منظور عالمي قصص إنسانية

الجمعية العامة تبحث استخدام الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة

قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة
UN Photo/Evan Schneider
قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة

الجمعية العامة تبحث استخدام الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة

السلم والأمن

عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة لبحث مسألة استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن في 20 شباط/فبراير 2024 ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر، والذي حصل على تأييد 13 عضوا - من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر - فيما عارضته الولايات المتحدة الأمريكية وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت.

تأتي الجلسة بناء على إجراء اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيسان/أبريل عام 2022 يخول لها الاجتماع، تلقائيا، في غضون عشرة أيام، بعد استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الفيتو)، حتى يتسنى لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق على الفيتو.

رئيس الجمعية العامة

وفي كلمته في افتتاح الجلسة، قال رئيس الجمعية العامة، دينيس فرانسيس إن الوضع في غزة "كارثي وغير معقول ومخجل"، معبرا عن "الصدمة والفزع" إزاء التقارير التي تفيد بمقتل وإصابة مئات الأشخاص خلال هذا الشهر الأسوأ بالنسبة للإمدادات الغذائية، غرب مدينة غزة الأسبوع الماضي.

كما عبر عن القلق العميق إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على رفح، بما في ذلك المناطق السكنية، مرددا ما قاله منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، بأن أي عملية برية في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان من شأنها أن تترك العملية الإنسانية الهشة بالفعل "على حافة الموت".

وأضاف "لذلك فإنني أدعو بإلحاح إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل إنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء".

وجدد فرانسيس المطالبة بتطبيق وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وتوقف القصف الآن، وامتثال جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، خاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين والمرافق المدنية، وإطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون قيد أو شرط، وضمان الوصول الكامل ودون عوائق إلى المساعدات الإنسانية للمحتاجين.

وقال رئيس الجمعية العامة إنه بعد مرور 150 يوما من العنف والدمار واليأس وتجريد الناس من إنسانيتهم، فإنه في كل يوم، "يستمر هذا الواقع المؤلم في ترسيخ الشعور بالإحباط وخيبة الأمل، خاصة لدى أولئك الذين يقعون في مرمى النيران والذين يتطلعون إلى الأمم المتحدة باعتبارها ضامنة للخير".

وأضاف أنه "كل يوم يمر يهدد بتعميق فشلنا في الوفاء بالتزاماتنا وواجباتنا الأخلاقية. وكل خسارة في الأرواح تزيد من وصمة عار ضميرنا الجماعي". ودعا إلى العمل بعزم وإلحاح على بذل جهد أكبر لإنهاء هذا الصراع على الفور وإرساء أسس مستقبل يمكن أن تتعايش فيه إسرائيل ودولة فلسطين بسلام.

الولايات المتحدة

روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة.
UN Photo

قال روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إن بلاده استخدمت الفيتو ضد مشروع القرار لأنه "لم يكن ليحقق هدف السلام المستدام، بل قد يكون مضرا لذلك الهدف. لم نعتقد أن هذا القرار في حد ذاته كان سيؤدي إلى وقف إطلاق النار". 

وأشار وود إلى أن بعثة بلاده حثت أعضاء المجلس على عدم الإقدام على خطوة التصويت على مشروع القرار وحذرت من أن ذلك قد يُعيق الجهود المكثفة الجارية للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين ووقف مؤقت لإطلاق النار. وقال إن هذا العمل مع الشركاء، بمن فيهم قطر ومصر، مستمر حتى هذه اللحظة.

وقال إن بلاده "لدعم هذه المفاوضات الحساسة وزعت مشروع قرار (في مجلس الأمن) يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن في أقرب وقت ممكن". وأعرب عن الأمل في أن يتم اعتماده في المجلس.

وذكر أن الوقف المؤقت لإطلاق النار سيسمح للرهائن بالعودة إلى أسرهم، ويوقف المعاناة الواسعة للكثيرين من الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين الذين قال "إنهم عالقون في تبادل إطلاق النار الذي تسببت فيه حركة حماس"، وسيساعد في توفير المساعدات للمدنيين الفلسطينيين.

وقال إن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ستواصل الانخراط مع بقية أعضاء المجلس بشأن مشروع القرار، حتى "يدين المجلس أخيرا حماس للاعتداءات المروعة التي ارتكبتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر".

دولة فلسطين

السفير رياض منصور، المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة.
UN Photo

قال السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة إن "إسرائيل أطلقت العنان للموت ضد 2.3 مليون فلسطيني بأشكال متعددة"، بما في ذلك القصف العشوائي والإعدامات بإجراءات موجزة، والمرض، والجفاف، والمجاعة حسب تعبيره. وأضاف أن "المجاعة ليست نتيجة مؤسفة للحرب. هي إحدى وسائل الحرب التي تستخدمها إسرائيل. إسرائيل تجوع شعبنا".

وتطرق منصور إلى المبادرة المكسيكية الفرنسية التي تدعو لتقييد استخدام حق النقض في حالة ارتكاب فظائع جماعية، ومدونة قواعد السلوك لمجموعة المساءلة والتماسك والشفافية فيما يتعلق بإجراءات مجلس الأمن ضد الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتي تدعو جميع أعضاء المجلس إلى عدم التصويت ضد أي مشروع قرار ذي مصداقية يهدف إلى منع أو وقف الفظائع الجماعية. 

وقال إنه لو تم أخذ تلك المبادئ بعين الاعتبار، لكان مجلس الأمن دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية قبل أشهر مثلما فعلت الجمعية العامة، الأمر الذي كان سيساعد في إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح ومنع المعاناة الرهيبة التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني لمدة خمسة أشهر حتى الآن.

وقال منصور "إن التجريد من الإنسانية الذي تعرضنا له يهدف إلى جعل قتل شعبنا أكثر قبولا لأننا ندرك تماما التضامن الحقيقي لبلايين الناس في جميع أنحاء العالم". وشدد على أنه ينبغي "معاقبة إسرائيل"، مضيفا أن "هذا هو الوقت المناسب للقيام بذلك من أجل إجبارهم على التصرف والامتثال لالتزاماتهم بموجب مـيثاق الأمم المتحدة والانتماء لهذه المنظمة".

وأثنى السفير الفلسطيني على من يعملون من أجل تحقيق المساءلة، مضيفا أن التعبئة الدولية في الأشهر القليلة الماضية في الأمم المتحدة، ومن قِبل الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، يجب أن تُترجم إلى خطة دولية لتحقيق العدالة والحرية والسلام. وقال منصور إن "أهوال اليوم صارت ممكنة بسبب إخفاقات الأمس"، داعيا إلى "تصحيح المسار اليوم من أجل بث الأمل غدا"

إسرائيل

السفير جلعاد إردان، الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة.
UN Photo

 

جلعاد إردان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة انتقد عقد الجلسة، وقال إن الجمعية العامة "تجتمع مرة أخرى لا لإدانة حماس والفظائع التي ارتكبتها ولكن للتركيز مرة أخرى على الوضع في غزة، كما لو أن 7 تشرين الأول/أكتوبر لم يحدث". واتهم الجمعية العامة بأنها "ملتزمة ببقاء منظمة إرهابية".

وقال السفير الإسرائيلي إن خمسة أشهر مضت على هجمات 7 أكتوبر "ولم تقدم جهة أممية واحدة على إدانة حماس". يُذكر أن الأمم المتحدة وكبار مسؤوليها- بمن فيهم الأمين العام- أدانوا مرارا وتكرارا حماس وهجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي ارتكبتها ضد إسرائيل وطالبوا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة.

وأشار إردان إلى اليوم الدولي للمرأة- الموافق 8 آذار/مارس- وأخرج حاسوبا لوحيا أمام المندوبين في الجمعية العامة وعرض عليه فيديو لما قال إنها "شهادات- من رهائن تم الإفراج عنهن، ومسعفين، ومسؤولين أمنيين- عن فظائع عنف جنسي ارتكبت ضد نساء إسرائيليات". وسأل المندوبين: هل ستواصلون صمتكم وعدم المبالاة.

وشدد على ضرورة أن تواجه حماس ضغطا متواصلا "لإنهاء العنف الجنسي وإطلاق سراح جميع الرهائن فورا". وجدد التأكيد على أن أي دعوة لوقف إطلاق النار "تعطي حماس الضوء الأخضر لمواصلة اغتصاب وإساءة معاملة الرهائن".

وكرر إردان الادعاءات بأن عددا من موظفي الأونروا شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. يُذكر أن فور تلقي تلك الادعاءات من إسرائيل، فتحت أعلى جهة تحقيق في الأمم المتحدة- بتكليف من الأمين العام- تحقيقا في الادعاءات. كما قام المفوض العام لوكالة الأونروا بفصل الموظفين الواردة أسماؤهم في الادعاءات لتمكين الوكالة من مواصلة عملها دعما لأكثر من مليوني شخص يعتمدون على مساعداتها في قطاع غزة.

ووجه السفير الإسرائيلي انتقادات للأونروا ولاستمرارها في الوجود. وقال إنها "تديم حالة اللجوء" للفلسطينيين. وأضاف أن في أي مجموعة أخرى من اللاجئين لا تمتد صفة اللجوء من جيل لآخر كما يحدث مع اللاجئين الفلسطينيين الذين أكد ضرورة إعادة توطينهم في مكان آخر.

المجموعة العربية

السفير عبد الله السعدي الممثل الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، متحدثا أمام الجمعية العامة نيابة عن المجموعة العربية.
UN Photo

متحدثا نيابة عن المجموعة العربية التي يرأسها خلال الشهر الحالي، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي إن مجلس الأمن "فشل بشكل متكرر في الاضطلاع بمهامه في صون السلم والأمن الدوليين وإيقاف حمام الدم في غزة" وقال إن ذلك "وصمة عار على جبين المجلس وعلى جبين الإنسانية جمعاء".

وأضاف أنه كان مخيبا للآمال أن يقوم عضو دائم في مجلس الأمن ( في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية) باستخدام الفيتو للمرة الثالثة منذ اندلاع الحرب في غزة، الأمر الذي قال إنه يفسح المجال "للآلة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي في استمرار ارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين". 

وباسم المجموعة العربية، طالب السفير السعدي مجلس الأمن بضمان توفير الحماية للمدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع ودون إعاقة إلى قطاع غزة تنفيذا لقراري مجلس الأمن 2712 و2720. 

وفي هذا السياق، أكد دعم المجموعة العربية الكامل لجهود كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيخريد كاخ ومساعيها للاستجابة للحالة الإنسانية الكارثية في غزة. كما أكد الدور المحوري لوكالة الأونروا وأدان ما وصفها بمحاولات سلطات الاحتلال باستهدافها وتفكيكها وإنهاء وجودها. دعا الدول التي علقت تمويلها للأونروا إلى العدول عن قرارها واتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين تمويل كاف ومستدام للوكالة.

الاتحاد الأوروبي

السفير ستافروس لامبرينيديس رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة.
UN Photo/Evan Schneider

دعا ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة، ستافروس لامبرينيديس إلى حماية جميع المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق من قبل جميع الأطراف في كل الأوقات، معربا عن القلق البالغ إزاء العواقب الإنسانية التي يجب تجنبها لعملية برية محتملة في رفح. وقال إنه يجب أن تصل المساعدات المطلوبة بشكل عاجل إلى المحتاجين إليها، عبر جميع الوسائل الضرورية، بما في ذلك الممرات الإنسانية، وهدن لتلبية الاحتياجات الإنسانية، أو وقف الأعمال العدائية.

وصرح بأن المفوضية الأوروبية ستقدم مبلغا إضافيا قدره 68 مليون يورو لدعم الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء المنطقة خلال عام 2024، مضيفا أنه تم تقديم 50 مليون يورو لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) هذا الأسبوع فقط.  وأضاف "يعترف الاتحاد الأوروبي بالدور الحيوي الذي تلعبه وكالة الأونروا في الاستجابة الإنسانية في غزة، فضلا عن دورها الأساسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة".

وقال لامبرينيديس إنه قبل شهر رمضان وعيدي الفصح اليهودي والمسيحي، يجب الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي الراهن للأماكن المقدسة بما يتماشى مع التفاهمات السابقة وفيما يتعلق بدور الأردن كوصي، داعيا "الجميع إلى ممارسة ضبط النفس وخفض التوترات من أجل السلام".

وأكد سفير الاتحاد الأوروبي أن منع المزيد من التصعيد الإقليمي يظل أمرا بالغ الأهمية، معربا عن دعم الاتحاد الأوروبي لجميع الجهود الجارية لتهدئة التصعيد في المنطقة.