منظور عالمي قصص إنسانية

الأونكتاد: على الدول النامية تنويع اقتصاداتها وصادراتها لتفادي "مخاطر اقتصادية وخيمة" من تغير المناخ

لا يعترف تلوث الهواء بالحدود السياسية، ولذا يتطلب تحسين نوعية الهواء إجراءات حكومية مستمرة ومنسقة ومحاولة خفض الإنبعاثات بنسبة 25% بحلول 2030
Photo: UNEP
لا يعترف تلوث الهواء بالحدود السياسية، ولذا يتطلب تحسين نوعية الهواء إجراءات حكومية مستمرة ومنسقة ومحاولة خفض الإنبعاثات بنسبة 25% بحلول 2030

الأونكتاد: على الدول النامية تنويع اقتصاداتها وصادراتها لتفادي "مخاطر اقتصادية وخيمة" من تغير المناخ

التنمية الاقتصادية

"التنويع في اقتصاداتها وأنواع صادراتها" هو أفضل استجابة يمكن للدول النامية – المعتمدة على السلع الأساسية – أن تتخذها لمجابهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ، حسب تقرير جديد للأمم المتحدة يرصد "مخاطر اقتصادية وخيمة، لأزمة تغير المناخ". 

ووفقا لتقرير منظمة التجارة والتنمية (الأونكتاد) حول السلع والتنمية لعام 2019 فإن أزمة المناخ تتسبب في "صدمات في مختلف قطاعات السلع الأساسية" حول العالم، مما يشكل "مخاطر اقتصادية وخيمة" بالنسبة لبعض الدول.

الأمين العام للأونكتاد موخيسا كيتوي، حذر مع إصدار التقرير اليوم في جنيف من أن "أزمة المناخ تشكل تهديدا وجوديا" لهذه الدول النامية "وستؤدي إلى انهيار بعض الاقتصادات، إن لم يتم اتخاذ إجراء حاسم، الآن" حسب تعبيره.

ويضيف الدكتور موخيسا كيتوي في تعليقه على التقرير أن البلدان النامية "تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى" إلى تقييم قدراتها على التنويع "وتقليل اعتمادها على السلع، والذي جعلها لعقود، عرضة للأسواق المتقلبة ولتغير المناخ".

ويوضح التقرير أن التنويع الاقتصادي يمكن أن يكون "أفقيا"، بما يعني الاتجاه نحو سلع وقطاعات جديدة، لتقليل الاعتماد على مجموعة محدودة منها. أو التنويع "عاموديا" وذلك بتحريك سلسلة قيمة سلعة ما لزيادة قيمتها، حسب التقرير الذي يأتي تحت عنوان "الاعتماد على السلع الأساسية، تغير المناخ واتفاق باريس".

ومن الممكن أن تتضمن استراتيجيات التنويع الناجحة مجموعة من "السياسات الأفقية" ويورد التقرير أمثلة لها: مثل تعزيز رأس المال البشري بزيادة الاستثمارات في التعليم والصحة، بالإضافة إلى تدابير تستهدف تعزيز وتقوية قطاعات بعينها.

"مخاطر عالية" تعزز من ضرورة اتخاذ الإجراءات

ورغم أنها لا تساهم إلا بشكل متواضع في تغير المناخ إلا أن اقتصادات البلدان النامية المعتمدة على السلع الأساسية هي "الأكثر عرضة لخطر أزمة المناخ". وذلك لاعتمادها – حسب التقرير – على "قطاعات انتاجية تتأثر بشكل كبير، بظواهر الطقس القاسية".

وتتعرض البلدان ذات الدخل المرتفع – المعتمدة على الوقود الأحفوري تحديدا – لبعض من هذه المخاطر الاقتصادية. من بين الدول التي يذكرها التقرير الكويت وقطر وبروناي دار السلام، والتي تسجل مستويات عالية من انبعاثات الغازات الدفيئة. ويقول التقرير إن مداخيل الموارد الطبيعية الرئيسية التي تعتمد عليها هذه الدول "يمكن أن تتأثر بشدة"، نتيجة للاتجاه المتزايد نحو مصادر الطاقة الخضراء.

كما يشير التقرير إلى أن الدول الجُزرية الصغيرة النامية هي من بين الأكثر تضررا، بسبب ارتفاع درجات حرارة سطح البحر، إذ تعتمد هذه الدول على حصائل صادراتها من مصايد الأسماك. ويلاحظ التقرير أن الآثار السلبية لتغير المناخ على إنتاج المحاصيل ومصائد الأسماك أكثر حدة في المناطق ذات خطوط العرض المنخفضة، حيث توجد معظم البلدان النامية المعتمدة على السلع الأساسية.

فرص جديدة مع تزايد تحديات المناخ

صفوف من الألواح الشمسية في محطة توليد الطاقة الشمسية الحرارية في عين بني مطر في المغرب. (ملف 2010)
World Bank/Dana Smillie
صفوف من الألواح الشمسية في محطة توليد الطاقة الشمسية الحرارية في عين بني مطر في المغرب. (ملف 2010)

من ناحية أخرى، يقول التقرير إن "التعامل مع تغير المناخ قد يقدم بعض "الفرص التي يمكن أن تغتنمها البلدان النامية" المعتمدة على السلع الأساسية. فالاتجاه المتنامي حول العالم نحو الطاقة المتجددة "يخلق فرصا في البلدان التي تملك احتياطيات كبيرة من المواد المستخدمة في التقنيات النظيفة" مثل الخلايا الكهروضوئية الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية.

ويقدم التقرير مثالا ناجحا من عام 2018 عندما استحوذت جمهورية الكونغو الديمقراطية على 58% من المعروض العالمي من مادة "الكوبالت" – وهي سلعة رئيسية تستخدم في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. كذلك، استحوذت كل من شيلي والأرجنتين على 71% من الاحتياطيات العالمية من مادة الليثيوم، وهي مكون رئيسي آخر في صناعة البطاريات.

مكافحة تغير المناخ يمكنها أيضا أن تخلق فرصا لزيادة إنتاج بدائل للحوم الأبقار والحليب، حسب التقرير الذي يشير إلى حالة الماشية في بعض الأراضي الجافة في أفريقيا. وقد "دفع تزايد تواتر الجفاف والتناقص في الأعلاف الكثير من الرعاة" إلى الاعتماد على الجمال، كإضافة وتنويع على ماشيتهم.

كذلك حفز "السعي لتخفيف حدة المناخ والتكيف معه" المزيد من الاستثمارات في الابتكارات التكنولوجية التي يمكن أن تفيد البلدان النامية المعنية. ومن الأمثلة على ذلك اعتماد خلايا الطاقة الشمسية الكهروضوئية ذات التكلفة المنخفضة في المناطق النائية غير المتصلة بشبكات الطاقة الوطنية.

اتفاق باريس: ما العمل؟

ويكرر التقرير تحذيرات أطلقها خبراء الأمم المتحدة من أن الالتزامات التي تعهدت بها البلدان للتخفيف من تغير المناخ، بموجب اتـفاق باريس، "ليست طموحة بما يكفي". ويصر التقرير على أن تبنّي طموحا أعلى "سيتطلب إرادة سياسية أقوى" من هذه البلدان، كما يتطلب توفير أكبر للموارد المالية والبشرية.

ويقول التقرير إن حجم المبلغ الإجمالي الذي ينبغي إنفاقه على دعم الطاقة كل عام في العالم قد يصل إلى 5.4 تريليون دولار أمريكي وهي تكلفة تنفيذ خطط العمل المناخية في 80 دولة نامية.

ويوصي التقرير بتعزيز قدرات الدول النامية لتتخذ إجراءات العمل المناخية مثل بناء القدرات التقنية والتنظيمية للمؤسسات المعنية بها، وتنفيذ سياسات لدعم "استراتيجيات التخفيف والتكيف".

علاوة على ذلك، يدعو التقرير الأممي السنوي البلدان المتقدمة إلى أن تفي بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس، تحديدا "نقل التكنولوجيات الصديقة للبيئة إلى البلدان النامية" لمساعدتها على المشاركة بفعالية في الجهود العالمية للتخفيف من أزمة المناخ والتكيف معها.