يزال هذا العمل قيد التنفيذ. تعمل فرقنا على الأرض لتحديد شكل استجابتنا والموارد المطلوبة لضمان حصول الجميع على المساعدات التي يحتاجونها.

نكرر دعوتنا لإظهار تضامن قوي مع الشعب السوداني، واللاجئين الذين أجبروا الآن على طلب اللجوء في البلدان المجاورة. نحتاج فقط إلى تضامن عالمي مع هؤلاء الأشخاص للتأكد من أن لدينا القدرة على الاستجابة لاحتياجات الناس بشكل فعال.

أخبار الأمم المتحدة: تعقيبا على ما ذكرتيه حول التضامن. كيف تقيمون الاستجابة من الدول المجاورة؟ كيف تم استقبال اللاجئين السودانيين في تلك الدول؟

فايث كاسينا: نحن ممتنون للغاية لحكومتي تشاد وجنوب السودان لأنهما أبقيا حدودهما مفتوحة للأشخاص الفارين من السودان الذين طلبوا اللجوء في هذين البلدين. على سبيل المثال، نحن الآن في طور تحديد المكان الذي سيحتمي فيه الوافدون الجدد في تشاد، إما في مخيمات اللاجئين القائمة أو في المجتمعات المحلية في محيط مكان وصول هؤلاء الأشخاص. وربما في المستقبل سيكون هناك المزيد من المناقشات حول طريقة أكثر منهجية للإيواء والوافدين الجدد.

أما في جنوب السودان، فالأشخاص الذين يصلون بالفعل هم لاجئون من جنوب السودان. هؤلاء أشخاص فروا من جنوب السودان في وقت ما إلى السودان، وأجبروا على العودة بسبب القتال في السودان. وما نراه هو أن الغالبية منهم في الواقع يختارون البقاء مع أقاربهم. لذلك، بالإضافة إلى توفير مواد الإغاثة على الحدود عند وصولهم، ننظر أيضاً في كيفية دعمهم لنقلهم إلى مناطقهم الأصلية. أما بالنسبة إلى أولئك الذين لا يزالون يفضلون تلقي المساعدة، فإننا نبحث عن خيارات تتعلق بالمكان الذي يمكننا إيواؤهم فيه وكيف يمكننا القيام بذلك بشكل فعال.

يعبر آلاف اللاجئين الحدود إلى تشاد هرباً من العنف في السودان.
© UNHCR/Aristophane Ngargoune
يعبر آلاف اللاجئين الحدود إلى تشاد هرباً من العنف في السودان.

أخبار الأمم المتحدة: بالعودة إلى ما قلتيه بشأن إغلاق المفوضية لعملياتها في بعض المناطق الأكثر تأثراً بالاشتباكات. لقد أعادت الأمم المتحدة الآن تموضعها في البلاد بشكل أساسي. كيف أثر ذلك على عملياتكم وخاصة أن السودان نفسه بلد مضيف للعديد من اللاجئين، كيف أثر القتال عليهم؟ وهل ما زلتم قادرين على تقديم الخدمات للاجئين؟

فايث كاسينا: كان للقتال تأثير كبير على الناس في السودان وخاصة على عملياتنا كوكالة. كما قلت، بسبب الوضع اضطررنا إلى إغلاق بعض عملياتنا مؤقتاً في المناطق الأكثر تضرراً. لكننا نعمل داخل المفوضية لتحديد كيفية استمرار بقاء موظفينا وفرقنا في المواقع التي تأثرت بشكل أقل لتقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة لأكثر الأشخاص تضرراً.

الوضع معقد للغاية في الوقت الحالي. نحاول حقاً العمل مع مجتمعات اللاجئين، على سبيل المثال، نحن على اتصال دائم مع قادة اللاجئين، ونوصيهم بتقديم النصح لمجتمعات اللاجئين بالبقاء في مكانهم وتجنب التحركات غير الضرورية، كما نطلب منهم تبادل المعلومات أيضاً التي من الممكن أن يستفيد منها اللاجئون أو فرقنا على الأرض حتى نتمكن من تقديم المساعدة بكفاءة. نحن على اتصال ببعض الشبكات المجتمعية في الوقت الحالي. لكن يجب أن أقول إن الوضع مؤلم للغاية بالنسبة لقدرتنا على الاستجابة.