منظور عالمي قصص إنسانية

"كل هذا يؤدي بنا إلى المجاعة": مسؤول أممي يتحدث عن انهيار قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي في غزة

رجل فلسطيني يطهو لأطفاله أمام منزلهم المدمر في حي الرمال، غرب مدينة غزة.
© UNICEF/Omar Al-Qattaa
رجل فلسطيني يطهو لأطفاله أمام منزلهم المدمر في حي الرمال، غرب مدينة غزة.

"كل هذا يؤدي بنا إلى المجاعة": مسؤول أممي يتحدث عن انهيار قطاع الزراعة والإنتاج الغذائي في غزة

السلم والأمن

قال عبد الحكيم الواعر الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) للشرق الأدنى وشمال أفريقيا إن قطاع الزراعة في غزة دخل بالفعل مرحلة الانهيار مع استمرار الأوضاع الراهنة، مؤكدا أن المنظمة تسعى إلى حشد مزيد من الجهود والموارد حتى تكون جاهزة لمرحلة إعادة الإعمارعندما تسمح الظروف الأمنية وتتوقف العمليات العسكرية.

وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، أكد الواعر أنه مع تحول كل الناس في غزة تقريبا إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية، نظرا لعدم تمكن أي من المنتجين والمزارعين من الانتاج المحلي، صارت هناك حالات كبيرة من سوء التغذية، ولها آثار وخيمة وتسبب أمراضا مزمنة للأطفال على وجه الخصوص. 

وأضاف أن "غياب البروتين الحيواني الطازج والخضروات الطازجة سيسبب إعاقات ومشاكل صحية كبيرة. كل هذا يؤدي بنا إلى المجاعة". وتحدث الواعر عن أهمية القطاع الخاص في غزة الذي انسحب بالكامل وخسر كل ما لديه، منبها إلى أن "عودته لن تكون بالسهلة" لأن القطاع الخاص، حسبما قال، لن يعود ما لم يكن هناك أمان كامل، وثقة كاملة في السوق وفي الأوضاع الأمنية بالكامل. 

إعادة الإعمار تطلب مجهودا كبيرا

وأكد المسؤول الأممي لأخبار الأمم المتحدة أن إعادة الإعمار وبناء قطاع الزراعة "ستتطلبان مجهودا كبيرا جدا"، يبدأ من عودة القدرة البشرية القادرة على إعادة قطاع الزراعة، وإمداد هذه القدرة بالمدخلات الضرورية، فضلا عن وجود حاجة كبيرة إلى تأهيل ما تم تدميره وفقدانه من البنية التحتية التي تخدم قطاع الزراعة بشكل مباشر.

وأوضح أن هناك انهيارا بنسبة 42% تقريبا على مستوى الأراضي المنتجة للخضروات والمنتجات الزراعية في قطاع غزة. وتحدث المسؤول الأممي عن مشروع إعادة الإعمار الذي أطلقته المنظمة ويتطلب ما لا يقل عن 20 مليون دولار، تم جمع 11 مليونا منها حتى الآن.

وأفاد بأن المنظمة حصلت مؤخرا على موافقة - بعد انتظار دام أكثر من حوالي ثلاثة أشهر- لإرسال كمية من الإمدادات، على أن تكون الشحنة الأولى حوالي 500 طن من العلف الحيواني عبر معبر رفح لدعم ما يقارب 1,400 فرد من المزارعين وصغار مربيّ الحيوانات. وأكد أن هذا سيساهم في إنتاج الحليب والبيض وبعض اللحوم، "وربما يقلل من المضار المتعلقة بسوء التغذية والحاجة إلى المساعدة الغذائية المباشرة".

الوضع في الضفة الغربية

وتطرق الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا لمنظمة الفاو إلى الأثر المباشر الكبير جدا للصراع في الضفة الغربية على قطاعي الزراعة والغذاء. وقال إن "حوالي 68.5% من الصناعات الغذائية والزراعية داخل الضفة الغربية تقريبا أوقفت عملها بالكامل".

ونبه إلى أن هناك ما يعادل 10 ملايين دولار من إنتاج الزيتون عام 2023 قد أصابه التلف تقريبا، نتيجة عدم تمكن المزارعين من الوصول إلى أراضيهم بسبب عدم وجود التصاريح اللازمة لذلك، وانعدام الأمن لهؤلاء المزارعين والفلاحين في سبيل الوصول إلى أراضيهم والعمل في مزارعهم بشكل طبيعي. وأشار كذلك إلى العلاقات التجارية بين الضفة الغربية وبعض الدول والتي انحسرت بالكامل وتوقف حركة التجارة نتيجة الانقطاعات والعراقيل والإجراءات المعقدة. 

فيما يلي النص الكامل للحوار مع عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

Soundcloud
أخبار الأمم المتحدة: حذر خبراء الأمن الغذائي من انهيار كامل للزراعة في شمالي قطاع غزة في أيار/مايو إذا استمر الوضع الراهن، فما هي آخر تقديرات منظمة الفاو فيما يتعلق بالخسائر التي لحقت بالأراضي الزراعية ليس في شمال غزة فحسب، بل في القطاع بأسره؟

عبد الحكيم الواعر: جزء كبير جدا من قطاع الزراعة في قطاع غزة انهار بالفعل منذ عدة أسابيع وربما أشهر؛ بعد حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر من انطلاق النزاع. وهذا القطاع متأثر بشكل مباشر، بالإضافة إلى ما نشهده من ضحايا على المستوى الإنساني والأرواح البشرية. 

نحن نتكلم عن آخر مسح جوي قامت به منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وهو يوضح أنه على مستوى قطاع الزراعة المتعلق بالأراضي المنتجة للخضروات والمنتجات الزراعية تبلغ نسبة الانهيار الكامل في هذه الأراضي حوالي 42%.

وإذا نظرنا إلى منطقة شمال غزة فقط، نتكلم عن نسبة ضرر أو خسارة تبلغ 45% تقريبا في هذه الأراضي. كذلك عندما نتحدث عن البيوت الزجاجية (الصوبات)- وهي ضرورية جدا للإنتاج الغذائي في أوقات مختلفة من المواسم الطبيعية - حدث انهيار كامل في 26% منها، لأن جزءا كبيرا جدا من هذه البيوت الآن تحول إلى ملاجئ للسكان والنازحين، وبالتالي توقفت عن الإنتاج. وفي منطقة شمال غزة نتكلم عن انهيار حوالي 48% من البيوت الزجاجية أو تم خسارتها وإيقاف الإنتاج فيها. 

كذلك لا ننسى آبار المياه، نتكلم عن 27.7% من آبار المياه تم إتلافها بالكامل أو على الأقل إيقافها عن الإنتاج. وفي منطقة شمال غزة تحديدا، توقفت أكثر من حوالي 35% من آبار المياه عن الإنتاج. أحد المنتجين الرئيسيين في منطقة شمال غزة خسر قدرات الإنتاج بالكامل وتقدر بحوالي 15 مليون دولار. 

ولا توجد تحصينات للقطاع الحيواني الذي نزح مع النازحين وتم تدميره. وبالتالي أعتقد أن قطاع الزراعة دخل في مرحلة الانهيار مع استمرار هذه الحالة. 

أخبار الأمم المتحدة: حذرت الأمم المتحدة من أن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، فما هو تعليقكم على ذلك؟ 

عبد الحكيم الواعر: هذا صحيح ودقيق لأنه يستند إلى ما يعرف بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لسكان غزة، والذي أوضح أنه في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر إلى شباط/فبراير أن 80% من سكان غزة يقعون في التصنيف الرابع والتصنيف الخامس؛ التصنيف الرابع هو تصنيف الطوارئ وهو عندما لا يتحصل الشخص على وجبة واحدة في اليوم، والتصنيف الخامس هو الشخص المعدوم من الأمن الغذائي، والذي لا يتحصل على أي وجبة بانتظام لفترات طويلة، وهي المرحلة التي نصل فيها إلى المجاعة أو على حافة المجاعة. الآن نتكلم على أن واحدا من بين كل أربعة من سكان غزة إجمالا مهدد بانعدام الأمن الغذائي.

آخر إحصاء قامت به الفاو والأمم المتحدة يؤكد على أن معدلات الأكل المتوفرة حاليا في ظل القليل من المواد التي يتم إدخالها لا يصل أو لا يتعدى 400 غرام للشخص الواحد يوميا من كمية الأكل المتاح كل يوم. 

وكل الناس طبعا تحولت تقريبا إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية نظرا لعدم تمكن أي من المنتجين والمزارعين من الانتاج المحلي، وبالتالي هناك حالات كبيرة من سوء التغذية، ولها آثار وخيمة وتسبب أمراضا مزمنة للأطفال خصوصا والنساء.  وكذلك لا ننسى أن غياب البروتين الحيواني الطازج والخضروات الطازجة سيسبب إعاقات ومشاكل صحية كبيرة. وكل هذا يؤدي بنا إلى المجاعة. 

لاحظنا في الآونة الأخيرة ضغطا دوليا كبيرا في محاولة الوصول لبعض السكان الذين لم تصلهم المعونات والمساعدات بالطريقة التقليدية من خلال المعابر سواء كان في الجنوب أو الشمال. وبالتالي اضطرت هذه الجهات إلى تقديم المساعدة عن طريق الإسقاط الجوي في محاولة منها للوصول إلى بعض الناس الذين لم تصلهم المساعدات. وهذه كلها مؤشرات تؤكد على وجود بوادر المجاعة في بعض الأماكن وعند بعض التجمعات، خصوصا التي تم عزلها في منطقة الشمال.

سيدة فلسطينية في مخيم جباليا، شمال غزة، تعجن الخبز من خليط من علف الحيوانات وحفنة من الدقيق، بسبب شح الطحين والارتفاع الحاد في سعره..
UN News
سيدة فلسطينية في مخيم جباليا، شمال غزة، تعجن الخبز من خليط من علف الحيوانات وحفنة من الدقيق، بسبب شح الطحين والارتفاع الحاد في سعره..

 

أخبار الأمم المتحدة: ما هي الإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها الآن لتفادي وقوع مجاعة في قطاع غزة؟ 

عبد الحكيم الواعر: هناك طبعا العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها بشكل فوري. نحن متفقون أنه لا يمكن القضاء على المجاعة دون إيقاف القتال والصراع القائم وخصوصا القصف المستمر على كافة أنحاء قطاع غزة حتى يتسنى للمؤسسات المعنية بالمساعدات الإنسانية القيام بدورها الأساسي. 

ما يعرض اليوم قرابة 500 ألف شخص محصورين في منطقة شمال غزة، إلى المجاعة الحقيقية هو عدم إمكانية الهيئات الدولية ووكالات المساعدات الإنسانية من الوصول إليهم نتيجة استمرار الضربات الجوية والعمليات العسكرية البرية.

ثانيا، حشد هذه المساعدات بشكل كبير وتنظيمها بشكل يتم فيه الوصول إلى كل سكان غزة المحتاجين، والإسراع في تصنيفهم حتى تصل المساعدات إلى الأكثر حاجة إليها. 

منظمات الأمم المتحدة كلها تسعى لحشد الموارد حاليا والاستعداد للوصول إلى الأماكن المحاصرة والأماكن التي لا يمكن الوصول إليها بشكل مستدام. وبالتالي هناك استعداد كبير جدا على الجانب المصري من الإمكانيات والقدرات التي تمكن هذه المنظمات، منها منظمة الأغذية والزراعة، من الوصول سريعا إلى كل من يتطلب المساعدة. 

يجب ألا ننسى أنه كان هناك دور كبير جدا للقطاع الخاص. هناك مسألة تتعلق بحساب كمية الشاحنات التي كانت تدخل غزة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حيث كانت تدخل في المعدل حوالي 500 شاحنة في اليوم، يقابلها الآن متوسط لا يتعدى 80 إلى 90 شاحنة يوميا. المدخلات التي كانت تدخل إلى غزة ضمن الـ 500 شاحنة في اليوم، كان جزء كبير منها من المدخلات الزراعية، مثل العلف الحيواني والأسمدة والمبيدات والبذور، وبالتالي هي تساهم بشكل كبير جدا في زيادة القدرة المحلية على الإنتاج المحلي. 

غزة كانت تصدر الأسماك والدواجن وكثيرا من المنتجات التي تنتج داخل القطاع تصدر إلى منطقة الشمال، سواء كانت الأرض المحتلة أو الضفة الغربية أو المناطق الأخرى خارج غزة. لا ننسى أنه في المعادلة اليوم نحن نتكلم عن مدخلات جاهزة محصورة فقط للاستهلاك المباشر لغرض الاستهلاك في حالة الطوارئ، وهي ليست مدخلات زراعية يمكن منها مضاعفة الإنتاج. هناك شق آخر وهو دور القطاع الخاص. يجب إعادة ترسيم عودة دور القطاع الخاص. 

لقد خسرنا القطاع الخاص الذي كان مسؤولا عن استيراد أغلب المواد ضمن الـ 500 شاحنة يوميا. يزود القطاع الخاص غزة باحتياجاتها - سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة - من المستلزمات اليومية. هذا القطاع الخاص انسحب اليوم بالكامل وخسر كل ما لديه، وعودته لن تكون سهلة لأنه لن يعود ما لم يكن هناك أمان كامل، وثقة كاملة في السوق وفي الأوضاع الأمنية بالكامل. وبالتالي إعادة البناء قد تتطلب مجهودا أكبرا من المتوقع. 

كان أحمد فياض طالب صيدلة وهو الآن يبيع الخبيزة في دير البلح بعد تهجيره من خان يونس جنوب قطاع غزة. كان الناس يقطفون الخبيزة البرية من الأرض بدون مقابل، أما الآن في ظل شح المواد الغذائية، أصبحت تباع في الأسواق.
UN News / Ziad Taleb
كان أحمد فياض طالب صيدلة وهو الآن يبيع الخبيزة في دير البلح بعد تهجيره من خان يونس جنوب قطاع غزة. كان الناس يقطفون الخبيزة البرية من الأرض بدون مقابل، أما الآن في ظل شح المواد الغذائية، أصبحت تباع في الأسواق.
أخبار الأمم المتحدة: على ذكر إعادة البناء، عندما تنتهي تلك الحرب، ما هي التداعيات طويلة الأمد للوضع الحالي على الزراعة والإنتاج الغذائي في القطاع؟ 

عبد الحكيم الواعر: رأينا أن هناك فاقدا وضررا كبيرين للغاية لقطاع الزراعة المباشر وغير المباشر. رأينا تضرر الأراضي المنتجة للمنتجات الزراعية المباشرة، والصوبات الزراعية والبيوت الزجاجية، وكذلك آبار المياه ومصادر المياه ناهيك عن تأثر وتقريبا انتهاء قطاع صيد الأسماك نتيجة عدم السماح للقوارب بالدخول إلى المنطقة البحرية، علاوة على تدمير المرفأ الوحيد في غزة- وهو مرفأ غزة- وتقريبا أغلب القوارب الموجودة به قد تضررت.

داخل قطاع غزة، هناك مزرعتا أسماك، واحدة بالشمال توقفت بالكامل، وأخرى في الجنوب في منطقة رفح، تعاني من نقص الوقود الذي يمَكنها من تسيير المتطلبات المتعلقة بزراعة الأسماك. 

وبالتالي، إعادة الإعمار وإعادة بناء قطاع الزراعة ستتطلبان مجهودا كبيرا جدا، أوله هو عودة القدرة البشرية القادرة على إعادة جانب الزراعة. ثانيا، إمداد هذه القدرة البشرية بالمدخلات الضرورية، وليس المدخلات فقط، لأن هناك حاجة كبيرة إلى تأهيل ما تم تدميره وما تم فقدانه من البنية التحتية التي تخدم قطاع الزراعة بشكل مباشر. 

ومنظمة الفاو أطلقت مشروعا لإعادة الإعمار يتطلب ما لا يقل عن 20 مليون دولار، وفي المرحلة الأولى جمعت منها حوالي 11 مليونا من إيطاليا والنرويج وبلجيكا. ولا زلنا نسعى إلى حشد المزيد وكذلك العمل من قبل المؤسسات الأخرى حتى نكون جاهزين للدخول في مرحلة إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف الأمنية وإيقاف العمليات العسكرية.

أخبار الأمم المتحدة: إذا انتقلنا إلى الوضع في الضفة الغربية، هل يمكن أن تطلعنا أكثر على تأثير العنف المتزايد هناك والقيود على التنقل على الأمن الغذائي؟ 

عبد الحكيم الواعر: طبعا عندما نتحدث عن الضفة الغربية، وإن كانت الضفة الغربية ربما تكون أقل سوءا من حيث الخسائر البشرية، ولكنها أيضا ليست بأفضل حال في جميع الظروف، حيث لا ننسى أن الوضع في الضفة الغربية أدى إلى اعتماد أكثر على المساعدات الإنسانية، فيما يتعلق بالغذاء وقلة الإنتاج، لأنه تقريبا كل العمليات المنتجة خصوصا الصناعة الغذائية داخل الضفة الغربية توقفت عن الإنتاج. 

وبالتالي، هناك شح كبير جدا في الصناعة المحلية والإنتاج المحلي للغذاء، واعتماد أكبر- وبشكل متزايد- على المساعدات الإنسانية. نتكلم عن حوالي 68.5% من الصناعات الغذائية والزراعية داخل الضفة الغربية تقريبا أوقفت عملها بالكامل. 

كذلك لا ننسى أن هناك علاقات تجارية ما بين الضفة الغربية وبعض الدول انحسرت بالكامل، وتوقفت حركة التجارة مع الضفة الغربية نتيجة الانقطاعات والعراقيل والإجراءات المعقدة. 

لا ننسى أن هناك 24% من القوة العاملة في الضفة الغربية أُوقفت عن العمل وهي تعادل حوالي 208 ألف عامل فقدوا أعمالهم نتيجة سحب التصاريح من الجانب الإسرائيلي لهؤلاء الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية الذين يعملون في مختلف الأعمال والوظائف داخل الأرض المحتلة وداخل إسرائيل. 

وبالتالي أصبح هناك جزء كبير جدا من العاطلين عن العمل الذين لا يستطيعون الحصول على عمل. علاوة على ذلك، نتكلم عن جزء كبير جدا من المزارعين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى أراضيهم لاستصلاح الأراضي وحصاد الغلات.

أصاب التلف ما يعادل 10 ملايين دولار تقريبا من إنتاج الزيتون سنة 2023 نتيجة عدم تمكن المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، نتيجة لعدم وجود التصاريح اللازمة لذلك، وانعدام الجانب الأمني لهؤلاء المزارعين والفلاحين في الوصول إلى أراضيهم والعمل في مزارعهم بشكل طبيعي. وبالتالي تتأثر منطقة الضفة الغربية، بشكل كبير جدا، نتيجة زيادة الصراع وزيادة النزاعات فيها، مما يؤثر بشكل مباشر على قطاعي الزراعة والغذاء. 

موسم قطف الزيتون في الأرض الفلسطينية المحتلة
Maha Kadadha

 

أخبار الأمم المتحدة: ما هو الدعم الذي تقدمه منظمة الفاو الآن أو تخطط لتقديمه في الفترة المقبلة إلى قطاع غزة والضفة الغربية؟

عبد الحكيم الواعر: ربما أود الإشارة في البداية إلى مبادرة أطلقتها الحكومة الإيطالية مع مدير عام منظمة الأغذية والزراعة، شو دونيو، والمديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، والأمين العام لاتحاد هيئات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بإشراف نائب رئيس وزراء إيطاليا ووزير الخارجية بمبادرة تحمل عنوان "الغذاء لغزة"، وهي مبادرة تدعو لحشد الجهود والأموال والموارد والتنسيق لدعم إعادة الإعمار في غزة، وتوفير أكثر لموارد غذائية آمنة ومستدامة لسكان غزة، خصوصا في المناطق والأماكن صعبة الوصول ومنها الشمال. 

أشرت أنا في السابق إلى أن هذا البرنامج الذي أطلقته الفاو يتطلب حوالي 20 مليون دولار، وهذا سيساعد المنظمة في العمل مع المنظمات الأخرى لتوفير- على الأقل - ما يتطلبه سكان غزة من إمكانيات للإنتاج المحلي، خصوصا ما يتعلق بالغذاء الحيواني والعلف الحيواني، وهو في شكل الشعير بالدرجة الأولى. 

كذلك توفير خزانات للمياه لدعم عمليات الري وعمليات الري للحيوانات، وتوفير حظائر لها. وتوفير الخدمات البيطرية مهم جدا للحيلولة دون انتشار الأمراض المشتركة بين الحيوانات والإنسان، والمدخلات الزراعية الأخرى المتعلقة بالعلف الحيواني والتطعيمات لمنتجات الدواجن حتى نتمكن من إنتاج أكبر عدد ممكن من البيض وكذلك الأبقار والحليب، وإلى غيره. 

في هذا الوضع طبعا، هناك العديد من الاستعدادات. نحصر تقريبا بشكل أسبوعي كل الفلاحين وصغار مربي الحيوانات في أماكنهم وعدد الحيوانات والأراضي الموجودة لديهم. وبالتالي نرصد أيضا كم احتياجاتهم بحيث نكون مستعدين لإدخال ما تتطلبه هذه الفئات. 

تمكنا مؤخرا من الحصول على موافقة - بعد انتظار دام أكثر من حوالي ثلاثة أشهر - لتصدير كمية من الإمدادات. الشحنة الأولى ستكون حوالي 500 طن من العلف الحيواني عبر معبر رفح لدعم ما يقارب 1,400 شخص من المزارعين والمربين من صغار مربي الحيوانات. وهذا سيساهم في انتاج الحليب داخليا والبيض وبعض اللحوم، وربما يقلل من المضار المتعلقة بسوء التغذية والحاجة إلى المساعدة الغذائية المباشرة. أتوقع أن تصل هذه الكمية لأكثر من 1,500 طن مع نهاية شهر نيسان/أبريل، إذا سمحت الظروف باستمرار هذا الإمدادات.