منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تؤكد رفض أي محاولة لتغيير التركيبة السكانية لقطاع غزة

قاعة مجلس الأمن الدولي.
UN Photo/Manuel Elías
قاعة مجلس الأمن الدولي.

الأمم المتحدة تؤكد رفض أي محاولة لتغيير التركيبة السكانية لقطاع غزة

السلم والأمن

أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس عن القلق البالغ إزاء التصريحات الأخيرة لوزراء إسرائيليين بشأن خطط تشجيع النقل الجماعي للمدنيين من غزة إلى بلدان ثالثة، "الذي يشار إليه حاليا باسم الانتقال الطوعي".

وأكد غريفيثس أن تلك التصريحات تثير مخاوف جدية بشأن إمكانية النقل أو الترحيل بشكل جماعي وقسري للسكان الفلسطينيين من قطاع غزة، "وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي". وفي اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط، شدد على ضرورة رفض أي محاولة لتغيير التركيبة الديمغرافية لقطاع غزة بحزم. وأكد أن "أي شخص نازح في غزة يجب أن يُسمح له بالعودة، وفق القانون الدولي".

وأمام مجلس الأمن قالت إلزا براندز كيريس مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إن التهديد بالتهجير القسري يحمل صدى خاصا بالنسبة للفلسطينيين - فهو محفور في الوعي الجمعي الفلسطيني من خلال "النكبة" التي حدثت عام 1948 عندما أُجبر ملايين الفلسطينيين على ترك منازلهم.

وبرغم أن إسرائيل ذكرت أن أوامر الإخلاء التي أصدرتها كانت من أجل سلامة المدنيين الفلسطينيين، "إلا أنها على ما يبدو لم تتخذ سوى تدابير ضئيلة لضمان امتثال عمليات النقل هذه للقانون الدولي" حسبما قالت المسؤولة الأممية.

وأضافت أن عمليات الإجلاء القسري هذه- التي لا تستوفي الشروط اللازمة لاعتبارها قانونية، قد ترقى إلى مستوى النقل القسري- وهو بمثابة جريمة حرب. وقالت إن العنف الحالي يأتي في سياق عقود من انتهاكات حقوق الإنسان وأكدت على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراءها من أجل التوصل إلى حل دائم لهذه الأزمة.

وضع مروع

وقال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إن الوضع في غزة "لا يزال مروعا" مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بلا هوادة. وأكد مجددا "ألا مكان آمنا" في قطاع غزة، وأن الحياة الإنسانية الكريمة "أصبحت شبه مستحيلة".

وأشار إلى أوامر الإخلاء مع تحرك العمليات البرية جنوبا في القطاع وتكثف عمليات القصف الجوي، مضيفا أن المزيد من الناس يتكدسون في قطعة أرض أصغر من أي وقت مضى، ليجدوا المزيد من العنف والحرمان، والمأوى غير المناسب، والغياب شبه الكامل للخدمات الأساسية.

وأكد غريفيثس أن تقديم المساعدات الإنسانية في غزة أصبح "شبه مستحيل". وأضاف أن جهود إرسال قوافل إنسانية إلى الشمال قوبلت بالتأخير والرفض وفرض الشروط المستحيلة، مشيرا إلى أن توسيع الهجوم على رفح من شأنه أن يمثل تحديا خطيرا للعمليات الإنسانية "المنهكة بالفعل" والتي تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية لتقديم المساعدات الهزيلة.

دعوة لإنهاء الحرب

ودعا المسؤول الأممي كذلك إلى عدم نسيان مقتل 1200 شخص وإصابة الآلاف وأسر المئات في الهجوم الذي شنته حماس وغيرها من الجماعات المسلحة على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، "والروايات عن العنف الجنسي البغيض".

وحول الضفة الغربية قال "إننا نشهد بالفعل تزايد التوتر والأعمال العدائية في الضفة الغربية، حيث تتواصل الغارات الإسرائيلية على البلدات الفلسطينية ويزداد بشكل مثير للقلق عنف المستوطنين، مما يؤدي إلى وقوع الوفيات والتشريد وهدم المنازل".

وأشار كذلك إلى تزايد التوترات والنشاط العسكري في لبنان والبحر الأحمر واليمن، مضيفا أنه "لا يمكننا أن نسمح لهذا الأمر بالانتشار إلى أبعد من ذلك، فالعواقب التي قد تترتب على اندلاع حريق أوسع نطاقا لا يمكن تصورها".

وجدد غريفيثس الدعوة إلى الامتثال للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها، وتوفير الضروريات اللازمة للبقاء، وتسهيل المساعدات الإنسانية بالمستوى المطلوب، والمعاملة الإنسانية والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، ووقف إطلاق النار. كما دعا مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذه الحرب.

بدورها، قالت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إلزا براندس كيريس  إن الوضع الكارثي والمعاناة الهائلة في غزة كان يمكن تجنبهما والتنبؤ بهما، وقد تم التحذير منهما منذ أسابيع عديدة. وتطرقت أيضا إلى الفظائع التي نجمت عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، مشددة على ضرورة تحقيق المساءلة بشأنها.

 ومضت قائلة: "نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، كخطوات أولى لا غنى عنها نحو حل دائم. يجب إعطاء الأولوية لحماية المدنيين ويجب السماح لهم بالعثور على الأمان والحصول على المساعدة التي تحفظ حياتهم أينما كانوا".

كما شددت على ضرورة إدانة عنف المستوطنين في الضفة الغربية ومتابعته بقوة، ووقف بناء المستوطنات.

الجزائر

السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع كان أول الأعضاء المتحدثين بالمجلس، حيث دعا إلى توحيد المواقف لرفض تهجير الفلسطينيين. وقال إن على المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، التحدث بصوت واحد وقوي لرفض ذلك الأمر.

وأضاف أن أحدا في قاعة مجلس الأمن لا يمكن أن يبقى صامتا أمام "مشاريع" تهجير الفلسطينيين، وقال إن الصمت تواطؤ. وفي ختام كلمته أمام المجلس، جدد المطالبة بالوقف العاجل والدائم لإطلاق النار في غزة. 

وأكد العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن الدولي دعم بلاده الثابت للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

فلسطين

السفير رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة.
United Nations

وجه السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في مستهل كلمته الشكر إلى جنوب أفريقيا على ما وصفها بـ"قيادتها الأخلاقية في القضية التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل".

وقال إن الدرس المستفاد من المحرقة "ليس ضرورة الدفاع عن إسرائيل عندما ترتكب فظائع، بل بالأحرى أنه يتعين على المرء أن يقف ضد الفظائع بغض النظر عمن يرتكبها ومن يتحملها".

وشدد على أن أفضل طريقة لتجنب التصعيد الإقليمي ليست التهديد أو استخدام المزيد من النيران، بل العمل على الفور من أجل وقف فوري لإطلاق النار. وقال إنه كان يأمل أن يتم التعامل مع إنقاذ أرواح الأطفال الفلسطينيين بنفس إلحاح التحرك وتوفير الحماية للممرات الملاحية.

وشدد منصور على أن من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة في أرض أجدادهم، مؤكدا أن هذا هو السبيل الوحيد نحو تحقيق السلام والأمن المشتركين. وقال إنه يجب على كل أولئك الذين يريدون أن يروا سلاما وأمنا مشتركين ألا ينشروا النيران، بل "يجب أن يدعموا وقفا فوريا لإطلاق النار".

إسرائيل

السفير جلعاد إردان الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي.
United Nations

من جانبه، قال الممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، السفير جلعاد إردان إن مجلس الأمن، وبعد مرور مئة يوم من 7 تشرين الأول/أكتوبر، عقد جلسات عديدة اعتمد خلالها عددا من القرارات بشأن الوضع في غزة إلا أنه لم يدعُ إلى جلسة واحدة تركز على إطلاق سراح الرهائن. 

وأضاف أن حماس وبعد مرور مئة يوم لم تسمح للصليب الأحمر بزيارة الرهائن. وأضاف: "هذه جريمة خطيرة ولكن ماذا فعل بشأنها هذا المجلس؟" ونفى جلعاد إردان الاتهامات الموجهة لبلاده بشأن نيتها بتهجير الفلسطينيين قسريا.

 وأضاف: "دعوني أكون واضحا: ما من نية لتهجير سكان غزة. تحارب إسرائيل فقط الإرهابيين من حماس الذين يستخدمون أهل غزة كدروع بشرية وحولوا كل شبر في غزة إلى ماكينة حرب". وقال إن إسرائيل "ينبغي أن تقضي على حماس لضمان عدم تكرار أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر".

وذكر السفير الإسرائيلي أن قضية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية "لا أساس لها من الصحة"، وهي تمثل واقعا مريرا من وجهة نظر إسرائيل. وأضاف أن "إسرائيل تخوض حربا هي الأكثر عدالة" مشيرا إلى أنه حتى وإن حدث وقف لإطلاق النار، فإن "حماس ستواصل إرهابها".