منظور عالمي قصص إنسانية

الاتجار بالبشر: كيف يستدرج المفترسون ضحاياهم؟

تم تهريب بينتا من غامبيا إلى لبنان ، حيث واجهت التحرش الجنسي وظروف العمل الرهيبة لمدة عام ونصف تقريبا.
IOM/Robert Kovacs
تم تهريب بينتا من غامبيا إلى لبنان ، حيث واجهت التحرش الجنسي وظروف العمل الرهيبة لمدة عام ونصف تقريبا.

الاتجار بالبشر: كيف يستدرج المفترسون ضحاياهم؟

حقوق الإنسان

بين أم عزباء يائسة تبحث عن عمل، وفتاة تخرّجت حديثا تبحث عن مصدر لكسب الرزق وإعالة أسرتها، من هنا تبدأ رحلة المعاناة. فاتو وبينتا وقعتا ضحية للمتاجرين بالبشر، هما اثنتان من بين 56 ضحية من غامبيا تقدّم لهم المنظمة الدولية للهجرة المساعدة منذ عام 2017.

قصة فاتو

بعد أن تسرّبت من المدرسة الثانوية، كانت فرص العمل بالنسبة للأم العزباء، فاتو (اسم مستعار)، صعبة. علما بذلك، تواصلت معها إحدى الصديقات لتبشّرها "بفرصة العمر."

تحدثت فاتو عن الطريقة التي استُدرِجت بها: "أخبرتني أنه يوجد بلد حيث يمكن للمرأة الغامبية أن تعثر فيه بسهولة على عمل، على وظيفة، وتقدر على تغطية نفقات أسرتها."

توجهت صديقة فاتو إلى مهرّب، أجرى جميع الترتيبات الخاصة المتعلقة بجواز السفر والتأشيرة والرحلة، مقابل مبلغ من المال حصل عليه من شبكة اتجار في لبنان.

بعد وصولها بوقت قصير، وُضعت فاتو في غرفة صغيرة، مع عدّة نساء أخريات.

تقول فاتو: "عندما وصلت إلى هناك، كنت خائفة حقا، عندما يتم المناداة على أسمائهن يغادرن الغرفة ولا يعدن أبدا. لم أكن أعرف ما إذا كانوا سيحاولون قتلي أم لا."

عندما جاء دور فاتو، أخذها الوكيل وسلّمها إلى أسرة، هي الأسرة التي دفعت ثمن وثائق السفر والطيران.

وهناك أجبِرت على العمل كخادمة مقابل أجر ضئيل وغير ثابت، توقفت عن تلّقيه بعد أشهر قليلة من انفجار بيروت في 2020.

من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تواصلت فاتو مع ناشط في مكافحة الاتجار بالبشر للفت الانتباه إلى وضعها، مما أدى في النهاية إلى عودتها إلى غامبيا.

وفي عام 2020، كانت من بين 6,900 شخص في أفريقيا يُقدّر أنهم وقعوا ضحايا الاتجار بالعمال، وفقا لتقرير بشأن الاتجار بالبشر صدر عن وزارة الخارجية الأميركية في عام 2021.

تستخدم المنظمة الدولية للهجرة مبادئ صارمة لجمع البيانات في جهودها لحماية ضحايا الاتجار بالبشر
IOM/Robert Kovacs
تستخدم المنظمة الدولية للهجرة مبادئ صارمة لجمع البيانات في جهودها لحماية ضحايا الاتجار بالبشر

بينتا ضحية للمتاجرين في لبنان

لدى بينتا (اسم مستعار) قصة مشابهة لقصة فاتو. بعد إنهائها المدرسة الثانوية، تعرّضت لضغوط من قبل عائلتها للعثور على عمل.

تقول بينتا: "شعرتُ بالإحباط. كنت أبحث عن عمل لما يقرب من عامين، وشعرتُ بالاكتئاب." كملاذ أخير، قررت بينتا أن الطريقة الوحيدة للعثور على عمل هي مغادرة غامبيا.

اعتقدتُ أن العمل معه في مكتبه من شأنه أن يوقف المضايقات، لكن ذلك لم يحدث

استغلّ أحد معارفها يأسها في العثور على عمل، واتصل بها لترتيب سفرها إلى لبنان. وهناك، أجبرت على العمل بدون أجر، واعتدى عليها صاحب العمل جنسيا مرارا وتكرارا.

"اعتقدتُ أن العمل معه في مكتبه من شأنه أن يوقف المضايقات، لكن ذلك لم يحدث."

بعد أشهر من هذه المحنة، تم تكليف بينتا للعمل كخادمة في منزل طبيب.

تستذكر قائلة: "مكثتُ هناك لمدة 10 أشهر، أعمل بشكل مستمر بدون ساعات محددة."

في نهاية المطاف، دخلت في شجار مع زوجة الطبيب، وطرداها من المنزل، وأعادا إرسالها إلى غامبيا.

التماس المساعدة

لدى عودتها إلى غامبيا، سعت بينتا للحصول على المساعدة على الفور. وقالت: "أحالتني اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، والتي ساعدتني عبر تقديم بعض آلات الخياطة حتى أتمكن من كسب الدخل."

وبمساعدة المنظمة الدولية للهجرة، افتتحت فاتو صالونا ومتجرا لمستحضرات التجميل.

تقول فاتو: "استخدمتُ المال من الصالون لإعالة أسرتي ودفع الرسوم المدرسية وثمن الزي المدرسي لأولادي."

وتوضح أميناتا باه، العضوة في فريق مكافحة الاتجار بالمنظمة الدولية للهجرة، أن المساعدة التي تقدمها المنظمة تتراوح بين دعم العودة الطوعية لضحايا الاتجار بالبشر إلى بلدانهم الأصلية، وتقديم خدمات الصحة الطبية أو العقلية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، وتقديم المساعدة الاقتصادية لإعادة الإدماج.

وتضيف قائلة: "من خلال ما تعلّمناه عن ضحايا الاتجار بالبشر وإعادة إدماجهم، نعرف ما هي أكثر أنواع المساعدات فعالية للنساء من أجل إعادة الإدماج بسلاسة في غامبيا."

تقدم المنظمة الدولية للهجرة المشورة كجزء من الدعم المقدم لضحايا الاتجار في غامبيا.
IOM/Robert Kovacs
تقدم المنظمة الدولية للهجرة المشورة كجزء من الدعم المقدم لضحايا الاتجار في غامبيا.

منع الاتجار أولا

تتجاوز جهود مكافحة الاتجار الحماية وإعادة الإدماج. يجب عمل المزيد لمنع وقوع الأشخاص ضحية للاتجار في المقام الأول، فضلا عن محاسبة المتاجرين بالبشر من خلال نظام العدالة الجنائية.

تقول أميناتا باه: "مع وجود الكثير من المهرّبين الذين يستخدمون التكنولوجيا لتسهيل الاتجار، نحتاج إلى أن نكون على دراية بكيفية تواصلنا مع الأشخاص عبر الإنترنت، لمنع التجربة المؤلمة المتمثلة في التعرّض للاتجار."

من جانبها، تنصح فاتو: "إذا عرض شخص ما عليكم دفع تكاليف وثائق السفر ورحلة البحث عن عمل، فاسألوا بدلا من ذلك عمّا إذا كان يمكنه استثمار هذه الأموال في عمل ما."

تتفق أمنياتا باه مع فاتو، وتقول: "عندما يرسل إليكم شخص ما رسالة من دون سابق إنذار، ليقدم لكم شيئا يبدو جيدا لدرجة يصعب تصديقها، فهناك فرصة جيدة أنك هدف للاتجار."

أما بينتا، فتنصح السيدات الشابات اللاتي يرغبن في السفر لكسب المال، إعادة النظر في السفر إذا لم تكن جهة العمل معلومة. "وإذا انتهى بكِ الأمر في مكان غير آمن، فسوف تُعاملين بطريقة لاإنسانية. لا أتمنى هذا لأي شخص."

نُشرت هذه المقالة باللغة الإنجليزية على موقع المنظمة الدولية للهجرة. للاطلاع عليها اضغط هنا.