منظور عالمي قصص إنسانية

مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان يتطلع إلى "نظام عالمي عادل"، بعد نيل المركز جائزة أممية

الدكتور نظام عساف، مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان (يسار) يتسلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اجتماع الجمعية العامة بمناسبة الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
UN Photo/Eskinder Debebe
الدكتور نظام عساف، مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان (يسار) يتسلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اجتماع الجمعية العامة بمناسبة الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان يتطلع إلى "نظام عالمي عادل"، بعد نيل المركز جائزة أممية

حقوق الإنسان

"نسعى من أجل أن يعمل الجميع لبناء سلام قائم على العدل في هذا العالم"... رسالة وجهها مدير مركز عـَمان لدراسات حقوق الإنسان، الدكتور نظام عساف أثناء وجوده في مقر الأمم المتحدة لتسلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. 

وتحدث عساف لأخبار الأمم المتحدة بعد تسلم الجائزة في كانون الأول/ديسمبر 2023، عن الإسهامات التي قدمها مركز عمان على مدار 24 عاما في العديد من المجالات ذات الصلة بحقوق الإنسان بما فيها التركيز على ضرورة التقليص المتدرج لعقوبة الإعدام في التشريعات العربية، والحريات الأكاديمية.

وأكد عساف أن للمركز دورا كبيرا في "بناء القدرات" حيث تخرج منه أكثر من 241 شابا وشابة كانوا منخرطين في برنامج القيادات الشبابية، علاوة على تخريج قرابة 290 مدربا ومدربة في مجال حقوق الإنسان من مختلف البلاد العربية. وأشار أيضا إلى استضافة المركز نحو 200 متدرب من 28 دولة غير عربية.

كان المركز من بين 5 جهات تحصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2023، التي أقيمت مراسم توزيعها في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور كبار مسؤولي المنظمة.

الديمقراطية والحريات الأكاديمية

ومن أبرز الدعوات التي حملها مدير مركز عمان لحقوق الإنسان أثناء زيارته لمقر الأمم المتحدة، هي الدعوة إلى "تحويل أموال التسلح التي تنفق بالمليارات في العالم، إلى التعليم وقضايا الصحة لمختلف الشعوب. وتوحيد الجهود وتفعيلها من أجل المساهمة في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة".

وقال الدكتور نظام عساف إن هناك جملة من التحديات التي تواجه المنطقة العربية، أحدها هو أن تكون هناك "انتخابات حرة ونزيهة"، وألا تكون "شكلية وغير جوهرية".

وشدد كذلك على أهمية الحريات الأكاديمية قائلا "لا يمكن أن تتقدم دولنا وشعوبنا نحو التنمية، والدمقرطة، والحياة الكريمة، وتحقيق قيم ومبادئ حقوق الإنسان الواردة في مئات الإعلانات والاتفاقيات في كافة البلدان، إذا لم تكن هناك حريات حقيقية في البحث العلمي، وفي النشر داخل الجامعات".

ومن التحديات الأخرى التي تطرق إليها مدير مركز عمان تلك التي لها علاقة بالمساواة، مشيرا إلى أن المساواة في الحقوق بين الجنسين أو المساواة في الحقوق بغض النظر عن الجنس والعرق واللغة والدين والوضع الاجتماعي والرأي السياسي، "ما زالت للأسف ضعيفة وتحتاج إلى معالجة".

وقال عساف إن التحدي الأبرز على المستوى الدولي هو "كيفية الوصول إلى مجتمع دولي فيه نظام عادل، وفيه نظام يقوم على حفظ مبادئ السلم العالمي، والتسامح، والتعاون، والتكافل، ومعالجة كل ما تتعرض له شعوبنا من تحديات لها علاقة بالصحة، أو بالتعليم، أو بقضايا العنف، أو بقضايا التطرف، أو بقضايا عدم العدالة".

فيما يلي اللقاء الكامل مع مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، الدكتور نظام عساف بعد تسلم جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2023.

أخبار الأمم المتحدة: تم تكريم المركز وحصل على إحدى جوائز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. حدثنا أكثر عن التكريم والاحتفالية التي شاركت فيها وألقيت خلالها كلمة؟

الدكتور نظام عساف: لا شك نحن سعداء اليوم بحصولنا على هذه الجائزة المرموقة، جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعام 2023. وكان لنا شرف إلقاء كلمة في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل وجود رئيس الجمعية العامة وأيضا وجود الأمين العام للأمم المتحدة، إضافة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان. 

في هذا الاحتفال عبَّر المتحدثون الممثلون لمختلف القارات عن احتفالهم بالذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وجميعهم ركزوا على أهمية ذلك اليوم، وأهمية الإعلان العالمي الذي ما زال يحظى بقيمته المعنوية، وأنه لا بد من أن تبقى كافة الدول ملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان. 

وكان لي شرف إلقاء كلمة لمدة دقيقتين عبرت فيها عن شكرنا لكل من أسهم مع مركز عمان بالفكر وبالوقت وبالمال من الأفراد أو من منظمات المجتمع المدني أو من المانحين الممولين. وفعلا لولا جهود هؤلاء الأفراد والمنظمات والمانحين يمكن كمركز عمان ما كنا نقدر أن نصل لهذه الجائزة.

الدكتور نظام عساف، مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان متحدثا إلى أخبار الأمم المتحدة.
UN News/Khaled Mohamed
الدكتور نظام عساف، مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان متحدثا إلى أخبار الأمم المتحدة.

أخبار الأمم المتحدة: حدثنا عن أبرز المساهمات التي أردت أن تبرزها خلال كلمتك، وأيضا خلال حديثك مع مسؤولي الأمم المتحدةـ ومع الفائزين الآخرين، ومع المعنيين بشكل عام بحقوق الإنسان الذين كانوا حاضرين في الفعالية؟

الدكتور نظام عساف: المركز على امتداد 24 سنة أسهم في مجال الحق في الحياة، لأننا ركزنا على ضرورة التقليص المتدرج لعقوبة الإعدام في التشريعات العربية، وأيضا حماية ومناصرة الذين يمثلون أمام المحاكم التي يجوز الحكم فيها بالإعدام. وشكلنا تحالفا أردنيا لمناهضة عقوبة الإعدام، وأيضا تحالفا عربيا لمناهضة العقوبة. 

إضافة لذلك، قام المركز بالتركيز على فكرة الحق في التفكير، وركزنا هنا على الحريات الأكاديمية في الجامعات والتي من خلالها أصدر المركز إعلان عمان للحريات الأكاديمية، وأيضا أقر مؤشر مركز عمان للحريات الأكاديمية. 

إضافة إلى أنه في مجال بناء القدرات، نحن خرجنا 241 شابة وشابا مروا في برنامج القيادات الشبابية. كان لديهم تدريب لمدة 120 ساعة، وليس دورات قصيرة. إضافة إلى ذلك، المركز أيضا خرج 289 مدربة ومدربا في مجال حقوق الإنسان من مختلف البلدان العربية. استضاف المركز أيضا في آخر 18 سنة، 196 متدربا من 28 دولة غير عربية. إضافة إلى ذلك، أصدرنا 56 كتابا في مختلف قضايا حقوق الإنسان. كما بادر المركز إلى تأسيس خمس شبكات حقوقية أردنية وعربية.

ركزتُ في الكلمة أيضا على أننا نشجع الدول، ونسعى من أجل أن يعمل الجميع لبناء سلام قائم على العدل في هذا العالم، وأيضا ضرورة أن نسعى من أجل تحويل أموال التسلح التي تُنفَق بالمليارات في هذا العالم، إلى التعليم وقضايا الصحة لمختلف الشعوب. إضافة إلى ضرورة توحيد الجهود وتفعيلها من أجل المساهمة في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وبحيث لا نُبقي أحدا كأفراد خلفنا، وأيضا بألا نبقي أي شعب يتوق ويناضل من أجل تقرير مصيره خلفنا.

أخبار الأمم المتحدة: كان هناك حديث من جميع المتحدثين تقريبا خلال الفعالية عن التحديات التي تواجه عالمنا الآن، وخصوصا بالطبع العالم العربي. هناك ضغوط وتحديات تتعرض لها حقوق الإنسان في المنطقة. في هذا الوضع، ما هي أبرز الأمور المطلوبة الآن كي تتم حماية حقوق الإنسان والتأكيد على أهميتها رغم كل الظروف والتحديات؟ 

الدكتور نظام عساف: لا شك أن العالم كله يمر الآن في إشكالات كبيرة لها علاقة بتحديات البيئة، ولها علاقة بتحديات السلام، ولها علاقة بتمويل قضايا الصحة والتعليم وبالحياة الكريمة للناس وبكرامة الإنسان، وبالديمقراطية، وألا تكون عندنا ديمقراطيات شكلية وغير جوهرية. هذا في مجال الانتخابات تحديدا في منطقتنا العربية، بحيث يكون عندنا انتخابات حرة ونزيهة. وللأسف، غالبية الانتخابات في عالمنا العربي على امتداد آخر 70 سنة، 80% ويمكن أكثر من ذلك، لم تكن نزيهة ولم تكن حرة. شكليا كانت هناك انتخابات. لكن ليس هذا المطلوب. 

ربما أيضا من التحديات أمامنا هي الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية، لأنه لا يمكن أن تتقدم دولنا وشعوبنا نحو التنمية، ونحو الدمقرطة، ونحو الحياة الكريمة، ونحو تحقيق قيم ومبادئ حقوق الإنسان الواردة في مئات الإعلانات والاتفاقيات في كافة البلدان؛ لا يمكن أن يتحقق ذلك إذا لم تكن هناك حريات حقيقية في البحث العلمي، وفي النشر داخل الجامعات، بحيث تصبح هذه الجامعات مطبخا للتطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي والعلمي والنظري والفلسفي في بلداننا. أعتقد أن هذا التحدي كبير، وهذا يعتبر مفتاحا لتقدم شعوبنا. 

أضف إلى ذلك تحديات لها علاقة بالمساواة. للأسف الشديد حتى الآن في بلداننا العربية، ما زالت الثقافة ذكورية، ما زالت المساواة في الحقوق بين الجنسين أو المساواة في الحقوق بغض النظر عن الجنس والعرق واللغة والدين والوضع الاجتماعي والرأي السياسي، ما زالت للأسف ضعيفة تحتاج إلى معالجة، بحيث يشعر الكل أن هذه دولنا، وبأننا مواطنون فيها، وليس مجرد سكان وأن هناك أحدا بديلا لنا، أحدا في الأعلى هو الذي يفكر عنا ونحن في الأسفل أدوات للتحريك أو رعية يتولى أحد أمرنا. 

نريد - ومن حقنا - أن تكون الشعوب هي فعلا مصدر السلطات، وأن يتجلى ذلك من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وأن تكون هناك حماية لحرية الرأي والتعبير والمعتقد بحيث تتفاعل وتكون هذه مظاهر إثراء وغنى لمجتمعاتنا وليست مظاهر للتمييز بين الناس.

لا شك أن التحدي الأبرز على المستوى الدولي أنه كيف يمكن أن نصل إلى مجتمع دولي فيه نظام عادل، فيه نظام يقوم على حفظ مبادئ السلم العالمي، والتسامح، والتعاون، والتكافل، ومعالجة كل ما تتعرض له شعوبنا من تحديات لها علاقة بالصحة، أو بالتعليم، أو بقضايا العنف، أو بقضايا التطرف، أو بقضايا عدم العدالة. 

نحن بصراحة بحاجة لأن نسير نحو الأمم المتحدة أمام هذا التحدي، أن نسير نحو بناء عالم يكون فيه مصير مشترك لكل الشعوب تتوحد نحو تحقيق كرامتها وتحقيق تنميتها وتحقيق كل مبادئ وقيم حقوق الإنسان والشعوب، بحيث ما يبقى فيه ظلم، ما تبقى فيه درجة من الاستغلال والاستعباد في القرن الـ 21 تشبه ما كان قبل عدة قرون.