منظور عالمي قصص إنسانية

اليمن: مأساة تتكشف مع انتشار كورونا وبلوغ معدل الوفيات 20% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 7%

تصطف السيّدات (يسار) للحصول على الخدمات في مستشفى الساحل حيث تم تقليص خدمات الصحة الإنجابية بسبب نقص التمويل. وعلى اليمين سيّدة حامل تحصل على الخدمات في المستشفى
© UNFPA Yemen
تصطف السيّدات (يسار) للحصول على الخدمات في مستشفى الساحل حيث تم تقليص خدمات الصحة الإنجابية بسبب نقص التمويل. وعلى اليمين سيّدة حامل تحصل على الخدمات في المستشفى

اليمن: مأساة تتكشف مع انتشار كورونا وبلوغ معدل الوفيات 20% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 7%

المساعدات الإنسانية

منذ ظهور جائحة كوفيد-19 في اليمن قبل سبعة أسابيع، يهدد شبح المجاعة بالعودة إلى البلد الذي يعاني من ويلات الصراع، وتحذر منظمات إنسانية من أن الجائحة وغيرها من الأمراض القاتلة مثل الكوليرا والضنك والملاريا ستعصف بالبلاد ما لم تحصل على التمويل للاستمرار بتقديم البرامج المنقذة للحياة.

وقبيل الاجتماع الافتراضي المرتقب الذي تعقده الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء المقبل لجمع التبرعات من أجل اليمن، لفتت المنظمات الإنسانية الانتباه إلى "مأساة تتكشف" في اليمن إن لم يتحرك المجتمع الدولي للمساعدة.

وكانت الوكالات الأممية والشركاء في المنظمات غير الحكومية في اليمن قد أعلنت الحاجة إلى 2.41 مليار دولار لتغطية برامج ونفقات الأشهر السبعة المقبلة (من حزيران/يونيو إلى كانون الأول/ديسمبر) للإبقاء على شريان الحياة الإنساني لـ 19 مليون شخص من المتضررين منذ اندلاع الصراع في اليمن قبل خمسة أعوام.

إذا تم جمع التمويل، فستتمكن أكثر من 200 منظمة تعمل بشكل منسق عبر استراتيجية مشتركة، من الاستمرار في إيصال الطعام والتغذية -- ينس لاركيه

وفي مؤتمر صحفي من جنيف، شدد ينس لاركيه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، على أن الملايين في اليمن يعانون من والنزوح وسوء التغذية والمرض في ظل وجود نظام صحي ضعيف يتدهور بسبب ضغط جائحة كوفيد-19. وقال: "إذا تم جمع التمويل، فستتمكن أكثر من 200 منظمة تعمل بشكل منسق عبر استراتيجية مشتركة، من الاستمرار في إيصال الطعام والتغذية والرعاية الصحية ودعم 3.6 مليون نازح، وتوفير أنشطة حيوية أخرى للمجتمعات الضعيفة في عموم البلاد".

وفي حين تشير التقارير الأولية من وحدة العناية المركزة إلى أن معدل وفيات الحالات المصابة بكوفيد-19 يبلغ 20% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 7%، أوضحت المنظمات أن بعض المانحين بدأ بالفعل بالتعهد بتقديم الأموال قبيل المؤتمر، إلا أن المطلوب هو الوفاء بالعهود وتقديم التمويل في أسرع وقت ممكن.

شبح المجاعة يلوح بالأفق

من جانبها، أكدت إليزابيث بيرز، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، خلال المؤتمر، أن المجتمع الدولي قدم مستويات غير مسبوقة من الدعم لليمن خلال الأعوام الخمسة الماضية.

Tweet URL

وقالت: "كان البرنامج بحاجة إلى 200 مليون دولار شهريا لتمويل برامجه وكان يفعل كل ما يمكنه لضمان عدم التخلي عن أي طفل أو أم، حيث أن كوفيد-19 يشكل تهديدا على أطفال اليمن".

وكان نظام اليمن الصحي الهش أصلا على حافة الانهيار. وفي حال تدهور بشكل أكبر فإن ذلك سيؤثر على الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والأمهات وسيصبحون غير قادرين على الحصول على الدعم الغذائي.

من جانب آخر، حذر الناطق باسم أوتشا، ينس لاركيه، من أن عدم توفر التمويل المطلوب سيؤدي إلى تخفيض المكملات الغذائية لـ 1.7 مليون طفل وسيّدة حامل. وقد يتبع ذلك وفيات لأسباب --يمكن الوقاية منها.

فتيات نازحات في مخيم المزرق في اليمن يتقاسمن وجبة بسيطة من الطعام مكونة من الخبز والحبوب الذي صنعته أمهاتهن (15 تشرين أول/أكتوبر 2019)
WFP/Abeer Etefa
فتيات نازحات في مخيم المزرق في اليمن يتقاسمن وجبة بسيطة من الطعام مكونة من الخبز والحبوب الذي صنعته أمهاتهن (15 تشرين أول/أكتوبر 2019)

وأضاف أن الفرق المتنقلة ومراكز علاج سوء تغذية الأطفال قد تضطر لتقليل الخدمات أو إيقافها. وقد تتوقف خدمات المياه والصرف الصحي في المدن الرئيسية في اليمن مما يعرّض ملايين الأطفال لخطر الإصابة بأمراض تنقلها المياه مثل الكوليرا.

تقليص البرامج والخدمات أمر محتمل

وقالت شابيا مانتو، الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إن المفوضية تحتاج إلى 89.4 مليون دولار للحفاظ على استمرارية برامج المساعدات المنقذة للحياة.

بدون التمويل، ستضطر المفوضية إلى تقليص برامجها والاقتطاع منها، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على نحو مليون لاجئ ونازح داخليا -- شابيا مانتو

وقالت: "بدون هذا التمويل، ستضطر المفوضية إلى تقليص برامجها والاقتطاع منها، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على نحو مليون لاجئ ونازح داخليا". وأضافت في تصريحات من جنيف أن تقليص الخدمات قد يعني أيضا أن 282 ألف لاجئ ولاجئ سياسي لن يحصلوا على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والطعام والماء والصرف الصحي والنظافة والمأوى أو خدمات الحماية ومن بينها التسجيل والتوثيق والخدمات المخصصة للأطفال.

وحذرت المفوضية من أن 360 ألف نازح داخليا على الأقل لن يحصلوا على الخدمات الكافية، مثل المأوى والنظافة وسترتفع مخاطر انتشار العدوى. ولن يحصل 655 ألف نازح داخليا على المأوى الأساسي لهم ولأسرهم في الأيام الأولى من النزوح، مما يزيد من خطر العنف ضد النساء والأطفال والاعتماد على آليات التكيّف الضارّة مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال.

مأساة اليمن تتكشف

وفي بيان صدر الجمعة، شددت ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، على ضرورة إجراء الاختبارات اللازمة لمعرفة عدد الأشخاص المتأثرين بالجائحة بدقة، وقالت إن المأساة تتكشف، والمستشفيات تضطر لعدم استقبال الناس.

وأشارت غراندي إلى أن المنظمات الإنسانية تفعل ما بوسعها بالتمويل المتاح حاليا، وأضافت: "وصل إلى البلاد 4،520 طن متري من المعدات الطبية ومجموعات الاختبار والأدوية و4،500 طن متري في الطريق، والإمدادات قادمة عن طريق البحر والجو والبر".

يُذكر أن نحو 80% من السكان في اليمن يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، بحسب المنظمات الإنسانية. ويضاعف انتشار العدوى من هموم البلد، إذ تشير غراندي إلى أن كـورونا ينتشر في أرجاء اليمن دون رادع ودون قدرة على التخفيف من حدّته.