منظور عالمي قصص إنسانية

اليونيسف: مرة أخرى، غزة أخطر مكان في العالم للأطفال

أطفال مع أسرهم في مكان إيواء يُقيم به المهجرون في قطاع غزة.
© UNICEF/Abed Zaqout
أطفال مع أسرهم في مكان إيواء يُقيم به المهجرون في قطاع غزة.

اليونيسف: مرة أخرى، غزة أخطر مكان في العالم للأطفال

المساعدات الإنسانية

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إن قطاع غزة أصبح مرة أخرى، بعد استئناف الأعمال العدائية، أخطر مكان للأطفال في العالم. وحذرت من مخاطر مقتل وإصابة مئات الأطفال يوميا إذا عاد العنف إلى النطاق الذي كان عليه قبل الهدنة الإنسانية.

جيمس إلدر الناطق باسم اليونيسف، الموجود في غزة، تحدث مع أخبار الأمم المتحدة عن المشهد مع استئناف القتال. وتطرق إلى الإصابات التي يعاني منها الأطفال بسبب الحرب الدائرة من حروق وجراح خطرة، وقال إن نحو 1000 طفل تعرضوا لبتر في الأطراف- خلال الفترة الماضية- فيما قُتل أكثر من 5000 وفق التقارير.

 وأضاف أن التقاعس عن العمل والسماح باستئناف الهجمات، يعني السماح بقتل مزيد من الأطفال. وتحدث إلدر عن الجهود البطولية التي يبذلها الزملاء العاملون مع وكالات الأمم المتحدة في قطاع غزة. وقال إن مواصلة الغضب والاستقطاب وتدمير غزة وقتل الأطفال لا يمكن بأي شكل أن يجلب السلامة للأطفال في فلسطين وإسرائيل.

فيما يلي نص الحوار مع المتحدث باسم اليونيسف جيمس إلدر من رفح جنوب قطاع غزة، حيث سألناه في البداية عن المشهد في القطاع مع استئناف الأعمال العدائية.

جيمس إلدر: المكان مليء بالخوف والدماء، في ظل استمرار الهجمات. تمكن الناس خلال الهدنة الإنسانية من التقاط أنفاسهم وبدأ الشعور بالطفولة يعود للأطفال لفترة وجيزة. ذهبتُ اليوم إلى مستشفى ناصر ورأيت سيارات الإسعاف والناس الذين يعانون من جراح الحرب في المستشفى المكتظ بالفعل. 

إن القصف مستمر بلا هوادة، وأشم الآن رائحة المتفجرات في الهواء. أود وصف الوضع بأنه كابوس، لكن من تحدثت إليهم جميها قالوا لي إنهم يعيشون في ظل الكابوس منذ فترة.

أخبار الأمم المتحدة: وأنت في مستشفى ناصر، وقع قصف على بعد بضعة أمتار، كيف كان الوضع داخل المستشفى؟

جيمس إلدر: شعر الناس بالرعب، هناك جملة تسمعونها كثيرا عن قطاع غزة وهي إنه لا يوجد مكان آمن به. وهي عبارة حقيقية. المستشفى مكتظ بالمرضى والمصابين، وفي الممرات يوجد مئات الناس الذين يبحثون عن الأمان ومعهم أشياء قليلة تمكنوا من إحضارها معهم من منازلهم التي تعرضت للقصف. إنهم يتنقلون من مكان لآخر بحثا عن الأمان، والآن وهم في المستشفى يسمعون مرة أخرى أصوات الانفجارات. رأيت النقالات تدخل حاملة المصابين بجراح رهيبة. رأيت أطفالا يتشبثون بوالديهم، ورأيت الأطفال الأكبر سنا ينظرون إلى أهلهم مدركين أنهم لن يستطيعوا حمايتهم في ظل ما يحدث.

أخبار الأمم المتحدة: لقد شهدتَ بنفسك الوضع على الأرض في غزة، ما الذي يمكن أن تقوله لنا عن نوع الإصابات التي يعاني منها الأطفال والرعاية المقدمة لهم؟

جيمس إلدر: الإصابات مروعة. أعتقد أن دوري يتمثل في أن أتحدث عن قصص من رأيتهم وأن أشرح للعالم ما يحدث لأطفال غزة والأطفال الذين يعانون من الحروق والإصابات. هذا أقل ما يمكن أن أفعله. من المهم معرفة أنه عندما يُقصف منزل بقذيفة أو صاروخ مثلا- وأنا لست خبيرا عسكريا- فإن ذلك لا يؤدي إلى إصابة الأطفال بإصابة واحدة، ولكنه يؤدي إلى كسر العظام وإحداث حروق وإصابات بالشظايا التي تمزق جسد الطفل. لقد تحدثت مع أناس في وزارة الصحة وحاولت الحصول على معلومات من المستشفيات. ويبدو أن ألف طفل على الأقل عانوا من بتر في الأطراف، لقد رأيت بعضهم في المستشفى.

على سبيل المثال، شيماء طفلة في الثامنة من العمر، فقدت ذراعها وساقها اليمنى. كانت من قبل تتحدث كثيرا وتسأل كثيرا من الأسئلة، أما في الثلاث أو أربع مرات التي ذهبت فيها إلى المستشفى لرؤيتها، لم تنطق بكلمة. 

إن جميع وكالات الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية واليونيسف والأونروا وبرنامج الأغذية العالمي وجميع الوكالات تعمل على مدار الساعة لجلب المساعدات. كانت الاستجابة هائلة طوال الأيام السبعة للهدنة الإنسانية، ولكنها لم تكن كافية. لم تكن المساعدات.....كافية في الفترة القصيرة (للهدنة)....عذرا.

أخبار الأمم المتحدة: ما الذي يحدث؟

جيمس إلدر: سمعت انفجارا، وأرى الآن أعمدة من الدخان.أمامي على بعد 200 متر. لا أعرف مصدرها، أعتقد أنني ما زلت أحاول فهم الفرق بين الأصوات المختلفة ومعنى كل انفجار.

أخبار الأمم المتحدة: هل تستطيع مواصلة الحوار معنا، يمكن أن نتوقف كي تنتقل إلى مكان آمن؟

جيمس إلدر: شكرا ولكن لا يوجد مكان آمن. هنا ليس مكانا آمنا، تحت هذه الطاولة ليس آمنا. الأطفال في هذا المستشفى ليسوا آمنين. لا توجد مخابئ هنا قد توفر قدرا من الأمان المفقود. هذه هي الرسالة التي نواصل مشاركتها. لذا من المهم أن يتفهم القادة، والمتمتعون بنفوذ لديهم، أن التقاعس عن العمل وتمكين استئناف هذه الهجمات، يعني السماح بقتل مزيد ومزيد من الأطفال. 

أعود للحديث عن المساعدات، نشعر بالقلق الآن من الظروف على الأرض في أماكن الإيواء المكتظة وتعطل أنظمة الصرف الصحي والنظافة وشح الماء والوقود والغذاء. كل هذه العوامل تعد مثالية لتفشي الأمراض، يفاقم كل ذلك استئناف الأعمال العدائية.

أخبار الأمم المتحدة: وتحت هذه الظروف، ما الذي تستطيع اليونيسف فعله لمساعدة سكان غزة؟

جيمس إلدر: سأتحدث عن جميع الزملاء هنا، الزملاء في اليونيسف ووكالات الأمم المتحدة الأخرى. الأونروا تتحمل العبء الأكبر وما زال لديها الكثير من الزملاء الشجعان الذين يواصلون العمل بلا كلل، بينما فقدوا أفرادا من أسرهم. موظفو منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف، كلهم يعيشون تحت القصف.....عذرا.

أخبار الأمم المتحدة: هل هناك قصف آخر؟

جيمس إلدر: نعم مزيد من القصف. ليست لدي خبرة عسكرية ولا أعرف مصدر القصف، ولكنني أعرف الجراح التي تخلفها الحرب. كنت أقول إن الزملاء هنا شجعان للغاية. أحد زملائي هو سائق مع اليونيسف فقد كل أسرته، قُتلت زوجته وبناته. هذه القصص ليست فريدة، بل هي في كل مكان هنا. لا أستطيع الحديث بما يكفي عن شجاعة وتفاني زملائنا الباقين هنا ليقدموا المساعدة الإنسانية في كل الأوقات.

أخبار الأمم المتحدة: قلت عدة مرات إن هذه حرب ضد الأطفال، ما الذي تقصده بذلك بالتحديد؟

جيمس إلدر: قُتل خمسة آلاف أو ستة آلاف طفل في غزة وفق التقارير. لا أفهم لأي سبب. هذا العدد الكبير من الأطفال القتلى يعني أنهم يتحملون عبء الصراع. أعتقد أن نحو 40% من الضحايا هم من الأطفال. هذا أمر لا يُصدق. إنها حرب على الأطفال، أيضا هناك أطفال إسرائيليون محتجزون في غزة، ونأمل أن ينتهي عذاب أسرهم وأن يعودوا إلى منازلهم. عدم حدوث ذلك حتى الآن هو أمر محير. لا أفهم كيف يعتقد أي شخص أن مواصلة الغضب والاستقطاب وتدمير غزة وقتل الأطفال يمكن بأي شكل أن يجلب السلامة للأطفال في فلسطين وإسرائيل.