منظور عالمي قصص إنسانية

الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة

مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية.
UN Photo/Loey Felipe
مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية.

الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة

السلم والأمن

لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار مقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن التصعيد في غزة وفي إسرائيل بسبب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) بشأن المشروع الذي أيده 13 عضوا- من أعضاء المجلس الخمسة عشر- مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت.

طالب مشروع القرار بالوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكرر مطالبته لجميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وخاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين. وطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وبضمان وصول المساعدات الإنسانية. 

قدمت دولة الإمارات مشروع القرار ودعمته بعد ذلك أكثر من 96 دولة عضوة بالأمم المتحدة. إعراب الإمارات عن خيبة الأمل بشأن نتيجة التصويت، والتفسير الأمريكي لاستخدام الفيتو في سياق الخبر فيما يلي.

وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة صباحية استجابة للخطاب الذي أرسله الأمين العام للمجلس مستخدما فيه المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.

نظرا لحجم الخسائر في الأرواح البشرية في غزة وإسرائيل- في غضون فترة وجيزة- أرسل غوتيريش خطابا إلى رئيس مجلس الأمن يوم الأربعاء يفعّل فيه للمرة الأولى المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة.

تنص المادة المذكورة على أن "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".

وقف إنساني لإطلاق النار

في خطابه أمام مجلس الأمن اليوم، سلط الأمين العام الضوء على 3 نقاط رئيسية: 

  • عدم وجود حماية فعالة للمدنيين: "لا يوجد مكان آمن في غزة".

  • نفاد الغذاء: "وفق برنامج الأغذية العالمي هناك خطر كبير للجوع الشديد والمجاعة في غزة".

  • انهيار النظام الصحي في غزة فيما تتصاعد الاحتياجات.

وشدد أنطونيو غوتيريش على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولي كل ما يمكن لإنهاء محنة سكان غزة. وحث مجلس الأمن على عدم ادخار أي جهد للدفع من أجل "الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة".

وقال الأمين العام إنه أرسل خطابه إلى مجلس الأمن مستخدما المادة 99 من الميثاق، "لأننا وصلنا إلى نقطة الانكسار. هناك خطر كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنساني في غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة".

في الفيديو أدناه، الكلمة الكاملة للأمين العام أمام المجلس بالترجمة الفورية إلى العربية.

وأضاف الأمين العام أن ذلك الوضع قد يؤدي إلى انهيار تام للنظام العام وزيادة الضغط في اتجاه النزوح الجماعي إلى مصر. وقال إن خطر انهيار النظام الإنساني يرتبط بشكل أساسي بعدم توفير الحماية لموظفي الأمم المتحدة في غزة وطبيعة وكثافة العمليات العسكرية التي تحد بشكل كبير الوصول إلى المحتاجين بشدة للمساعدات.

وأضاف الأمين العام قائلا: إن تهديد سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة في غزة غير مسبوق. أكثر من 130 من زملائي قُتلوا بالفعل، الكثيرون منهم مع أسرهم. هذه أكبر خسارة بشرية- منفردة- في تاريخ منظمتنا".

ويصطحب بعض موظفي الأمم المتحدة في غزة أبناءهم معهم إلى العمل "ليعرفوا أنهم سيعيشون أو يموتون معا"، كما قال غوتيريش الذي تحدث عن رسائل "تفطر القلب" من موظفين يناشدون المساعدة. 

وذكر أن وكيله لإدارة السلامة والأمن نصحه بأن جميع الوسائل الممكنة لتخفيف المخاطر الماثلة أمام موظفي المنظمة داخل غزة، باستثناء الإجلاء، غير ممكنة بسبب طريقة تطور الصراع.

وأكد الأمين العام بشدة التزام الأمم المتحدة القوي بالبقاء والعمل من أجل سكان غزة. وأشاد ببطولة العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية الذين ما زالوا ملتزمين بأداء عملهم على الرغم من المخاطر الهائلة على حياتهم وصحتهم.

فلسطين

المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، متحدثا أمام مجلس الأمن الدولي.
UN Photo/Loey Felipe

دعا رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن إلى التصويت على مشروع القرار الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة- العضو العربي بالمجلس- "باسم الإنسانية والعدالة والسلام".

وأضاف أن ما يحدث في فلسطين الآن وما سيحدث بعد ذلك "سيحدد مستقبل منطقتنا للأجيال القادمة، وسيؤثر على العلاقات والتصورات في جميع أنحاء العالم للأجيال القادمة". وأكد أن الوقت الراهن هو الوقت المناسب للشجاعة والحسم والعمل، مشددا على ضرورة التحرك الآن.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة كانت هدفا "لهجمات بغيضة" بسبب احترامها لتفويضها الذي صاغته الدول الأعضاء، مضيفا أنه "من واجب الدول الأعضاء رفض مثل هذه الهجمات ووضع حد لها، خاصة في الوقت الذي يقع فيه موظفو الأمم المتحدة على الأرض ضحايا أيضا".

وقال منصور "هذه لحظة الحقيقة"، وأضاف أن "هدف الإسرائيليين واضح وهو إجبار الناس على المغادرة. بغض النظر عن عدد المرات التي يقول فيها البعض أن ذلك لن يحدث".

وأضاف أن تلك الحرب "هي جزء من الهجوم الذي يهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني كأمة وتدمير قضية فلسطين". وطالب باحترام الشعب الفلسطيني وحقوقه.

وأضاف "أظهروا لنا الاحترام، ليس بالأقوال، بل بالأفعال. أظهروا لنا الاحترام لحياتنا وحقوقنا". وقال منصور إن هذه لحظة في التاريخ، "سيتم سؤال الجميع عن مواقفهم (بشأنها)، وسيحدد ذلك من هم حقا وما الذي يمثلونه".

ونبه إلى أن كل ما بني بعد الحرب العالمية الثانية كان لمنع وقوع الفظائع، "التي تجري الآن في غزة ضد الشعب الفلسطيني المُهجر"، مضيفا أن "مجرمي الحرب الذين يقومون بذلك لا يخجلون. وبدلا من أن يتلقوا اللوم، يلومون ويهاجمون الجميع".

إسرائيل

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي.
United Nations

انتقد جلعاد إردان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة عدم استخدام المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن الحروب والصراعات الأخرى، مثل ما حدث في أوكرانيا وسوريا واليمن. 

وقال إردان مخاطبا أعضاء مجلس الأمن: "السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو دعم مهمة إسرائيل، لا الدعوة لوقف إطلاق النار. لمن يطالب منكم بوقف إطلاق النار، يجب أن تتذكروا الحقائق. في السادس من أكتوبر/تشرين الأول كان هناك وقف لإطلاق النار ولكن حماس انتهكته في 7 تشرين الأول/أكتوبر بغزو غير مبرر من آلاف النازيين من حماس لإسرائيل. إرهابيو حماس ارتكبوا مذبحة لم نرها منذ الهولوكوست (المحرقة)". 

وأضاف السفير الإسرائيلي أن عدم تدمير حماس سيؤدي إلى "تكرار هذه الفظائع"، وذكر أن الدعوة لوقف إطلاق النار تعني استمرار معاناة الجميع وتعزيز سيطرة حماس على غزة وتوجيه رسالة تسامح حماس على "الفظائع المتعمدة، وتعطي الضوء الأخضر من المجتمع الدولي لقمع حماس لغزة".

وذكر أن حماس تريد زيادة عدد القتلى والجرحى من المدنيين في غزة، لذا "تختبئ وراء وتحت السكان المدنيين" وتستخدمهم كدروع بشرية، حسب تعبيره. كما اتهم حماس باختلاق أعداد الضحايا في غزة، وقال إنها هي المسؤولة عن الوضع الإنساني المتدهور في القطاع.

وأكد إردان أن إسرائيل ستواصل مهمتها المتمثلة في "إزالة جميع الإمكانيات الإرهابية لدى حماس، وإعادة كل الرهائن". وأضاف: "سنواصل مهمتنا فيما ندعم كل مبادرة إنسانية لتحسين الوضع لسكان غزة. من يسعى حقا لتحقيق السلام والأمن في المنطقة، يجب أن يتفهم أن السبيل الوحيد لذلك هو تدمير حماس لا الدعوة لوقف إطلاق النار الذي لن يؤدي سوى لتمديد الحرب ومعاناة الجميع. لا يوجد خيار آخر".  

دولة الإمارات

بعد التصويت على مشروع القرار المقدم من بلاده، أعرب محمد أبو شهاب نائب المندوبة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، عن خيبة أمل بلاده بشأن نتيجة  التصويت.

وتساءل "ما هي الرسالة التي نوجهها للشعب الفلسطيني إن لم نتمكن من الاتحاد وراء نداء يدعو للكف عن قصف غزة بلا هوادة؟".

وفي الجلسة الصباحية قال إن تلك الحرب "أوصلت منطقتنا إلى نقطة انهيار، لكن تأثيرها امتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير"، مشيرا إلى حدوث "زيادة مروعة" في حوادث معاداة السامية وكراهية الإسلام في جميع أنحاء العالم.

وحذر من أن النظام الدولي بات يتأرجح على حافة الهاوية "لأن هذه الحرب دللت على أن القوة هي مصدر الحق، وأن الامتثال للقانون الدولي الإنساني يعتمد على هوية الضحية والجاني".

وأضاف أن الأمين العام، وكل رئيس لوكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية، والأغلبية الساحقة من سكان العالم، دعوا أعضاء المجلس مرارا إلى وضع نهاية دائمة ومستدامة لهذا العنف. وقال إن بلاده اقترحت مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية "من أجل تحقيق ذلك الهدف".

وذكر أن تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة يجب أن يشكل نقطة تحول، قائلا إنه "انعكاس رسمي للمحنة اليائسة في غزة والحاجة الماسة إلى أن يتحرك المجلس"

وشدد على ضرورة أن يتحرك مجلس الأمن عندما لا يصل إلا قدر ضئيل للغاية من المساعدات، ويعجز العاملون في المجال الإنساني عن إيصالها خوفا من التعرض للقتل. وقال "يجب على المجلس أن يتحرك، عندما يصبح الحصار على غزة مصدرا رئيسيا للموت".

روسيا

دعا نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي إلى إنهاء دائرة العنف. وأضاف أن بلاده تضم صوتها إلى "العديد من النداءات لوقف إطلاق النار المستدام والعودة إلى حل الأسباب الجذرية لهذا النزاع. وإنهاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة"

وقال إن روسيا تستنكر بشكل قاطع أي عمل قد يؤدي إلى سقوط الضحايا من المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، كما "لا تقبل أية مخططات للتهجير القسري لسكان غزة إلى الجنوب، وهو عبارة عن نكبة جديدة بالنسبة للشعب الفلسطيني".

وشدد على تأييد بلاده لكل المبادرات البناءة في مجلس الأمن الرامية إلى تطبيع الوضع وفتح الطريق أمام عملية التسوية الجدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى ما وصفها بـ"محاولات أحد أعضاء المجلس لإبطاء وإفشال هذه الجهود المشتركة"

وأضاف أنه "في ظل هذه المخططات المشكوك فيهم، كانت روسيا ولا تزال تقف إلى جانب الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تتعايش في سلام وأمن مع جارتها إسرائيل"

وأكد دعم بلاده لمشروع القرار الذي اقترحته دولة الإمارات العربية المتحدة، داعيا إلى التصويت لصالحه اليوم.

الولايات المتحدة

بعد التصويت على مشروع القرار واستخدامه الفيتو، قال روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، إن بلاده- على الرغم من العملية المتسرعة والافتقار لمشاورات مناسبة من مقدمي مشروع القرار- انخرطت بنية صادقة في المفاوضات.

وقال إن واشنطن اقترحت صيغة باتجاه نص بناء كان من شأنه أن يعزز الدبلوماسية للسعي لإيصال المساعدات الإنسانية داخل غزة والتشجيع على إطلاق سراح الرهائن والدعوة لهدن إنسانية ووضع اللبنة الأساسية لبناء السلام. 

وذكر أن "جميع تلك التوصيات قد جرى تجاهلها، وجاء مشروع القرار غير متوازن وبعيدا عن الحقيقة لا يُمكننا من التقدم في الميدان بأي شكل ملموس.

في الجلسة الصباحية قال وورد أمام المجلس إن بلاده لا تؤيد دعوات الوقف الفوري لإطلاق النار. وأضاف أن ذلك لن يؤدي سوى إلى غرس بذور الحرب المقبلة "لأن حماس لا ترغب في تحقيق السلام الدائم أو حل الدولتين".

وانتقد ما وصفه بفشل مجلس الأمن الدولي في إدانة هجمات حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقال إن الحركة ستواصل احتجاز الرهائن إذا وضعت إسرائيل- من جانب واحد- أسلحتها جانبا اليوم "كما تطالب بذلك بعض الدول".

وأضاف أن الولايات المتحدة "فيما تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن شعبها ضد الأعمال الإرهابية والفظائع المروعة، فإنها تقوم- على أعلى المستويات- بجهود دبلوماسية مكثفة لإنقاذ الأرواح ووضع أسس السلام الدائم".

مصر

قال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير أسامة عبد الخالق إن العالمين العربي والإسلامي، والكثيرين حول العالم ينظرون لدور الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديدا في "هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة" بكثير من الغضب والاتهام، والانتقاد.

وباسم المجموعة العربية بالأمم المتحدة التي يتولى رئاستها الدورية، دعا عبد الخالق مجلس الأمن إلى الوقف الإنساني لإطلاق النار فورا وفقا لمشروع القرار المطروح اليوم، "لحقن الدماء".

وحث المجلس كذلك على التعامل الحثيث مع الوضع الإنساني المأساوي في قطاع غزة، مشددا على أن المطالبة بوقف إطلاق النار وفتح المعابر والسماح بعبور المساعدات الإنسانية "ليست استرحاما أو استعطافا، ولكنها حق أصيل من حقوق المدنيين العزل رسخته الأطر القانونية الدولية والمبادئ المتعارف عليها لحقوق الإنسان".

قطر

وتحدثت مندوبة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني أمام الجلسة باسم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قائلة إن دول مجلس التعاون تطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على "ممارسات الحكومة الإسرائيلية غير القانونية وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة"

ودعت مجلس الأمن إلى اعتماد مشروع القرار المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة باسم المجموعة العربية، مضيفة أن دول مجلس التعاون تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وضمان توفير وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية الكافية دون عوائق إلى من يحتاجونها في جميع أنحاء قطاع غزة، واتخاذ الخطوات الكفيلة بتسريع إدخال المساعدات بشكل مباشر، إضافة إلى استئناف إمدادات الكهرباء والمياه والسماح بدخول الوقود والغذاء والدواء.