منظور عالمي قصص إنسانية

أوكرانيا: 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية والملايين في عداد النازحين واللاجئين

أسرة هربت من ماريوبول ووصلت إلى محطة القطارات في لفيف في أوكرانيا.
© UNICEF/Juan Haro
أسرة هربت من ماريوبول ووصلت إلى محطة القطارات في لفيف في أوكرانيا.

أوكرانيا: 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية والملايين في عداد النازحين واللاجئين

المساعدات الإنسانية

خلفت الحرب الروسية على أوكرانيا – التي تدخل شهرها الخامس – وضعا إنسانيا مقلقا في جميع أنحاء البلاد. وقدمت الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيون في أوكرانيا مساعدات منقذة للحياة لما يقرب من 9 ملايين شخص منذ بدء الحرب. مع ذلك، واجه العاملون في المجال الإنساني عوائق حالت دون وصولهم إلى المناطق التي يحتاج الناس فيها بشدة إلى الدعم.

وفي مؤتمر صحفي من كييف لشرح كيف عملت الأمم المتحدة على تخفيف معاناة ملايين الأشخاص في أوكرانيا خلال الأشهر الأربعة الماضية، تحدثت المنسقة الإنسانية، أوسنات لوبراني، عن الوضع المتدهور واحتياجات الأشخاص المتضررين والتحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني في أوكرانيا لدعم المحتاجين.

وقالت السيدة لوبراني: "خلال الأشهر الأربعة الماضية، كانت أوكرانيا محط اهتمام العالم، وذلك ليس لأسباب جيدة."

وأوضحت أنه منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، تمزقت حياة كل امرأة ورجل وخاصة الأطفال في أوكرانيا، فقد قُتل أحباؤهم وأصيبوا وتعرضوا للصدمة، وتشتت عائلاتهم وتعرضت آلاف المنازل للقصف.

16 مليون شخص بحاجة للمساعدات

أشارت المسؤولة الأممية إلى أن ما يقرب من 16 مليون شخص في أوكرانيا يحتاجون اليوم إلى مساعدات إنسانية – ماء، طعام، خدمات صحية، سقف فوق رؤوسهم، وحماية. وهذه الأرقام موضوعة بتحفظ وتقوم الأمم المتحدة بمراجعتها الآن مع الشركاء في المجال الإنساني.

خلال الأشهر الأربعة الماضية، كانت أوكرانيا محط اهتمام العالم، وذلك ليس لأسباب جيدة

وأضافت أن أكثر من ستة ملايين شخص لا يزالون نازحين داخليا. وتمكن حوالي خمسة ملايين من العودة، لكن الكثيرين يعرفون أنهم قد يضطرون إلى الفرار مرة أخرى.

وأصبح أكثر من 5.3 مليون شخص لاجئين في بلدان أخرى.

أما بالنسبة للضحايا، فالعدد بلغ تقريبا 5,000 مدني قُتلوا وأكثر من 5,000 جريح، وهذا مجرد جزء يسير من واقع مخيف، على حدّ تعبيرها.

وتابعت تقول: "ناهيكم عن الأرقام – التي هي أيضا غير دقيقة لأننا لم نتمكن من التحقق من جميع التقارير الواردة – عن المستشفيات والمدارس والمنازل المتضررة."

قصص مروعة

قبلت ليودميلا يد ابنتها صوفيا البالغة من العمر 13 عاما والتي تتعافى بعد أن نجت من هجوم بقذيفة، في مستشفى الأطفال المتخصص "أخماتديت" في كييف.
© UNICEF/Tetiana Bundzilo
قبلت ليودميلا يد ابنتها صوفيا البالغة من العمر 13 عاما والتي تتعافى بعد أن نجت من هجوم بقذيفة، في مستشفى الأطفال المتخصص "أخماتديت" في كييف.

تحدثت السيدة أوسنات لوبراني عن تجارب أشخاص من مناطق متفرقة من البلاد، مثل تلك الأم لطفل عمره أربعة أشهر التقت بهما أثناء عملية الإجلاء من ماريوبول وأزوفستال، وقالت: "أخبرتني السيدة كيف تخطت المرحلة لأشهر دون رؤية شعاع الشمس، وكيف كافحت لإطعام نفسها، وكيف أنها وآخرين لم يكن لديهم مياه نظيفة صالحة للشرب."

وتحدثت عن سكان دونيتسك الذين شهدوا خلال الشهر الماضي، مدينتهم تقصف يوما بعد يوم، ومدارسهم ومستشفياتهم تدمر، فيما اضطروا إلى قضاء ساعات في الاختباء.

"إنهم يعرفون ما يعنيه العيش بدون مياه التي لا يمكنهم الحصول عليها سوى بضع ساعات في اليوم، حوالي ثلاث مرات في الأسبوع."

وتحدثت عن سكان خيرسون، خاصة أولئك اليائسين الذين يرغبون بالمغادرة نحو مناطق أكثر أمنا لكنهم مُنعوا من ذلك، "حتى أن الكثيرين فقدوا حياتهم بينما كانوا يخاطرون بالقيام برحلة نحو غرب أوكرانيا."

كما تحدثت عن حياة سكان إقليم لوهانسكا وسيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، الذين رأوا مشاهد الدمار الذي سببته الاشتباكات بين أطراف الصراع.

وقالت: "عندما كنت في ماريوبول في أيار/مايو، لم أصدق ما رأيته بأم عيني. أتذكر كيف كانت المدينة عندما زرتها عدة مرات من قبل وانفطر قلبي مرة أخرى. شعرت بالشيء نفسه في خاركيف أو المناطق القريبة من كييف، مثل بوتشا وإيربين وغيرهما."

طفلان ينتظران في أحد القطارات في أوكرانيا حيث سيتوجهان إلى بولندا (نيسان/أبريل 2022).
© UNICEF/Siegfried Modola
طفلان ينتظران في أحد القطارات في أوكرانيا حيث سيتوجهان إلى بولندا (نيسان/أبريل 2022).

بذل الجهود لمساعدة المتضررين

تطرقت المسؤولة الأممية إلى الجهود المبذولة لدعم الأشخاص الذي تدمرت حياتهم بسبب هذه الحرب، مع التأكيد على ضرورة أن يبذل الاتحاد الروسي والحكومة الأوكرانية المزيد من الجهد لحماية شعب هذا البلد ولجعل عمل المنظمات الإنسانية ممكنا.

يشار إلى أنه منذ 24 شباط/فبراير، قدمت الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني المساعدة المنقذة للحياة إلى ما يقرب من تسعة ملايين شخص في كل منطقة من مناطق أوكرانيا. كما تلقى ما يقرب من مليوني شخص مساعدات نقدية، وأصبحوا قادرين على اتخاذ خياراتهم الخاصة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

لكنها أشارت إلى الوضع الأمني الذي يشكل عائقا أمام تقديم المساعدات: "لم نتمكن من إيصال إمدادات الإغاثة أو الوصول إلى خيرسون. ولم نتمكن من توصيل إمدادات الإغاثة أو الوصول إلى ماريوبول. ولم نتمكن من دعم أي نوع من المساعدة أو حتى جعل الأطراف تتفق على ممرات آمنة لإجلاء الأشخاص من سيفيرودونيتسك، حتى يتمكنوا من التحرك في الاتجاه الذي يختارونه."

وأكدت أنه من الصعب للغاية الوصول إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة – إن لم يكن مستحيلا. وأوضحت أن أطراف هذا النزاع تتجاهل بشكل صارخ التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

وقالت في ختام كلمتها: "تتحمل الأطراف المسؤولية عن أي انتهاك ضد المدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان."

ودعت الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها وحماية المدنيين الذين عانوا بالفعل بشدة بسبب الحرب، وحماية البنية التحتية الحيوية للناس، والاتفاق بشكل حاسم وعاجل على وصول آمن ودون عوائق للعاملين في المجال الإنساني إلى جميع المناطق والمدن والبلدات والقرى حيث يحتاج الناس إلى المساعدة أو من حيث يريدون المغادرة.

برنامج الأغذية العالمي يناشد الوصول إلى الموانئ والصوامع

خارج البلد الذي مزقته الحرب، وسط قلق متزايد بشأن انعدام الأمن الغذائي العالمي الناجم جزئيا عن عدم الوصول الآمن إلى الموانئ الأوكرانية وصوامع الحبوب التي تأويها، كرر برنامج الأغذية العالمي دعوته للوصول إليها.

وقالت كيت نيوتن، نائبة منسق الطوارئ لبرنامج الأغذية العالمي في أوكرانيا: "بدون موانئ البحر الأسود، لا يمكننا الاقتراب من نوع مستويات التصدير التي تحتاجها أوكرانيا بشكل عاجل."

وأضافت أنه مع ذلك، "فإننا نبذل كل ما في وسعنا، أي عبر الشوارع والسكك الحديدة، والآن النهر، لمحاولة الاقتراب من الحد الأقصى للإنتاج."

وأوضحت أنه في الوقت الحالي "نعتقد أنه يبلغ حوالي مليون طن متري شهريا، وربما يمكننا دفع ما يصل إلى مليوني طن، لكننا بحاجة ماسة إلى الوصول إلى البحر الأسود."

مخاوف من انتقاء وتحديد من يحق له بالمغادرة

لدى سؤالها عن الوضع في ماريوبول، قالت رئيسة بعثة مراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، ماتيلدا بوغنر، إن الأمم المتحدة تواصل محاولة تأمين الوصول من القوات الروسية هناك.

وأشارت إلى وجود مخاوف مستمرة بشأن ما يسمى بعملية "الفرز" (أو تحديد) الأشخاص الذين يرغبون في مغادرة المدينة المدمرة.

وقالت: "نحن نتفهم أنه ما لم يجتز الأشخاص عملية الانتقاء تلك بشكل كامل، فيمكن عندئذ احتجازهم وتوقيفهم، أحيانا في مناطق في دونيتسك ونخشى على سلامتهم."

وأضافت أنه جرى توثيق احتجاز أشخاص في الماضي في أماكن احتجاز في مناطق سيطرة القوات المسلحة – القوات المسلحة التابعة لروسيا في الشرق – وقد تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، "ونحن قلقون من احتمال استمرار ذلك."