منظور عالمي قصص إنسانية

السعودية تستعرض تجربتها في مجال الإدارة الرشيدة للمياه

الدكتور عبد العزيز الشيباني وكيل وزارة البيئة والمياه في المملكة العربية السعودية.
UN Photo/Rick Bajornas
الدكتور عبد العزيز الشيباني وكيل وزارة البيئة والمياه في المملكة العربية السعودية.

السعودية تستعرض تجربتها في مجال الإدارة الرشيدة للمياه

المناخ والبيئة

على الرغم من محدودية مياه الأمطار إلا أن المملكة العربية السعودية تمكنت من إنشاء مشاريع ضخمة لحصاد مياه الأمطار وأكثر من 570 سدا مائيا تجمع نحو 2.6 مليار متر مكعب تقريبا، تدعم مصادر مياه الشرب وتشكل حماية من الفيضانات وحماية للمدن والتجمعات السكانية، وفق ما ذكره مسؤول سعودي على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023.

شاركت المملكة العربية السعودية في مؤتمر المياه بوفد رفيع المستوى ترأسه الدكتور عبد العزيز الشيباني وكيل وزارة البيئة والمياه.

ونظمت المملكة فعالية على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمياه بعنوان: "المياه من أجل التنمية المستدامة: التجربة السعودية".

أجرينا حوارا مع الدكتور الشيباني عن أهمية المشاركة في مؤتمر المياه والتحديات التي تواجهها بلاده والحلول التي تنفذها في هذا المجال والهدف من الفعالية.

 

الدكتور عبد العزيز الشيباني: هذا المؤتمر هو أول مؤتمر عن المياه يعقد منذ فترة طويلة جدا. الأمم المتحدة اختارت الفترة بين 2018 إلى 2028 وأسمته عقد العمل من أجل المياه. ويعقد هذا المؤتمر في منتصف المدة بين 2018 و2028. إنه مؤتمر مهم جدا شارك فيه عدد كبير من الدول، وعُقدت في إطاره مئات الفعاليات الجانبية المصاحبة.

تعد المملكة لاعبا رئيسيا في قضايا المياه في العالم، واستخدمت عضويتها في مجموعة الدول العشرين وفي جهات أخرى لتثير قضايا المياه.

الهدف من الفعالية هو- أولا- إلقاء الضوء على تطور قطاع المياه في المملكة وما تم فيه خلال السنوات الماضية. عُقدت جلستان خلال هذه الفعالية. الجلسة الأولى عن قطاع المياه في المملكة وتركز الحديث حول الاستراتيجية الوطنية للمياه كمقدمة ثم عن الإدارة المتكاملة للمياه في المملكة واستخدام المياه المعالجة في الري، وهي تجربة جدا مهمة وثرية.

أما الجلسة الثانية فكانت عن دور المملكة بوصفها لاعبا عالميا في تبني قضايا المياه وتأثيرها الإيجابي- سواء باستخدام الصندوق السعودي للتنمية أو جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه أو الجهات الأخرى العاملة في قطاع المياه.

شارك في تنظيم هذه الفعالية والحديث خلالها، متحدثون من البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

أخبار الأمم المتحدة: تطرقتم أيضا إلى مسألة إعادة هيكلة قطاع المياه في المملكة العربية السعودية لمواجهة التحديات متعددة الأوجه فيما يتعلق بندرة المياه وإدارة مخاطر الفيضانات وتغير المناخ حدثنا عن هذا؟

الدكتور عبد العزيز الشيباني: إن إدارة المياه هي المفتاح لاستدامة الموارد المائية وهي الحل الفعلي- سواء كانت الدولة غنية أو شحيحة في مواردها المائية. ممكن أن تكون هناك دول غنية في المياه، ولكنها قد تواجه مشاكل وتحديات بسبب سوء إدارة مواردها المائية. وتوجد أمثلة لذلك في العالم.

تقود رؤية المملكة 2030 وتلهم هذه الأعمال، فقد انبثقت منها استراتيجيات القطاعات. تم وضع الاستراتيجية الوطنية للمياه عام 2018. مرت الاستراتيجية بعدة مراحل. وكل أول خطوة فيها هو تحليل وضع الراهن لمعرفة التحديات وهي كثيرة. المملكة - كما تعرف - بلد صحراوي يقع ضمن حزام المناطق القاحلة. يعاني من شح الأمطار ولا يوجد به أنهار ولا مياه سطحية دائمة أو أنهار جارية.

فلذلك هناك تحديات حقيقية بسبب ندرة الموارد الطبيعية. هل يمكن التغلب والتعامل مع هذه التحديات؟ بالطبع يمكن! ولذلك تم وضع الاستراتيجية الوطنية للمياه والتي تم بموجبها تم تحديد التحديات والحلول وكيفية التعامل مع هذه التحديات. تمثلت إحدى التحديات في الجهات المسؤولة عن المياه، ولذلك كان الحل في إعادة هيكلة قطاع المياه. جُمعت المهام ووُزعت على جهات تنفيذية، وصارت الوزارة هي الجهة المشرعة والمخططة والمنظمة للقطاع. توجد الأعمال التنفيذية في جهات أخرى على طول سلسلة الإمداد سواء في الإنتاج، أو النقل، أو الخزن أو التوزيع أو المعالجة أو إعادة الاستخدام. كانت هذه واحدة من الحلول. وتمت إعادة هيكلة القطاع كي تكون المسؤوليات واضحة، وبالطبع إعادة هيكلة القطاع ليست الحل الوحيد للتعامل مع التحديات، ولكن هناك مفهوم الإدارة المتكاملة لموارد المياه. كما تعلم، فالموارد المائية جزء منها متجدد وجزء آخر غير متجدد.

تعد عملية حصاد مياه الأمطار خطوة مهمة جدا في إدارة الموارد المائية. أيضاً إدارة الطلب على المياه مثل إيقاف زراعة الأعلاف لأن الأعلاف هي محاصيل شرهة تحتاج كميات كبيرة من المياه، فكان هناك قرار وسياسة بتنظيم هذه العملية وخفض المساحات المزروعة بالأعلاف، واستطاعت المملكة أن تخفض مساحات كبيرة وتوفر مليارات مكعبة من مياه الأمطار نتيجة لهذا التنظيم.

 

الدكتور عبد العزيز الشيباني وكيل وزارة البيئة والمياه في المملكة العربية السعودية.
UN News

 

أخبار الأمم المتحدة: ما أهم النجاحات التي حققتها المملكة في مجال إدارة المياه؟

الدكتور عبد العزيز الشيباني: هناك عدة أمثلة على النجاح مثل تنويع المصادر، واستخدام المصادر غير التقليدية وأهمها التحلية - خفض تكلفة التحلية، وتقليل الأثر البيئي. لدى المملكة الآن سجل عالمي معني بالتكاليف والانبعاثات من محطات التحلية.

أيضاً من النجاحات - المثال الذي ذكرته قبل قليل - خفض الزراعات المستهلكة للمياه. استطعنا أن نخفض المساحات من أكثر من 600 ألف هكتار إلى حوالي 280 ألف هكتار. خفضنا احتياجات المياه إلى النصف تقريبا وهذه كمية كبيرة جدا.

من النجاحات أيضا أنه بالرغم من محدودية مياه الأمطار إلا أن المملكة استطاعت أن تنشئ مشاريع ضخمة لحصاد مياه الأمطار. أنشأت المملكة أكثر من 570 سدا- أكثر من 40 سدا من هذه السدود كبيرة الحجم، وبعضها به مخزون دائم المياه. والحمد لله هذا نجاح جيد. تجمع هذه السدود كمية مياه قدرها 2.6 مليار متر مكعب تقريبا. وتدعم هذه السدود مصادر مياه الشرب وتشكل حماية من الفيضانات وحماية للمدن والتجمعات السكانية، وهي أيضا تؤدي غرض تغذية المياه الجوفية في الري.

هل وصلنا إلى النجاح التام وكل ما نطمح عليه؟ لا! بل نحن- بإذن الله- في الطريق الصحيح وفي رحلة تطوير وتحسين مستمرين لهذا القطاع.

أخبار الأمم المتحدة: أخيراً، كيف تنظر إلى دور مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في مساعدة الدول في تحقيق أجندتها الوطنية؟

الدكتور عبد العزيز الشيباني: شاركت كل الدول تقريبا في هذا المؤتمر الذي قادته طاجكستان وهولندا.

الاستفادة من التجارب هو أهم ما تستفيد منه الدول. ولذلك جاءت الفعالية السعودية لتعرض تجربتها، وهناك دول أخرى أيضاً لديها تجارب مختلفة. من الفوائد الأخرى أيضا تكوين التحالفات واللجان الإقليمية - توجد لجان في شرق آسيا وعلى مستوى أفريقيا والدول العربية. تقود هذه المجالس الأعمال على المستويين الإقليمي والعالمي.

تستفيد الدول من وجود الجهات المانحة والصناديق الممولة. وتستفيد الكثير من الدول من تمويل مشاريع البنية التحتية للمياه. يسعى العالم إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبالذات الهدف السادس المتعلق بالمياه من خلال إيجاد الحلول. وتتفاوت الدول في تحقيقها لهذا الهدف، ولكن يبدو أن الجميع يدركون أهمية العمل في مجال المياه.