منظور عالمي قصص إنسانية

المنسق الجديد لعملية السلام بالشرق الأوسط يحث على تجنب الخطوات الأحادية ويؤكد عمله لخلق بيئة للحوار

لاجئون فلسطينيون يتظاهرون أمام مكاتب الأونروا في قطاع غزة.
IRIN/Ahmed Dalloul
لاجئون فلسطينيون يتظاهرون أمام مكاتب الأونروا في قطاع غزة.

المنسق الجديد لعملية السلام بالشرق الأوسط يحث على تجنب الخطوات الأحادية ويؤكد عمله لخلق بيئة للحوار

السلم والأمن

في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي بصفته منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، التمس تور وينسلاند دعم المجلس الأمن لجهوده الرامية إلى تشجيع الإسرائيليين والفلسطينيين على السعي لتحقيق السلام، والامتناع عن أي خطوات أحادية مضرّة، والمساعدة على خلق بيئة مواتية للحوار.

جاء ذلك في جلسة افتراضية لمجلس الأمن، الذي ترأسه تونس هذا الشهر، عُقدت على المستوى الوزاري صباح الثلاثاء، بمشاركة طائفة من الوزراء والمسؤولين لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية.

تور وينسلاند، الذي تسلم مهام المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط خلفا لنيكولاي ملادينوف، تحدث عن الوضع الميداني والسياسي في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، مرحبا بقرار إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية في بداية كلمته.

وقال: "إن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وغزة ستكون خطوة حاسمة باتجاه الوحدة الفلسطينية، وستضفي شرعية متجددة على المؤسسات الوطنية، بما في ذلك مجلس تشريعي وحكومة يتم انتخابهما ديمقراطيا في فلسطين". وأبدى استعداد الأمم المتحدة لدعم جهود الشعب الفلسطيني في بناء دولة فلسطينية ديمقراطية مبنية على سيادة القانون مع حقوق متساوية للجميع.

وستجرى الانتخابات التشريعية في 22 أيّار/مايو، والانتخابات الرئاسية في 31 تموز/يوليو، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في 31 آب/أغسطس. وفي تطور منفصل في إسرائيل، أشار المسؤول الأممي إلى حل الكنيست في 23 كانون الأول/ديسمبر 2020، بعد الفشل في تمرير الميزانية وقد تقرر إجراء الانتخابات العامة في 23 آذار/مارس.

دعوة لإنهاء المعاناة

وفي كلمة بلاده تونس، قال كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، "إننا اليوم مدعوون لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ومواصلة العمل الجاد على وضع حد للسياسات العدوانية للسلطة القائمة بالاحتلال ووقف ممارساتها الممنهجة تجاه الفلسطينيين بالقتل والتشريد والاعتقالات في انتهاك صارخ لكافة حقوق الإنسان، وما تقدم عليه من هدم للبيوت وتوسع استيطاني وانتهاك للمقدسات وخرق للشرعية الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وما خلفته من مآس ومعاناة".

وأشار إلى أنه على الرغم من الجهود الدولية المبذولة وعشرات القرارات الدولية، تجاهلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تلك القرارات، بل انتهكتها واتخذت إجراءات أحادية في إطار سياسة فرض الأمر الواقع وتغيير الوضع القانوني والتاريخي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. وقال إن دول العالم أجمعت على عدم قانونية تلك القرارات وتهديدها لأية آفاق للحل السلمي العادل.

حث على وقف الاستيطان

من الأرشيف: مستوطنة إسرائيلية، في شمال الضفة الغربية، بالقرب من قرية النبي  صالح.
UNICEF/Mouhssine Ennaimi
من الأرشيف: مستوطنة إسرائيلية، في شمال الضفة الغربية، بالقرب من قرية النبي صالح.

من جهته، تناول منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند  قضية استمرار النشاط الاستيطاني، حيث أعلنت السلطات الإسرائيلية في 17 كانون الثاني/يناير خطة لإقامة حوالي 800 وحدة سكنية استيطانية في مستوطنات تقع في المنطقة "ج" في الضفة الغربية. وبعدها بيوم، في 18 كانون الثاني/يناير، طرحت السلطات الإسرائيلية عطاءات لنحو 1,900 وحدة في المنطقة "ج" و210 وحدة إضافية في القدس الشرقية.

وقال وينسلاند: "أكرر أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام السلام، وتقوّض احتمالات تحقيق حل الدولتين. أحث حكومة إسرائيل على وقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية".

هدم المنازل والعنف المتواصل

واستعرض وينسلاند التطورات على الأرض خلال الأسابيع القليلة الماضية، مشيرا إلى هدم السلطات الإسرائيلية أو مصادرة أو إجبار الفلسطينيين على هدم 71 مبنى يملكه فلسطينيون، بما في ذلك 19 منزلا، مما أدّى إلى تشريد 73 فلسطينيا بينهم 17 سيّدة و37 طفلا، وذلك بسبب عدم وجود تصاريح بناء إسرائيلية والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها.

وقامت القوات الإسرائيلية أيضا بتجريف أراضٍ زراعية واقتلاع ما يزيد على ألفي شجرة مملوكة لفلسطينيين بدعوى زراعتها في أراضٍ تابعة للدولة.

وقال تور وينسلاند: "أحث إسرائيل على وقف هدم ومصادرة الممتلكات الفلسطينية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والسماح للفلسطينيين في المنطقة "ج" والقدس الشرقية بتنمية مجتمعاتهم".

المنطقة جيم بالضفة الغربية. الصورة: مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
Photo: OCHA occupied Palestinian territory
المنطقة جيم بالضفة الغربية. الصورة: مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

كما تطرق السيّد وينسلاند إلى استمرار العنف في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، واستعرض ما جاء في تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بشأن إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وعمليات قتل وجرح لفلسطينيين وإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.

وقال: "يجب على قوات الأمن الإسرائيلية أن تمارس أقصى درجات ضبط النفس، وألا تستخدم القوة المميتة إلا عند تعذر تجنب ذلك من أجل حماية الحياة". وأشار إلى أن القصف العشوائي بالصواريخ تجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية هو انتهاك للقانون الدولي ويجب أن يتوقف على الفور.

كوفيد-19 واللقاحات

تستمر أزمة جائحة كـوفيد-19 في إيقاع خسائر فادحة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل. وقال وينسلاند إن الجهود المتضافرة نجحت في احتواء تفشي الفيروس وخفض العدد الإجمالي لحالات الإصابة النشطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، "لكن التكلفة في الأرواح وسبل العيش لا تزال مرتفعة، لاسيّما في قطاع غزة".

وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تعمل على شراء إمدادات اللقاحات وتتوقع الحصول على الدعم من خلال مرفق كوفاكس (المعني بالإتاحة العادلة للقاحات)، ومن المتوقع أن يتم تخصيص اللقاحات الأولية لتغطية الفئات ذات الأولوية في النصف الأول من عام 2021.

وأضاف يقول: "تواصل الأمم المتحدة تشجيع إسرائيل على المساعدة في تلبية الاحتياجات ذات الأولوية للفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة ودعم توفير لقاح كوفيد-19 بشكل عام. سيكون هذا حاسما للجهود الأوسع التي تبذلها الحكومتان للسيطرة على الجائحة، وسيتماشى أيضا مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي".

الأونروا شريان حياة للملايين

فيما يتعلق بوضع الأونروا المالي، قال تور وينسلاند إن الوضع المالي لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) لا يزال يثير شواغل جدية. "الوكالة ليست فقط شريان حياة للملايين من لاجئي فلسطين، لكنها أيضا حاسمة لاستقرار المنطقة، وأجدد المناشدة التي وجهها الأمين العام لدعم الوكالة".

من جانبه، قال السيّد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية: "جمدت الولايات المتحدة مساعداتها للأونروا التي تمثل شريان حياة واستقرار لنحو 5.5 مليون لاجئ فلسطيني، وبرغم خطورة هذه الإجراءات الظالمة وغيرها، تظل المواقف السياسية هي الأشد وطأة والأخطر أثرا".

وأشار إلى التطلع لقيام الإدارة الأميركية الجديدة بتصحيح الإجراءات والسياسات غير المفيدة على حدّ تعبيره، والعمل بدعم من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة على إعادة العملية السياسية إلى مسار مثمر "بما يمنح الأمل مجددا للشعب الفلسطيني بأن المجتمع الدولي سوف ينصف مسعاه النبيل ونضاله الطويل من أجل الحرية والاستقلال".

وحذر السيّد أبو الغيط من أن نافذة الفرصة السانحة حاليا، ربما تُغلق بسرعة، للعمل على كسر الجمود الخطير الذي عانت منه العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدار الأعوام الماضية.

فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم بعد هدم منازلهم في خانيونس بغزة. (صورة من الأرشيف)
© UNRWA Archives/Shareef Sarhan
فلسطينيون يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم بعد هدم منازلهم في خانيونس بغزة. (صورة من الأرشيف)

محادثات متعددة الأطراف

وفي كلمته الافتراضية، جدد د. رياض المالكي، وزير الخارجية الفلسطيني، دعوة الفلسطينيين للانخراط في محادثات متعددة الأطراف، وقال إن هذه ليست محاولة لتجنب المفاوضات الثنائية، ولكنها جهد لضمان نجاحها.

وأضاف يقول: "هل يعتقد أحد أن إسرائيل تخلت عن خطط الضم؟ أم أن الواقع يقول إنها تشرف على الانتهاء من هذه الخطط في هذه الأثناء، وتعلن عن أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات في الأسابيع الأخيرة القليلة الماضية".

وأشار إلى أن عواقب هذه الممارسات معروفة: ملايين الفلسطينيين يتحملون القمع والتمييز والفصل الصارخ، ويُحرمون من حقوقهم الأساسية ومن إدارة أراضيهم ومواردهم وحدودهم وحياتهم.

وبالنسبة للانتخابات التشريعية والرئاسية، شدد المالكي على أن هذا القرار هو جزء لا يتجزأ من الجهود لاستئناف الحياة الديمقراطية والوصول إلى المصالحة الوطنية والوحدة: "نلتمس الدعم الدولي والمساعدة لضمان نزاهة الانتخابات بما فيها المساعدة على إزالة أي عقبات إسرائيلية وخاصة في القدس الشرقية، واحترام المخرجات".

إسرائيل ترفض التحريض

من جهة أخرى، دعا المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، مجلس الأمن لمناقشة العقبات الحقيقية أمام السلام "وهي التحريض الفلسطيني وثقافة الكراهية". وقال إن "الطريق الوحيد لتحقيق السلام هو عبر مفاوضات مباشرة وثنائية بدون أي شروط مسبقة".

وانتقد إردان أي دعوة لعقد مؤتمر دولي بوصفه تشويشا وشكلا آخر من أشكال الرفض الفلسطيني. وقال: "فجأة يتذكر (الرئيس الفلسطيني) عباس أنه مهتم بالقيم الديمقراطية بعد 15 عاما من تجنب إجراء الانتخابات، ليس من باب الصدفة أن يختار إعلان إجراء الانتخابات مع وجود إدارة أميركية جديدة".

الولايات المتحدة تحث على تجنب الخطوات الأحادية

هذه هي أول جلسة بشأن الشرق الأوسط تُعقد بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن مهام منصبه في العشرين من الشهر الحالي. وأشار المندوب الأميركي، في مجلس الأمن، إلى أنه لا يمكن فرض السلام على الإسرائيليين ولا على الفلسطينيين. وأضاف قائلا: "سيبدأ العمل الدبلوماسي الأميركي من منطلق أن تحقيق التقدم سيكون قائما على مشاورات نشطة مع الطرفين، وأن النجاح في نهاية المطاف يتطلب موافقة من الطرفين".

الولايات المتحدة تحث على تجنب الخطوات الأحادية

وأعرب عن أسفه إزاء بُعد القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية كل البعد عن قضايا الحل النهائي.

وقال: "ستحث الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية على تجنّب الخطوات أحادية الجانب التي ستجعل حل الدولتين صعبا، مثل ضم الأرض، وأنشطة الاستيطان، والهدم والتحريض على العنف، وتقديم التعويض للأفراد الذين يُسجنون بسبب أعمال إرهابية".

استئناف برامج المساعدة الأميركية

وأعرب المندوب الأميركي عن أمل بلاده في إمكانية البدء بالعمل على بناء الثقة ببطء على الجانبين، وخلق بيئة يمكن أن تساهم في الدفع بالحل قدما. وقال: "من أجل هذا الهدف، ستعيد إدارة الرئيس بايدن المشاركة الموثوقة مع الفلسطينيين والإسرائيليين. وهذا يتضمن تجديد العلاقات الأميركية مع القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني".

وشدد على موقف الرئيس الأميركي جو بايدن في اعتزامه على استعادة برامج المساعدة الأميركية التي تدعم التنمية الاقتصادية والدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، كما أن الإدارة الأميركية الجديدة ستتخذ خطوات لإعادة فتح البعثات الدبلوماسية التي أغلقتها الإدارة السابقة. وقال: "لا ننظر لهذه الخطوات على أنها "معروف" نقدمه للقيادة الفلسطينية، فالمساعدة الأميركية تفيد ملايين الفلسطينيين العاديين وتساعد على الحفاظ على بيئة مستقرة تفيد الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء".

كما أكد على أن الولايات المتحدة ستواصل "موقفها الراسخ" الرافض لأي قرارات أحادية أو خطوات تستثني إسرائيل في الأجهزة الدولية.