منظور عالمي قصص إنسانية

المرأة عنصر أساسي في التعافي، لكن مشاركتها المنقوصة تقوّض تنفيذ أجندة المرأة للسلم والأمن

تعاونية نسائية تتشكل في بلدة يوكو بالكاميرون.
تعاونية نسائية تتشكل في بلدة يوكو بالكاميرون.
تعاونية نسائية تتشكل في بلدة يوكو بالكاميرون.

المرأة عنصر أساسي في التعافي، لكن مشاركتها المنقوصة تقوّض تنفيذ أجندة المرأة للسلم والأمن

المرأة

بمناسبة اليوم الدولي للمرأة، خصص مجلس الأمن الذي ترأسه دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الشهر، جلسة اليوم لمناقشة النهوض بأجندة المرأة والسلم والأمن من خلال الشراكات، مع التركيز على الشمول الاقتصادي للمرأة ومشاركتها كمفتاح لبناء السلام.

وفي إحاطتها أمام المجلس، قالت السيّدة سيما بحوث، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إنه عندما تفشت جائحة كـوفيد-19 قبل نحو عامين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف عالمي لإطلاق النار. وبثّ أمل في مواجهة العدو المشترك، وأن يكون هناك تجديد للتعاون الدولي، "وبدلا من إنفاق الأموال على الأسلحة، سنستثمر في العلوم والصحة والحماية الاجتماعية للجميع، وخاصة للأكثر ضعفا."

لكنها أضافت تقول: "بدلا من ذلك، هناك مزيد من الإنفاق العسكري والانقلابات العسكرية والاستيلاء على السلطة بالقوة."

المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن حول أجندة المرأة والسلام والأمن. 8 آذار/مارس 2022.
UN Photo/Manuel Elias

وأشارت إلى أن مجلس الأمن أمضى آخر 10 أيام على اجتماعات طارئة حول الوضع في أوكرانيا.

"وقد خسرنا مكاسب استغرقت عقودا لتحقيقها، خاصة في مجال المساواة بين الجنسين. لدينا أقل من تسع سنوات حتى عام 2030، مع ذلك لسنا على المسار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة."

وأضافت: "أعادتنا جائحة كوفيد-19 إلى الوراء عبر الأهداف، بما في ذلك حول المساواة بين الجنسين والفقر والمناخ. في اليوم الدولي للمرأة هذا، لدينا الفرصة للقيام بالأمور بشكل مختلف، ومن الواضح بالنسبة لي أكثر من أي وقت مضى أننا بحاجة إلى نموذج آخر للقيادة."

التعافي الاقتصادي

وأشارت السيدة بحوث إلى أحد العناصر الأقل نقاشا في الأجندة وهو إدماج المرأة في التعافي الاقتصادي كعنصر مهم في السعي إلى السلام. وتحدثت عن دراسات أظهرت أن الاستثمار في تمكين المرأة اقتصاديا يعود بفوائد هائلة على كل من السلام والازدهار، والبلدان التي فيها النساء مهمّشة اقتصادية ومستبعدة عن القوى العاملة، هي أكثر عرضة لخوض الحرب.

وقالت: "نعلم أن النساء أكثر ميلا إلى إنفاق دخلهن على احتياجات الأسرة وتقديم مساهمة أكبر في التعافي، مع ذلك، فإن إعادة الإعمار والاستثمارات على نطاق واسع بعد الصراع يسيطر عليها الرجال وتفيد الرجال بشكل أكبر."

وأضافت أن الإقصاء والتمييز والأعراف الجنسانية البالية تبعد المرأة عن العمل والأرض والملكية والميراث والائتمان والتكنولوجيا.

أمثلة: أفغانستان، اليمن، أفريقيا وأوكرانيا

تطرقت السيدة بحوث إلى بعض الأمثلة من حول العالم.

في أفغانستان على سبيل المثال، "نشعر بقلق بشأن المساعدة الإنسانية والأصول المجمدة، ولكن تشمل عواقب الفصل العنصري الجديد بين الجنسين تدهورا حادا في توظيف النساء منذ استيلاء طالبان على السلطة."

في اليمن، "حيث توجد أكبر حالة إنسانية طارئة في العالم، فإن سدّ الفجوات بين الجنسين من شأنه أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 27 في المائة."

أكثر من نصف البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات ضمن خارطة البنك الدولي تقع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، "حيث تبلغ الخسائر الاقتصادية بسبب عدم المساواة بين الجنسين 2.5 تريليون دولار."

ولا يوجد لدى العديد من البلدان المتأثرة بالنزاعات بيانات عن ملكية المرأة للأراضي، ولكن تلك التي تبيّنها تشير إلى أنها منخفضة للغاية، "في مالي على سبيل المثال تبلغ فقط 3 في المائة."

وفي هايتي، أكثر من 45 في المائة من الأسر تعيلها نساء، وأدت الجائحة إلى انخفاض توظيف المرأة بنسبة 24 في المائة.

أما في أوكرانيا، تتضاعف الاحتياجات الإنسانية وتنتشر بسرعة. "من بين 1.5 مليون شخص فرّوا، معظمهم نساء وأطفال. وهنا أيضا، نجازف بتراجع حقوق المرأة وحصولها على العمل وسبل العيش."

امرأة أوكرانية ترتدي بطانية الطوارئ عند وصولها إلى بولندا بعد فرارها من الصراع المتصاعد في أوكرانيا.
© IFRC/Arie Kievit
امرأة أوكرانية ترتدي بطانية الطوارئ عند وصولها إلى بولندا بعد فرارها من الصراع المتصاعد في أوكرانيا.

الحلول الموضوعة

قالت بحوث إنه يمكن لمجلس الأمن أن يقول الكثير عن الإدماج الاقتصادي للمرأة. وثمة بعض القرارات التي تغطي المرأة والسلام والأمن بشكل شامل، وتشمل عدة فقرات حول الأمن الاقتصادي، وقضايا التنمية والاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية التي تميل إلى التغاضي عن نوع الجنس.

وأضافت قائلة: "يمكن لمجلس الأمن استخدام مثل هذه القرارات للدعوة إلى الإدماج الهادف للمرأة ليس فقط في بناء السلام ومنع نشوب النزاعات والتعافي منها، ولكن أيضا في صنع القرار والتحليل الجنساني وتتبع الإنفاق."

وأشارت إلى أننا "بحاجة إلى المزيد من المشاركة ومزيد من المساءلة والمسؤولية المشتركة."

يُذكر أنه كجزء من "جيل المساواة" يوجد الآن ميثاق بشأن المرأة والسلام والأمن والعمل الإنساني، وهو مبادرة لأصحاب المصلحة المتعددين تهدف إلى تحريك البوصلة بهذا الاتجاه للأعوام الخمسة المقبلة. وثمّة 158 موّقعا على الميثاق حتى الآن، بما في ذلك العديد من أعضاء مجلس الأمن، "لكننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للوصول إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص."

تجارب حبوب تتحمل الجفاف في ملاوي التي تعاني من أسوأ جفاف منذ ثلاثة عقود.
© CIAT/Neil Palmer
تجارب حبوب تتحمل الجفاف في ملاوي التي تعاني من أسوأ جفاف منذ ثلاثة عقود.

الإمارات العربية المتحدة: التحديات كبيرة

في كلمتها، قالت معالي السيدة مريم المهيري، وزيرة التغيّر المناخي والبيئة في الإمارات، إنه على الرغم من التقدم الكبير الذي تم تحقيقه، إلا ان استمرار التحديات والفجوات التي تواجه تنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن يعرقل مشاركة المرأة بشكل كامل ومتساو وهادف.

وأكدت أن "المرأة تعتبر عنصرا أساسيا في جهود التعافي والإغاثة، رغم ذلك لا تزال مشاركتها منقوصة إلى حد كبير في هذه الجهود، كما أن حصولها على الفرص والموارد ووصولها للأسواق لا يزال محدودا."

توصيات للنهوض بأجندة المرأة

قدمت السيدة مريم أربع توصيات إلى الدول الأعضاء والأمم المتحدة والقطاع الخاص:

  • أولا، من أجل إعادة بناء مجتمعات مستدامة شاملة تسودها المساواة، يجب أن تكون النساء والفتيات في قلب جهود الإصلاح الاقتصادي خلال فترة ما بعد انتهاء الصراعات.

وتابعت قائلة إن هذا "الأمر يتطلب زيادة إشراك النساء والمنظمات النسائية في تصميم خطط التعافي الاقتصادي واعتماد الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بتمكين المرأة ووضع معايير تحفيز تخصيص الموارد للمشاركة الاقتصادية للمرأة."

  • ثانيا، تحتاج جميع الجهات المعنية إلى فهم أكبر لكيفية التفاعل فيما بينها والاستفادة من ذلك بشكل أفضل.

وقالت: "تستطيع الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمنظمات النسائية المحلية القيام بدور مهم في الجمع بين القطاع الخاص والنساء في المجتمعات المحلية المتأثرة بالصراعات، وذلك من خلال التأكد من أن الوفود التجارية واجتماعات الموائد المستديرة لرجال الأعمال والمؤتمرات تضم ممثلين عن القطاع الخاص إلى جانب رائدات أعمال طموحات من المناطق المتضررة من الأزمات."

  • ثالثا، يستفيد القطاع الخاص من استقرار وسلامة المجتمعات، ولذلك يجب عليه المساهمة أيضا في صعود ونمو تلك المجتمعات.
  • رابعا، يجب أن نضمن للمرأة المساواة في الحصول على جميع الخدمات التي تمكّنها من المشاركة في المجال الاقتصادي.

وأكدت في ختام حديثها أن بناء السلام يشكل فرصة فريدة لإعادة تقييم الأولويات، وإعادة تصميم العقد الاجتماعي للمجتمعات التي دمرتها الصراعات.

وقالت: "هذه القضية لا يمكن معالجتها من قبل الحكومات أو المؤسسات متعددة الأطراف أو الشركات فقط، ولكن يجب بذل جهد عالمي ومتابعته بشكل منتظم."

النساء في بنغلاديش يحصدن الخضروات كجزء من برنامج لكسب العيش لضمان الأمن الغذائي لأسرهن.
© WFP/Sayed Asif Mahmud
النساء في بنغلاديش يحصدن الخضروات كجزء من برنامج لكسب العيش لضمان الأمن الغذائي لأسرهن.

شهادة من منظمة في مالي

حلّت السيدة سيديبي موسوكورو كوليبالي، رئيسة شبكة النساء الفاعلات الاقتصادية في منطقة سيغو في مالي، ضيفة في هذا اليوم. وقالت إن الشبكة التي تديرها تهدف إلى تعزيز حقوق النساء والشابات ودعم تعافيهن الاقتصادي والمشاركة في جهود السلام والتماسك الاجتماعي في مالي.

وتشارك في الشبكة 7,847 سيّدة، وتعمل مع 120 منظمة نسائية محلية ومجموعات نسائية.

وقالت: "كما هو الحال في معظم النزاعات، فإن الأزمة المعقدة في مالي التي استمرت لسنوات عديدة لها آثار مدمرة على الظروف المعيشية للناس ومجتمعاتهم وأسرهم."

الأزمة المعقدة في مالي التي استمرت لسنوات عديدة لها آثار مدمرة على الظروف المعيشية للناس ومجتمعاتهم وأسرهم

وأكدت أنه من دون تنمية اقتصادية، لن يتحقق سلام دائم، والاستثمار في تمكين النساء اقتصاديا يولد مكاسب اجتماعية قصيرة وطويلة الأجل ويعزز مشاركة المرأة في صنع القرار وحل النزاعات.

وأضافت أن أنشطة ودخل النساء الفاعلات اقتصاديا انخفضت وأصبحت غير مستقرة وفقد الكثير من النساء رأس المال والاستثمارات.

وأشارت إلى تحديات فيما يتعلق بالوصول إلى الموارد، والتمويل وإيجاد وظائف ثابتة:

"هذه التحديات لا تخيفنا. إننا ركيزة أسرنا ومجتمعاتنا، ونلعب دورا في بناء السلام. حيثما ظهر نشاطنا، فإننا نلتزم بالتماسك الاجتماعي داخل مجتمعاتنا، وفي مبادرات حل النزاعات المحلية، وفي الترحيب بالنازحين داخليا والناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفي تعليم الأطفال وزيادة الوعي باللاعنف والسلام."