منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة: طرد السكان الفلسطينيين من قرى مسافر يطا يهدد بتعاظم الاحتياجات الإنسانية

سكان خربة التبان، واحدة من 13 تجمعا سكانيا معرضا لخطر الترحيل القسري في مسافر يطّا، جنوب الضفة الغربية، 16 حزيران/يونيو 2022.
OCHA
سكان خربة التبان، واحدة من 13 تجمعا سكانيا معرضا لخطر الترحيل القسري في مسافر يطّا، جنوب الضفة الغربية، 16 حزيران/يونيو 2022.

الأمم المتحدة: طرد السكان الفلسطينيين من قرى مسافر يطا يهدد بتعاظم الاحتياجات الإنسانية

المساعدات الإنسانية

يعيش أبناء التجمعات السكانية الفلسطينية في مسافر يطّا في حالة من الخوف الدائم. ففضلا عن التهديد بهدم منازلهم، يواجهون العنف على يد المستوطنين الذين يستوطنون في بؤرة استيطانية قريبة منهم، حيث يغلقون الطرق في المنطقة ويعتدون على الرعاة ويضرمون النار في أكوام القش والمراعي، ويقوضون الأمن المادي لهؤلاء السكان، ويؤثرون سلبا على صحتهم العقلية والنفسية والاجتماعية، ويتسببون في تدني معيشتهم ويزيدون من اعتمادهم على المساعدات الإنسانية، بحسب ما أفاد به مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
 

وأوضحت ورقة حقائق جديدة أصدرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية اليوم، أن 215 أسرة فلسطينية مؤلفة من نحو 1,150 فردا، من بينهم 569 طفلا، تسكن في منطقة مسافر يطّا، جنوب الضفة الغربية المحتلة، في هذه الآونة. 

ويتعرّض السكان لخطر الإخلاء لأنهم يقطنون في "منطقة إطلاق نار بصورة غير قانونية" – إذ صنّفت السلطات الإسرائيلية في ثمانينيات القرن الماضي جزءا من مسافر يطا جنوب جبل الخليل كمنطقة "إطلاق نار 918" وهي عبارة عن منطقة عسكرية مغلقة. ومنذ هذا التاريخ يتعرض السكان لخطر الإخلاء القسري والهدم والترحيل القسري. 

وما عاد لقريتي خربة صارورة وخروبة وجود بعد هدم المنازل فيهما.

إخلاء بالقوة

وفي عام 1999، أصدرت الحكومة الإسرائيلية أوامر إخلاء لنحو 700 فلسطيني من سكان مسافر يطّا، بسبب "السكن في منطقة إطلاق نار بصورة غير قانونية" ونتيجة لذلك، أخلى الجيش الإسرائيلي معظم هؤلاء الفلسطينيين بالقوة ودمّر منازلهم وممتلكاتهم أو صادرها. 

ولا تزال التجمعات السكانية في مسافر يطّا تتعرض لعدة موجات من عمليات الهدم وأوامر الهدم منذ عام 1999، بما فيها القرى الواقعة خارج منطقة إطلاق النار.

وفي التماس رُفع إلى محكم العدل العليا في 2012، أعاد الجيش الإسرائيلي تأكيد حقه في إخلاء ثمانية تجمعات من أصل 13، مع إتاحة الإمكانية لهم للوصول إلى أراضيهم لزراعتها والرعي فيها في أيام نهاية الأسبوع وخلال العطل اليهودية دون غيرها. 

وفي جلسة عقدتها المحكمة في آب/أغسطس 2020، أشارت السلطات الإسرائيلية إلى أن أبناء التجمعات الفلسطينية لم يكونوا يقطنون في المنطقة عندما أعلن عنها منطقة إطلاق نار، وأنهم بحكم ذلك لا يملكون الحق في مواصلة السكن في منازلهم. 

وفي 4 أيار/مايو 2022، قضت محكمة العدل العليا بأنه ليس ثمّة عقبات قانونية تحول دون تنفيذ الخطط الرامية إلى طرد السكان الفلسطينيين من مسافر يطا لإتاحة المجال أمام إجراء التدريبات العسكرية، وهو ما يعرّضهم فعليا لخطر الإخلاء القسري والتهجير التعسفي والترحيل القسري الوشيك.

ويرى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن القرار يبدو أنه جزء من سياسة أعمّ تنفذها إسرائيل في الأرض التي تحتلها لاستخدام المناطق العسكرية المغلقة، مما يؤدي إلى مصادرة أراضي الفلسطينيين وهدم منازلهم، والسماح في بعض الحالات بإقامة المستوطنات وتوسيعها.

ويفاقم هذه الشواغل ما جرى توثيقه من حالات شهدت تحويل أراض من مناطق لإطلاق النار إلى مستوطنات.

الضفة الغربية: مسافر يطا.
OCHA
الضفة الغربية: مسافر يطا.

إجراءات تقوم بها السلطات الإسرائيلية

في 18 أيار/مايو 2022 أصدرت القوات الإسرائيلية أمرا عسكريا بمصادرة الأراضي لشق طريق من مسربين لتسيير دورياتها في "منطقة إطلاق النار".

في 11 أيار/مايو و1 حزيران/يونيو 2022 هُدمت منازل العشرات من الفلسطينيين في خربة الفخيت والمركز. أما الهدم الذي نُفذ في الأول من حزيران/يونيو فيُعتبر بالنسبة للبعض المرة الثالثة التي فقد فيها منزله خلال فترة تقل عن سنة.

في 7 حزيران/يونيو 2022، أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر بهدم المنازل السبعة ومعظم المباني التي يستخدمها مالكوها في تأمين سبل عيشهم في خربة التبان.

في 16 حزيران/يونيو 2022، صدر المزيد من أوامر الهدم التي طالت 20 مبنى في خلة الضبع بعد يوم من الإعلان عن إجراء تدريب عسكري في المنطقة.

وتشكل أنشطة الرعي مصدر الدخل الرئيسي لدى هذه التجمعات، لكن إمكانية الوصول إلى المراعي تقلصت بسبب الأنشطة العسكرية والاستيطانية، ويزيد هذا الحال من الاعتماد على العلف الذي شهدت أسعاره ارتفاعا هائلا خلال الحرب في أوكرانيا.

هدم مدارس وعيادات صحية

بحسب أوتشا، تعيق السلطات الإسرائيلية مساعي المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات لأبناء التجمعات السكانية في مسافر يطا للوفاء باحتياجاتهم الأساسية، بما فيها المياه والكهرباء والحيلولة دون ترحيلهم قسرا عن تجمعاتهم. 

وتصدر السلطات الإسرائيلية أوامر الهدم أو "وقف العمل" ومصادرة المركبات والمعدات وفرض القيود على إمكانية الوصول إلى الأراضي ووصول العاملين في المجال الإنساني إلى هذه المنطقة.

وقد صدرت أوامر - لا يزال ينتظر تنفيذها - بهدم المدارس الأربعة في المنطقة، والتي شيدت كلها بدعم من المانحين الدوليين، وهذا هو حال العيادات الأربع التي تشغلّها الفرق الصحية المتنقلة.

ويحذر مكتب أوتشا من أنه من شأن الإخلاء أن يفضي إلى تعاظم الاحتياجات الإنسانية التي ينبغي الوفاء بها لضمان حماية الناس وقدرتهم على الحصول على الخدمات الإنسانية.

من الأرشيف: طفل في تجمع اللاجئين البدوي أم الخير في تلال الخليل الجنوبية حيث يتم هدم المنازل من قبل السلطات الإسرائيلية.
UNRWA
من الأرشيف: طفل في تجمع اللاجئين البدوي أم الخير في تلال الخليل الجنوبية حيث يتم هدم المنازل من قبل السلطات الإسرائيلية.

ماذا يقول القانون الدولي؟

وإذ يفرض القانون الدولي الإنساني حظرا مطلقا على الترحيل القسري للمدنيين من الأرض الفلسطينية المحتلة أو داخلها، يؤكد أوتشا أنه يتعين على السلطات الإسرائيلية أن تضع حدّا لجميع التدابير القسرية، بما فيها عمليات الإخلاء والهدم المزمعة وإجراء التدريب العسكري في المناطق السكنية.

وقد يرقى الإخلاء القسري الذي يفضي إلى التهجير، في حالة إنفاذه، "إلى مستوى الترحيل القسري الذي يُعد مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، ولهذا يعتبر جريمة حرب."

وأشار أوتشا إلى أن عمليات الإخلاء المتواصلة التي تطال الفلسطينيين والتوسع الاستيطاني على مدى 55 عاما من الاحتلال تغيّر الواقع على الأرض ويتعارض مع القانون الدولي الإنساني والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تعدّ ملزمة قانونيا.

كما تقلّص المناطق العسكرية المغلقة مساحة الأراضي التي يملكها الفلسطينيون ملكية خاصة ومراعيهم وتفرض قيودا على تنقلهم وسبل عيشهم، مما يثير القلق إزاء الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان.

يُذكر أن نحو 20 في المائة من أراضي الضفة الغربية صنّفت على أنها "مناطق إطلاق نار" مما يلحق الضرر بأكثر من 5,000 فلسطيني يقطنون في 38 تجمعا سكانيا.