منظور عالمي قصص إنسانية

اليمن: هناك حاجة إلى 2.41 مليار دولار لتوفير المساعدة في ظل "كارثة ثلاثية" تتمثل بالصراع والاقتصاد المتدهور وتفشي الجائحة

رجل يعمل في شاحنة لنقل الماء إلى المجتمعات في صنعاء باليمن، حيث تقدم اليونيسف للعائلات مياه نظيفة خلال جائحة كوفيد-19.
© UNICEF/Moohialdin Fuad
رجل يعمل في شاحنة لنقل الماء إلى المجتمعات في صنعاء باليمن، حيث تقدم اليونيسف للعائلات مياه نظيفة خلال جائحة كوفيد-19.

اليمن: هناك حاجة إلى 2.41 مليار دولار لتوفير المساعدة في ظل "كارثة ثلاثية" تتمثل بالصراع والاقتصاد المتدهور وتفشي الجائحة

المساعدات الإنسانية

قبل نحو أسبوع من عقد مؤتمر التعهدات من أجل اليمن، دعا رؤساء 17 وكالة إنسانية في بيان إلى إنقاذ اليمن من مخاطر متزايدة تحدق به قبل فوات الأوان، وخاصة مع تربّص كوفيد-19 بالبلد الذي يعاني أصلا من أمراض وتحديات إنسانية جمّة ودعت الوكالات أطراف النزاع إلى وقف الأعمال العدائية.

وبحسب آخر الإحصائيات منظمة الصحة العالمية (حتى تاريخ 28 أيّار/مايو) بلغ عدد الإصابات في اليمن 260 حالة بمرض كوفيد-19 وتوفي 54 شخصا، وتشير الأرقام الرسمية إلى تأكيد حالات الإصابة بالمرض في 10 من بين 22 محافظة يمنية.

وفي بيان للوكالات الإنسانية والشركاء الدوليين يستبق مؤتمر التعهدات من أجل اليمن الافتراضي الذي ستعقده الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية في 2 حزيران/يونيو، أعربت الوكالات عن قلق متزايد بسبب الوضع في اليمن وطالبت الوكالات بإجراء المزيد من الاختبارات والتحليلات لتقديم صورة حقيقية عن الجائحة ومعدل وفيات الحالات في اليمن.

وتقدّر الوكالات الحاجة إلى 2.41 مليار دولار لتغطية الفعاليات الضرورية من حزيران/يونيو حتى كانون الأول/ديسمبر.

التحديات أمام الاستجابة للمرض

على الرغم من جهود العاملين الصحيين والوكالات الدولية، ينوء النظام الصحي في اليمن تحت وطأة ضغط كوفيد-19.

فقد أشار البيان الصادر صباح يوم الخميس إلى أن التحديات كبيرة في الدولة التي تعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ لا يتم استقبال الأشخاص الذين يعانون من أعراض حادّة مثل الحمّى أو الصعوبة في التنفس في المرافق الصحية المكتظة أو غير القادرة على توفير علاج آمن.

ويضيف البيان: "إن الصرف الصحي والمياه النظيفة شحيحة، وفقط نصف المرافق الصحية تعمل، كما تفتقر مراكز صحية كثيرة إلى المعدات الأساسية مثل الأقنعة والقفازات، ناهيك عن الأكسجين والإمدادات الأساسية الأخرى لعلاج كوفيد-19".

وتؤكد المنظمات الإنسانية أن معظم النازحين البالغ عددهم 3.6 مليون  شخص، يعيشون في ظروف غير صحية ومواقع مكتظة، وهو ما يجعل التباعد الجسدي والحفاظ على غسل الأيدي باستمرار أمرا مستحيلا. كما يُلام هؤلاء في أغلب الأحيان على تفشي الأمراض مثل كوفيد-19 والكوليرا.

تأثير الصراع في اليمن

Tweet URL

بحسب الوكالات الإنسانية، فإن أكثر من 12 مليون طفل وستة ملايين سيّدة بعمر الإنجاب يحتاجون إلى نوع ما من المساعدة الإنسانية، وأكثر من مليون سيّدة حامل تعاني من سوء تغذية، ومع انتشار كوفيد-19 في اليمن، سيكون مستقبلهم في خطر أكبر.

نصف المرافق الصحية فقط تعمل، كما تفتقر مراكز صحية كثيرة إلى المعدات الأساسية مثل الأقنعة والقفازات -- الوكالات الإنسانية

وبعد أكثر من خمس سنوات، دمرت الحرب البنية التحتية الصحية في اليمن وأخضعت اليمنيين لتفشي الأمراض بشكل متكرر وعرّضتهم لسوء التغذية وزادت من أوجه الضعف بشكل كبير. كما اضطر نحو 100 ألف يمني للهروب من ديارهم منذ بداية هذا العام.

وقال البيان: "إن وضع الأشخاص الضعفاء مثل النازحين، أكثر من نصفهم نساء و27% منهم دون سن 18، والمهاجرين واللاجئين، هؤلاء يبعث وضعهم على القلق بشكل خاص لأنهم يواجهون معوقات موجودة من قبل فيما يتعلق بالحصول على الرعاية الصحية كما أنهم يعيشون في ظروف قاسية".

في مخيم عمّار بن ياسر في عدن يوجد نقص في الصابون، يتعين على السكان الاصطفاف في طوابير للحصول على الماء النظيف.
© UNICEF
في مخيم عمّار بن ياسر في عدن يوجد نقص في الصابون، يتعين على السكان الاصطفاف في طوابير للحصول على الماء النظيف.

كارثة ثلاثية باليمن

وفي بيان منفصل، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن نحو نصف مليون طفل بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد والذي قد يتسبب بوفاة الكثيرين إذا لم يحصلوا على الرعاية العاجلة.

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنرييتا فور، في بيانها "إن أكثر من 8،600 طفل إما قُتلوا أو أصيبوا بجراح منذ بداية الصراع قبل خمسة أعوام، وتم تجنيد 3،500 طفل في الصراع بحسب معطيات مؤكدة".

أكثر من 8،600 طفل إما قُتلوا أو أصيبوا بجراح منذ بداية الصراع قبل خمسة أعوام، وتم تجنيد 3،500 طفل في الصراع -- اليونيسف

وقالت فور، بسبب انتشار كوفيد-19 في البلاد، فإن اليمن يواجه اليوم كارثة ثلاثية تتمثل في الصراع وفيروس كورونا والاقتصاد المتدهور، "وكالعادة، فإن الأطفال هم من يعانون أولا وأكثر من غيرهم".

ومن الحقائق المروّعة الأخرى، بحسب اليونيسف، هو عدم حصول خمسة ملايين طفل دون سن الخامسة على التطعيم ضد شلل الأطفال. 1.7 مليون لن يحصلوا على لقاح ضد الخُناق (الدفتيريا) و2.4 مليون طفل لن يحصلوا على تطعيم الكوليرا، كما أن أكثر من 400 ألف سيّدة في عمر الإنجاب لن يحصلن على لقاح ضد الكزاز (التيتانوس) – وذلك لأن حملات التطعيم تعطّلت بسبب الجائحة.

ودعت المنظمات أطراف الصراع إلى وضع السلاح جانبا والتفاوض على تسوية سلمية شاملة ووضع مصلحة الأطفال أولا.

جهود الوكالات الإنسانية

تساعد الوكالات الإنسانية أكثر من 10 ملايين يمني كل شهر، وتبذل قصارى الجهود للمساعدة، وتوفر استجابتها الحماية والدعم وتضع الأكثر ضعفا في المقدمة، وهذا يشمل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والفتيات.

وتعمل فرق الاستجابة السريعة لكـوفيد-19 على إنشاء وحدات العزل في 59 مستشفى في عموم البلاد، بدعم من الشركاء الإنسانيين. كما قامت الوكالات بشراء نحو ربع مليون من معدات الوقاية الشخصية وثمّة إمدادات إضافية في طور الإعداد. كما نشرت المنظمات معلومات هامة  ل16 مليون شخص في النصف الأول من أيّار/مايو، حول كيفية حماية أنفسهم وعائلاتهم.

من بين 41 برنامجا كبيرا تقدمه الأمم المتحدة في اليمن، أكثر من 30 سيضطر للإغلاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة -- الوكالات الإنسانية

ويعتمد الملايين من الناس على البرامج التي تقدمها الوكالات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة

وقال البيان: "ليس لدينا المال الكافي للاستمرار في العمل. من بين 41 برنامجا كبيرا تقدمه الأمم المتحدة في اليمن، أكثر من 30 سيضطر للإغلاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة إذا لم نؤمّن التمويل الإضافي. وهذا يعني أن المزيد من الأشخاص سيموتون. لم يسبق أن كان لدينا القليل من المال لتمويل عملية المساعدات لليمن في وقت متأخر من هذا العام".

وأشار البيان إلى الحاجة إلى التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة برمّتها، وإلى وقف الأعمال العدائية في عموم البلاد لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة باستمرار.