منظور عالمي قصص إنسانية

فاتو بنسودا تدعو أطراف النزاع في ليبيا إلى التوقف عن استخدام مرافق الاحتجاز لارتكاب الجرائم

المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا (الأرشيف)
UN Photo / Loey Felipe
المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا (الأرشيف)

فاتو بنسودا تدعو أطراف النزاع في ليبيا إلى التوقف عن استخدام مرافق الاحتجاز لارتكاب الجرائم

القانون ومنع الجريمة

حثت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا على اتخاذ خطوات عاجلة لوضع حد للجرائم التي ترتكب في مرافق الاحتجاز، والتحقيق بالكامل بادعاءات الاحتجاز التعسفي والتعذيب ومصادرة الممتلكات والاغتصاب، وغيرها من أشكال العنف الجنسي.

وحثت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، جميع أطراف النزاع في ليبيا على وضع حد فورا لاستخدام مرافق الاحتجاز لإساءة معاملة السجناء وارتكاب جرائم ضد المدنيين.

جاء ذلك في إحاطتها الافتراضية أمام مجلس الأمن، وهي آخر إحاطة لها حول الوضع في ليبيا قبل انتهاء مدة ولايتها في 15 حزيران/يونيو.

وقالت السيّدة بنسودا: "نتلقى معلومات مقلقة حول جرائم مستمرة تتراوح بين الاختفاء والاعتقال التعسفي إلى القتل والتعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد جمعنا معلومات ودلائل موثوقة بشأن جرائم خطيرة زعم أنها ارتكبت في مراكز اعتقال رسمية وغير رسمية في ليبيا".

وتحدثت بنسودا عن معتقل معيتيقة الذي تسيطر عليه قوات الردع الخاصة وسجنا قرنادة والكويفية اللذان تسيطر عليهما الميليشيات المعروفة بالقوات المسلحة العربية الليبية المعروفة سابقا بالجيش الوطني الليبي.

معتقلون بالآلاف

تفيد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) بأن أكثر من 8,850 فردا محتجزون تعسفا في 28 سجنا رسميا لدى الشرطة، مع ما يقدر ب 60-70 منهم في المائة يخضعون لتوقيف يسبق المحاكمة.

و10 آلاف شخص إضافي محتجزون في مراكز توقيف أخرى تديرها ميليشيات ومجموعات مسلحة، تتضمن نحو 480 امرأة و63 يافعا وطفلا.

وأشارت بنسودا إلى أن الجرائم التي يتم ارتكابها لسنوات تتضمن التعذيب بنطاق واسع والعنف الجنسي والمعاملة غير إنسانية والاحتجاز التعسفي، "ولكن للأسف لم تتم محاسبة المرتكبين حتى الآن".

كما تؤكد معلومات موثوقة بحسب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أحكام كبيرة بحق المدنيين بما في ذلك عقوبة الإعدام في محاكم عسكرية شرقي ليبيا، وفي محاكم سرية خالية من ضمانات المحاكمة العادلة.

من الأرشيف: الأطفال من أكثر المتضررين من الصراع في ليبيا.
UNOCHA/Giles Clarke

المقابر الجماعية

خلال فترة التقرير، سافر أعضاء من المحكمة الجنائية الدولية إلى ليبيا، وقابلوا شهود عيان، وحصلوا على وثاق مهمة ومواد من مصادر مختلفة.

وقالت السيّدة بنسودا: "زار الفريق أيضا مسارح الجرائم في ترهونة بما في ذلك مواقع اكتشفت فيها أكثر من 100 جثة"، كما التقى الفريق بناجين وأعضاء من أسر الشباب الصغار الذين أصيبوا أو قتلوا خلال الضربة الجوية على الكلية العسكرية في الهضبة بطرابلس في 4 كانون الثاني/يناير 2020، ومع نازحين من بنغازي والكثير من ضحايا الجرائم التي ارتكبت في ترهونة.

وأشارت بنسودا إلى أن فريقها واصل الانخراط مع السلطات الوطنية الليبية بعد اكتشاف عدة قبور جماعية في ترهونة. وشددت على أن العدالة الفعالة لا يمكن تحقيقها بدون الجهود المشتركة والتعاون الجيد مع السلطات الوطنية والشركاء الأساسيين مثل أونسميل.

وقالت: "مع مواصلة المكتب تكثيف أنشطته الاستقصائية في ليبيا، فإنه يتطلع إلى البناء على العلاقات.. من أجل تعزيز روح التعاون المثمرة مع حكومة الوحدة الوطنية".

استهداف الأصوات المعارضة

شددت المدعية العامة على أن مكتبها يتابع تقارير عن استهداف مدنيين يجرؤون على معارضة ممارسات الميليشيات في شرق وغرب ليبيا. وتطرقت إلى اغتيال محامية حقوق الإنسان، حنان البرعصي، في بنغازي في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي.

وقالت: "يدين مكتبي هذه الجرائم بأشد العبارات الممكنة، ويدعو السلطات المدنية والعسكرية في ليبيا إلى التحقيق ومحاكمة الأشخاص المسؤولين عن هذه الجرائم".

وجددت دعوتها للسلطات الليبية إلى التحقيق بالكامل في اختفاء سهام سرقيوة، العضوة المنتخبة لمجلس النواب، المختفية منذ اختطافها في بنغازي في 17 تموز/يوليو 2019.

وقالت: "بالإضافة إلى ذلك، تلقى مكتبي معلومات مقلقة حول أنشطة المرتزقة ومقاتلين أجانب في ليبيا، هذه المعلومات تتسق مع ما توصل إليه فريق الخبراء التابع لأونسميل، ويدعم المكتب الدعوة هذه المجموعات المسلحة والأفراد إلى ترك ليبيا دون تأخير".

الفشل في تنفيذ مذكرات الاعتقال

أوضحت فاتو بنسودا أن الفشل في تنفيذ أوامر المحكمة الجنائية الدولية يمثل حجر عثرة ويمنع مكتبها من البحث عن العدالة الفعالة للضحايا من الجرائم التي ارتكبت في ليبيا. وقالت إنه بحسب تقارير موثوقة، توفي اثنان من المشتبه بهما ولن يواجها العدالة في المحكمة.

وأكدت أنه لم يحرَز أي تقدم في تأمين تنفيذ مذكرات الاعتقال وهذا التزام يقع على عاتق الدول. وقالت: "الأفراد الذين صدرت بحقهم الأوامر لا يزالون أحرارا، أحد هؤلاء الأفراد هو محمود مصطفى بوسيف الورفلي، قائد الصاعقة، حيث يزعم بأنه أعدم 43 مدنيا".

وقد أفادت تقارير موثوقة بمقتله في بنغازي في آذار/مارس هذا العام.

بالإضافة إليه، فإن السيد التهامي محمد خالد، الذي يزعم بارتكابه جرائم خطيرة بما في ذلك التعذيب توفي أيضا بحسب التقارير في القاهرة.

وقالت: "يجب أن أذكر أن مذكرة الاعتقال الصادرة بحق سيف الإسلام القذافي تظل غير منفذة، وأكرر أنه هارب من وجه العدالة. وأشدد على أن ليبيا ملتزمة قانونيا باعتقاله وتسليمه للمحكمة. ويدعو المكتب حكومة الوحدة الوطنية إلى اتخاذ كل إجراء ممكن لتأمين اعتقاله وتسليمه".

وأكدت بنسودا على أنه لا يمكن أن يتحقق السلام الدائم بدون المساءلة والعدالة.

ليبيا حريصة على بناء دولة مدينة

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، شدد مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني، على أن الشعب الليبي حريص كل الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وإرساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

السيد طاهر السني، المندوب الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة، يطلع أعضاء المجلس عبر تقنية الفيديو، حول الوضع في ليبيا.
UN Photo

لكنه أكد أن ذلك لن يحصل "إلا عند تفعيل مسار المصالحة الوطنية الشاملة والتي تبدأ بالعدالة وإظهار الحقيقة والمصارحة وجبر الضرر".

وأكد الطاهر السني على مقاضاة جميع المتهمين وفقا للقانون الذي يعكس السيادة الليبية والقضاء الليبي والذي يلتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين، وأضاف يقول: "نحن ننظر إلى دور المحكمة الجنائية الدولية على أنه دور تكميلي لتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب، وبالأخص مع من يقعون خارج نطاق سلطة الدولة، ونأمل أن تتعاون كل الدول مع السلطات القضائية الليبية لإجراء التحقيقات اللازمة والمساعدة في تقديم المطلوبين للعدالة الوطنية".

وأشار إلى أن ليبيا لا تزال بانتظار نتائج التحقيقات التي توصل إليها فريق الجنائية الدولية الذي زار ليبيا مؤخرا وتحديد المتورطين في الانتهاكات الجسيمة.

الالتزام بتحقيق العدالة

وشدد على التزام السلطات الليبية بتحقيق العدالة للضحايا وأسرهم والعمل على حماية مواطنيها والأجانب المقيمين على أراضيها، والمهاجرين غير الشرعيين ضد أي انتهاكات قد يتعرضون لها بسبب الأزمة الراهنة، والعمل على ترحيلهم متى أمكن ذلك.

وأضاف: "نرحب بالتعاون مع المنظمات الدولية الإنسانية المتخصصة ولكننا لن نقبل بأي محاولات من بعض الدول لخلق وفرض ظروف من شأنها تأسيس مبدأ اللجوء والتوطين في مخالفة للقوانين والتشريعات الوطنية".

وشدد الطاهر السني على ضرورة أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة تجار البشر والمهربين وشبكاتهم العابرة للحدود سواء في أفريقيا أو أوروبا "وعدم الاكتفاء بالمتورطين داخل ليبيا".