منظور عالمي قصص إنسانية

حالة الخداع: استخدام الدعاية لنشر الكراهية

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

حالة الخداع: استخدام الدعاية لنشر الكراهية

حقوق الإنسان

بعد الحرب العالمية الأولى، استخدم النازيون الدعاية لكسب التأييد الشعبي الواسع في ألمانيا، ولتنفيذ البرامج تحت ديكتاتورية الحزب في الثلاثينيات، وتبرير الحرب والقتل الجماعي.

 

أثبت النازيون للعالم، في القرن العشرين، مدى خطورة الدعاية عندما تكون في يد الخبراء. فقد بدّلت محرقة اليهود (الهولوكوست) وغيرها من الشرور التي ارتكبها النازيون تصورات العموم للدعاية، وذلك بإظهار الأخطار التي ينطوي عليها تحّكم الدولة الغاشم في المعلومات والتلاعب بها، والقضاء على حرية التعبير، وتبشيع الفئات السكانية التي تعتبرها تهديدا ”للأمة“. وقد استخدم القائمون بدعاية هتلر استراتيجيات متطورة في مجال الاتصال الجماهيري وأحدث التكنولوجيا المتاحة لشن حملات سياسية مضلِّلة في نظام ديمقراطي لإشاعة أهدافهم المتطرفة.

أما في القرن الحادي والعشرين، فقد أصبح المشهد الإعلامي مختلفا تماما عما كان عليه في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. فشبكة الإنترنت تتيح اتصالات جماهيرية فورية وعالمية، وأضحى اليوم أكثر من بليونيَ شخص يستقون أخبارهم من الشبكة ويتبادلون أفكارهم عبرها. وقد أحدث تنامي شبكة الإنترنت والتكنولوجيات الجديدة صعوبات جمّة، مما ولـّد نقاشا حول كيفية التصدي لانتشار الدعاية الخطيرة والتحريض على الكراهية دون تعريض الحريات المدنية للخطر.

في الاحتفال باليوم الدولي لإحياء ضحايا محرقة اليهود (الهولوكوست) عام 2017، استضاف مقر الأمم المتحدة معرضا بعنوان "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية".

نستعرض فيما يلي بعض الصور من المعرض، ومقتطفات مما جاء فيه.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

خلال عقدين من الزمن، استخدم القائمون بالدعاية النازية بمهارة ”سلاحهم الرهيب“ لكسب تأييد الناخبين على نطاق واسع في الديمقراطية الفتية في ألمانيا، وتنفيذ برامج متشددة تحت لواء دكتاتورية الحزب، وتبرير الحرب والقتل الجماعي. ويتناول كتاب ”حالة الخداع: قوة الدعاية النازية“ بالدراسة أساليب النازيين في سعيهم إلى التلاعب بالرأي العام لتحقيق مآربهم، التي أدت في النهاية إلى حرب راح ضحيتها نحو 55 مليون شخص، بما في ذلك تعرّض ستة ملايين من اليهود رجالاً ونساء وأطفالاً للقتل المنهجي في المحرقة.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

يعود نجاح الحزب النازي في السنوات الأخيرة من عمر الجمهورية الألمانية في معظمه إلى جاذبية شخصية زعيمه، أدولف هتلر، ورسائله السياسية.

هتلر، النمساوي المولد، انضم إلى الحزب في أيلول/سبتمبر عام 1919 عندما كان عمره 30 عاما ثم سرعان ما ارتقى في صفوفه ليصبح مديره الأول لشؤون الدعاية. وأسهم بما كان له من مهارات في الخطابة العامة في إبراز مكانة الحزب واستمالة أعضاء جدد إليه. وبخطاباته المثيرة للرعب ندّد بالجمهورية الألمانية الفتية واتهم يهود ألمانيا بالتسبب في مشاكل الأمة. وأدان بشدة معاهدة فرساي للسلام لعام 1919 التي اضطرت ألمانيا إلى الإقرار بتسببها في الحرب العالمية الأولى، والتخلي عن أراض تابعة لها، ودفع تعويضات هائلة إلى قوات التحالف المنتصرة في الحرب. ولقيت خُطبه جمهورا متناميا مع انهيار اقتصاد البلد عام 1929 وما ترتب على ذلك من مشاق واسعة النطاق.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

لقد أدرك أدولف هتلر أهمية رسم صورة قوية له لدى العامة. وتمرّن على الحركات والإيماءات لإبراز حضوره، وكيّف هندامه وخطاباته مع ذوق جماهير بعينها. وقدّم عن نفسه صورة رجل من رجال الشعب، ”جندي مجهول“ ممن قاتلوا من أجل ألمانيا في الحرب الكبرى وارتقى في المناصب ليتقّلد رئاسة حركة سياسية بفضل موهبته وإرادته لا غير - وهما من الأفكار التي كانت لها جاذبية في الممارسة السياسة الديمقراطية في ألمانيا.

في أوائل فترة الكساد الكبير، تخلى ملايين الألمان عن ولائهم السياسي السابق فصوّتوا لصالح الحزب النازي. فقد أدت فترات التردي الاقتصادي، التي اقترنت بعجز الأحزاب السياسية في ألمانيا عن تشكيل حكومة ائتلافية ناجعة، إلى استياء واسع النطاق في أوساط الناخبين. وحوّل البعض اهتمامه إلى هتلر خوفا من التعرض للفقر والمد الشيوعي الثوري. واستجاب المزارعون لوعود النازيين بإنقاذ مزارعهم العائلية. ولقيت النزعة القومية المتطرفة  لهتلر صدى لدى العديد من الجماهير، بما في ذلك الشباب الألمان الذين كانوا يريدون استرداد الأراضي والقوة العسكرية التي خسرتها ألمانيا.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

منذ عشرينيات القرن الماضي، دأب الحزب النازي الألماني على استهداف الشباب والمربّين الألمان باعتبارهم فئة ذات أهمية خاصة لرسائله الدعائية. وقد أكدت منظماته التي تعنى بالشباب والطلاب الجامعيين والمعلّمين أن الحزب حركة تتسم بالحيوية والانضباط والتطلع إلى المستقبل ويحذوها الأمل. وبحلول كانون الثاني/ يناير 1933، كان الحزب النازي قد جنّد في صفوفه عشرات الآلاف من الطلاب إلى جانب آلاف المعلمين الشباب.وعمد النازيون، بمجرد صعودهم إلى السلطة، إلى سنّ قوانين طهّرت الخدمة المدنية من اليهود والأشخاص الذين اعتُبروا لدواعٍ سياسية غير جديرين بالثقة، بمن فيهم المعلِّمون في المدارس والجامعات العامة. وفُرض حظر على منظمات الشباب المستقلة أو تم حلّها في ثلاثينيات القرن الماضي، وأصبحت العضوية في حركة شباب هتلر إلزامية على جميع الآريين الألمان الذين تراوحت أعمارهم بين 10 سنوات و 18 سنة في عام 1939.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" بمقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).2017
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" بمقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).2017

ولم يكن الهدف من التعليم في الرايخ الثالث هو التشجيع على التفكير المستقل بل ترسيخ الإيديولوجية النازية في نفوس الطلاب. وسعى القائمون على التدريس في الفصول الدراسية وحركة شباب هتلر إلى إشاعة مشاعر الإذعان والتضحية بالنفس في صفوف الشباب الألماني ممن يكون مستعدا لفداء أدولف هتلر وأرض الأجداد بأرواحهم.استخدم النازيون التعليم النظامي داخل الفصول والأنشطة خارج نطاق المنهج الدراسي على السواء لتلقين الملايين من الأطفال الألمان إيدلويوجية الدولة. ففي كانون الثاني/يناير 1933، بلغ عدد الأعضاء في حركة شباب هتلر 50 ألف عضو فقط؛ وبنهاية ذلك العام، تجاوز عددهم مليونَي عضو، ثم بلغ 5.4 ملايين عضو في عام 1936.

في الفترة من عام 1933 إلى عام 1939، انتهجت ألمانيا النازية رسميا سياسات معادية لليهود علنا تطورت من الفصل العنصري إلى الهجرة القسرية. وتأييدا لهذه الأهداف، استخدم القائمون بالدعاية النازية القوالب النمطية السلبية السائدة وندّدوا باليهود معتبرين وجودهم في البلد بأنه ”دخيل“ ”وطفيلي“ والسبب في ”انحطاط“ ألمانيا الثقافي والسياسي والاقتصادي. فبالنسبة للعقل النازي، كان ”اليهود“ بمثابة النقيض القطبي للألمان ”الآريين“ المبدعين ثقافيا، ولن يجد الرايخ الثالث سبيله إلى الازدهار إلا بإبعاد اليهود.ولئن كان بعض الألمان قد نبذ هذه الدعاية ورفض العنف المتزايد في معاداته لليهود، فإن غالبية الألمان قبلوا دون تحريك ساكن التمييز ضد اليهود.

صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).
State of Deception Exhibition
صورة من معرض "حالة الخداع: قوة الدعاية النازية" نظمته إدارة الأمم المتحدة لشؤون الإعلام بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ضحايا المحرقة (الهولوكوست).

 

مجموعة الملصقات تستند لمعرض حالة الخداع: قوة الدعاية النازية الذي ينظمه المتحف التذكاري لمحرقة اليهود بالولايات المتحدة، وهي تصدر بجميع اللغات الرسمية للأمم المتحدة بالشراكة مع البرنامج المعني بدور الأمم المتحدة في التوعية بمحرقة اليهود.أُنشئ البرنامج المعني بدور الأمم المتحدة في التوعية بمحرقة اليهود بموجب قرار الجمعية العامة 60/7، لعام 2005، لتشجيع المجتمع المدني على المشاركة في إحياء ذكرى المحرقة والتثقيف بها للمساعدة في الحيلولة دون وقوع أعمال الإبادة الجماعية في المستقبل.