منظور عالمي قصص إنسانية

تقرير أممي يسلط الضوء على سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها جيش ميانمار

شابات يشاركن في مظاهرة مؤيدة للديمقراطية في ميانمار.
Unsplash/Pyae Sone Htun
شابات يشاركن في مظاهرة مؤيدة للديمقراطية في ميانمار.

تقرير أممي يسلط الضوء على سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها جيش ميانمار

حقوق الإنسان

حذر مكتب حقوق الإنسان يوم الجمعة من أن سياسة "الأرض المحروقة" التي يتبعها الجيش في ميانمار خلفت آلاف القتلى من المدنيين، فيما تأثرت 80 في المائة من البلدات بالقتال، بعد عامين على الانقلاب العسكري.

وأشار المكتب الأممي إلى أن الجيش- الذي يواجه ضغوطا شديدة على الأرض- يلجأ إلى الغارات الجوية والهجمات باستخدام الأسلحة الثقيلة.

وكشف جيمس روديهافر، رئيس فريق مكتب حقوق الإنسان المعني بميانمار النقاب عن أحدث تقرير للمكتب حول الأزمة هناك: "لم تُهزم إرادة شعب ميانمار في معارضة هذا الانقلاب ومواصلة البحث عن حقوق الإنسان والمستقبل الديمقراطي على الرغم من كل التحديات التي يواجهها".

سيطرة التاتماداو

لقي حوالي 3000 مدني مصرعهم منذ الانقلاب الذي نفذه جيش ميانمار المعروف باسم "التاتماداو" ويعتقد أن 30 في المائة منهم ماتوا بينما كانوا في الاحتجاز، وفقا لتقرير مكتب حقوق الإنسان.

تصاعدت أعمال العنف بشكل كبير خلال العام الماضي - لا سيما في شمال غرب وجنوب شرق ميانمار - مما ترك الجيش يقاتل على 14 جبهة مختلفة.

نداء مفوض حقوق الإنسان

ودعا مفوض حقوق الإنسان، فولكر تورك إلى اتخاذ "إجراءات عاجلة وملموسة" لإنهاء الأزمة، مؤيدا الدعوات إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيا، وتحقيق المساءلة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق.

وأضاف قائلا: "شرع جنرالات الجيش في سياسة الأرض المحروقة في محاولة للقضاء على المعارضة، بعد عامين على الانقلاب العسكري. من المؤسف أن الجهود الإقليمية والعالمية من أجل السلام وضبط النفس لم تلق إلى حد كبير آذانا صاغية. هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لإنهاء هذه الكارثة المتفاقمة".

الغارات الجوية تخلف حالة من الرعب

وتطرق تقرير مكتب حقوق الإنسان إلى الغارات الجوية الموثقة التي يشنها الجيش على المدنيين ومن بينها مقتل ستة أطفال على الأقل وإصابة تسعة آخرين، في 16 أيلول/سبتمبر 2022، نتيجة غارة جوية شنتها أربع مروحيات على مدرسة في قرية ليتيت كوني الواقعة في مقاطعة ساغاينغ.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان، رافينا شامداساني، للصحفيين في جنيف اليوم الجمعة:

"نزل حوالي 60 جنديا من طائرات الهليكوبتر على الأرض، هاجموا القرية، وأعدموا فنيا يعمل في مدرسة وخمسة قرويين قبل أن يعتقلوا الأطفال والمعلمين الجرحى".

في 20 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، تسببت غارة جوية أخرى استهدفت مستشفى في قرية مان يو غيي، في مقاطعة ساغاينغ في مقتل امرأة وإصابة خمس نساء أخريات. وكان المستشفى قد تم افتتاحه قبل يوم واحد من وقوع الهجوم، وجميع العاملين فيه كانوا من المتطوعين، وفقا لتقرير مكتب حقوق الإنسان.

 

من الأرشيف: احتجاج الناس على الانقلاب العسكري في ميانمار.
© Unsplash/Saw Wunna

 

الموت بأربع وسائل

وأوضحت السيدة شامداساني أن الجيش يستخدم نهجا رباعيا مكونا من الغارات الجوية العشوائية والقصف المدفعي، وتدمير القرى وتهجير السكان المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

والهدف الاستراتيجي من هذا النهج هو منع الجماعات المسلحة المنظمة من غير الدول وغيرها من العناصر المسلحة المناهضة للجيش من الحصول على الغذاء والتمويل والاستخبارات والمجندين.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان:

"أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 39 ألف منزل في جميع أنحاء البلاد تم حرقها أو تدميرها في العمليات العسكرية منذ شباط/فبراير 2022، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 1000 ضعف مقارنة بـ 2021".

وتتسق هذه الهجمات مع الطريقة التي ظل الجيش يتبعها على مدى عقود، بما في ذلك في كاشين عام 2011 وراخين في عام 2017.

كانت مقاطعة ساغاينج هي المنطقة الأكثر تضررا، حيث تضم أكثر من 25,500 منزل. تبين صور تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية حرق قرية آه شي سي الواقعة في المقاطعة بأكملها مع تدمير 621 مبنى في حادثة وقعت في 1 أيار/مايو 2022.

علاوة على ذلك، تفيد صور الأقمار الصناعية إلى جانب المقابلات التي تم إجراؤها بتدمير الجيش 458 منزلا وإلحاق أضرار بـ 319 منزلا آخر في ثماني قرى في سلسلة من الغارات والهجمات على بلدة تازي، في مقاطعة ساغاينج، خلال الفترة ما بين 16 و 28 أيلول/سبتمبر.

محنة المعتقلين السياسيين

كما أشار تقرير مكتب حقوق الإنسان إلى أن ما يقرب من 20 ألف سجين سياسي يقبعون حاليا في السجون في ميانمار. ولا يزال حوالي 16 ألفا رهن الاحتجاز دون معرفة مكان احتجازهم.

وقال جيمس روديهافر، رئيس فريق مكتب حقوق الإنسان المعني بميانمار: "نعلم أن الكثير من هؤلاء الأشخاص تم اعتقالهم، ولكن ليس لدينا أي فكرة عن مكانهم، وهذا يشمل عائلاتهم. لسوء الحظ، لا يُسمح لأي شخص بالوصول إلى مراكز الاحتجاز، بما في ذلك العديد من المنظمات الإنسانية".

وأضاف قائلا: "ثمة روايات قاتمة للأشخاص الذين نتمكن من التواصل معهم- إما من تمكنوا من الاتصال بأقاربهم المحتجزين، أو أولئك الذين تم إطلاق سراحهم - سواء عن ظروف احتجازهم أو عن التعذيب".

ونظرا لأن المفوضية السامية لحقوق الإنسان لا تملك حق الوصول إلى ميانمار، فإن نتائج التقرير تستند إلى أكثر من 96 مقابلة واجتماعا مع الضحايا والناجين كما أنها مدعومة بصور الأقمار الصناعية، وملفات الوسائط المتعددة التي تم التحقق منها، ومعلومات مفتوحة المصدر ذات مصداقية بالإضافة إلى التعاون المنتظم وتبادل البيانات والمعلومات داخل منظومة الأمم المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن "أرقام الضحايا (في التقرير) من المحتمل أن تكون أقل بكثير مقارنة بالواقع على الأرض".