منظور عالمي قصص إنسانية

ضابطة حفظ سلام أردنية: نبذل قصارى جهدنا لتوفير الأمن للمجتمعات المحلية

إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
Iman Hammad
إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.

ضابطة حفظ سلام أردنية: نبذل قصارى جهدنا لتوفير الأمن للمجتمعات المحلية

المرأة

"كل يوم أقضيه في العمل مع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، يعطيني دافعا أكبر لبذل قصارى جهدي في حماية وخدمة المجتمعات المحلية"، هذا ما قالته لنا إيمان حماد ضابطة حفظ السلام الأردنية عن عملها مع البعثة الأممية  المعروفة باسم أنميس.

تؤكد إيمان حماد أن التعاون مع أصحاب المصلحة وجميع الأطراف يشكل حجر الزاوية في السعي نحو توفير الأمن للناس - وخاصة النساء والأطفال. وأعربت عن تمنياتها بالسلامة لجميع العاملين في كافة بعثات الأمم المتحدة المنتشرة حول العالم لما يواجهونه من تحديات وصعوبات، وخاصة في الأوضاع الأمنية غير مستقرة.

وأعربت أيضا عن فخرها بالعمل مع بعثة (أونميس). التفاصيل في هذا الحوار الذي أجريناه مع الرائدة إيمان حماد بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام.

أخبار الأمم المتحدة: عرفينا عن نفسك، ومتى التحقت ببعثة أونميس وهل عملت في بعثات حفظ سلام أممية من قبل؟

إيمان حماد: أنا الرائد إيمان حماد من المملكة الأردنية الهاشمية. عملت في شرطة وطني الأردن لمدة 18 سنة، تنقلت خلالها في عدة مجالات: إدارة العمليات، وإدارة الاتصالات، ثم تدرجت إلى التدريب. منحتني هذه الخبرات المختلفة فرصة ودافعا كبيرا لكي أقدم وأعمل وأن أكون جزءا من بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان. وصلت إلى مدينة جوبا في جنوب السودان بتاريخ 23/5/2023. وهذه أول مهمة لي خارج الأردن وأعمل حاليا مستشارة شرطية.

أخبار الأمم المتحدة: حدثينا عن عملك اليومي في بعثة أونميس؟

إيمان حماد: عند التحاقي ببعثة حفظ السلام في جنوب السودان حصلنا على دورة توجيهية لمدة اثني عشر يوما تعرفنا خلالها على واجباتنا وحقوقنا وما المطلوب منا خلال عملنا لمدة سنة في بعثة جنوب السودان، بعد ذلك تم توزيعي إلى مكتب جوبا حيث عملت هناك لمدة شهر تقريبا. 

خلال هذا الشهر كنا نقوم بدوريات منتظمة يومية صباحية ومسائية، داخلي مخيميْ النازحين في مدينة جوبا. كنا نتعامل مع المجتمع المحلي وخاصة النساء، نتحاور ونتفاهم معهن. ونسبة لكوني أتحدث باللغة العربية كان التواصل معنا قوي جدا. كانت هناك ثقة متبادلة بيننا لأننا نتحدث اللغة العربية. وقد خلق هذا الأمر جسرا من الثقة بيننا وبينهن. 

كنا نلاحظ أنهن يحاولن تجنب التواصل مع زميلاتنا أو زملائنا غير الناطقين باللغة العربية، لكن عندما نبين لهن أننا نتكلم باللغة العربية، كنا نحس بنوع من الراحة والأمان لديهن ونبدأ معهن الحوار. على الصعيد الشخصي، كانت الأمور جديدة، نوعا ما، بالنسبة لي، لكن كل يوم كان هناك دافع أكبر وطموح أكبر أن نحاول أن نقدم كل ما نستطيع حتى نوفر لهم أي شيء يحتاجونه، حتى أساسيات الحياة.

إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان
Iman Hammad
إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان

أخبار الأمم المتحدة: هل أحسست بأن هذه الدوريات قد ساهمت في تحسين حياة الناس على الصعيد الأمني وما إلى ذلك؟

إيمان حماد: نعم، كثيرا. كنا نقوم بعمليات النصح والإرشاد، ليس فقط للنساء، بل أيضا للأطفال والرجال، إلا أن أغلب تعاملنا كان مع النساء. نحاول توعيتهن حول قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب التي كن يتعرضن لها ولا زلن. كنا نحدد لهن الأماكن التي لا ينبغي لهن الذهاب إليها، وكذلك الأوقات التي لا يجب عليهن الخروج فيها، مثلا بعد غروب الشمس، وذلك نسبة للوضع الأمني. أحسسنا أن هناك تجاوبا مع حملات الإرشاد والوعي التي نقدمها. 

أتذكر قضية اختطاف طفل. حاولنا التواصل مع قسم الشرطة الذي يخدم مخيم النازحين وكذلك وزارة الداخلية بجنوب السودان وجهات أخرى، وقد تعاونت كل هذه الجهات بشكل مكثف، وقد توج هذا التعاون بإيجاد الطفل وإرجاعه إلى أهله والذين فرحوا كثيرا، وقد وصلتنا رسائل شكر كثيرة من والديّ الطفل اللذين عبرا عن فرحتهما بعودة ابنهما سالما.

أخبار الأمم المتحدة: من وجهة نظرك، ما هي أهمية وجود النساء في بعثات حفظ السلام الأممية؟

إيمان حماد: طبعا مهم جدا وجودنا كنساء عاملات بالزي الرسمي. أولا لسهولة تواصل المرأة مع المرأة، وكمية الراحة والثقة التي تبنى خلال الحديث والتواصل، خصوصا لمعرفتنا أن ثقافة الناس هنا بجنوب السودان ثقافة محافظة. مثلا المرأة المحلية هنا لا يمكن أن تقول للرجل تفضل بالجلوس كي تبدأ الحديث معه، ولكن عندما يكون التواصل مع امرأة وأخرى فهي يمكن أن تستقبلنا وتستضيفنا ويمكن أن تتحدث معنا بأريحية. ولذلك مهم جدا وأساسي وجود المرأة كداعم وشريك أساسي لزميلها الرجل.

إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
Iman Hammad
إيمان حماد من الأردن ضابطة حفظ سلام خلال مهمتها في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.

هل هناك تحديات معينة تواجه النساء حافظات السلام في البعثات الأممية؟

إيمان حماد: بلا شك هنالك تحديات، ومنها مثلا رفض بعض أفراد المجتمع المحلي لوجودنا وعدم تقبل التعامل والحديث معنا. أنا لا أقول الجميع ولكن هنالك البعض. على صعيد اخر، أنت تعرف أن المرأة بطبعها عاطفية جدا وعندما يحدث موقف عاطفي، مثلا، تجد أن المرأة تحركها غريزتها وعاطفتها - حتى قبل تفكيرها في بعض المواقف. وعلى الصعيد الشخصي، فالاشتياق للأطفال وللعائلة يعد من أكبر التحديات التي نواجهها.

هل تتواصلون باستمرار مع عائلاتكم وهل كل سبل التواصل متوفرة؟

إيمان حماد: طبعا، متوفرة الحمد لله. أنا على الصعيد الشخصي أتواصل بشكل يومي مع عائلتي وأطفالي. أطمئن عليهم وعلى أوضاعهم وهم يطمئنون على أحوالي. الإنترنت متوفر بشكل ممتاز على الرغم من ضعف الشبكة في بعض الأحيان. تطبيقات التواصل الاجتماعي كثيرة ويمكن التواصل عبرها في أي موقع لديك هنا في جنوب السودان. 

ماذا يقول لك أطفالك عندما تتصلين بهم؟

إيمان حماد: أول سؤال يسألونني إياه هو متى تعودين؟ وأحس أيضا أنهم فخورون جدا بي ودائما يسألونني باستمرار: ماذا فعلتِ اليوم وماذا واجهت من أحداث وقضايا؟ أعمار أطفالي بين 16 و17 سنة. وبالتالي فإن أسئلتهم تتعدى معرفة أخباري. هنالك الكثير والكثير من الأسئلة الأخرى. هم أيضا يطلبون مني إرسال الكثير من الصور - سواء كانت صوري مع المجتمع المحلي أو مع زملائي وزميلاتي، هم يريدون أن يتعرفوا أكثر على المهمة وطبيعتها.

هل تعتقدين أن عملك في الأمم المتحدة يُلهمهما؟

إيمان حماد: لا أعتقد، بل أنا متأكدة من ذلك. طفلي هاشم عمره 16 عاما. وهو يخطط من الآن لمستقبله في المشاركة كعامل في الأمم المتحدة - سواء كان بشكل مدني أو من خلال الأمن العام الأردني، ومن ثم المشاركة في عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة.

أخيرا، هل لديك رسالة بمناسبة اليوم الدولي لحفظ السلام؟ 

إيمان حماد: لا يسعني إلا أن أتمنى السلامة لجميع العاملين في كافة مهمات بعثات الأمم المتحدة - سواء في جنوب السودان أو في أي دولة أخرى - لما يواجهونه من تحديات وصعوبات، وخاصة في الأوضاع الأمنية غير المستقرة. لذلك أتمنى السلامة للجميع. فالسلامة هي المتطلب الأول. أما المتطلب الثاني فهو التعاون مع جميع الزملاء ومع جميع أصحاب المصلحة ومع جميع الأطراف لتوفير ما استطعنا من أمن وأمان للناس المحليين - للأطفال والنساء. 

شكرا جزيلا لإتاحة هذه الفرصة لي لأكون جزءا من هذا الحدث العالمي لأنني حقا فخورة بما أفعل ولأرفع اسم بلدي الأردن عاليا ولكي يفخر أبنائي أيضا بي.