منظور عالمي قصص إنسانية

تداعيات الأزمة الأفغانية سريعة التطور كارثية على المدنيين

تسعى أم وابنها -أصيبا بحروق شديدة عندما تعرض منزلهما للهجوم، إلى اللجوء في مخيم حاجي للنازحين داخليا في قندهار بأفغانستان.
© UNICEF Afghanistan
تسعى أم وابنها -أصيبا بحروق شديدة عندما تعرض منزلهما للهجوم، إلى اللجوء في مخيم حاجي للنازحين داخليا في قندهار بأفغانستان.

تداعيات الأزمة الأفغانية سريعة التطور كارثية على المدنيين

السلم والأمن

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين يوم الجمعة إن أفغانستان في طريقها لتشهد أعلى عدد على الإطلاق من الضحايا المدنيين الموثقين في عام واحد منذ بدء عملية التوثيق. 

مع اشتداد القتال على نطاق واسع، قالت مفوضية اللاجئين إنها قلقة بشكل خاص بشأن تأثير الصراع على النساء والفتيات حيث إن "80 في المائة من حوالي 250.000 أفغاني أُجبروا على الفرار منذ نهاية أيار/ مايو هم من النساء والأطفال"، بحسب المتحدثة باسم المفوضية شابيا مانتو.


وقالت السيدة مانتو للصحفيين في مقر الأمم المتحدة بجنيف، "هذه إحصائية صاعقة. نحن بحاجة إلى دق ناقوس الخطر بشأن الخسائر غير المتناسبة التي يدفعونها مقابل ما يحدث على الأرض".

ووفقا لتقرير مشترك نُشر الشهر الماضي صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) وبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (UNAMA)، قُتل وجُرح عدد أكبر من النساء والأطفال في النصف الأول من عام 2021 مقارنة بالأشهر الستة الأولى من أي عام منذ أن بدء توثيق الضحايا في عام 2009.


ومرددا المخاوف بشأن تأثير القتال على المدنيين، أوضح المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، تومسون فيري، أن الصراع "تسارع بوتيرة أسرع بكثير مما توقعنا جميعا، وأن الوضع يمتلك كل السمات المميِّزة لكارثة إنسانية".


الاستيلاء على المزيد من المدن


ووفقا لأحدث التقارير، استولت قوات طالبان على ثلاث عواصم إقليمية أخرى في جنوب البلاد يوم الجمعة وهي تطوق كابول بشكل تدريجي. ويسيطر المتمردون الآن على أكثر من ثلثي البلاد، قبل أسابيع فقط من الانسحاب النهائي المخطط له للقوات الأمريكية والدولية.


ويشير أحدث تقييم للمخابرات العسكرية الأمريكية إلى أن العاصمة الأفغانية قد تتعرض لضغوط المتمردين في غضون 30 يوما.


وفي ظل اشتداد القتال على نطاق واسع، فرّ آلاف الأفغان من ديارهم وسط مخاوف من أن تفرض طالبان مرة أخرى حكومة قمعية وحشية. وحكمت الجماعة الإسلامية المتشددة البلاد من منتصف التسعينيات حتى هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أواخر عام 2001.

لقد فرت العائلات في أفغانستان من ديارها بسبب النزاع ويعيشون الآن في مخيمات النازحين داخليا في قندهار.
© UNICEF Afghanistan
لقد فرت العائلات في أفغانستان من ديارها بسبب النزاع ويعيشون الآن في مخيمات النازحين داخليا في قندهار.


يشعر العاملون في المجال الإنساني بالقلق بشكل خاص من أن يتحول القتال بشكل متزايد إلى المناطق الحضرية المزدحمة، في حين أشارت شابيا مانتو المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين إلى أن ما يقرب من 120 ألف أفغاني فروا من المناطق الريفية والبلدات الإقليمية إلى مقاطعة كابول منذ بداية العام.


اليونيسف تشير إلى ارتفاع وفيات الأطفال 


في مقابلة حصرية مع القسم الفرنسي من فريق أخبار الأمم المتحدة، أشار مصطفى بن مسعود، رئيس العمليات الميدانية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بأفغانستان، إلى حدوث "زيادة كبيرة للغاية" في وفيات الأطفال في الأسابيع الأربعة الماضية.


وقال: "يعاني طفل من كل طفلين دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد والشديد. إنهم جائعون للغاية لدرجة أنهم يمرضون. واليوم هناك مخيمات يتم إنشاؤها، دون إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والنظافة، وهذا يعني بالنسبة لنا خطر الإصابة بالكوليرا أو الأمراض التي يمكن أن تنتشر".

 

Tweet URL

وقال إن الموجة الحالية من عدوى كوفيد-19 "تقتل 100 شخص يوميا ... لدينا ما لا يقل عن 2000 حالة إيجابية يوميا، وهذه فقط الحالات التي يتم إحصاؤها".


إلى جانب الصراع والجفاف، أشار مصطفى بن مسعود إلى أن العديد من الأزمات كانت تضرب الفئات الأشد ضعفاً. وأضاف أن "القنابل لا تميز، بل تقع على النساء والأطفال والشباب ... وكبار السن. وهذا يعني أيضا أنه سيكون هناك على الأرجح سكان سيحاولون الوصول إلى إيران وتركيا وأوروبا".


وقارن المسؤول بمنظمة اليونيسف الوضع بذروة الأزمة السورية، وأشار إلى أنه كان سعيدا على الأقل بأن دولتين أوروبيتين تعهدتا بعدم إعادة المواطنين الأفغان قسرا، منذ تصاعد القتال.


البحث عن مأوى


وقال يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن عدد المدنيين الذين يبحثون عن مأوى في البلدات والمدن المتزايد يعني أن "عددا متزايدا من الناس ليس لديهم مكان للنوم. عادة ما يذهبون إلى العائلة والأصدقاء بحثا عن مأوى، لكن الأمر لم يعد كذلك".


كما تم الإبلاغ عن ارتفاع في حالات الصدمات، والتي تفاقمت بسبب التصعيد الأخير في أعمال العنف. 


وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، فضيلة شايب، إن مراكز الرعاية الصحية التابعة لمنظمة الصحة العالمية شهدت زيادة بنسبة 30 في المائة في عدد المرضى مقارنة بالعام الماضي، حيث تضاعفت الأرقام تقريبا في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية.


الأمم المتحدة لا تزال تعمل


كما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن القتال خلق تحديات جديدة في الوصول إلى المجتمعات التي تحتاج إلى مساعدات غذائية في جميع أنحاء البلاد. قال المتحدث تومسون فيري: "يعمل عمال الإغاثة في ظروف استثنائية"، مشيرا إلى أن 18.4 مليون شخص يحتاجون بالفعل إلى مساعدات إنسانية، بينما أدى الصراع إلى نزوح ما يصل إلى 390 ألف شخص هذا العام وحده.
قال السيد فيري في الأشهر الثلاثة الماضية، قدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية وتغذوية إلى 4.1 مليون شخص، لكن هذا لا يكفي.

وقال المتحدث باسم البرنامج: "خطتنا هي زيادة المساعدة لتصل إلى تسعة ملايين شخص بحلول كانون الأول/ديسمبر". ومع ذلك، فإن البرنامج "يعاني من نقص حاد في الموارد" ويحتاج إلى 200 مليون دولار للتقديم المساعدات "حتى نهاية العام، وضمان توفير الغذاء في المكان المطلوب عند الحاجة إليه".


وتأكيدا على التزام الأمم المتحدة بمساعدة الشعب الأفغاني، شدد يانس لاركيه من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أن المنظمة تعتزم "البقاء وإنجاز (تفويضها)".

نزح أكثر من خمسة ملايين أفغاني داخلياً، بما فيهم عائلات من هيرات.
IOM/Mohammed Muse
نزح أكثر من خمسة ملايين أفغاني داخلياً، بما فيهم عائلات من هيرات.


نداء لفتح الحدود


وفي الوقت نفسه، حثت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين شابيا مانتو المجتمع الدولي على تكثيف استجابته لأزمة النزوح الأخيرة في أفغانستان، وناشدت البلدان المجاورة "إبقاء حدودها مفتوحة"، حيث إن "عدم القدرة على البحث عن الأمان قد يهدد أرواح عدد لا يحصى من المدنيين".


ودعت المتحدثة باسم المفوضية الدول التي تستضيف الأفغان الذين قد يكون لديهم احتياجات حماية دولية، إلى أن تكفل أيضا تمكينهم من التماس الأمان، "بغض النظر عن وضعهم القانوني الحالي".